نظرتُ إلى مينا التي تبدو قلقة و قمتُ بتغيير الموضوع.
“بعدما اختفيتُ أنا و روين، هل تصرّفتم أنتم الأربعة معًا؟ أعني، سيغ، و جين ، و ريد؟”
“آه، نعم. بعد أن هربت ماريان و لاس، شعرنا جميعًا بالذعر. ثمّ اختفيتما أنتما أيضًا ، فأصيب سيغ بالصدمة. روين هو أقرب أصدقائه ، و أنـتِ… كنـتِ دائمًا الشخص الذي يهتـمّ بـه سيغ كثيرًا.”
أجابت مينا ببعض الإحراج، و بنفس الغموض الذي استخدمته أنا.
يبدو أنّها تحاول التظاهر بأنّها لا تعلم بحـبّ سيغ السرّي.
في الحقيقة، بما أنّ شخصيّة سيغ واضحة جدًا، لم يكن لذلك معنى كبير، لكنّني شعرتُ أنّ مينا ليست فتاة سيئة الطباع.
سرعان ما أمسكت مينا يدي بلطف و همست:
“ليلي، أعلم أنّـكِ قلقة على الآخرين، لكن دعينا نفكّر في أمرنا الآن. الأولويّة هي الخروج من هنا، أليس كذلك؟”
كان صوتها هادئًا، لكنّني شعرتُ برعشة يديها الممسكتين بي.
‘صحيح. لا أعرف السبب، لكنّني انفصلتُ عن روين بأمان. إذا حالفني الحظّ، قد أتمكّن من الخروج من القلعة.’
لكن للقيام بذلك، يجـب أن أغادر هذه الغرفة أوّلًا.
أومأتُ برأسي و نهضتُ بحذر.
عندما تفحّصتُ الغرفة للحظة من قبل، لاحظتُ أنّها مضاءة جيدًا. لكن في اللعبة، لم تظهر مثل هذه الأماكن الفاخرة.
افترضتُ أنّها ربّما واحدة من الأماكن المغلقة.
‘قال المطوّر إنّه وضعَ الكثير من الإعدادات، لذا ربّما تـمّ تصميم هذا المكان أيضًا. لكن ، ألا يفترض أن يُخبرني النظام بموقعي ، كما حدثَ في غرفة التعذيب؟’
حتّى لو عرفتُ اسم الغرفة ، سيكون من الصعب تحديد مكانها بدقّـة إذا كانت غرفة لم تظهر في اللعبة.
و مع ذلك، بـدا أنّ معرفة شيء أفضل من لا شيء.
بينما كنتُ أفكّر ، لاحظتُ شموعًا غير مضاءة متناثرة في أنحاء الغرفة.
‘الآن عندما التّفكير في الأمر، سواء في المطبخ و القبـو أيضًا، لم يظهر موقعي عندها.’
الفرق الوحيد بين ما فعلتـه في المطبخ و القبـو و غرفة التعذيب هو أنّني أشعلتُ شمعة في الأخيرة.
اقتربتُ من طاولة جانبيّة و أمسكتُ شمعة على شكل عمود موضوعة عليها.
تتبّعت مينا حركاتي بعينيها و سألت متردّدة:
“ماذا ستفعلين؟”
“هل يمكنكِ مساعدتي، مينا؟ أريد إشعال الشموع الأخرى. إذا أصبح المكان أكثر إضاءة، قد نجـد شيئًا مفيدًا…”
بينما كنتُ أربط الأمور بعادة ، أدركتُ دون قصد أنّني أكرّر كلام روين.
توقّفتُ لحظة، فأمالت مينا رأسها.
“ليلي؟”
“آه، تذكّرتُ روين. تجوّلنا في عدّة أماكن، وكان دائمًا يقول إنّ علينا فحص المكان أولًا. لاحظتُ أنّه لا يوجد باب خروج هنا، لكن ربّما إذا عبثنا بجهاز ما، سيظهر.”
