في تلك اللحظة، صاح اسمير بعصبية، وهو يرد على كلمات أديلين بصرامة في كل مرة يتحدث فيها.
“أنتَ تستمر في قول إنك ستتذوق قليلاً فقط، هل تعتقد أنني لا أعرف؟ أنت، بعد أن زينتها من رأسها حتى أخمص قدميها حسب ذوقكَ، هل حقًا لم تفعل بها أي شيء؟”
… صحيح، كان هناك ذلك أيضًا. حقيقة أنه قام بتنظيفي و تغيير ملابسي.
أصبح الأمر أكثر مرارة عندما علمت أنه رجل و ليس امرأة، و لكن ربّما لا يهم ما دمنا من جنسين مختلفين.
‘تعامله مع الفرائس و الوجبات الخفيفة و الأطباق الخاصّة و التوابل بهذا الشكل، ثمّ غسلها و تزيينها… كيف أقولها… يبدو كأنّه مجرّد تقديم للطعام.’
كان هذا استنتاجًا موضوعيا، لكنني شعرت بحزن شديد.
أما أديلين، ففتح عينيه على مصراعيه و نفى الأمر، وكأنه لا يعرف ما الذي يتحدث عنه اسمير.
“هل جننتَ يا اسمير؟ لماذا أفعل مثل هذا الشيء الوضيع؟ بالطبع أمرت الجميلة بالقيام بذلك.”
كدت أن أتفاعل مرة أخرى مع كلمة “الجميلة”. كان ذلك لأنني تذكرت ما قاله بمجرد رؤيتي.
سخر آسمير من كلامه.
“كم جميلة لديكَ بالضبط؟”
“اسمير الغبي يطرح سؤالاً غامضًا أيضًا. لكن إذا أردت إجابة منّي أنا الذكي، فهما اثنتان هذه المرة. أنا لا أحب الشعر الأحمر.”
“لا يهمني ذوقك، إذن، هل حقًا لم تتذوقها سرًا؟”
“بالتأكيد لا، لم ألمسها. على أي حال، أعتقد أنه يجب أن نوقف هذا الحديث غير المجدي. لأن السحر الذي ألقيته على الجميلة سيبدأ في الزوال قريبًا.”
“السحر، يا له من هراء.”
لم أستطع بأي حال من الأحوال مواكبة سير المحادثة.
و مع ذلك، إذا حاولت التخمين حتى النهاية، يبدو أن أديلين ينادي جميع الفتيات الجميلات بـ “الجميلة”.
‘بما أنه قال اثنتان، فإحداهن أنا و الأخرى هي مينا.’
بيننا ، صاحبة الشعر الأحمر الوحيدة هي ماريان.
و إذا لم تكن ماريان، فبالتأكيد لن تتبقى سوى مينا.
‘إذًا، قام بالتحكم في مينا لتنظيفي و تزييني. و أيضًا عندما كانت تضغط عليَّ و هي تسألني: “لماذا؟ لماذا؟”.’
لكن مينا لا تتذكر ذلك.
مظهرها المذعور كان حقيقيًا لدرجة لا يمكن أن يكون تمثيلاً.
‘هل سأفقد ذاكرتي أيضًا إذا تحكم بي أديلين؟ أم سيبقى عقلي سليمًا كما هو الحال عندما أُسحر؟’
أنا أكره أن أفقد الذاكرة، و أكره أن أبقى بوعيي.
حتّى الآن، ارتجافي المتشنّج وأنا أتظاهر بعدم السمع كان مرهقًا ومقلقًا إلى حدّ لا يُطاق.
في تلك اللحظة، انطفأت الأضواء المشتعلة فجأة.
“آه!”
صرخت بشكل انعكاسي، و أمسكت بطرف ملابس اسمير بقوة.
المنطقة التي اختفى منها الضوء بالكامل أصبحت مظلمة تمامًا.
في الصمت الخانق، انتفخ الخوف الذي كان قد خمد من جديد كالبالون
‘عـ، علبة الثقاب…’
مددت يدي بسرعة إلى جيبي بحثًا عن علبة الثقاب.
