‘يا إلهي، روين يبدو سليمًا، فلماذا يبدو مصّاصو الدماء الآخرون هكذا؟ كان ذلكَ كلّه جزءًا من الإعداد…’
في فضاء مظلم، أن تُطارد من وحش ممزّق أو من رجل وسيم، بالتّأكيد الخيار الأوّل أكثر رعبًا.
المشكلة هي لماذا ظهرَ هذا الشيء البغيض متظاهرًا بأنّه إنسان هنا.
بينما كنتُ متردّدة للحظة، غير متأكّدة من كيفيّة التصرّف، ظهرت خيارات أمامي:
[▶ الجرح يبدو خطيرًا. ماذا أفعل؟
1. كيف أصبتَ؟ في مكانٍ لا يوجد فيه شيء… (بوجه قلق)
2. (أبحث عن شيء يمكن استخدامه كضمادة) ]
‘…صحيح. إذا سألتُه كيف أصيب في مكان لا يوجد فيه شيء، قد يهجم عليّ قائلًا: أنتِ مَنٔ فعلَ ذلك!’
بدون أن أنبس ببنت شفة، بدأتُ أتفحّص المكان.
لا أعرف إن تـمّ اختيار الخيار تلقائيًا، لكن النافذة أُغلقت، و ردّ روين على الفور:
“هل هناك شيء يقلقكِ؟”
“آه، كنتُ أبحث عن شيء يمكن استخدامه كضمادة. إذا تُرك الجرح مكشوفًا سيؤلم أكثر، أليس كذلك؟”
لا أعرف ما الذي كان مغطّى، لكن الغرفة كانت مليئة بالأقمشة. بحثتُ عن أصغر قطعة.
حتّى لو كانت متّسخة و عليها غبار بعد وجودها لوقتٍ طويل في هذه الغرفة، لا يهمّ لأنّها لن تُستخدم من أجلي لفّ جرحي أنا.
لكن كلّها كانت كبيرة، ففكّرتُ في تمزيق واحدة، عندها تحدّثَ روين:
“انتظري لحظة، ليلي. لديّ منديل.”
أفلت يدي بلطف و سحبَ من جيبه قطعة قماش نظيفة و فاخرة.
‘هل من الطبيعيّ في هذا العالم أن يحمل شابّ قرويّ عاديّ شيئًا يبدو باهظًا هكذا؟’
بالطّبع لا.
ملابس الأطفال تبدو عاديّة و بسيطة، تشبه نتائج البحث عن ‘ملابس الفلاحين في العصور الوسطى’، فكيف يمكن امتلاك مثل هذا المنديل الفاخر؟
لكنّني ابتسمتُ ببراءة و قلتُ:
‘هذا جيّد.’
‘في هذه المرحلة، روين بالتأكيد يظنّني غبيّة و فاقدة للحسّ.’
ركعتُ أمام الرجل و فردتُ المنديل.
غطّيتُ الجرح الكبير بالكامل و ربطتُه بقوّة.
على الرّغمِ من أنّني شددتُ عمدًا بقوّة، لم يُبـدِ أيّ شكوى من الألم.
‘هل التمثيل سمة مشتركة بينهم؟ قبل قليل كان يتظاهر بالبكاء من الألم.’
أصلًا، الشمعة لمست يده للحظة فقط، فكيف تكوّن حرق بهذا الحجم؟
على أيّ حال، انتهت العمليّة التي يُخجل تسميتها إسعافًا أوّليًـا.
رفعتُ رأسي، فكان الرجل ينظر إليّ بعيون رطبة.
“كيف حالكَ الآن؟”
“…يبدو أنّ الألـم خفّ قليلًا.”
“هذا جيّد. أنتَ أيضًا محاصر هنا و لا تستطيع الخروج، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“آه، فهمتُ… نحن أيضًا محاصرون و نتجوّل الآن. كنتُ أبحث عن أصدقائي… هل رأيتَ أشخاصًا آخرين؟”
أتمنّى أن يبدو تحويلي للموضوع طبيعيًا.
حدّقَ الرجل بي وأنا أسأله عن أصدقائي.
عيناه الضبابيّتان أصبحتا أكثر وضوحًا، كما لو أنّهما كريستالتان شفّافتان.
ليس بمعنى جميل.
‘…هكذا إذن ينظر المرء إلى شخصٍ كما لو كان يراه حشرة.’
هذا الرّجل و روين، لو أرادا التظاهر باللطف، فليبذلا بعض الجهد قليلًا في ضبط تعابيرهما.
لم يدم الصّمت المزعج طويلًا.
بدأ الرجل، الذي أنزل عينيه، يبكي.
“لا، لا أعرف. عندما استعدتُ وعيي، كنتُ في هذه الغرفة…”
‘أنا مَنٔ يجب أن يبكي هنا، لكنه هو مَنٔ يثير الضجّة. أنا مَنْ استيقظتُ فجأةً في لعبة مثل هذه و كـدتُ أفقد عقلي!’
بسببِ المشاعر السلبيّة المتراكمة، شعرتُ بالغضب يتصاعد.
بالطبع، لم أستطع إظهار ذلك.
زيّنتُ صوتي بلطف و تحدّثتُ إليه:
“ما اسمك؟ أنا ليلي، وهذا روين.”
“…ادعوني ميـر. قلتِ إنّكِ تبحثين عن أصدقائكِ؟ أنا أيضًا أبحث عن رفاقي، هل يمكنني مرافقتكما؟”
سأل مصّاص الدماء، الذي قدّم نفسه باسم ميـر، فجأة.
أصدقاء، رفاق، مرافقة.