“…عدّة أماكن؟ هل يمكنني السؤال عن الأماكن التي زرتيها؟”
“نعم؟ بالطبع . المطبخ، و القبو ، و… غرفة بـدت كمخزن. و خرجنا إلى الشرفة أيضًا.”
كلّ مكان زرتـه كنتُ على وشكِ الموت فيه مرّة على الأقل، و هذا محزن و مؤلـم.
اتّسعت عينا مينا عند ذكر الشرفة.
“هل انفتحت نافذة؟ عندما تحقّقنا، كانت جميعها مغلقة!”
“حقًا؟ هذا غريب. ربّما كان المفتاح صدئًا ولم يفتح…”
“مستحيل! مهما حاولنا بقوّة، لم تتحرّك! حتّى الزجاج لم ينكسر!”
صرخت مينا فجأةً بنبرةٍ غاضبة ردًا على تبريري.
كانت تبدو ناضجة و لطيفة قبل لحظات، لذا شعرتُ بالحيرة أكثر.
بالطبع، شعرتُ ببعض الانزعاج أيضًا.
“مهلًا، كلتانا محاصرتان هنا و لا نستطيع الخروج، فلماذا تصرخين عليّ فجأة؟”
رددتُ على مينا مباشرة.
هذا أمـر مختلف عن الشعور بالشفقة على مصير الموت في سنّ صغيرة.
‘على الرّغمِ من أنّني لم أجرؤ على إصدار صوت أمام روين أو إسمير!’
هل هذا ما يعنيه التحكّم الجيّد بالغضب في شخصيّتي؟
لا أشعر بأيّ خجل من كوني قويّة مع الضعفاء و ضعيفة مع الأقوياء!
أخذت مينا، التي كانت تحدّق بغضب، نفسًا عميقًا عند ردّي. ثمّ بدأت تبكي بتعبير يائس.
“آسفة ، آسفة ، ليلي. أنا آسفة…آه ، أنا ، أنا خائفة جدًا… لا ، لا ، أنـتِ لم تمـرّي بشيء ، لذا تقولين هذا. أنـتِ لم تـري شيئًا!”
ثمّ عادت للغضب، لكنّها بـدت كشخص نصف عاقل، فتراجعتُ خطوة.
‘يبدو أنّها مـرّت بالكثير و رأت شيئًا ما…’
يمكنني تخمين ذلكَ تقريبًا. لقد مررتُ بالكثير و رأيتُ الكثير أيضًا.
بـدت بخير ظاهريًا، لكن يبدو أنّها كانت تكبح نفسها بشدّة.
نظرتُ إلى مينا التي كانت تبكي بحزن و قلت كلامي بهدوء:
“مينا، من الأفضل أن تهدئي قليلًا. لقد قلـتِ بنفسكِ منذُ قليل إنّ الخروج من هنا هو الأولويّة. و…”
“…..”
“أنا أيضًا مررتُ بالكثير من الأمور المرعبة. سكاكين تطير أمام عينيّ ، و يـد ملطّخة بالدماء أمسكت بكاحلي في الرّواق و سحبتني، و أشياء غريبة تظهر باستمرار…”
بينما كنتُ أعـدّد ما عشتـه ، أدركتُ أنّني محظوظة لكوني لا زلتُ على قيدِ الحياة.
لهذا توقّفتُ عن الكلام ، فضحكت مينا بسخرية و قالت:
“وماذا بعـد؟ هل تقولين إنّـكِ مررتِ بما هو أصعب مني، لذا يجب عليّ أن أفهمـكِ؟”
“نعم.”
“لا، مـ… ماذا قلـتِ…؟”
“لا أعرف ما مررتِ بـه، لكن أؤكّـد لكِ أنّه لم يكن أسوأ ممّا عشتـه…”
على الأقل، لم يكـن روين بجانبـكِ.
هذا ليس مجرّد كلام.
