هل كانت هذه الشمعة هي الوحيدة في الغرفة؟
ما إن خطر لي ذلك حتى ظهرت نافذة النظام فورًا.
[يُنير الضّوء المكان من حولك بدفء. (الموقع الحالي — غرفة الصّلاة)]
غرفة الصّلاة.
اسمٌ مباشر للغاية، مثل غرفة تعذيب.
وهذا المكان أيضًا لم يظهر في اللعبة……
‘عند هذه المرحلة، بدأتُ أشكّ أنّ المشكلة أنّ ذاكرتي ليست دقيقة…ثمّ أصلًا، هل توجد عادةً أماكن كهذه في القلاع؟’
غرفة التّعذيب يمكن فهمها، أمّا غرفة الصّلاة فشيءٌ مريب.
كلّما حرّكتُ الشمعدان يمنينا يسارا، تبعتني أنظار لاس و ريد معًا.
تفحّصتُ الزوايا، لكن كما توقّعت، لم يكن هناك ما يلفت الانتباه سوى المذبح و الدائرة السّحريّة في الوسط.
عندها، ريد، الذي كان أكثر تدقيقًا منّي في تفحّص المكان، أمال رأسه و تمتم.
“مكان غريب. لا يوجد فيه شيء سوى طاولة ذات شكلٍ عجيب.”
“ها؟ طاولة؟ تقصد هذه؟”
“نعم، هذه. لكن لماذا تتحدّثين عنها وكأنّك اكتشفتِ أمرًا جللًا؟”
“لأنّ….”
رخامٌ مصقول ذو شكلٍ مربّع، و أسفلَه صليبٌ و نقوشٌ هندسيّة منحوتة بعناية.
مهما نظرتُ إليه، بدا كمذبحٍ ذي طابعٍ دينيّ، فكان من الغريب جدًّا أن يُسمّى مجرّد «طاولة ذات شكلٍ عجيب».
لكن ليس ريد وحده، حتّى لاس أمال رأسه إلى الجانب و قال.
“صحيح أنّ شكلها غريب…يبدو أنّ النّاس قديمًا كانوا يصنعون الطّاولات هكذا.”
لاس، الذي يُعدّ قديمًا بما يكفي وفق معاييري، كان يتحدّث عن «ناسٍ أقدم».
تلقّيتُ كلامه بطبيعيّة.
“آه، أنا أيضًا ظننتُ أنّ الزّخرفة في الأسفل مبالغ فيها، فتساءلتُ إن كانت فعلًا طاولة أم شيئًا آخر.”
“شيء آخر؟ هل هناك شيء يشبهها؟ لا يمكن أن تكون كرسيًّا بهذا الشّكل.”
“لا، أعني……مكانًا تُقدَّم فيه القرابين، أو تُرفع فيه الصّلوات….”
“…قرابين؟صلاة؟”
“ما، ما هذا؟”
سأل ريد و لاس بوجوهٍ تُظهر أنّهما لا يعرفان حقًّا.
كانت ملامحهما و كأنّهما لم يسمعا بذلك قطّ، بل لا يعرفان أصلًا هذا المفهوم، فتحتُ فمي من شدّة الدّهشة.
‘هل يُسمّون الحاكم هنا باسمٍ آخر؟ لا، اسم الغرفة نفسه «غرفة الصّلاة». فلماذا لا يعرفان ما هي الصّلاة؟’
كنت مرتبكة و مصدومة، ويبدو أنّهما كذلك أيضًا.
“ليلي. أنـتِ….حقًّا غريبة.”
ما إن انتهت كلماته حتّى ظهرت نافذة النّظام.
[▶ لاس و ريد بدآ يشكّان في أمري. ماذا أفعل؟
1. (أهاجم بالشمعدان.)
2. (أكشف الحقيقة.)
3. (أنكر الأمر بيأس.) ]
الهجوم بالشمعدان خيارٌ سيّئ، لكن كشف الحقيقة أسوأ.
لو كان الشخصان المستمعان هما هذان الاثنان فقط، لما كان الأمر مشكلة.
لكنّ الاحتمال كان كبيرًا بأن يكون روين أو مصّاصو دماء آخرون يراقبوننا، حتّى إن لم نكن نراهم.