مع كلّ رمشة، كنتُ أمضغ الكلمات واحدة تلو الأخرى، ثمّ صرختُ داخليًا:
‘مستحيل! إذا كانوا رفاقًا، فهم مصّاصو دماء!’
هذا ليس مزاحًا.
روين وحده يكفي ليجعل معدتي في حالة سيئة، فكيف إذا زاد العدد؟
‘لا، مستحيل. مستحيل تمامًا. أنا راضية أن يطاردني صارخًا كما في اللعبة، فلماذا يريد مرافقتنا الآن؟’
إذا حدثَ هذا، خطّتي لتسليم روين لصديق آخر و الهروب ستصبح مستحيلة.
لكن روين، اللعين، ابتسمَ و قال:
“حسنًا، جيّد. في الأوقات الصعبة، يجب أن نساعد بعضنا. أليس كذلك، ليلي؟”
ألقى كلامًا سخيفًا آخر.
“…نعم.”
لم يكن أمامي، أنا المسكينة، سوى ابتلاع دموعي المُـرّة و الإيماء برأسي.
لا مفـرّ من هذا.
بما أنّ الأمر هكذا، سأفكّر بإيجابيّة.
‘مطاردتي من قبل رأس طائر أو جسد نصف علوي أو سفلي أسوأ بكثير… لذلك هذا الوضع أفضل…’
ابتسم ‘ميـر’، مصّاص الدماء، ببريق و نهض.
في الوقت ذاته، ظهرت نافذة النظام المقيتة التي باتت تثير اشمئزازي بمجرّد رؤيتها:
[تتعاملين مع ‘آسمير’.
—تـمّ تفعيل جميع الفخاخ، زادت احتماليّة مواجهة مصّاصي الدماء، زادت احتماليّة الإصابة
—نيّته القاتلة تجاهكِ عالية جدًا. إذا لم يكن ‘روينفيرات’ ضمن دائرة 2 متر، فإنّ احتماليّة الموت ترتفع بشكلٍ كبير ]
“……”.
لماذا أشعر فجأة أنّ روين، الذي حاولَ إعطائي عنصرًا ملعونًا، يبدو متسامحًا؟
على الأقل، إذا لم أحمل ذلكَ العنصر، لن تكون هناك مشكلة.
‘…على أيّ حال، يجب أن أبقى ملتصقة بروين.’
تجاهلتُ نافذة النظام بشكلٍ طبيعيّ و تحرّكتُ بساقين مرتجفتين لألتصق بروين.
في تلكَ اللّحظة، بدأ صوتٌ مزعج يشبه الطنين يأتي من الخلف.
كييك، كييجيك، كيجيجيك.
صوت يشبه محاولة إدخال شيء صدئ بالقوّة، أو خدش الزجاج أو المعدن بالأظافر.
“…..”
تعلّقتُ بذراع روين بشكلٍ لا إراديّ.
“رو ، روين. أسمع صوتًا غريبًا من الخلف، هل هذا خيالي…؟”
“لا، أنا أيضًا سمعتُه. و يبدو أنّ الصوت يقترب.”
“…..”.
كما قـال.
خلف صوت روين الهادئ، كان الضجيج المزعج يقترب ببطء لكن بثبات.
كما لو كان يتّجه نحونا.
استدار روين دونَ كلام، و أنـا، التي كنتُ متعلّقة به، استدرتُ معه.
عندما مـدّ روين الشمعدان إلى الأمام، كـدتُ أفقد الوعي من المنظر في الظلام دونَ أن أصرخ.
‘آآآه، يا إلهي، مجنون، مجنون!’
كانت عشرات الأيدي الحمراء تبرز من الجدران و الأرض، تخدش الطوب بعنف.
بالأحرى، كانت تزحف نحونا.
كان ذلكَ مشهدًا غريبًا يصعب وصفه.
لا، كلمة غريب لا تكفي.
كان مرعبًا و مقزّزًا.
اختلطت رائحة الدم برائحة العفن.
“…..”.
أصبح ذهني ضبابيًا.
كان طيران السكاكين أفضل بمئة ألف مرّة.
كانت الأيدي، كما لو كانت تملك إرادة واحدة، تسيل دمًا بينما تقترب، ارتجفتُ بعنف.
“رو، روين. روين…!”
هناك حدود للتخويف، ما هذا الجنون؟
‘إلى أيّ درجة تريد جعل دمي ينضج أكثر؟’
تجاوزت مستوى الخوف إلى الغضب.
بالطّبع، لم يكن لديّ الجرأة للمواجهة، فكلّ ما استطعتُه هو مناداة روين بيأس.
عندما سقطت ذراعي المرتخية، أنزل روين رأسه.
تخيّلتُ تعبيره و هو ينظر إليّ.
‘بالتأكيد إنّـه يستمتع. ليس فقط يستمتع، بل يستمتع بجنون…’
سيحاول تذوّق دمي مجدّدًا.
كـدتُ أنفجر بالبكاء، لكن بشكلٍ غير متوقّع، كان روين يعبّس.
أظهر انزعاجه بشكلٍ واضح و قال:
“ليلي، هل يمكنكِ إغلاق عينيكِ؟ استمرّي حتّى أقول إنّ الأمر على ما يرام.”
على الرّغمِ من نبرته اللطيفة و الحازمة، كان الغضب واضحًا.
في موقف لا أعرف ما سيحدث خلال دقيقة، إغلاق عينيّ ليس خيارًا جيّدًا. لكن…
“حـ، حسنًا. فهمتُ.”
أغلقتُ عينيّ دونَ تردّد.
‘لا أعرف ما السّبب، لكنّه يبدو منزعجًا، و لا يجب أن أزيد من استيائه.’
مـدّ قدمي في أيّ مكانٍ قد يكون خطيرًا.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات