مهما فكّرتُ في الأمر، فإن وجود اسم “غرفة الصلاة” مكتوبًا بوضوح، مع غياب مفهوم الحاكم أو القرابين أو الصلاة، أمرٌ مريب.
لكنّهما لم يكونا شخصًا واحدًا بل اثنين، و كلاهما كان ينظر إليّ بتعبير “و ما هذا أصلًا؟”، وفي النهاية لم يكن أمامهما سوى اعتباري شخصًا غريبًا.
شدَدتُ شفتيّ بإحكام، و نظرتُ إلى روين بتردّد.
لم يقم باستعجالي بالإجابة، بل اكتفى بالتحديق بي بوجهٍ هادئ، وهو ما زاد الضغط عليّ أكثر.
‘…آه، لا يهم.’
فروين ليس صديقًا حقيقيًا، لذلك، و على عكس ريد و لاس و مينا، لم يكن يعلّق بكلمة واحدة على شخصيّتي.
و هذا يعني أنّه لن يعرف إن كنتُ فعلًا أمّية تمامًا أم لا، لذا فلننكر الأمر!
بعد جهدٍ، فتحتُ فمي و أطلقتُ زفيرًا طويلًا، ثم تابعتُ الكلام.
“ريد و لاس كانا غريبين قليلًا.”
“غريبين؟”
“نعم. آه، لا أقصد أنّني أُسيء إليهما. فقط… مينا أيضًا كانت غريبة قليلًا، أليس كذلك؟ كانت تحذر مني، و تشعر بالريبة تجاهي…. و يبدو أنّهما أيضًا أساءا الفهم. هل كان ذلك لأنّهما كانا خائفين جدًّا؟”
“و كيف كان تصرّفهما؟”
“سألاني إن كنتُ أمرّ بمرحلة مراهقة. قالا إنّني تغيّرتُ مؤخرًا عن السابق، لكنّني لا أعرف. ثم إنّهما…عاملاني كأنّني غبيّة جدًا.”
مرّ طيف وجه ريد القَلق طوال الوقت في ذهني.
شعرتُ بوخزٍ خفيف في ضميري، لكنّ الضمير لا يُرى، فلا بدّ أنّه مجرّد شعورٍ عابر.
بعد أن سمع كلامي، ضحك روين بخفّة.
“أن يعاملوكِ كغبيـة، هذا قاسٍ فعلًا.”
“أليس كذلك؟ أليس قاسيًا؟”
“نعم. ليلي ليست غبيّة، رأسها فقط… سيّئ قليلًا.”
“….”
في هذه المرحلة، أشعر و كأنّ لديه إصرارًا عجيبًا على تحويلي إلى متخلّفة.
حسنًا، لا بأس، لقد بذلتُ قصارى جهدي لأتظاهر بانعدام الفطنة، فلا يهمّ إن بدوتُ ناقصة قليلًا، لكنّ قوله للأمر بهذه الصراحة جعلني أشعر بشعور غريب.
و بما أنّ التعبير صار فاضحًا أكثر من اللازم لأتجاوزه بابتسامة، سألتهُ بوجهٍ محرج.
“أممم، روين. هل ارتكبتُ خطأً ما؟”
“نعم.”
“صحيح، أليس كذلك؟ لكن لماذا…ها؟ …قلتَ نعم؟”
“نعم.”
“….”
كان وجه روين هادئًا للغاية، لكنّ عرقًا باردًا انساب على ظهري و راحة يديّ.
ما الخطأ الذي ارتكبتُهُ أصلًا؟
هل يُعقل أنّني شتمتُهُ في داخلي و خرج الأمر من فمي؟
لكن مهما كنتُ غير متّزنة، فلن أفعل شيئًا أحمق كهذا. على الأرجح…
‘هل السبب هو الحلم الذي رأيتُه سابقًا؟’
ذلك هو الاحتمال الوحيد، و مع ذلك، لم أكن أنا نفسي أفهم ما هو.