أخرجت عود ثقاب واحدًا من الصندوق الصغير و أخذت نفساً عميقاً على الفور.
‘لا يجب أن أسقطها.’
أخرجت علبة الثقاب بهدوء و همست لاسمير الذي لم يقل شيئًا.
“مـ، مير. انتظر لحظة. سأشعل عود الثقاب بسرعة.”
التصقت به خوفًا من أن يختفي بينما أنا أتركه.
ثم بحركة اهتزازية، مررت رأس عود الثقاب على سطح الاحتكاك في علبة الثقاب.
حَرِق.
انتشر وميض ضوء صغير مع صوت اشتعال النار.
“… مير؟”
حركت يدي بهدوء إلى الجانب.
كان اسمير ينظر إليّ دون أي تغيير في تعابير وجهه.
شعرت بالارتياح – ثم تمنيت أن أضرب رأسي.
‘ماذا سأفعل إذا استمررت في التساهل بهذه الطريقة…!’
صحيح أنه يجب اختيار الأسوأ بدلاً من الأفضل، لكن لا يجب أن أعتاد على ذلك.
رمش اسمير ببطء و أجاب على ندائي بهدوء.
“ما الخطب يا أختي؟ أنتِ شاردة الذهن هكذا مرة أخرى.”
“… هاه؟”
خرجت الإجابة دون تفكير بسبب كلماته المفاجئة.
حبست أنفاسي للحظة، لكن لحسن الحظ، يبدو أن تأثير الحالة الغريبة قد انتهى، فسأل اسمير مرة أخرى بوجه مطيع.
“هاه؟ ليس ‘هاه؟’. لقد أحضرتكِ لأنك أردتِ غسل يديك، فلماذا أنتِ شاردة الذهن مرة أخرى.”
“… هاه؟ مهلا، هذا…”
ماذا يحدث؟ لماذا اسمير أيضًاويتحدث بهراء؟
حركت يدي التي تمسك بعود الثقاب إلى الجانب مرة أخرى.
‘أديلين اختفى…’
لقد كان على بعد خطوات قليلة فقط، لكنه اختفى دون أي صوت.
شعرت ببرودة في مؤخرة عنقي و نظرت إلى اسمير مرّىً أخرى.
“مـ، مير. قبل قليل…ألم تكن هناك… شخص أمامنا؟”
أمال اسمير رأسه على صوتي الضعيف المرتعش و المتلعثم.
“ماذا؟… أختي، هل رأيتِ شيئًا غير موجود مرة أخرى؟”
و كانت الإجابة التي تلقيتها وقحة بقدر ما هي ماكرة.
في نفس الوضع تمامًا كما قبل دخولي إلى الحمام ، أدركت.
‘يريد أن يجعلني أشـكّ في نفسي.’
إذا كنت أنا الوحيدة التي رأيت شيئًا لم يره الجميع، فسأكون أنا الشخص الغريب.
يبدو أن أسمير يسعى إلى هذا الهدف.
أنا حقاً لا أفهم معنى ذلكَ.
لا بد أن هناك سببًا لقيامه بذلك.
‘لا يمكنني سؤاله بشكل مباشر…’
الأمر محبط، لكني يجب أن أتظاهر بعدم المعرفة و أتجاوز الأمر هذه المرة أيضًا.
بينما كنت أفكر في تغيير الموضوع، ظهرت نافذة.
[▶ ماذا سأجيب مير؟
1. لا، لقد رأيتُها فعلًا. كانت هناك امرأة بالتأكيد! (بخوف)
2. أظنّ أنّ رأسي بدأ يختلّ فعلًا…… (بوجه شارد)
3. (أرتجف ثمّ أحتضن مير.) ]
توقفت للحظة بعد أن تحققت من الحروف بسرعة.
لا يوجد خيار للتظاهر بعدم المعرفة و تجاوز الأمر.
