“..…”
شعرتُ و كأنّ أنفاسي توقّفت.
من شدّة الصدمة، نسيتُ كيف أتنفّس حتّى.
فجأة، انخفض الرأس إلى مستوى الرقبة و الكتفين.
من الزاوية التي كنتُ أنظر منها أنا و روين و أسمير، كان الجزء الخلفي من الرأس هو ما نراه، لكن ذلكَ لم يـدم طويلًا.
عندما أصدر الرأس صوتًا مزعجًا و هو يدور،
“آه…”
أخذتُ نفسًا عميقًا و تراجعتُ إلى الخلف.
وجـهٌ خالٍ من الدم، و مكان العينين كان مجرّد تجويف أسود فارغ.
‘…إنّـه يحدّق بي.’
من الواضح أنّه لا يملك عينين، و مع ذلك، شعرتُ برعشة من نظرتـه الصارخة.
يبدو أنّ ذلكَ الشّيء أدركَ خوفي.
رسمت شفتاه الرقيقتان قوسًا طويلًا، ثمّ انشقتا حتّى أذنيـه.
من تلك الفتحـة ، تدفّق سائل أحمر داكن ، و تردّدت ضحكة صاخبة مزعجة.
‘لا أستطيع تحمّـل المزيد…’
انهارت ساقاي بلا حول و لا قوّة ، فجلستُ على الأرض مباشرةً.
يداي أيضًا فقدتا قوتهما، لكنّني تمسّكتُ بالشمعدان بيأس بينما كنتُ أرتجف.
أردتُ أن أفقـد الوعي ببساطة في تلكَ اللحظة.
و في اللّحظة التي ضاقت فيها رؤيتي و اسودّت و بدأت أسمع طنين في أذنيّ،
[بفضلِ الإرادة القويّة النابعة من غريزة البقاء، يتمّ إلغاء حالة “الإغماء”.]
[▶…
1. أسقط على الأرض و أتظاهر بالإغماء.
2. أذهب إلى رويـن. ]
‘لا تجبرني على تحمّل مثل هذا الأمر!’
ابتلعتُ لعنة بين دموعي، بينما أنا جالسة على الأرض ثم أدرتُ رأسي.
اسمير كان يبدو متحمّسًا بطريقةٍ ما، و روين يبتسم بمرارة.
كان من الواضح لأيّ شخص أنّهما يسخران منّي.
لكن في لحظة، توقّف صوت الضحك فجأة.
‘هل ربّما….اختفى ذلكَ الشيء؟’
نظرتُ إلى السقف دونَ تفكير… ثمّ أشحتُ بنظري فورًا.
‘لا يـزال هناك…!’
بل إنّه الآن قد انخفض إلى مستوى الصدر.
‘حقًّـا…سأجـنّ!’
سأفقـد عقلي.
لا، سأصاب بالهستيريا حقًا.
كلّ الظواهر الغريبة التي تحدث في هذه القلعة سببها مصّاصو الدماء.
بمعنى آخر، هذا الشيء أيضًا مصّاص دماء، و هو خصم يمكن التفاهم معه.
‘لكن ظهوره بهذا الشّكل المرعب يعني أنّ له نيّـة واضحة.’
لا يبدو أنّ هدفـه مجرّد تخويفي.
كان هناك شعور أكثر خطورة و شرًا ينطلق منه .
‘ هل سيتمّ أكلي بهذه الطّريقة ؟ “لسـتِ ناضجة بما فيه الكفاية بعـد ، لكن أطفالنا جائعون، لذا ليس لدينا خيار آخر.” هل هكذا يفكّرون بي؟’
إذا كان هذا صحيحًا، يجب أن أهرب.
يجب أن أقوم بآخر محاولة يائسة، لكن ساقيّ لم تتحرّكا.
بينما كنتُ ألهـث بشكلٍ غير منتظم،
وُضعت يـد على كتفي المتشنّجة ، فارتجفتُ كمَـنْ أصيـب بنوبة.
