التقطتُها تلقائيًّا، ثمّ أطلقت نفسًا صامتًا و أغمضتُ عينيّ.
‘من عود ثقاب إلى شمعة، من شمعة إلى مصباح، و الآن من مصباح إلى عود ثقاب مرّةً أخرى…’.
حتّى هذا جيّد في هذا الوضع، لكن لماذا يبدو حزينًا إلى هذا الحدّ.
أخرجتُ عود الثقاب بوجه كئيب و أشعلتُه.
بينما أضـع العلبة في جيبي بعناية، ضحكَ روين ضحكة خفيفة و قال لأسمير.
“مير. لا تجعل ليلي تقـع في ورطة كبيرة. مفهوم؟”
اتّسعتْ عيناي و فتحتُ فمي على مصراعيه.
‘لا تجعلها تقـع في ورطةٍ كبيرة، حقًّا؟’
هل هذا بفضل تغيّري من وجبة خفيفة إلى وجبة مميّزة؟!
حتّى لو كنتُ لا أزالُ مجرّد طعام، إلّا أنّه ليس سيّئًا.
ابتسم أسمير ببراءة و قال.
“نعم، أخي. سأجعلها تقع في ورطة قليلة فقط!”
“….؟”
“نعم. لا بأس بالقليل”
“….؟”
“لماذا كل هذه الدهشة، أختي. هذا مجرّد مزاح.”
[‘أسمير’ يريد أن يتذوّق ‘بيب—'<معدّل> الخاصّ بكِ.]
“….”.
يبدو أنّ البقاء معـه وحدنا سيؤدّي إلى خروج بعض الدّم من جسدي.
‘قبل رؤية أسوأ، هل أستخدم المهارة…’.
بينما أبتلع تنهّدًا داخليًّا، بدأ روين بالسّير ببطء و قال.
“إذن، أنا و مينا سنبحث عن مخرج. لدينا المصباح، لذا يجب أن نعود إلى الطّابق السّفلي.”
أمالت مينا رأسها ردًّا على تمتمة روين.
“الطّابق السّفلي؟”
“آه، أنـتِ لا تعرفين. كان هناك باب يؤدّي إلى الطّابق السّفلي على الجّانب المعاكس للدّرج الّذي صعدتم منه. و كان هناك ممرّ مخفيّ داخلَه—”
“ر، رأيتُه في كتاب! في قصور النّبلاء أو في القلاع القديمة، هناك ممرات سرّيّة عدّة. يستخدمونها للهروب عند غزو الأعداء، أو نقل الطّعام، أو إخراج أشياء سرًّا.”
كان صوتًا هادئًا لكنّه ملحّ و مليء بالتّوقّع.
ابتسمَ روين لِمينا بلطف و قال.
“تعلمين عن الأمر جيّدًا. نعم. ربّما يتصل بالخارج.”
“…ألم تتحقّقا سابقًا؟”
“لا. كان مظلمًا جدًّا لهذا شعرت ليلي بالخوف.”
مع تعذّر روين الخفيّ بي، اكتسبَ وجه مينا يقينًا.
بالنّسبةِ لمينا ذات الذّاكرة المُتلاعَبِ بها، أنا شخص مشبوه جدًّا.
و كون الشّخص المشبوه قد شعرَ بالتردّد في مكانٍ ما، جعلها مهتمة بذلك المكان.
‘لكن إنْ ذهبتُما إلى هناك، ستُفكّكان…’.
أو ربّما تحاولان الخروج من الشّرفة و تصبحان كبابًا.
على أيّ حال، مستقبل مينا مظلم، و مستقبلي ليس مشرقًا أيضًا. ربّما أعواد الثقاب في يدي أكثر إشراقًا.
مينا التي كانت غافلة عن أنّ مستقبلها أقلّ إشراقًا من نار عود ثقاب، دفعت روين.
“هيّا نذهب سريعًا.”
“قبل ذلك، يجب أن نحدّد مكان اللّقاء. ليلي، ميـر. سنتفقّد نوافذ الطّابق الثّاني و الطّابق السّفلي مرّة واحدة و نعود إلى هنا.”
“أنا و أختي ليلي سنبحث في الغرف القريبة. أممم أختي، هل هناك شيء خاصّ تريدين فعله ؟”
“آه، أريد غسل يديّ قليلًا. سال دمي سابقًا فتَسرَّب بعضه إلى أظافري و أزعجني.”
أظهرتُ كفّي الّتي لم يبقَ فيها سوى خطّ رفيع رقيق، بفضل لعـق روين الدّقيق.
كانت رائحة الدم قد تبـدّدت تقريبًا، لكنّ لونًا أحمرًا خفيفًا كان موجودا على الأظافر.
أومأ أسمير برأسه.
“إنْ كان الأمر كذلك، هناك مرافق مائيّة هناك.”
إنْ تظاهرتَ بالمعرفة بهذه الطريقة، فكيف أردّ عليكَ؟!
‘ لو سألته اذا تحقّقَ مسبقًا من المكان، لكان سيضحك قائلًا ‘لا، لم أفعلْ’.’
على عكسِ روين الّذي يلعب دوره، أسمير يظهر نواياه بوضوح.
‘…سأتظاهر بعدم المعرفة.’
أومأتُ برأسي و بدأتُ بالسّير بخطى ثقيلة، فقالتْ مينا.
“مير، هل زرتَ هذه القلعة من قبل؟ …كيف عرفتَ أنّ هناك مرافق للمياه في ذلكَ المكان؟”
بتعبير مليء بالشّكّ.
بالطّبع، كان شكّهـا موجّهًـا إليّ. كأنّني خططت لشيءٍ ما.
‘لسـتُ أنـا…’.
سأجـنّ حقًّـا.
كنتُ أظنّ أنّ لقاء الأصدقاء الآخرين سيُريحني، لكن غيابهم كان أفضل للرّاحة.
المشكلة أنّ أسمير ضحكَ كما توقّعـت.
“لم أزرها من قبل.”
تراجَعَتْ مينا خطوة بنظرة متصلّبة و ألقت عليّ نظرة جانبية بينما وجّهت شـكًـا آخر تجاهي.
يبدو أنّ إيماءتي الهادئة زادَتْ عدم ثقتهـا بي.
نظرَ أسمير إلى مينا بسخريّة و أضافَ.
“تتساءلين كيف أعرفُ رغمَ عدم زيارتي من قبل، أليس كذلك.”
التعليقات لهذا الفصل " 33"