تقدّمتُ مترنّحة نحو روين، و كان ذلك أشبه بغريزةٍ لا أكثر.
على الأقلّ، الوقوف بجانب هذا الرجل يبدو أكثر أمانًا من أيّ مكان آخر.
“أظنّني سأذهب للنوم الآن.”
“……هنا؟ ستنامين هنا؟”
“نعم. أنا متعبة جدًّا. جسدي ليس مرهقًا، لكن لماذا أشعر بكلّ هذا الخمول؟ عندما كُنّا عالقين عند الدرج و واصلنا المشي، لم أكن نعسانة هكذا.”
“هذا لأنّكِ — كثيرًا —.”
أجاب روين بشيءٍ ما وهو يمسك بجسدي المتمايل.
تثاءبتُ و أملتُ رأسي قليلًا.
“ماذا قلتَ؟ لم أسمعك.”
“هذا ، غير متوقّع.”
…ما الذي فعلتُه أصلًا؟ و ما الذي كان غير متوقّع؟
لكن بدلًا من السؤال، اكتفيتُ بردٍّ فاتر.
“آه، فهمت.”
ثمّ أسندتُ جسدي بالكامل عليه و تمتمتُ:
“ماذا لو فتحتُ عينيّ و كنتُ على وشكِ الموت… أو ميتة أصلًا….”
“هل تخافين الموت؟”
“نعم. أريد أن أعيش طويلًا، حتّى أشيخ و أجعل الجدران متسخة.”
“…أظنّ أنّ مَنٔ سينظّف بعدكِ له رأي آخر.”
“لا بأس. سأنظّف بنفسي….”
أصبحت جفوني أثقل فأثقل.
و من نظرةٍ خاطفة، بدا روين ما يزال يحمل ذلك التعبير الغامض الذي لا يُفهم منه شيء.
“أتمنّى عندما أستيقظ من الحلم أن أجدكَ بجانبي.”
فهذا يعني أنّني على الأقلّ نجوتُ بحياتي، و لن أضطرّ للخروج بحثًا عنكَ.
و مع تلاشي الأصوات تدريجيًّا، قال روين شيئًا ما.
بدا و كأنّه قال: “قليلًا بعد……”، لكنّي لم أسمع كلّ شيء.
بعد ذلك، شعرتُ بخفّةٍ لطيفة، كأنّي أسبح فوق الغيوم.
و حين استمتعتُ بما يكفي و فتحتُ عينيّ—
“مرحبًا، ليلي. هل نمتِ جيّدًا؟”
كنتُ مستلقيةً و رأسي على ركبة روين.
تمّ تحقيق حدثٍ خاصّ.
[‘لا، هذا الطعم؟!’]
[كمكافأة لتحقيق الحدث الخاصّ، تعلّمتِ مهارة ‘استشعار الأعلام’.]
[ استشعار الأعلام (سلبي)
عند تفعيل أعلام مثل الموت أو الحب أو الصداقة و ما شابه،
تشعرين فجأةً: آه! هناك إحساس ما. ]
ظهر هذا الهراء أمامي.
كان انعدام الإحساس بالواقع شديدًا لدرجة أنّني بقيتُ أحدّق بلا حراك لبرهة.
و لا عجب في ذلك، ففي كلّ مرّة يعلن فيها عن تحقيق حدثٍ خاصّ، كانت تقع دائمًا حادثة ما تتعلّق بمصاصي الدماء.
لكن هذه المرّة، لم يحدث شيء على الإطلاق، باستثناء حلمٍ واقعيّ بشكلٍ مريب.
و هذا يعني—
‘إنه ليس حلمًا …بل واقع…؟’
ارتعش جسدي عند هذا الاحتمال المرعب.
إن لم يكن حلمًا، فهذه مصيبة.
ليست مصيبة فحسب، بل نهاية كاملة.
قد أُبرّر هذياني بعدم كوني في كامل وعيي، لكن لا يوجد أيّ عذر لمعرفة أسمير.
‘……لا، لا يمكن! لقد سُحب دمي بعد أن صنعتُ النيران، أليس كذلك؟!’
أنا لا أملك مثل هذه القدرة أصلًا.
إذًا ذاك كان حلمًا.
حلم، حلم!
‘لا بدّ أنّني تعرّضتُ لشيءٍ غريب أثناء نومي.’