كانت اليـد، الأكثر برودة من جسدي البارد ، تعود لـروين.
كان راكعًا بينما ينظر إليّ بهدوء.
حاجباه المائلان للأسفل، و زاوية عينيه المتدلّية، كانت تظره تعبيرًا مليئًا بالقلق و الاهتمام.
‘هل ينوي قتلي… أم لا؟’
أخـذَ روين الشمعدان من يدي و وضعـه بحذر على الأرض.
ثمّ ابتسم بلطف و حـرّك شفتيه، لكنّني لم أسمع أيّ صوت.
‘ماذا يقول بحقّ السماء؟’
عبستُ قليلًا، و لعقتُ شفتيّ الجافتين و ناديته.
“…..”
لكن لمـاذا؟
على الرّغمِ من أنّني أصدرتُ صوتًا، لم أسمع شيئًا.
“…? …! …!”
حاولتُ مرّات عديدة، ثمّ أدركتُ بشكلٍ متأخر.
لا يوجد أيّ ضوضاء تصـل إلى أذنيّ الآن.
لا صوت روين، و لا ضحكة مصّاص الدماء الغريبة القادمة من السقف، و لا حتّى صوت احتكاك الأسنان.
‘ما الذي يحدث بحقّ السماء؟’
بينما كنتُ مصدومة، حـرّك روين يـده إلى أذنيّ.
كـرّر لفّ يـده حولهما ثمّ إزالتهـا، لكنّني لم أسمع حتّى صوت الريح.
‘لا أسمع شيئًا.’
“…..”
قلتُ ذلك و هززتُ رأسي.
تنهّـد روين للمرّة التي لا أعرف عددها.
كان عقلي في حالة فوضى.
لكن كان لديّ تخمين حول سبب توقّف سمعي فجأة.
‘يبدو أنّ مصّاص الدماء هذا قد فعلَ شيئًا.’
لم تظهر نافذة تتعلّق بحالة غير طبيعيّة، لكنّني متأكّدة.
مثلما أرعبني اسمير بيديه الملطّختين بالدماء، يبدو أنّ هذا موقف مشابه.
‘هاه، حقًا…’
شعرتُ بالارتياح و الانزعاج في الوقت ذاته، و بالطبع بالخوف أيضًا.
‘سمعـي، سيعود إلى طبيعته، أليس كذلك؟’
لم أكن أعلم أنّ فقدان السمع يمكن أن يكون مقلقًا لهذه الدرجة.
بينما كنتُ أنظر إلى الأسفل و أتلمّس أذنيّ دون داعٍ،
شعرتُ بشيء يلامس كتفي، كأنّه ينزلق.
نعم، ينزلـق.
‘…مهلًا، ما الذي لمسنـي؟’
كان روين يجلس القرفصاء أمامي.
لكنّنا كنا متقابلين، لذا كانت المسافة غير مناسبة للمس كتفـي.
و اسمير كان يقف خلف روين، لذا هو خارج الإحتمالات.
بمعنى آخر، الشيء الوحيد المتبقّي هو مصّاص الدماء المرعب ذاك.
‘لا، لا يمكن أن يكون. مستحيل!’
أدرتُ عينيّ بحذر، لكن ذلكَ لم يكفِ لرؤية كتفي.
في النهاية، اضطررتُ إلى إمالة وجهي قليلًا.
خلال زاوية رؤيتي، رأيتُ شعـرًا.
ليس شعر ليلي الورديّ، بل شعرًا بلون داكن.
“…..”
فجأة، شعرتُ و كأنّ ظلًا يطفو فوق رأسي.
رفعتُ رأسي كالمسحورة، و رأيتُ وجه امرأة بعينين فارغتين.
‘آآآآآه!’
لا أعرف إذا صرختُ أم لا.
صرختُ بصوت عالٍ، و اندفعتُ لاحتضان روين و التشبّث به.
