‘ما هذا؟’
تجمّدَ جسدي كالحجر. لم يخرج صوتٌ مني.
هل فعل روين شيئًا غريبًا؟
بينما كان قلبي ينبضُ بسرعة و أنفاسي تتسارع، أضاءَ المكان قليلًا.
لكن روين، الذي كان أمامي، اختفى فجأة، وظهر شيء لا ينبغي أن يكون موجودًا.
‘السّلالم؟’
كانت السّلالم التي لم أتمكّنْ من صعودها.
حاولتُ التوجه إليها دونَ وعي، لكنني لم أستطع الحركة.
‘ما هذا بحق السماء…!’
كادت الدموع تنهمر من عينيّ. بينما كنتُ أرتجف وأحرّك عينيّ، سمعتُ خطواتٍ خافتة.
كان هناكَ مَنْ ينزل من الطابق العلوي.
“آه، آه… هاه، آه… آه…”
مع أنفاسٍ متسارعة، ظهرت ماريان.
كان المكان مظلمًا جدًا، لكن مظهر ماريان كان واضحًا بشكلٍ غريب.
شعرها الأحمر المجعد، الذي كان مرتبًا، أصبح مشعثًا، و وجهها ملطخ بالدّموع و المخاط.
لكن الأغرب أن ماريان مرّت بي دونَ أن تلاحظني.
‘ألا ترينني؟’
لم أفهم شيئًا. كانت ماريان تبكي كمَنْ فقد عقله.
“دعني أخرج، أرجوك… دعني أخرج… أمي، أمي… أرجوك، أنقذني… أنا آسفة…”
كانت تتوسل للنجاة و هي تترنّح، و شعرتُ بشيء مألوف بشكلٍ غريب.
واصلت ماريان التوسل قائلة “أنا آسفة” و”دعني أخرج”، ثم التفتت إليّ فجأةً و بكت بشدة.
“أخطأتُ، أنا آسفة… هه، هه، أنا آسفة… أنقذني، أرجوك، أنقذني…”
كانت تصلي وهي تجمع يديها و تتراجع، وجهها مشوه بالرعب.
الخوف معدٍ.
انتقلَ خوف ماريان إليّ، فارتجفتُ وأنا أكبح دموعي.
“أنقذني، آه، أنقذ… ني… سامحني، أرجوك، آه!”
سقطت ماريان على الأرض.
على الرّغمِ من الظلام، رأيتُ بوضوح يدًا سوداء دموية تخرج من الأرض، تمسك بكاحل ماريان وتسحبها.
“آه، آه…”
فتحتْ ماريان فمها دونَ أن تصدرَ صوتًا.
كانت نظراتها موجهة إلى جانبي.
لم أستطع فعل شيء سوى تحريك عينيّ، فلم أتمكن من رؤية ما هناك.
لكنني لم أحتج إلى النّظر لأعرف ما كان موجودًا.
[هه، ههه… هههه.]
من الجانب، أو من الأعلى، ربّما من الخلف أو الأسفل.
سمعتُ ضحكات غريبة من كل الجهات، ثم عبرت ظلالٌ سوداء عبرَ مجال رؤيتي.
[ههه، هههه.]
“لا، لا تقتربوا… آه، أرجوك، لا… لماذا، لماذا أنا… أنا…”
لم تكن تلكَ الأشياء التي مرّت أمامي برائحة دماء بشرًا.
كانت تزحف بدونِ أجسام سفلية، أو رؤوس تطفو بمفردها، لا يمكن أن تكون بشرًا.
عندما اندفعت تلكَ الكتل السوداء نحو ماريان، أدركتُ مصدر إحساسي بالألفة.
“أنقذني، ها، آه، أنقذ…”
كانت هذه لحظةَ موت ماريان في اللعبة.
في رؤية ملطخة بالأحمر، ظهرتْ نافذة النظام.
‘أصبحت ماريان سمكةً مجففة…’
“ليلي.”
“……!”
مع صوتٍ منخفض عند أذني، تنفستُ بارتجاف.
استرخى جسدي المتصلب فجأةً، و تماوجت رؤيتي.