‘هل هذا يعني أن هذا ليس هو الإجراء الصحيح؟’
أنا حقاً لا أفهم كيف يتم إنشاء الخيارات.
لكن إذا بقيت صامتة، فستختفي النافذة مرة أخرى أو ستتغير بشكل مروع.
كنت على وشك اختيار رقم 2 بسرعة… و لكني غيرت رأيي على عجل إلى رقم 3.
‘يجب أن أرفع مستوى الـود.’
لو كان الأمر يتعلق بروين، لم أكن لأفكر في الأمر، لكن طريقة كسب ودّه و ود أسمير مختلفة.
لذلك، استندت بجسدي بقوة على أسمير، مع توخي الحذر لئلا ينطفئ عود الثقاب أو ينتقل اشتعاله.
و بدأت أشد على فكي، و أجعل جسدي يرتجف عمدًا.
”آه، لحظة. هل كان يجب أن أرتجف أوّلًا؟’
يبدو أنّ الترتيب انقلب.
وبينما كنتُ في حيرة، شعرتُ بجسد أسمير يتصلّب.
ثمّ جاءت كلماته التالية، وكانت سخيفة بشكل لا يُصدّق.
“الآن، هل قمتِ… بصدم جسدي؟”
لماذا سأصدمه بجسدي أصلًا؟
ظننتُه يمزح، لكن تعبيره لم يكن كذلك إطلاقًا.
‘الآن بعد التفكير، يبدو أنّ أسمير كان شديد الحساسيّة تجاه الضرب.’
كتمتُ قلقي و رفعتُ عود الثقاب قليلًا.
تحت الضوء القرمزيّ الخافت، رأيتُ وجه أسمير وهو يحبس دموعه.
[‘أسمير’ يشعر بنيّة القتل تجاهكِ.]
‘أيّ قتل هذا بسبب أمر كهذا؟!’
اعتدلتُ في جلستي و لوّحتُ بيدي على عجل.
“لا! إنه سوء فهم، مير! كنتُ فقط أحاول أن أحتضنك! لأنّني خائفة!”
“تحتضنينني…؟ أنا؟”
“نعم! عناق! حضن! أيًّا شيء يتعلق بالإحتضان! لماذا سأصدمك بجسدي؟!”
كنت أتحدث بشكل غير متماسك، لكن العرق البارد لم يتوقّف.
رمش أسمير ببطء، ثمّ أنزل نظره قليلًا.
“عناق.”
“نعم، عناق.”
“……احتضنيني مرّة أخرى.”
“هاه؟ أ، حسنًا.”
أومأتُ بسرعة، و اتّكأتُ عليه بخفّة، بلطف، و برفق شديد.
و أبقيتُ ذراعي الأخرى مرفوعة على نحوٍ غريب حتّى لا تلامس النار.
بعد لحظة، قال أسمير بحدّة.
“ماذا تفعلين؟ هذا مجرّد اتّكاء.”
“أفعل هذا خوفًا من خطر عود الثقاب. قد تنتقل النار إليكَ.”
و أسمير، إذا اشتعلت فيه النيران، قد يقتلني بسبب غضبه مني.
باختصار، كنتُ قلقة على حياتي فقط.
حقًّا، صدقًا، لم أكن قلقة عليه أبدًا.
[وصلت درجة محبّة أسمير إلى مستوى خطير
[♡]درجة الحب: 10 → 33
[♥]درجة الإعجاب: 15 → 24 ]
ماذا فعلت بحق الجحيم لترتفع نسبة الحب بشكل غير أخلاقي هكذا؟ أخذت دموعي تنهمر…
‘إذا فعلت شيئًا بينما الحب أعلى من الإعجاب بـ 10 أو أكثر، فسوف ينتهي الأمر بمهارة فتاة الجميع… آه، لا! هذا مستحيل تمامًا!’
أمسكت بأسمير بينما كنت أحمل عود الثقاب.
و أضفت باختصار:
“كنت أنوي أن أعانقكَ هكذا.”
لحسن الحظ، لم يتحرك أسمير.
التعليقات لهذا الفصل " 37"