‘جنون، آه، آه، آه…!’
لا يهمني ارتفاع درجة الإعجاب أو أيّ شيء آخر، أنا حقًّا سأفقد عقلي.
اندفعت الدموع التي كنتُ أكبحها أخيرًا.
امتلأت رؤيتي المغبّشة بنافذة شبه شفّافة، و أغمضتُ عينيّ لأقرأ الكلمات.
[لقد قابلتِ ‘?’ ]
[[مختومة] الكارثة الجميلة، الكائن—بيب، الجامـعة ‘?’
رغبتها في جمعكِ: ♥♥♥♥♥ ]
‘رغبة في الجمع؟’
كان لدى أسمير بوضوح نيـة في قتلي هناك، لكن هذا الشيء يُظهر رغبة في الجمع.
‘ربّما… هل تتغيّر الرغبة حسب اللقب المرتبط بالاسم؟’
لم يكن هذا جوابًا واضحًا، بل تخمينًا، لكنّه بدا معقولًا.
لكن ما الذي يعنيه الكائن—بيب؟
دعينا لا نتخيّل ذلكَ لانه يبدو مرعبًا…
لم يكن مخيفًا مثل أسمير التي كانت تثير الرعب بمجرد النظر إليها، لكنّه لم يكن مطمئنًا أيضًا.
[‘؟’ تعتقد أنّ شعركِ حلو و ناعم كالحلوى.]
[‘؟’ تعتقد أنّ عينيكِ لامعتان و شفّافتان كالياقوت الأزرق.]
[‘؟’ تعتقد أنّ بشرتكِ لامعة كاللؤلؤ الأبيض.]
[‘؟’ تشعر بإعجاب بمظهركِ.]
[‘؟’ تريد جمعكِ.]
تظهر مثل هذه الأشياء واحدًا تلو الآخر، و هذا متوقّع.
‘جمعي لماذا!’
من الأساس، ليس طبيعيًا أن يشعر أحدهم برغبة في امتلاك و جمع شخصٍ ما.
كنتُ أرغب في إغلاق عينيّ و تجاهل كلّ شيء، لكن في وضع لا أسمع فيه شيئًا، كان ذلكَ يجعلني أكثر قلقًا.
كلّ ما استطعتُ فعله هو التشبّث بحافّة ثوب روين.
‘بدلًا من المحاكاة الرومانسيّة الغبيّـة هذه التي لا فائدة منها، لو كانت لعبة أكشن أو قتال، لكان ذلك أفضل…’
لو كان كذلك، لكنتُ قاتلتُ من أجل البقاء بدلًا من التفكير في ردود الفعل، و كنتُ سأطعن قلوبهم جميعًا بالأوتاد.
‘لو فعلتُ ذلك الآن… سأكون أنا مَـنْ تُطعن…’
بينما كانت مشاعر الحزن و الخوف تتدفّق كالأمواج، استمرّت النوافذ في الظهور و الاختفاء.
[‘؟’ تريد جمعكِ.]
[‘؟’ تعتقد أنّ دموعكِ ناعمة مثل الألماس.]
[‘أسمير’ يريد تذوّق ‘دموعكِ’.]
[‘أسمير’ يريد تذوّق ‘بيب—’ الخاص بـكِ]
[‘؟’ تعتقد أنّ ‘بيب—’ الخاص بـكِ مثل الياقوت العالي الجودة.]
‘…ما هذه الفوضى التي يثيرونها حولي؟’
بينما كنتُ أرتجف بلا توقّف،
طقطقة.
لمست يـد ناعمة خدّي بلطف كمنقار عصفور، فرفعتُ رأسي.
ابتسمَ روين بلطف و حـرّك شفتيـه.
‘حقًا…أنا لا أسمع شيئًا.’
هززتُ رأسي بوجه يبدو و كأنّني سأبكي.
التعليقات لهذا الفصل " 26"