عندما رمشّتُ، اختفت نافذة النظام و السلالم، و ظهر روين أمامي.
نظرَ إليّ روين بعيون مليئة بالقلق، وشدّ على يدي التي كان يمسكها.
“أخفتني لأنكِ لم تتحدثي فجأةً، ليلي. هل أنتِ بخير؟”
“أ، آه…؟ لا، لا، أنا بخير.”
“وجهكِ شاحب هكذا وتقولين إنكِ بخير؟ لن أذهب بعيدًا، سأتفقد المكان هناك فقط. انتظري هنا، لن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا.”
من كلامه، بدا وكأنه قلق عليّ حقًا.
لكن عندما تركَ روين يدي واستدار، أمسكتُ بذراعه بغريزة كما فعلتُ من قبل.
“رو، روين، أريد الذّهاب معكَ. أرجوك؟ لا أحب أن أكون بمفردي. أريد البقاء معكَ!”
خرجَ صوتي متشققًا من الذعر.
لأن عبارة “لن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا” كانت بالتّأكيد ما قاله لماريان في اللّعبة.
في اللعبة، عند اللّعب بشكلٍ تسلسلي، تكون ماريان أوّلَ مَنْ يتم العثور عليه، مختبئةً في مكتبة الطابق الثاني.
الباب يحتاج إلى مفتاح لدخوله، ولا أعرف كيف وصلت ماريان إلى هناك.
في مثل هذه الألعاب، عادةً ما يعاني البطل فقط من تفادي الفخاخ و حلِّ الألغاز.
الأصدقاء الآخرون كانوا مختبئين في أماكنَ غريبة.
المشكلة كانت في الخيارات التي تظهر عند التحدث إلى ماريان المذعورة.
‘…بالتأكيد، كان على اللاّعب اختيار ما إذا كان سيأخذ ماريان أو تتركها.’
إذا أخذتها، يظهر مصاص دماء، و تهرب ماريان بمفردها.
إذا تركتها، يقول روين: “انتظري هنا، لن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا.”
لكن عند العودة إلى المكتبة بعد الخروج، تكون ماريان قد اختفت.
‘في كلا الخيارين، تموت ماريان… وتصبح مومياء جافة.’
نظرتُ إلى روين بقلق.
يجب أن ألتصقَ بروين بأيّ شكل. و إلا سأصبح أنا السمكة المجففة!
ابتسمَ روين بعد صمتٍ قصير.
“حسنًا، ليلي. فلنذهب معًا. قد تحدث أشياء أكثر رعبًا، لكنكِ ستكونين بخير معي.”
يبدو أن روين رأى إمكانية ما في إلحاحي.
بمعنى آخر، إمكانية أن يصبح دمي ألـذّ…
“أممم، روين…”
في اللّحظة التي أمسك فيها روين بيدي مجددًا.
‘ليلي تجنبت [أن تصبح “سمكة مجففة”…].’
بينما كنتُ أنظر إلى النافذة التي ظهرت أمامي، ابتلعتُ دموعي بصمت.
بعد أن نجوتُ مرّتين من الموت مع روين، اتجهنا إلى الرواق الأيسر.
كانت الجهة التي هرب إليها كلٌّ من ماريان و لاس.
كنتُ في حالةِ ذعر شديد، و روين كان هادئًا بطبعه، لذا لم نتحدث تقريبًا أثناءَ المشي.
على أيّ حال، لم يكن لدي ما أقوله، لكن الصمت كان محرجًا بشكلٍ لا يطاق.
‘أرجوك، أيّ شخص، فليظهر و لو شخص واحد فقط…’
خفتُ من البقاء بمفردي فتبعتُ روين، لكن البقاء معه وحدنا أكثر رعبًا.
‘لو كنتُ أعلمُ أن الأمور ستصبح هكذا، لما حاولتُ الهروب من الأساس.’
لماذا تظهر نافذة النظام دونَ خيار إعادة التشغيل أو التحميل؟
أنا حزينة، حزينة جدًا.
