‘ما هذا بحقّ السماء؟!’
لا أستطيع إطلاقًا فهم حالته العقلية هذه.
قبل لحظات، كان يتردّد بين قتلي أو تركي، فلمَ يريد الآن تذوّق شيء؟
‘هل أنا نوع من التّوابل أو شيء من هذا القبيل؟’
سأجـنّ.
لم أملك الشّجاعة لأنظر إلى أسمير، فبقيتُ واقفةً بلا حراك، عندما ناداني روين:
“ليلي.”
“نـ، نعم؟”
“هل تريدين أن تصبحي صديقة لميـر؟”
توقّفتُ لحظة عند هذا الهُمس الخافت.
من السّخيف أن يقول شيئًا كهذا فجأة، ومن السّخيف أيضًا أن يسأل عنها و هو يترك نفسه جانبًا.
‘لكن روين دائمًا ما يتحدّث بلا أساس هكذا.’
إذا أردتُ الإجابة مباشرة، فنعم، أردتُ تحسين علاقتي بـه.
من أجل مستقبلي.
“…نعم.”
“لماذا؟”
“حسنًا، لأنّـه….شقيقكَ.”
عند إجابتي، ضيّق روين عينيه بابتسامة خفيفة.
‘لمَ يضحك هكذا و يُسبّب الفوضى؟’
بينما أتخيّل ضرب وجهه الّذي يبدو و كأنّه يسحر كلّ مَـنْ يراه، أخرج شيئًا من جيبه.
كانت قلادة.
[قلادة ملعونة تحتوي على صورة روينفيرات]
[—عند امتلاكها: زيادة إعجاب روينفيرات بمقدار 50، زيادة احتماليّة مواجهة مصاصي الدّماء، زيادة كبيرة في احتماليّة الإصابة.]
هذه هي القلادة الملعونة التي ركلتها بقدمي في القبو.
‘ لـمَ هي هنا؟’
أنا متأكّد أنّني ركلتها وطارت بعيدًا. سمعتُ الصّوت.
و بعد ذلك خرجنا من القبو، فلم يكن هناك وقت للبحث عنها.
“…على أيّ حال، لا يمكنني قبولها . مطلقًا.
إذا كان “الامتلاك” يشمل مجرّد حملها، فهذه ستكون نهايتي.
بشكل انعكاسي، عقدتُ يديّ معًا، فهمس روين بهدوء:
“أعطيها لمير، ليلي.”
“روين، هذه… الّتي وجدناها في القبو، أليس كذلك؟”
“نعم. وجدتها بالصّدفة قبل أن نخرج.”
هل هناك عذر أقلّ إقناعًا من هذا؟
أنا أعرف الحقيقة!
لكن انتقاد هذا العذر لن يفيدني بشيء.
الأهمّ هو نيّتـه بأن أعطيها لأسمير . و أيضًا هل يمكنني لمسها أم لا.
‘ماذا أفعل؟ المقامرة في هذا الوضع خطير جدًا…’
فتاة التّربية. مجرّد السّماع بهذا يجعلني أشعر أنّ شيئًا فظيعًا سيحدث.
عندما أظهرتُ تردّدًا، ضحكَ روين بقوّة أكبر.
[أصبتِ بحالة غير طبيعيّة ‘تلاعب بالذّاكرة’. (الهدف: أنـتِ)]
[—القلادة شيء أضاعـه مير].
[بفضل القوّة العقليّة النّابعة من غريزة البقاء القويّة، تـمّ إلغاء حالة ‘تلاعب بالذّاكرة’.]
“هذه القلادة شيء أضاعـه مير. إذا قلتِ إنّكِ وجدتِها، سيفرح.”
“…..؟”
“ألم تقولي إنّكِ تريدين أن تصبحي صديقته؟ إنّه فتى بسيط، سيحـبّ ذلك. هيّا، أعطيها إيّاها.”
شعرتُ و كأنّني دُفعتُ إلى طريق مسدود.
بل لو كان طريقًا مسدودًا لكان أفضل.
