“…رجل مخيف.”
كانت نظرة روين إلى مينا جافة أكثر من صحراء قاحلة.
كانت نظرة لا تنظر إلى كائن حي، بل إلى حجر أو قمامة ملقاة على جانبِ الطريق.
سرعان ما أخرجَ روين عود ثقاب من جيبه، و رسم ابتسامة مصطنعة و نادى مينا:
“مينا، خذي هذا و اخرجي أولاً. سأتفقّـد القصر و أتبعكِ.”
“أخرج… وحدي؟”
“نعم. أنا آسف لأنني لم أهتم بكِ بما فيه الكفاية. سماع خبر موت ماريان بالقرب من هنا كان مخيفًا بالنّسبة لكِ، أليس كذلك؟”
توسعت عينا مينا عند سماع تمتمة روين المريرة.
كانت ترتجف بشكلٍ يثير الشفقة، ثم انتزعت عود الثقاب بسرعة.
بيد مرتجفة، أشعلت الثقاب وتمتمت “سأخرج أولاً”، ثم دخلت الممر.
كنت أعرف ما سيقوله روين بعد ذلك:
“وداعًا، مينا.”
ثم مـرّ بجانبي و خرجَ من القبو.
مع صوت إغلاق الباب، تغيّـر العالم الذي أراه.
ضوء خافت جدًا، ممـرّ ضيق بلا إضاءة، وأنفاس خشنة.
كنتُ أرى من خلال عيني مينا.
‘في اللعبة، كان هذا حدثًا يُعرض عندما يخرج روين من القبو…’
معرفتي بما سيحدث جعلت معدتي تبرد.
واصلت مينا السّير في الظلام الدامس.
طق، طق.
كان صوت خطواتها هو الوحيد الذي يُسمع، لكن فجأةً بدأت تسمع أصواتًا متداخلة.
“….”
ابتلعت مينا أنفاسها، و كذلك أنا.
“ربّما مجرد شعور…”
تمتمت مينا في ذهول و أسرعت في خطواتها بدلاً من النّظر خلفها.
لكن الممرّ لم ينتهِ مهما سارت.
والأسوأ، كان عود الثقاب يخبو تدريجيًا.
“لا، لا يمكن أن ينطفئ… لا يمكن…”
بدأ صوت مينا يحمل نبرة بكاء.
في تلكَ اللحظة:
“انتظري، مينا!”
“هاي! هل ستهربين وحدكِ؟”
سمعت أصواتًا من الخلف. كانت لجين و ريد.
توقفت مينا، و كذلك أنا.
تتابعت أصوات أخرى:
“مينا، دعينا نذهب معًـا. انتظري لحظة…”
“لقد بحثنا عنكِ طويلاً.”
كانت هذه المرّة أصوات لاس و سيغ.
كانت الأصوات و نبراتها مشابهة تمامًا لهم، فتردّدت مينـا. و كذلك أنا.
‘لو كنت أستطيع الحركة، لكنت التفـتّ…’
لكن الرّعب الحقيقي كان قادمًا.
“توقّفي قليلاً، مينا. دعينا نذهب معًا؟”
صوت فتاة متعجرفة و متذمرة، كان لـمـاريان.
لكن مَـنْ خلفها لم يكونوا أصدقائها.
“هيك، هيك، هك…”
بدأت مينا تبكي.
سُمع ضحك من الخلف:
“توقفي، مينا. دعينا نذهب معًا، حسنًا؟”
“مينا، مينا.”
اقتربت الأصوات. و عندما انطفأ عود الثقاب تمامًا:
[أمسكتكِ.]
“آآآآه!”
أمسكَ شيء بكاحل مينا و سحبها، فسقطت.
مع صراخها، جُـرّ جسدها للخلف.
“آآه، لا! آآآه!”
كشطت أظافر مينا الأرضية مع صراخها المروع.
ومضت نافذة النظام أمام عينيّ:
[‘مينا’ قد تـمّ تفكيكها (ㅇ[—[)… ]
“أنتِ تتسمّرين مرّةً أخرى.”
حُفـرَ صوت لطيف لكنه بارد في أذنيّ.
ومضت عيناي فجأة، و كان روين يبتسم وهو يمـدّ يده نحوي.
بالطبع، كانت نظرته لا تزال مرعبة.
‘…إذا دخلت هنا، سأموت بالتّأكيد.’
شعرت و كأن دمي يجف من هذا اليقين المأساوي.
كانت هذه الهلوسة الثانية فقط.
لكن في المرتين، ظهرت عندما كان حبل حياتي رفيعًا.
لم يكن هذا صدفة بأي حال.
“هل ستبقين واقفة هكذا؟ الشعور بالتّجاهل ليس لطيفًا.”
ابتسمَ روين و تحدث مرة أخرى، وفي نفسِ اللحظة ظهرت الخيارات:
[▶ روين يناديني. ماذا أفعل؟
1. (أجلس على الأرض و أنفجر بالبكاء.)
2. (أدخل الممر السري مع روين.)
3. (أهرب خارج القبو بمفردي.) ]
‘لو كنت أستطيع الهروب بمفردي، لكنتُ فعلت ذلك منذُ زمن!’
