“لقد تجنّبتُ الأمر بشكل صحيح. لقد كدتُ أموتُ مرّتين بالفعل و نجوتُ.”
في الحقيقة، لم يكن مرّتين فقط، بل تجنّبتُ الموتَ خمس مرّات على الأقلّ.
لكنّ كلّ ذلك تمّ تأكيده من خلال نافذة النّظام، لذا يجب اعتباره منفصلًا عمّا مررتُ به فعليًّا.
سلّمتُ عود الثّقاب إلى أسمير بطريقة طبيعيّة.
ثمّ مددتُ يدي تحت الحنفيّة و تابعتُ الكلام.
“عندما أمسكتْ يدٌ حمراءُ زاهية كاحلي و سحبتني، ظننتُ أنّني سأموتُ، و في الغرفة التي التقيتُ فيها مينا، كان هناك جدارٌ غير مرئيّ يقتربُ، فظننتُ أنّني سأموتُ هناك أيضًا.”
في ذلك الوقت بالذّات، لم تظهر نافذة تفيد بتجنّب الموت، لكنّه كان مرعبًا إلى درجة أنّني لا أريد خوضه مرّة أخرى.
‘في المطبخ كان الأمر خطيرًا أيضًا، لكنّه انتهى بلوم روين.’
أطلقت زفيرًا خفيفًا و أنا أغسل يديّ بالماء البارد.
هل لا يزال يحمل في قلبه ضغينة لأنّني ضربتُه بالشّمعدان؟
لكنّه لم يبدُ مهتمًّا كثيرًا بعد أن وبّخه روين.
‘بالإضافة إلى أنّه استخدم يده جيّدًا حتّى الآن. و فكّ المنديل المربوط في لحظة ما.’
من الصّعب مواكبة إيقاعه.
كنتُ أحاول التّظاهر بالذّهول و ترك الأمر يمرّ عندما أدار أسمير الحنفيّة.
ثمّ أخرج منديلًا من جيبه الدّاخليّ و مدّه إليّ.
كان المنديل الذي أعطاني إيّاه روين و ربطته على ظهر يده.
“امسحي. إنّه نظيف.”
بصراحة، لقد تفاجأتُ. بدا و كأنّه يقدّره كثيرًا.
‘حتّى درجة الصداقة الضّئيلة جدًّا هي صداقة……’
كم سيكون لطيفًا إذا ارتفعت القيمة أكثر؟
ابتسمتُ ابتسامة عريضة للمرّة الأولى، متأثّرة بنظام محاكاة الحبّ المجنون، و أمسكت المنديل.
“شكرًا، مير.”
“احتفظي به أنتِ و أعيديه إلى الأخ روين.”
“نعم. سأفعل.”
يبدو أنّه لم يعد بحاجة إليه..
مسحتُ الرّطوبة بعناية، طويته جيّدًا و وضعته في جيبي، لكنّ تعبير أسمير كان غريبًا بعض الشّيء.
‘هل يشعر بالندم الآن؟’
شعرتُ أنّه قد يكون كذلك، فسألته بسرعة.
“هل أعيده لكَ؟ هناك ماء، فإذا غسلته و جفّفته جيّدًا لن يكون مزعجًا.”
قد يصدر رائحة الماء قليلًا، لكنّه سيفعل ما يشاء.
“……هاا.”
لكنّ أسمير نظر إليّ دون ردّ ثمّ تنهّد.
ما الذي يفعله أمام شخص آخر؟
لكنّ تلك لم تكن النّهاية.
رفع غرّته و تنهّد للمرّة الثّانية. أمال رأسه و تنهّد للمرّة الثّالثة.
أمّا أنا الواقفة أمامه فقد كدتُ أختنق من التّوتّر.
‘لماذا، لماذا يفعل هكذا……’
أشعر بشعورٍ سيّء. هل اكتشف أنّني أتظاهر بفقدان عقلي؟
في خضمّ الارتباك، تنهّد أسمير للمرّة الرّابعة و فتح فمه.
“فقط أعيديه إلى أخي. إذا انتهيتِ من غسل يديكِ، اخرجي.”
“……نعم، حسنًا.”
لا أفهم ما يحدث على الإطلاق.
لكنّ نافذة النّظام لم تظهر، و لم يتغيّر سلوكه بشكل خاصّ، فهززتُ رأسي فقط.
أعاد أسمير عود الثّقاب إلى يدي و قاد الطّريق.
فتح الباب المغلق بسهولة تامّة.
ربّما لأنّ الحمّام مكان مغلق؟ بدا الممرّ أكثر إضاءة.
المسافة بعيدة جدًّا، لكنّ روين و مينا غير مرئيّين.
‘لا أعرف إن كان هذا الطّابق الثّالث أو الرّابع، لكنّ الذّهاب إلى الطّابق الأوّل سيستغرق وقتًا أطول.’
لا أعرف إن كان الشّخص العائد واحدًا أم اثنين.
نظرتُ إلى نهاية الممرّ الهادئ و فكّرتُ قليلًا.
‘على أيّ حال، حتّى لو ذهبتُ الآن إلى مخرج اللعبة، لن أتمكّن من الهروب. من الأفضل الذّهاب إلى المكتبة أوّلًا.’
روين سيجدنا أينما ذهبنا.
في اللحظة التي أردتُ فيها مخاطبة أسمير الذي يقف و ظهره إليّ بهدوء، اقترب شيء من نهاية الممرّ مع ضوء.
“آآآآآه!”