هذا أشبه بوقوفي على حافة جرف على قدم واحدة!
‘لمَ يستمرّ في محاولة التّلاعب بالذّاكرة الّذي لا ينجح؟’
شعرتُ بقلق أكبر خوفًا من أن أرتكب خطأً لاحقًا.
‘…لستُ متأكّدة إن كان هناك ‘لاحقًا’ بالنّسبةِ لي’
إذا قبلتُ القلادة، يبدو أنّ حياتي ستنتهي.
بينما أحدّق في يد روين الّتي تمسك بالسّلسلة القديمة، شعرتُ بالعرق البارد يتصبّب تحت نظرته الّتي تسقط على رأسي.
ابتلعتُ ريقي، أطبقتُ على أسناني، و رفعتُ ذراعي المرتجفة.
وعندما مـرّر لي روين القلادة.
“آه!”
صرختُ صرخة قصيرة كما فعلتُ في القبو، وتركتُ السّلسلة تسقط.
تظاهرتُ بالتّعثّر و ركلتُها بأطراف أصابعي نحو أسمير.
لحسن الحظّ، تدحرجت القلادة جيّدًا نحوه.
‘الإضاءة هنا أفضل من القبو، لحسن الحظّ…’
تحوّلت عيناها الزّرقاوان المليئتان بالاستياء بشكل طبيعيّ إلى الأسفل.
‘التقطها بسرعة، بسرعة!’
كنتُ أريد بشدّة أن يلتقط أسمير القلادة بنفسه.
و عندما انحنى وهو مبتهج، ضحكَ روين بخفّة.
ما أغفلتـه هو أنّ هذا المكان “أكثر إضاءة من القبو”.
“لماذا تستمرين في إسقاط القلادة عمدًا، ليلي؟”
و أنّ روين ليس خصمًا سهلًا.
عند همسه الخافت، تجمّدت يداي وقدميّ.
لقد مررتُ بالعديد من لحظات الموت و المواقف التي جعلتني أتعرّق بشدّة.
لكن الآن… شعرتُ بأزمة شديدة و كأنّ شريط حياتي يمـرّ في رأسي.
“….؟”
جفّ فمي لدرجة أنّني نسيتُ حتّى شعوري بالغثيان.
‘لماذا بدأتُ هذه اللّعبة؟’
لو أنّني هربتُ دونَ الالتفات إلى الوراء لحظة أدركتُ أنّني انتقلتُ إلى هنا، هل كان شيء ما سيتغيّر؟
“هاه؟ ليلي، أجيبي.”
عندما طال صمتي، حثّني روين بصوتٍ ناعم.
لم يكن الوضع مناسبًا لأستخدم عذر أنّني فعلتُ ذلك خجلًا كما في السابق.
‘هل سينفع القول إنّ يديّ فقدتا قوّتهما؟ أم أقول إنّ لديّ حساسيّة من المعادن؟ لكنّ هذا الشّخص قد يتحقّق من ذلك…’
أو ربّما أقول إنّها كانت قذرة و لم أرد لمسها؟
“…..؟”
هل هذا سيفي بالغرض؟ مهما فكّرتُ، لا يوجد جواب آخر.
‘حسنًا، لنذهب بهذا العذر. كانت قذرة ولم أرد لمسها، لكنّني لم أرد أن يعتقد أنّني أحاول أن أبدو أنيقة في موقف كهذا.’
لديّ إعجاب من روين، لذا سيكون الأمر على ما يرام.
عندما توصلتُ إلى هذا القرار و فتحتُ فمي، صرخَ أسمير:
“لوين، أنـتَ… لا، أخي! هذه!”
كان روين أوّل مَـنْ التفت.
نظرَ إلى الخلف ببطء شديد، و تقلّصتُ وأنا ألتفت أيضًا.
ما هذه القلادة بحقّ السماء؟
كان أسمير متحمّسًا للغاية.
‘…إذا قلتُ إنّها قذرة، سيحاول قتلي.’
كان سعيدًا لهذه الدّرجة.