‘أنا أصلًا على حافّة الذّبح، لا مجال لهذا.’
تخيّلتُ نهايةً يبتسم فيها روين بلطف ويقول:
“آه، هكذا إذًا. كنتِ تعرفين مَنٔ أنا منذ البداية.”
ثمّ يحوّلني إلى حصّة طعامٍ احتياطيّة.
ابتلعتُ ريقي و أنكرتُ الأمر على عجل.
“قرأتُ ذلك في كتاب.أعني، عن القرابين و الصّلاة—”
تذكّرتُ مشهدًا في اللعبة كانت فيه مينا تثرثر قائلة:
“قرأتُ في كتابٍ عن قصور النّبلاء……”
كان ذلك أمام الممرّ السّريّ في القبو.
اختلقتُ العذر على هذا الأساس، لكن ريد قال بوجهٍ جامد.
“لكنّكِ لا تعرفين القراءة.”
ليلي كانت أميّـة.
حقيقةٌ لم تخطر ببالي قطّ، فجعلتني أعجز عن الكلام.
ظللتُ فاغرة الفم لبرهة، ثمّ بالكاد خرج صوتي.
“لماذا؟”
“ها؟”
“لماذا؟”
“……ها؟”
“لماذا أصلًا……؟”
“…….”
لماذا مينا تعرف و ليلي لا؟
هل كانت تكره الدّراسة؟
لكنّني كنتُ أقرأ نصوص نافذة النّظام كلّها بوضوح. ربّما كانت مكتوبة بالحروف التي أعرفها.
على أيّ حال، الصّدمة كبيرة.
أن أكون أميّة.
هل هذا طبيعيّ بالنّظر إلى الزّمن؟
يبدو أنّ هذا زاد من ريبة ريد و لاس نحوي.
“لاس، اخرج!”
“هيييك!”
خطف ريد الشمعدان من يدي بسرعة، ثمّ اندفع مع لاس دافعَين الأرض بقوّة.
“ا، انتظرا، يا رفاق……!”
ناديتُهما على عجل و حاولتُ اللّحاق بهما، لكنّهما فتحا الباب في لحظة و فـرّا هاربَين.
في غمضة عين، أصبحتُ وحدي.
و في الظّلام.
‘تقولان إنّنا أصدقاء، ثمّ تهربان لمجرّد أنّني بدوتُ مريبة قليلًا؟!’
بالطبع أنا أفهم.
لو كنتُ مكانهما، لهربتُ دون أن ألتفت.
‘لكن على الأقلّ كان يمكنهما ترك الشمعدان….’
وقفتُ مصدومة، ثمّ أدخلتُ يدي في جيبي.
أشعلتُ عود ثقاب، فخرجت منّي تنهيدة.
لم يتبقَّ سوى أربعة أعواد.
سأفحص تلكَ الدائرة السّحريّة الغريبة سريعًا، ثمّ أبحث عن روين.
ليس لأنّني فقدتُ صوابي و أصبحتُ أبحث عنه بدل مخرج الهروب.
‘كنتُ أظنّ أنّ الخروج من القلعة يكفي، لكن قوانين القرية غريبة.’
حين تحدّثوا عن العقاب، كان لاس مذعورًا، و ملامح ريد لم تكن جيّدة أيضًا.
لا يبدو أنّ الأمر مجرّد غرامة أو أعمالٍ شاقّة، ومع خلفيّة العصور الوسطى، يزداد قلقي.
‘و فوق ذلك، عدم معرفتهم بالصّلاة يثير الشّك.’
ليس بسبب اسم الغرفة فقط.
أحد ألقاب روين كان «مُجدّف». أي مَنٔ يُهين الحاكم أو سلطته.
لكن هذا غير منطقي.
‘لا أحبّ حلّ الألغاز أو الاستنتاج، لكن يجب أن أشكّ في كلّ ما يجعلني أشعر بالريبة.’
لأثبّت نفسي، أخذتُ أتنفّس بعمقٍ مرّاتٍ عدّة.
أغمضتُ عينيّ و فتحتهما، ثمّ وجّهتُ نظري إلى الدائرة السّحريّة.
“هيك!”