كنتُ أحاول بكلّ جهدي التفكير بإيجابيّة و توسيع قلبي المنكمش.
عندها، ابتسم روين ابتسامةً خفيفة، و أمال رأسه جانبًا و قال بنبرةٍ لطيفة:
“لماذا تحدّقين هكذا؟ هل ما زلتِ تشعرين أنّكِ تحلمين؟”
كانت ابتسامته نقيّةً للغاية، لكنّ العرق البارد كان يتدفّق منّي دون توقّف.
و السبب بالطبع هو سؤاله ذاك الموحِي:
“هل ما زلتِ تحلمين؟”
انتشر ضوء المصباح الموضوع على الأرض، لكن بدل أن يطمئنني، زاد القشعريرة.
من أين يبدأ الواقع و أين ينتهي الحلم؟
ذلك ليس مهمًّا.
المهمّ هو أنّ أيّ كلمة خاطئة هنا تعني النهاية.
لأنّ—
[يبدو أنّ علم ‘النهاية 04—فتاة الوجبة الخفيفة’ قد تمّ تفعيله!]
[يبدو أنّ علم ‘النهاية 05—فتاة الوجبة المميّزة’ قد تمّ تفعيله!]
ذلك الإحساس جاءني.
عبر نافذة النظام المرِحة بلا داعٍ….
‘لا أريد أعلامًا كهذه!’
لكن، ماذا يُفترض بي أن أقول أصلًا؟
أصبح ظهري و يداي مبلّلتين بالعرق، بينما رأسي فارغ تمامًا.
تجمّدتُ في مكاني، و لم أستطع الرمش حتّى.
و روين اكتفى بالنظر إليّ بصمت، دون أن يقول شيئًا.
و بعد فترةٍ طويلة، حين لامست يدٌ باردة خدّي، انفجرتُ بالكلام كمن أصابته نوبة:
“آه، لم أحلم بأيّ شيء أصلًا!”
كان صوتي يرتجف بعنف من شدّة التوتّر.
و قبل أن يتمكّن روين من الردّ على هذا الجواب البائس، سارعتُ بإضافة:
“أنا قطعًا! لم أحلم بحلمٍ مخجلٍ كهذا، أعني، لم أحلم بأنّي أعانقكَ و أقبّلكَ أو أيّ شيء كهذا!”
“……ماذا؟ قُبـ…ماذا؟”
تغيّر تعبير روين.
ثمّ، و كأنّه يضع اللمسة الأخيرة، أشاح بنظره بخجلٍ واضح.
قد يبدو أنّني فقدتُ عقلي أخيرًا، لكن المدهش أنّني واعية تمامًا.
في هذا الوضع، هل يوجد خيار آخر غير التمسّك بدور الفتاة الواقعة في حبّ روين…؟
العار و الإحراج لا يساويان شيئًا أمام النجاة بالحياة.
المشكلة الحقيقيّة كانت:
هل سيقبل روين هذه المسرحيّة السخيفة أم لا؟
“…….”
ه-هذا غريب.
لماذا يبدو متوتّرًا هكذا؟
روين، بوجهٍ لم أره من قبل، بدا و كأنّه خجول حقًّا.
‘لماذا بحقّ السماء…؟’
إنّه ردّ فعل ممتنّ، لكنّه لذلك بالذات أربكني أكثر.
لا بدّ أنّ هناك سببًا…
‘هل ارتفعت نسبة الإعجاب و المودّة كثيرًا؟’
ساد جوّ غير مألوف، و امتدّ الصمت مرّة أخرى.
حرّك روين شفتيه بصعوبة، و هو ما يزال متصلّبًا، ثمّ تمتم:
“ليلي… أنـتِ فعلًا تحبّينني.”
ما هذا الشعور؟
من الجيّد أنّه يظنّ ذلك، لكنّه مرير بشكلٍ غريب….
[تمّ سحب علم ‘النهاية 04—فتاة الوجبة الخفيفة’!]
[تمّ سحب علم ‘النهاية 05—فتاة الوجبة المميّزة’!]
و بالطبع، تلاشى هذا الإحساس فور ظهور نافذة النظام مجدّدًا.
‘نـ-نجوتُ….’
إذًا هذا ينجح.