‘آه، كان يجب أن أتلبس جسد سيغ بدلًا من هذا…’
على الأقل، هو يعيشُ حتى النهاية، فكان سيكون لديه فرص أكثر للهروب.
‘…على أيّ حال، الآن أفضل خيار هو التظاهر بالاعتماد على روين، ثم تمرير المسؤولية لشخصٍ آخر عندما أقابل أحدًا… أليس كذلك؟’
شعرتُ بوخز الضمير، لكنني تجاهلته بجهد.
بينما كنا نواصل المشي، توقّفَ روين فجأةً.
“هناك سلالم هنا أيضًا.”
كما قال روين، كانت هناك سلالم تؤدي إلى الأعلى.
كونها قلعة، كانت السلالم موجودة على كلا الجانبين، لكن جثة ماريان لم تكن هناك.
‘ما كانت تلكَ الهلوسة…؟’
كانت واقعية جدًا لأعتبرها مجرّد هلوسة.
بينما كنتُ على وشكِ الغرق في التّفكير مجددًا، تحدّثَ إليّ روين مباشرة.
“ماذا نفعل، ليلي؟”
“ها؟ ماذا تقصد بماذا؟”
“ربّما صعد الأصدقاء إلى هنا. لكنكِ كنتِ تريدين الذهاب إلى الطابق الثاني، أليس كذلك؟ بما أن هناك مفترق طرق، يمكننا الانفصال…”
“لا، لا، لا! بالتّأكيد لا! لم أكن أريد الذهاب إلى الطابق الثاني، كنتُ فقط أقف أمامَ السلالم…!”
“آه، هكذا إذن. حسنًا، سأذهب إلى الطابق الثاني. ليلي، تحققي من نهاية الرواق.”
يا له من وغد! إذا كنتَ ستقدم مثل هذا الاهتمام، كان يجب أن تفعل ذلكَ من قبل!
قبل أن يترك روين يدي، أمسكتُ به بسرعة.
“لا، روين. لا أحبّ أن أكون بمفردي. قلتَ إنك ستبقى معي، فلماذا تحاول دائمًا الانفصال…؟”
“هكذا إذن؟ ظننتُ أنكِ تفضلين التحرك بمفردكِ لأنكِ كنتِ تتسلّلين كالفأر.”
“…في وقتٍ سابق، كنتُ، أممم، أشعر باضطراب في معدتي. لو بقيتُ هناك، كنتُ سأتقيأ كل ما أكلته.”
كان هذا عذرًا سخيفًا لدرجة أنني شككتُ في قبوله.
لكن روين عبسَ قليلًا، ثم بدأ فجأةً بمسح ظهري.
“هل لا زلتِ تشعرين بالانزعاج؟”
“لا، لا. أنا بخير الآن…”
“يبدو أن معدتكِ ضعيفة. يجب أن أكون حذرًا.”
حذرًا من ماذا…؟
لم أجرؤ على السؤال، و ابتسمتُ بإحراج، ثم أدركتُ فجأةً.
‘آه، هذا بيتهم، أليس كذلك…’
حتّى لو كان مكانًا مليئًا بالغبار و ملطخًا بالدماء، لو تقيأ أحدهم في بيتي، سأكره ذلك أيضًا.
ربت روين على ظهري بينما كنتُ واقفة مشدوهة، و ابتسمَ بلطف.
“حسنًا، ليلي. سنبقى معًا. فلنتفقّظ نهاية الرواق أولًا، ثم نصعد إلى الطابق الثاني؟ الجانب الآخر مسدود، لذا لا داعي لتفقده.”
“آه؟ نعم، نعم…”
بالمعنى الدقيق، ليس مسدودًا. هناك قبـو.
‘لكن لا يمكننا الدخول إليه الآن على أي حال.’
كنتُ أكره البقاء مع روين، لكنني ابتسمتُ بجهد وأجبتُ.
وعندما مررنا بجوار السلالم، ظهرت نافذة تقول إنني تجنبتُ أن أصبح سمكةً مجففة، فأردتُ البكاء.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"
البطلة تضحكني مره تخاف😭😭