في صمتٍ عاد من جديد، واصلنا السّير في الرواق الهادئ.
كانت الشموع مضاءة على فواصل منتظمة، و شعرتُ أن ذلكَ مقلقٌ للغاية.
في اللعبة، كان عود الثّقاب المستخدم لإضاءة المحيط يضعف بعد فترة.
إذا لم تستخدم عودًا جديدًا قبل أن ينطفئ تمامًا، تنتهي اللعبة.
كانت الشاشة الملطخة بالأحمر مع نافذة تقول: [الظلام يعمّ بشدة. انتهت لعبة الغميضة…]، مشهدًا مخيفًا حقًا.
‘عندما لم أكن أعرف أن روين هو الشرير، ظننتُ أن النهاية هي أن يُمسك بنا مصاصو الدماء و نموت.’
لكن بعد معرفة الحقيقة، تغير المعنى تمامًا.
بما أنها لعبةٍ كهذه، كان من الطبيعي أن أشعر بالقلق في هذا الموقف.
‘هل يخطّط لفعلِ ما فعله مع سيغ، بتجميعنا ثم القضاءِ علينا دفعةً واحدة؟’
إذا أظلمَ المكان فجأة بعد أن شعرنا بالأمان بسببِ الضوء، سيزداد الخوف.
وهكذا سيصبح دمي ألـذّ…
‘…بالتأكيد، يحاول جعلي أنضج.’
يا له من وحشٍ قاسٍ و خبيث. نظرتُ إلى روين بجانبي خلسة، و واصلتُ شتمه في ذهني.
هل كانت نظراتي واضحة جدًا؟ توقّفَ روين فجأةً والتفت نحوي بسرعة.
“أممم، ليلي. هل هناكَ شيء على وجهي؟”
رسمَ ابتسامةً محرجة على وجهه الجميل الذي يصعب تصديق أنه بشري.
انتفضتُ كمَنْ أُمسك متلبسًا، ولحسنِ الحظ، ظهرت خيارات!
[▶ تحدّث إليكِ روين. بماذا ستردّين؟
1. أنا، أنا متوترة نوعًا ما لأنّنا وحدنا… (بخجل)
2. الوسامة عالقة بك. (بجدية)
3. كنتُ أنظر فقط، لماذا تبالغ؟ (بضيق) ]
…لا، لستُ ممتنّة على الإطلاق.
ماذا تريد مني بالضبط؟
‘هذه لعبة رعب! لماذا تظهر دائمًا خيارات مروعة كهذه؟’
بينما كنتُ أحدق في النافذة بعيونٍ مرتجفة، أمال روين رأسه من خلفها.
“ليلي؟”
لا أعرف بعد الآن…
ابتسمتُ بتشنج و خفضتُ عينيّ و قدتُ:
“أنا، أنا متوترة نوعًا ما لأننا وحدنا…”
لم يكن لديَّ الجرأة لأقولَ لشرّير لعبة رعب بجدية إن الوسامة عالقة به. الخيار الثالث لم أفكّر فيه حتّى.
بالطبع، هذا الخيارُ كان محرجًا بنفسُ القدر.
شعرتُ بحرارة في وجهي و جبهتي، و احمرّت خدود روين أيضًا. لماذا أنتَ تبدو هكذا؟
“أممم، هكذا إذن. ظننتُ أنّني الوحيد المتوتّـر.”
شعرتُ بدوارٍ من كلامه المحرج.
تحتَ هذا القناع الطيب، يختبئ وحشٌ عاشَ مئات السّنين.
وحشٌ يتربّصُ بحياتي.
عندما تقاطعت نظراتنا للحظة، ابتسمَ روين كما لو كان خجولًا.
من ردة فعله المرعبة، تظاهرتُ بالحرج و أشحتُ بنظري.
‘هل هذا… صحيح؟ هل هذا صحيح حقًا…؟’
لم يكن خيارًا خاطئًا، لكنه لا يبدو صحيحًا تمامًا.
لماذا؟
حثثتُ روين بسرعة.
“ها، هيا، لن أنظر بعد الآن، فلنذهب!”
“لا بأس إن واصلتِ النظر. لكن الضّوء ليس ساطعًا جدًا، فاحذري أن تتعثري، ليلي.”
“أممم…”
شكرًا جزيلًا.
ابتسمتُ بصعوبة لروين الذي كان يبتسم بلطف.
طق، طق.
تردّدَ صدى خطواتنا في الرواق الهادئ مجددًا.
نظرتُ إلى روين خلسةً وأنا أتظاهر بخفض رأسي، وأخرجتُ لساني في ذهني.
‘يا له من مخيف. أذناه و وجهه احمرّا هكذا، ثم عادا إلى طبيعتهما بسرعة…’
بعبارةٍ أخرى، إنه معتادٌ على تمثيل المشاعر.
‘لو لم أكن متلبّسة بهذا الجسد، لكنتُ خُدعتُ أيضًا.’
في اللّعبة، كان سيغ، الذي واجهَ روين كثيرًا، يعتمد عليه و يثقُ به بشدّة.
بينما واصلنا السير في الرواق الذي بدا أطول مما في اللعبة، رأيتُ أخيرًا بابًا في النهاية.
‘هذا المكان هو المطبخ، أليس كذلك؟’
كونه الغرفة الأولى التي ندخلها، كان هناكَ العديد من الأحداث.
بمجردِّ الدّخول، يضعفُ ضوء عود الثقاب، و يظهر وحش من الظلال خلفَ روين.
عندما يلتفت روين مع علامة تعجب، يختفي الوحش وكأنَّ شيئًا لم يكن، لكن هذا كان تلميحًا غير مباشر بأن الضوء لا يجب أن ينطفئ.