إذا كنتَ ستعطيني خيارات، على الأقل اجعلها ممكنة!
في النّهاية، كان هناك خيار واحد فقط يمكنني اختياره.
‘أرجوك، لا تقتلني لأنكَ لا تحب رؤيتي أبكي…’
أمسكت الشمعدان بقوة و جلست على الأرض.
في الواقع، كانت ساقاي قد استسلمتا منذ رأيت الممر السري.
تبعتني نظرة روين الباردة إلى الأسفل.
‘أرجوك، لا تقتلني لأنك منزعجٌ منّي…’
‘ما الذي فعلتُه لأستحقّ هذا…’
شعرت بالشفقة على نفسي في هذا الموقف.
لم أحتج لجهد كبير، فمع وميض عينيّ، انهمرت الدموع.
“أنا خائفة، لا أريد هذا…”
تمتمت بهدوء، فبدت تعبيرات روين محرجة.
ثم، كما فعل سابقًا، ركـعَ أمامي و واجـه عينيّ.
“لا تبكي، ليلي. لا أعرف ماذا أفعل عندما تبكين.”
‘لا تمزح! لا تتظاهر باللّطف بينما تفكّـر في قتلي!’
مع شعوري بالخوف، شعرت بظلم غامض.
لكن عندما تنهّد روين، بدأ عقلي الفارغ يدور مجددًا.
‘الغرض الوحيد الذي يجعل روين يبقيني على قيدِ الحياة هو أن دمي لذيذ.’
لم أتوقع أنه سيؤذيني و يعطيني أغراضًا ملعونة، لكن السّبب واضح.
‘…إذن، إذا جعلته يتذوّق دمي الآن، قد يميل إلى إبقائي حية؟’
أنا بالفعل وجبة خفيفة يحتفظ بها، لكن ربّما يعتقد أنني سأصبح ألـذّ إذا تُركت لأنضجَ أكثر.
بالطبع، لا أعرف و لا أريد معرفة طعم دمي.
‘لكن بعض الأطعمة تصبح ألـذّ مع النضج، أليس كذلك؟’
أنا واثقة أنني يمكن أن أصبح أكثر خوفًا.
‘أنا الآن في جسد ليلي، في أشدّ حالات الخوف…’
مسحت دموعي بظهر يدي و خدشت الإصبع المجروح بظفر إبهامي.
لم يكن الجرح عميقًا، فقد توقف النزيف و شُفـيَ عندما لعقه روين.
لكن عندما حركته، عادَ الألم النابض و انفتح الجرح.
حركت الشمعدان بحذر لأتحقق من إصبعي.
كان الدّم يتسرب ببطء من الداخل.
رفعت رأسي ببطء.
كما توقعت، كان روين، الذي كان حساسًا حتى لشفاه متشققة، يحدّق في إصبعي.
“روين…؟”
ناديته بحذر.
ومضت عيناه ببطء، و تقوّست حاجباه بحزن.
بدا وجهه و كأنه يشعر بالأسف الشديد، و أمسكَ يدي المرتجفة.
‘…مهلاً، هذا يعتبر تلامسًا جسديًا أيضًا!’
حاولت سحب يدي في ذعر، لكنه تحدّثَ أسرع:
“عليكِ أن تكوني حذرة، ليلي. الجرح القديم ينزف مجددًا.”
“أ، أجل…”
ماذا أفعل؟ لم أكن أعرف معايير زيادة التعلق، مما زاد من قلقي.
حاولت سحب يدي بحذر كما فعلت سابقًا، لكن هذه المرة لم أستطع.
لقد كنتُ غبية.
لهذا لا يجب أن يفقد المرء رباطة جأشه.
بينما كنت أرغب في البكاء لسببٍ آخر، حدّقَ روين في الدم المتدفق، ثم شـدّ قبضته على يدي.
ثم، بنبرةٍ منخفضة ممزوجة بضحكة خفيفة، همس:
“لكن… لماذا أعدتِ فتح الجرح عمدًا؟ أنا فضولي.”
تحدّثَ وهو يبدو غير فضولي على الإطلاق.
كان قلبي ينبض كما لو كنتُ أركض بسرعة، وكان نفسي متقطعًا.
على الرّغمِ من أن الجو لم يبرد، شعرت ببرودة في معدتي و ارتجف جسدي.
كان الأمر غريبًا. لم أستطع التفكير إلا أنه غريب.
‘كيف عرفَ أنني فتحت الجرح عمدًا؟’
لا يزال روين يبتسم وهو يضغط بقوة على الجرح بظفره.
“آه!”
“هل يؤلم؟”
بالطّبع يؤلم.
حتى لو لم يكن الجرح عميقًا، فقد شق السكين اللحم، و فتحه بالقوة مما زاد الألم.
أومأت كالمسحورة، فضحك روين بخفة:
“أن تشعري بالألم لهذا الحد، أنتِ حقًا هشة، ليلي. أم أنكِ تمثلين؟”
“….”
“إذن، أخبريني. إذا كنتِ تكرهين الألم، لماذا جرحتِ نفسك؟”
عـادَ صوته ليصبح باردًا مرّةً أخرى.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"