‘مهما فكّرتُ في الأمر ، أنا التي كنتُ أعيش بسلام في عالم آخر ثمّ تـمّ حبّي فجأة إلى هذا المكان لألعب محاكاة رومانسيّة مع أشباح شريرة، كنتُ الأكثر إثارة للشفقة بكل وضوح…’
ما يجعل الأمر فظيعًا هو أنّه كان يعطيني أملًا غامضًا، لهذا لا أستطيع الاستسلام.
تنهّدتُ بحزن مرارًا، فنظرت إليّ مينا بوجه خالٍ من التعابير.
توقّفت كتفاها عن الارتجاف، و جفّـت الدموع التي كانت تنهمر على خدّيها.
“هل هدأتِ الآن؟”
“…نعم. أنا، أمم… آسفة…”
“لا بأس. لقد بكيـتُ كثيرًا أنا أيضًا بينما كنتُ أتشبّث بروين .”
في الغالب، كان روين هو سبب ذلك، لكنّني ابتلعتُ هذه الكلمات.
تمتمت مينا، التي كانت مليئة بالعداء:
“يبدو أنّ شخصيّتـكِ تغيّرت ، ليلي. كنتِ عادةً لا تهتمّين بالآخرين و تبقينهم على مسافة.”
ثمّ حدّقت في الفراغ بوجه شارد.
بـدت غارقة في التفكير.
‘كما هو متوقّع، على عكسِ روين، أصدقائي الحقيقيّون سيلاحظون.’
شعرتُ بقليل من القلق ، لكن تغيير شخصيّتي الآن سيكون مستحيلًا.
بدلًا من التحدّث إلى مينا ، حملتُ الشمعة و عبرتُ الغرفة.
عندما أشعلتُ كلّ الشموع، ظهرت نافذة النظام. لكن إضاءة الغرفة بقيت كما هي، مما جعلني أشعر بالضيق.
[الضوء ينيـر المكان بدفء. (الموقع الحالي: غرفة ألعاب اديلين)]
‘إديلين.’
اسم لم أسمعه من قبل، لكنّني خمّنت هويته. بالتأكيد هي مصّاصة الدماء التي أحضرتنا إلى هنا.
‘لكن غرفة ألعاب… هل تحـبّ لعب الدمى؟’
ربّما لهذا السّبب ألبستنا ملابس مزخرفة، و كانت الغرفة فاخرة بشكلٍ مبالغ فيه.
هززتُ رأسي على ذوقها السيّء، ثمّ تذكّرتُ فجأة آخر شيئًا رأيته قبل أن أفقد الوعي.
‘بوضوح، قال النظام إنّني تجنّبتُ نهاية “تحوّلت إلى دمية حيّـة”.’
لكن نافذة النّظام تلكَ تظهر فقط عند تجنّب الموت. فلماذا كانت هناك كلمة “حيّـة”؟
“ليلي.”
كنتُ أقـف متجمّدة و أنا أفكّر، فأيقظتني مينا بصوتها.
عندما التفتُ، رأيتُ مينا تعضّ شفتيها بقوّة و هي تغمض عينيها ثمّ تفتحهما.
رفعت يدها ببطء و أشارت إلى مكانٍ ما.
“خلفـكِ…”
شعرتُ بالتوتر في صوتها المتلعثم، بتجمّدت دونَ وعي.
في غرفة التعذيب و في الرواق، كان هناك دائمًا شيء يظهر من الخلف.
‘هل حدث ذلكَ مرّةً أخرى؟’
أتمنّى لو يتوقّفوا قليلًا.
لكن لم يكـن بإمكاني عدم الالتفات، فاستدرتُ إلى حيث أشارت يـد مينا.
لكن لم يكن هناك شيء خلفي.
السقف، الأرضية، و الجدران كلّها نظيفة.
“…ما الذي تقصدينه؟”
التفتُ إلى مينا و سألتُ.
اقتربت مينا مني متعثرة، و هي تلهث بشكلٍ غير منتظم.
“باب الخروج. إنّـه هناك، هناك!”
أشارت يـد مينا مجدّدًا إلى مكانٍ ما.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 28"