تحدث روين
“مير، ليلي هي مَـنْ وجدت تلكَ القلادة.”
اختفت ابتسامة أسمير الّتي كانت كزهرة متفتّحة.
شعرتُ بالاستياء من نظرته الباردة، لكنّني أومأتُ بحرارة:
“نعم… أنا من وجْدتها!”
كدتُ أستخدم اللّهجة الرّسميّة، لكنّني صحّحت كلامي.
قال أسمير بتعبير مليء بالشّك:
“تقولين إنّكِ وجدتيها؟”
“نعم، مير. ليلي وجدتها و أعطتها لكَ. إنّها تريد أن تكون صديقة لكَ.”
“…؟”
“ألم تري أنّها ربطت يدكَ بالمنديل عندما أصبتَ؟ أليس كذلك، ليلي؟”
“هاه؟ نعم، نعم…”
كنتُ أصغي بعناية، فأومأتُ بسرعة عند سؤال روين.
‘رغم أنّني أنا مَـنْ تسبّبتُ في إصابته…’
يبدو أنّ أسمير فكّر في الشّيء نفسه، إذ ظهر تعبير معقّد على وجهه.
نظرَ إلى يده اليسرى ثمّ اليمنى بالتّناوب، ثمّ نقـرَ بلسانـه و قال بنبرةٍ غاضبة:
“حسنًا. لا يعجبني الأمر، لكن سأكون صديقكِ. على أيّ حال، لن تتحمّلي طويلًا.”
هل أنتَ تلعنني الآن لأموت بسرعة؟
أردتُ تجاهلـه، لكنّ صوته كان عاليًا جدًا.
‘تقصد أنّني لن أتحمّل طباعكَ السيّئة، أليس كذلك؟ أريد قول هذا، لكن لا يمكن…’
بينما أفكّر في طريقة لتوجيه الأمور بشكلٍ إيجابيّ، همسَ روين بنبرة ممزوجة بالضّحك:
“إنّـه يقصد أن يقول أن شخصيّته سيّئة، فتحمّلي ذلك بنفسكِ’.”
“آه…”
“لا داعي للقلق كثيرًا، ليلي. مير غاضبٌ قليلًا، لكنّه شخص طيّـب.”
“آه، فهمتُ. كما هو متوقّع من الأخوين، أنتما متشابهان. أنـتَ طيّب أيضًا، أليس كذلك، روين؟”
“أنا؟ حسنًا، لا أعرف، لكن إذا قلـتِ ذلك، فليكن.”
صرختُ داخليًّا على سلوكه المراوغ:
‘أرجوك، لا تتحدّث بنبرةٍ غامضة كهذه!’
لكن على الأقلّ، تـمّ إطفاء النّار المستعرة.
ابتلعتُ تنهيدة و شددتُ على طرف ثوب روين.
يجب أن أشرح تصرّفي الغريب الآن، و إلّا سأواجه مشكلة لاحقًا.
“امم، روين. عندما أسقطتُ القلادة… كما قلتَ، كان ذلكَ عن عمد.”
“لماذا؟ هل كنـتِ خجولة هذه المرّة أيضًا؟”
“…نعم، نوعًا ما.”
“لديكِ الكثير من الأمور التي تخجلين منها، ليلي.”
أتمنّى أن يصمت لأنّني أشعر بالحرج.
لا أريد أن أعترف بنقص أفكاري، لكن ليس لديّ عذر مناسب، فلا خيار آخر.
شعرتُ بحرارة في خدّيّ عند ضحكة روين.
أغلقتُ شفتيّ بإحكام و أدرتُ عينيّ، لكنّ روين فجأة أمسكَ بذقني و رفـعَ وجهي.
“…..!”
ما هذا الآن؟
نظرتُ إليه بعبء شديد.
كنتُ قلقة أيضًا من أنّ أسمير قد يغضب مرّةً أخرى بسببٌ هذا.
لكنّ شعوري بأنّني لا يجب أن أتجنّب عينيه جعلني أتجمّـد في مكاني.
التعليقات لهذا الفصل " 22"