‘وإذا دُستَ على فخ، كانت السكاكين ستطير و تنطلق.’
شعرتُ و كأنَّ الموت اقتربَ مجددًا بعد أن ابتعد قليلًا.
‘إذا لزم الأمر، سأستخدم روين كدرع…’
دفعتهُ خلسة إلى الأمام، و هدّأتُ قلبي المرتجف وشددتُ ركبتيّ.
عندما وصلنا إلى الباب، توقّفَ روين وتحدث إليّ.
“لا يبدو مغلقًا. ربّما الأصدقاء بداخله.”
بالطبع، لا يوجد أحدٌ هناك. كل ما يوجد هو أعواد ثقاب.
في اللّعبة، كانت عنصرًا مهمًا، لكن الآن لا أعرف إن كان لها معنى.
لكنني ابتسمتُ بلطف و أومأتُ.
“سيكون رائعًا لو كانوا هنا. هيا، لن، لندخل.”
ارتجفَ صوتي قليلًا. لكن روين قال: “هيا”، و فتحَ الباب فورًا.
صرير.
مع صوتٍ مخيف، التصق هواء بارد و رطب بنا.
‘آه…’
تشبثتُ بروين كما فعلتُ من قبل، و سعلتُ بصوتٍ خفيف بسبب الغبار الحاد.
كان المطبخ مظلمًا وكئيبًا لأن الضوء لم يكن مضاءً.
في ألعاب الرعب، كان الرّعب محدودًا برسومات ثنائية الأبعاد، فكان التوتر أقل.
إذا أصبح الأمر لا يُطاق، كان بإمكاني تشغيل موسيقى مضحكة.
لكن الآن، وقد أصبحَ هذا واقعًا، كان مرعبًا بشكلٍ لا يُطاق. و أنا جبانة جدًا.
‘ما الثقة التي كانت لدي لألعب “القلعة الملطخة بالدماء”…؟’
أريد أن أمسكَ بنفسي السابقة من رقبتها و أرميها بعيدًا.
بينما كنتُ أفكر هكذا ، دخلَ روين إلى الغرفة المظلمة. لم يكن لديَّ خيارٌ سوى اتباعه.
وما إن دخلنا حتى أضاءت شمعة على شمعدان مثبت في جدار المطبخ.
“……!”
تنفستُ بعمق و تعلقتُ بروين بسرعة، متكورة على نفسي.
بقيتُ هكذا لفترة.
حتى ناداني روين بضحكةٍ خفيفة.
“لا يوجد خطر، ليلي. يمكنكِ رفع رأسكِ.”
“لكن الشمعة أضاءت فجأة…”
“صحيح. كان مظلمًا، فهذا جيد.”
“……”
هل تفكر بجدية هكذا؟
إذا كنتَ ستمثل أنّكَ محاصر معنا، افعل ذلكَ بشكلٍ صحيح!
دونَ قصد، ألقيتُ نظرة مشبوهة، فضحكَ روين بهدوء.
“أمزح. أنا خائف أيضًا، لكنني أتحمل.”
“…حقًا؟”
“نعم، حقًا. إذا أظهرتُ خوفي، ستشعرين بالقلق أيضًا. على أيّ حال، يبدو أن أحدًا لم يأتِ إلى هنا، أليس كذلك؟”
محوتُ تعبيري المريب و أومأتُ.
كنتُ أعرفُ من اللعبة أن أحدًا لم يأتِ.
‘وعند فتحِ الباب، انبعثَ الغبار بشدة. لو كان أحدهم هنا، لما حدث ذلك.’
ضيّقتُ عينيّ ونظرتُ حولي، فواصلَ روين
“لكن لنلقِ نظرةً داخل المكان، ليلي. ربّما نجد شيئًا مفيدًا.”
…ها، كما توقعتُ.
لا يوجد شيءٌ مفيد في المطبخ. ربما أعواد الثقاب؟
لكنني لم أستطع الرفض.
وإلا قد يقول: “انتظري هنا، ليلي”، و يحولني إلى سمكةٍ مجفّفة.
شددتُ قبضتي على ذراع روين أكثر، و ابتسمتُ بجهد و قدتُ موافقة.
لكن روين نظرَ إليّ بتعبيرٍ محرج قليلًا.
“أمم، ليلي؟ لا داعي للتعلق بي بهذه القوة، لن أذهب إلى أيّ مكان، فلا تقلقي.”
“آه، حسنًا. إذن هيّا بسرعة…”
كنتُ على وشكِ القول لنبحث و نخرج، لكن في تلكَ اللّحظة.
ارتفعت سكاكين خلفَ رأس روين. سكاكين صدئة جدًا.
“……”
شعرتُ و كأنّ الدم تجمّدَ في جسدي.
إذا طُعنتُ بها، لن أموتَ من النزيف، بل من التيتانوس أو التسمم.
عندما شَحب وجهي، التفت روين.
في نفسِ اللّحظة، مرّت السكين بجانبنا مع صوتِ قطع الهواء.
شعرتُ ببرودة في معدتي و ارتجفَ جسدي.
“رو، روين…”
“لا بأس، ليلي. تنفسي ببطء، و لنخرج.”
بينما كنتُ مذعورة عاجزةً عن الكلام، بدا روين هادئًا تمامًا.
لو لم أكن أعرف شيئًا، لكنتُ فكرتُ: ‘لوين شجاع و موثوق حقًا.’
لكن بينما تراجعتُ متردّدة، بدأت السكاكين الصدئة وأدوات القطع تطير نحونا.
“آآآه!”
“ليلي! ارمي نفسكِ على الأرض!”
صرخَ روين بمجردِّ أن تركتُ ذراعه أثناءَ محاولة التفادي.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"