لا أعلم إلى متى سينجح هذا الأسلوب في المراوغة، لكن لنتظاهر بأنّ رأسي فارغ فحسب.
“آسفة، روين. مهما فكّرتُ في الأمر، لا أعرف ما الخطأ الذي ارتكبتُه.”
“آه، لا داعي للاعتذار. لقد أخطأتِ، لكن ليس بحقي، فلا تشغلي بالك.”
“حتى لو أردتُ ألّا أشغل بالي…”
بينما تقوم بالتلميح بهذا الشكل المستمر، و كأنّني سأستطيع تجاهله حقا.
و مع ذلك، و بما أنّني اعتدتُ تمامًا على سلوك روين الاستفزازي، هدأ انزعاجي سريعًا.
و تابعتُ الكلام الذي كنتُ أقوله قبل قليل.
“على أيّ حال، لاس و ريد، اللذان أساءا فهمي، هربا معًا. أصبحتُ وحدي فجأة، و كنتُ أرتجف من الخوف—”
“كنتِ ترتجفين من الخوف؟”
“نعم….و كما تعلم، روين، أنا خائفة جدًا أصلًا….”
“…همم، صحيح. ليلي خائفة. و تراقب الأجواء كثيرًا.”
“و أيضًا شخصيّتي خجولة. لذلك قرّرتُ أن أبحث عنكَ، أشعلتُ عود الثقاب والتفتُّ خلفي، فكان هناك فتى لم أره من قبل يقف في وسط الغرفة.”
لا أعرف اسمه، لكنّي أتذكّر لقبه بوضوح.
المنادي، السالب، آكل الأرواح.
لقبٌ شرير إلى درجة أنّه يبدو كأنّه سيمنعك من نيل الخلاص إن مـتّ هنا.
فتحتُ كفّي الذي كنتُ أقبضه دون وعي، و أظهرتُ قطعة الخريطة المتجعّدة لروين مجدّدًا.
“في المكان الذي اختفى فيه ذلك الفتى، كان هذا موجودًا. لا أعرف ما هو، لكنّي التقطته احتياطًا، و اتّضح أنّه خريطة. كان مكتوبًا عليها غرفة التعذيب، فتساءلتُ ما الأمر.”
روين يعاملني كغبيّة، لكنّني لستُ غبيّة أبدًا.
كلّ ما قلتهُ الآن كان محسوبًا بعناية.
غرفة “التعذيب” المكتوبة هنا هي المكان الذي التقيتُ فيه أسمير للمرّة الأولى.
لكن معرفتي باسم المكان كانت بفضل نافذة النظام فقط.
أي أنّه، دون نافذة النظام، لا يمكن معرفة ذلك.
صحيح أنّ الغرفة كانت مليئة بأدوات التعذيب، و يمكن الاستنتاج، لكنّني طوال الوقت تظاهرتُ بأنّني بليدة على غير العادة.
‘من الصعب على شخصٍ كهذا أن يستنتج أنّ قصاصة ورق بالية هي خريطة.’
بفضل حرصي الشديد على عدم التفوّه بكلامٍ فارغ، صار السياق متّسقًا.
لكن… لماذا نظرة روين إليّ، بهذه الغرابة…؟
كنتُ أتظاهر بالهدوء، لكنّ وجهي بدأ يحترق، فاضطررتُ إلى الكلام أوّلًا.
“أممم، روين. التحديق بي هكذا محرج قليلًا….”
ابتسمتُ بخجل، بينما أطلب منه بهدوء إبعاد عينيه، فارتسمت ابتسامة على عينيه أيضًا.
“ليلي، إن مِـتِّ، فستسقطين في الجحيم.”
“نعم، و أنـتَ أيضًا.”
ربّما لأنّ اللعنة خرجت فجأة و بسخف، فقد خرج ردّي فورًا دون أن يمرّ على عقلي. و لحسن الحظ، لم أُضـف شتيمة.
تفاجأتُ أنا، لكن روين بدا أكثر دهشة، إذ فتح عينيه على اتّساعهما.
