“آه، لا، ليس كذلك. لم أكن أنظر إليكَ لأنّـكَ غريب، يا مير.”
“إذًا لماذا كنـتِ تنظرين؟”
كان استمراره في السّؤال بإلحاح مزعجًا و مثيرًا للضيق.
تخيّلتُ و أنا أنظر إلى أسمير المتعجرف و هو يرفع حاجبيه أنّني أطيح بذقنه، لكنّني رددتُ بهدوء:
“تذكّرتُ فجأةً ما حـدثَ في الطّابق الأوّل. قال جين و ريد أنّـكَ أنتَ و شقيقكَ لا تتشابهان.”
لم أقل هذا الكلام بعشوائيّة.
كان لدي شعور بأنّ ذكرى جديدة تكوّنت للتوّ لن تبدو غريبة إذا ظهرت فجأة.
‘في الواقع، لقد تذكّرتُها حقًا فجأة…’
لحسن الحظّ، أومأ روين برأسه كما لو أنّه فهم، بينما أخرجَ أسمير شفتيه مثل البطّة.
“هذا سخيف، حقًا. ما الّذي لا يتشابه بيني و بين أخي روين؟”
سمعتُ تمتمته، و في لحظة، خطـرَ لي أن أتحدّث إليه مباشرةً بنيّة المحاولة.
“بالفعل. عندما أنظر إليكما بعناية، أجـد الكثير من النّقاط المشتركة.”
“…حقًّـا؟”
“نعم، حقًا.”
“حسنًا، اذكري تفاصيل محدّدة.”
كـدتُ أرتجف من هذا الطّلب السّخيف.
لكنّني حافظتُ على تعابير وجهي وأجبتُ بهدوء:
“أوّلًا، الأجواء بينكما متشابهة جدًا.”
“الأجواء.”
“نعم. نظرة العينين متشابهة أيضًا.”
“نظرات العينين…!”
“آه، صحيح. الطّول متشابه أيضًا، فزاوية رفع رأسي عند النّظر إليكما هي نفسها.”
“الزّاوية!”
…صراحةً، لم أكن أعرف تمامًا عمّا أتحدّث.
لكن بالطّبع، لم أختلق شيئًا من لا شيء.
‘كلاهما يبدوان قويّين عند النّظر إليهما، ونظرتهما المخيفة لي متشابهة، و طولهما متشابه أيضًا…’
نعم، لنقل إنّه كذلك.
لحسن الحظّ، بـدا أسمير راضيًا جدًا.
ضحكَ روين بهدوء بجانبه، و ظهرت نافذة أخرى، لا أعرف كم مرّة تكرّر هذا.
[نية أسمير القاتلة هدأت.]
…كيف يمكن أن تهدأ نيّتـه القاتلة فقط لأنّني قلتُ إنّهما يتشابهان؟
لم أفهم شيئًا على الإطلاق، لكنّني قرّرتُ أن أتقبّل الأمر.
من أجل سلامتي العقليّة على الأقلّ.
بعد محادثة قصيرة، بدأنا نبحث في الغرفة كما كان مخطّطًا.
كما فكّرتُ سابقًا في غرفة التّعذيب، ما الّذي يمكن أن نحصل عليه هنا؟ و كما توقّعتُ، لم نحصل على شيء.
لكنّنا رأينا الكثير.
قال أسمير و هو يبتسم بينما يقف أمام تابوت مثبت على الحائط بعد أن كشف عنه القماش:
“هذا ‘الفتاة الحديديّة’. المسامير بداخلها تخترق الجسم بعيدًا عن الأوعية الدّمويّة المهمّة أو النّقاط الحيويّة، فلا يموت الشّخص بسهولة و يستمرّ في المعاناة. مثاليّ لاستخراج الدّم.”
صرير، صرير.
كلّما فُتـح الغطاء و أغلق، صدر صوت مزعج.
‘…أرى شيئًا لزجًا بداخله.’
قرّرتُ ألّا أتخيّل ما هو.
بعد ذلك، قام أسمير بمناداتنا أمام طاولات عالية ومنخفضة.
أوّل شيء أمسكـه كان أداة غريبة تبدو و كأنّها لعصر عصير الفواكه.
“يسمّونه ‘مفرمة البيب’. الاسم واضح جدًا، أليس كذلك؟ يضغطون على البيب من الأعلى، فيتفرم، و يخرج شيء ما.”
“…؟”
ما هذا؟ لماذا أسمع صوت ‘بيب’ في أذني؟
في خضمّ حيرتي، اقتربَ أسمير من الحائط.
ثمّ لمـس بكتفه معولًا مليئًا بالأشواك الحادّة معلّقًا هناك و قال:
“هذا ‘مخلب القطّ’. يُستخدم لخدش البيب و فصله. آه، أيّ بيب؟ البيب و البيب.”
“…؟”
لا، ما هذا جديًا؟ إنّـه يشرح بجديّة، لكنّ كلمة ‘بيب’ تجعلني لا أفهم شيئًا.
لكن من شكل الأداة، استطعتُ أن أستنتج طريقة استخدامها.
في النّهاية، سددتُ فمي أمام كرسيّ على شكل هرم.
ريين، الّذي كان هادئًا طوال الوقت، اقترب منّي بسرعة.
“ليلي، ما بـكِ؟”
“…أشعر بالغثيان.”
“آه، لقد نسيتُ أنّـكِ حسّاسة. هل أنـتِ بخير؟”
هل نسيَ حقًا، أم تظاهرَ بالنّسيان؟
على أيّ حال، هززتُ رأسي لأنّني لم أكن بخير على الإطلاق.
لم أتناول شيئًا، لكنّني شعرتُ بشيء يتصاعد من معدتي.
‘لو كنتُ أستمع فقط للشّرح، لربّما تحمّلتُ الأمر وكأنّني في متحف.’
المشكلة كانت في أسمير الّذي يشرح الأدوات.
‘لقبها مخيف جدًا…!’
لو لم يكن روين موجودًا، ربّما كانت هذه الأدوات ستُستخدم عليّ.
هذا الفكر جعلني أشعر بصعوبة في التّحمّل.
“أووه…”
عندما أصدرتُ صوت أنين، فركَ روين ظهري بسرعة.
“إذا كنتِ متعبة جدًا، هل نخرج لنتنفّس بعض الهواء؟”
“لا، لا. أريد فقط أن أخرج من هنا بسرعة.”
“حسنًا، هذا جيّد. مير، هل يمكنكَ حمل الشّمعدان؟ سأساعد ليلي.”
“ماذا؟ سنخرج الآن؟”
“نعم. يبدو أنّ ليلي تشعر بالضّيق.”
كانت نظرة أسمير الموجّهة إليّ مزعجة جدًا.
كانت نظرته صريحة جدًا، لكنّني لم أكن في حالة تمكّنني من الانزعاج.
في يد أسمير، كان هناك شيء يشبه كمّامة كلب كبيرة.
كان يبدو عاديًا مقارنة بما رأيناه هنا، باستثناء الإبر المغطّية للجهة الدّاخليّة.
“…؟”
“مير، هيّا.”
حثّـه روين.
أخذ أسمير الشّمعدان بتعبير غير راضٍ.
حتّى هذه النّقطة، كان كلّ شيء على ما يرام.
[▶يبدو أنّ مير في مزاج سيّء. ماذا ستقولين؟
1. آه، لا، أنا بخير! يمكننا البقاء حتّى يصبح مير راضيًا! (بابتسامة عريضة)
2. سأخرج أوّلًا. يمكنكما أنتَ و روين البقاء و النّظر أكثر. (بلطف)
التعليقات لهذا الفصل " 21"