“بسرعة، بسرعة اركض! أسرع!”
صرخة يائسة مألوفة بشكلٍ غريب.
في هذه القلعة، الوحيدون الذين يمكنهم الصّراخ هكذا هم أصدقاء ‘ليلي’ فقط.
عندما ضاقت المسافة بسرعة، تعرفنا على بعضنا و شعرنا بالسعادة في الوقت نفسه.
“ليلي؟!”
“ريد، لاس!”
غريب. عندما التقيتُ مينا كان الأمر كذلك، و رؤيتهما سالمين جعلتني أشعر بالارتياح.
بالطّبع، شعرتُ بالحذر أيضًا لأنّ سلوكهما قد يتغيّر كمينا في أيّ لحظة.
اقترب لاس و ريد وهما يلهثان كأنّ شيئًا يطاردهما، ثمّ انهارا على الأرض.
كان ريد أوّل مَنٔ تكلّم. و بطريقةٍ حادّة جدًّا.
“ها، حقًّا……. ليلي، أنتِ. هل تمرّين بمرحلة متأخّرة من المراهقة؟ مؤخّرًا تقولين إنّكِ تفضّلين الوحدة، و يمكنكِ فعل كلّ شيء بمفردكِ، و تبعدين نفسكِ، هذا مقبول. لكنّ أن تختفي دون كلمة في مكان مثل هذا، ماذا أفعل؟ كنتُ قلقًا!”
“ص، صحيح. كنتُ قلقًا……”
“و أنتَ أيضًا، يا رجل! هل يهرب رجل بهذه السّرعة؟!”
ضرب ريد ظهر لاس و صرخ في وجهه.
تفاجأتُ من النّصائح المتتالية، لكنّ التّوتّر انفرج بشكل غريب.
‘في اللعبة أيضًا، كان يبحث عن الأطفال بهذا الشّعور، أليس كذلك؟’
لكنّ ريد مات في النّهاية.
حُبس في غرفة مشتعلة ولم يخرج، وعندما تحدّثتُ إلى جثّته، ظهر [‘ريد’ أصبح ‘مشويًا……’].
‘……أتمنّى ألا يظهر ذلك.’
في اللعبة، استمرّت صرخاته المؤلمة في نافذة الحوار.
لا أريد حتّى تخيّل مدى فظاعة سماعها فعليًّا.
في تلك الأثناء، نظر ريد إليّ مرّة أخرى بعد أن وبّخ لاس بشدّة.
“ألم تكوني خائفة؟ ألم تصابي؟”
تعبير و نبرة صوته مليئة بالقلق فقط.
ابتلعتُ شفتيّ من الضّيق الدّاخليّ و هززتُ رأسي.
“أنا بخير. روين كان معي طوال الوقت. و أيضًا……”
الآن أسمير معي.
بما أنّ مينا كانت تتذكّره، فمن المؤكّد أنّ ريد و لاس يتذكّرانه أيضًا.
‘عدم سؤالهما عن هويّته يعني أنّهما يعرفان.’
التفتُ قليلًا و أضفتُ.
بالضّبط، كنتُ أنوي فعل ذلك.
“روين كان معكِ؟ أين ذهب الآن حتّى تكوني وحدكِ؟”
سأل ريد و أنا ألتفت نصف التفاتة.
كان كلامه عن كوني وحيدة صحيحًا. اختفى أسمير الذي كان خلفي حتّى لحظة مضت.
كما اختفى أديلين فجأة في الحمّام، دون أيّ أثر.
‘لماذا يستمرّون في فعل هذا……!’
تساقط عرق بارد على ظهري.
ماذا عن درجة الحميميّة التي ترتفع بمجرّد التّنفّس؟ درع الصديق الذي سيحميني من الخطر؟
‘قبل كلّ شيء، لا أفهم على الإطلاق سبب اختفائه في هذا التّوقيت.’
“ليلي؟”
عندما بقيتُ صامتة، نهض ريد و ناداني مرّة أخرى.
يجب أن أبقى هادئة. من المؤكّد أنّه يراقبنا من مكان ما الآن.
‘سلوكه كان غريبًا بعض الشّيء عند خروجنا من الحمّام، لذا لا يجب أن يبدو الأمر مريبًا.’
زفرتُ زفيرًا صامتًا و أجبتُ بهدوء.
“روين الآن مع مينا.”
“مينا؟ التقيتِ مينا أيضًا؟ لكن لماذا أنتِ وحدكِ هنا……. لحظة، هل مينا مرّة أخرى……”
ريد يبدو باردًا من الخارج، لكنّ شخصيّته عكس ذلك تمامًا.
من كلامه السّريع، يبدو أنّ هناك مشكلة بين مينا و الأطفال.
‘لذا كان سلوكه غريبًا.’
بالإضافة إلى أنّ تعبير ريد يظهر أنّ الخلاف عميق جدًّا.
كنتُ أنوي السّؤال عن السّبب، عندما اتّسعت عينا و فم لاس فجأة.
“خ، خلف…… خلف……!”
نمط مألوف جعل عنقي يقشعرّ.
شحب وجه ريد في لحظة، فأمسك معصمي فورًا و بدأ الرّكض.
“لاس، انهض و اركض!”
“آآآه! تـ، تعال معنا!”
بينما نركض كالسّهم، رأيتُه.
أسمير (مصاص الدّماء) يطاردنا مبتسمًا و وجهه يتدلّى فقط.
التعليقات لهذا الفصل " 39"