ثم، بعد قليل، سأل بوجهٍ مستغرب.
“……أنا أيضًا؟”
هذه المرّة، لا يمكنني التهرّب كما قبل. لم يبقَ سوى خيارٍ واحد.
شدَدتُ طرف ثوبه، و رددتُ بصوتٍ خافت متسلّل.
“روين، يجب أن يبقى معي دائمًا….”
“…….”
منطقيًا، احتمال سقوط هذا الشيطان في الجحيم أعلى من احتمال سقوطي أنا.
لا أفهم لماذا قلتُ ذلك فجأة، لكن يبدو أنّ كلماتي أصابت شيئًا ما في روين.
[[♡]مستوى المودة: 64 → 74
[♥]مستوى الإعجاب: 90 → 92 ]
تغيّرت الأرقام في نافذة النظام التي ظهرت في الهواء بشكلٍ ملحوظ، كما احمرّت أذنا روين قليلًا.
لكنّني فعلًا لا أفهم. لماذا ترتفع المودة لأنّني قلتُ له تعال معي إلى الجحيم معي؟
‘يا له من رجل مجنون فعلًا لا يمكن فهمه….’
على أيّ حال، و بما أنّ ارتفاع الإعجاب فوق المودة يسبّب مشكلة، سلّمتُ قطعة الخريطة لروين و أمسكتُ يديه الفارغتين.
“التقطنا واحدة في الحديقة و أخرى في الغرفة، فمن المؤكّد أنّ هناك قطعة أخرى في مكانٍ ما. أنتَ أيضًا كنتَ تفكّر بالبحث عن قطع الخريطة، أليس كذلك؟”
“…نعم. و هناك مكان يثير فضولي أيضًا.”
“مكان يثير فضولكَ؟”
“لمحتُهُ أثناء الصعود، كان هناك مكتبة في الطابق الثاني. أظنّ أنّ من الأفضل أن نزورها.”
كنتُ أريد الذهاب إلى المكتبة منذ البداية، لذلك رحّبتُ بالفكرة.
رغم أنّ حدسي كان يقول أن حدثًا ما سينطلق هناك أيضًا، لكن لنرَ ما سيحدث…
انحنيتُ قليلًا، أمسكتُ المصباح بيدي الفارغة، ونظرتُ إلى روين.
“إذًا لنبدأ بالمكتبة. أتمنّى ألّا تظهر فخاخ ولا وحوش غريبة.”
قلتُ ذلك عمدًا، متمنّية أن يخفّف الأمور قليلًا بعد ارتفاع المودة.
لكن، و يا للأسف، لم يكن لذلك أيّ تأثير على هذا الشيطان.
“هاه، ظهر شيء خطير مجدّدًا.”
شدّني صوته الماكر من مؤخرة عنقي.
لم يحدث شيء غير اعتيادي أثناء مرورنا في الممرّ.
لكن، ما إن وصلنا إلى الدرج، حتّى انفتحت ثقوب في الأرض و كأنّها كانت تنتظرنا.
و المشكلة أنّ ما يوجد داخل تلك الثقوب كانت نيرانٌ حمراء مشتعلة، كأنّها حفرة تؤدّي إلى الجحيم الحقيقي.
‘لا تسترجعوا التمهيد هنا!’
كان فخًّا لم يظهر أصلًا في اللعبة، ما جعل الأمر أكثر إثارة للغضب.
من منظره، يبدو أنّ نافذة النظام ستظهر معلنةً تفادي نهاية الشواء إن مررنا بسلام.
لهيب النار المتصاعد من الحفر كان شديدًا و ساطعًا إلى درجة أنّ المكان هنا لم يكن بحاجة إلى المصباح.
كان الهواء جافًّا، و حلقي يابسًا. ابتلعتُ ريقي، و سحبتُ يـد روين.
“أممم، روين. أظنّ أنّ المرور من هنا خطير جدًا. ماذا لو ذهبنا إلى الدرج الآخر؟”
التعليقات لهذا الفصل " 49"