لحسن الحظّ أنّ روين، رغم كلّ قدراته، لا يجيد قراءة الأفكار.
مسحتُ راحتيّ المبلّلتين بملابسي، ثمّ تظاهرتُ بالحرج و نهضتُ بسرعة.
لكن تجاوز الأزمة لا يعني زوال التوتّر.
و بينما أهدّئ قلبي الذي يخفق بعنف، نظرتُ إلى روين، فإذا بتعبيره ما يزال غريبًا.
و في اللحظة التي تلاقت فيها أعيننا—
[ [مُختوم]
ملك الكوابيس، المُدمّر، المُدنِّس، حاكم الـ— ‘روينفيرات’
ينظر إليكِ على أنّكِ
‘طبق مميّز يتبادر إلى الذهن عند إغماض العينين’ → ‘صغير شمبانزي رضيع يؤدّي حركات لطيفة’. ]
[[♡] نسبة المودة: 36 → 64
[♥] نسبة الإعجاب: 81 → 90 ]
‘أخيرًا خرجتُ من خانة الطعام!’
و بالنظر إلى القفزة الهائلة في نسبة المودة، يبدو أنّ حيلتي نجحت.
صحيح أنّه يعدّ كفاحي اليائس من أجل البقاء مجرّد حركات لطيفة، و هذا يثير الضيق قليلًا، لكن—
كونه يراني “طفلة”، أمر جيد.
رجل عاش مئات السنين، من الطبيعي أن أبدو له كخلية.
و كوني شمبانزي؟ لا مشكلة فيه.
شمبانزي أو إنسان، كلها تنتمي لنفس الفصيلة..
لنفرح الآن….
‘لكن هل يوجد شمبانزي في هذا العالم أصلًا؟’
مواطنهم مختلفة تمامًا، و هذا غريب.
لكن بما أنّ روين عاش طويلًا، فلا بدّ أنّ لديه مختلف المعلومات، أو يمكن ببساطة اعتبار الأمر تساهلًا منطق اللعبة.
على أيّ حال، المهمّ الآن أنّه يتعامل معي ككائنٍ حيّ، لا كطعام.
يجب أن أستغلّ الموقف و أغيّر الموضوع سريعًا.
بادرتُ بالكلام بسرعة:
“بالمناسبة، روين. أين مينا؟”
“آه، مينا في الخارج. الممرّ الذي وجدناه في القبو كان متّصلًا بالحديقة.”
“الحديقة؟ إذًا هل عادت مينا وحدها إلى القرية؟”
“لا. الحديقة مساحة داخليّة مُنشأة، لذلك لم تتمكّن من الخروج بالكامل. لكنّها قالت إنّها ستبحث عن البقيّة و تعيدهم، ثمّ رفضت العودة إلى الداخل و قرّرت الانتظار هناك.”
تنفّستُ الصعداء دون وعي.
لا أعلم إن كانت مينا بخير حقًّا، لكن يبدو أنّ اتّصال الحديقة بالقلعة صحيح.
‘في النهاية، اثنان من مخارج الهروب التي ظهرت في اللعبة كانت عديمة الفائدة.’
فالشرفة، ينتظر عندها “نهاية الكباب”.
‘و يبقى مخرج الطابق الثالث….’
و بالمصادفة، نحن في الطابق الثالث الآن، و التظاهر بالبحث عن الأصدقاء ليس صعبًا.
المشكلة أنّ مخرج الطابق الثالث هو درجٌ سرّي داخل المدفأة، و أنّ الغرفة التي تحتوي على مدفأة ليست واحدة فقط.
أي أنّه لا مفرّ من تفتيش الغرف واحدةً تلو الأخرى.
‘بصراحة، بعد كلّ هذا، أشعر أنّ كلّ مخارج الهروب الأخرى ليست سوى طرقٍ مزيّنة تؤدّي إلى الجحيم، لا أريد الدخول إليها.’
حتّى مع أكثر الأفكار إيجابيّة، ينتابني شعور بأنّني سأُحبس داخل المدفأة و أصل إلى نهايةٍ مروّعة.
‘…فلنؤجّل أمر المدفأة أيضًا.’
في الوقت الحالي، يبدو أنّ عليّ التركيز على رفع نسبة الإعجاب و المودّة .
التعليقات لهذا الفصل " 47"