رغم محاولتي للتّماسك، ابتلعتُ أنفاسي و تراجعتُ إلى الخلف.
كان هناك فتى جالسٌ القرفصاء فوق النّقوش الهندسيّة.
[لقد واجهت ‘؟’.]
[ [مختوم] الدّاعي، السّالب، آكل الأرواح ‘؟’
نيّته القاتلة تجاهك: ♡♡♡♡♡ ]
رفع الفتى رأسه من خلف نافذة النّظام التي ظهرت فجأة.
كان شعره طويلًا جدًّا، فلم أستطع رؤية وجهه، لكنّي رأيتُ شفتيه تتحرّكان بوضوح.
“آ…….”
تسرّب صوتٌ خافت من بين شفتيه نصف المفتوحتين.
انتفضتُ و انتظرتُ أن يُكمل.
“……آ.”
بعد صمتٍ قصير، لم يخرج سوى صوت «آ» بنبرةٍ مختلفة.
ثمّ كرّر ذلك عدّة مرّات، و ذلك الكيان المجهول كان من مصّاصي الدماء.
“آ، آ…….”
و بقي على حاله حتّى اختفى في الظّلّ.
‘……ما هذا بالضّبط؟’
بلغ بي الذّهول حدّ السّخريّة.
حدّقتُ في الدائرة السّحريّة بوجهٍ متجهّم، ثمّ لاحظتُ شيئًا ساقطًا فوقها.
لم يكن موجودًا حين مررتُ من هنا قبل قليل.
‘هل تركه مصّاص الدّماء للتّو؟’
رغم أنّ نيّته القاتلة كانت صفرًا، إلّا أنّه على الأرجح شيءٌ خطير.
مع ذلك، كان لا بدّ من تفحّصه، فاقتربتُ ببطء و جلستُ قرفصاء.
حين قرّبتُ لهب الثّقاب، رأيتُ ورقة.
بل بالأحرى، شيئًا مصفرًّا يشبه البرديّ أو الرّقّ.
و بينما أتردّد في لمسه، ظهرت نافذة صغيرة إلى جانبه.
[خريطة ‘؟’ (1/20)]
[— قطعة خريطة تُظهر البنية الدّاخليّة لـ ‘؟’.
يبدو أنّه يمكن تحديد موقعه عند جمعها كلّها.]
إذًا، كانت خريطة حقيقيّة.
لكن لماذا تركها مصّاص دماء؟
‘هل يُشبه هذا سقوطَ غرضٍ عشوائيّ بلا سبب عندما تقتلُ وحشًا في لعبة؟ لكنّي لم أقتله أصلًا….’
لا أفهم القصد و لا المعنى.
لكنّها ليست خطيرة، بل شيءٌ أحتاجه.
لذا قرّرتُ الاحتفاظ بها.
حملتُ قطعة الخريطة بحجم راحة اليد و قرّبتُ منها لهب الثّقاب.
بدت الرّسومات و الكتابة باهتة، لكنّ كلمة «غرفة التّعذيب» دخلت عيني بوضوح.
‘هذا المكان الذي التقيتُ فيه بأسمير…لا، لحظة. ما هـذا؟ ألم أكن أميّـة؟!’
قلّبتُها و نظرتُ مجدّدًا، و كانت مكتوبة بوضوح: «غرفة التّعذيب».
‘ما هذا؟ هل هي ميزة المتجسد؟ أم أنني كنتُ أعرف كيفية القراءة بينما تظاهرتُ بالجهل؟ أم أنّ ريد كان مخطئًا؟’
جلستُ القرفصاء لأفكّر قليلًا، ثمّ أفرغتُ رأسي.
مهما فكّرتُ وحدي، لن أعرف إن كانت ليلي أميّة حقًّا أم لا.
و هذا ليس الشيء المهم الآن.
الرقم 20 بين القوسين لا بدّ أنّه العدد الكلّي لقطع الخريطة.
أي أنّ المتبقّي 19 قطعة.
‘…هل سأبقى حيّة حتّى أجمعها كلّها؟’
شعرتُ بالعجز منذ الآن، لكنّي سرعان ما بدّدت القلق و أدخلتُ قطعة الخريطة في جيبي.
التعليقات لهذا الفصل " 44"