البحث عن زوج للدوقة - 1
المُقدمة
قالت أرتيا:
“دعنا نتطلق.”
فتحَ لويد عينيهِ على مصراعيهما ثم أطلق ضحكةً مشوهة، وكأنهُ قد سمع للتو نكتةً مُضحكة.
توقف عن الضحك بصعوبةٍ ثم انحنى ليقبض على فك زوجتهِ المُلقاة على الأرض.
“حاولِ، لنرَ كيفَ ستنجحين في الطلاق.”
“…….”
“إذا كان هدفُكِ هو الانفصال عني، فإنْ تعليق رقبتكِ بحبلٍ سيكون أسهل بكثير مِن الطلاق.”
لَمْ تحمل نبرتُه الباردة أدنى أثرٍ لمشاعر الحُب تجاه زوجتهِ. ولَمْ يكُن ذَلك مُختلفًا بالنسبة لأرتيا أيضًا. فَما تركتهُ لها ثلاث سنوات مِن الزواج لَمْ يكُن سوى الرغبة الملحة في إنهاء هَذهِ العلاقة البائسة.
الفصل 1 : الدوقة ترغبُ في الطلاق ¹
جبانةٌ، كثيرةُ البكاء، حمقاء.
كانت هَذهِ هي الكلمات التي تصفُ أرتيا، الابنة الوحيدة لدوق إيدنبرغ.
رُبما لأنها ولدت ضعيفةَ وهزيلة منذُ البداية، فقد كانت أرتيا منذُ طفولتها تخاف بشكلٍ فضيع. لَمْ تكُن تستطيع النظر في أعيُن الناس، وظلّت تخفضُ رأسها للأرض. حتى أنها لَمْ تكُن قادرةً على التعبيّر عن رغباتِها بوضوح حتى للخدم.
“توقفي عن التمتمة وانظري في عيون الناس وتحدثي بوضوح!”
كُلما زادت لهجةُ والدها، بينديكت، دوق إيدنبرغ، قسوةً، انكمشت أرتيا أكثر، وازدادت سُخريات الناس منها.
“هاهاها، ما هَذا؟ ابنةُ الدوق ترتجف بهَذا الشكل؟ حتى المُتسولين الذين يأتون لأجل الطعام يبدون أكثر نُبلًا منها.”
وسط تلكَ السُخرية، كان هُناك شخصٌ واحد فقط يُعامل أرتيا بلطف، وهو لويد، الابن الرابع لعائلة البارون راينر.
كان لويد يتحدثُ إلى أرتيا بلطفٍ كلما التقاها.
“عندما تكونين معي، لا داعي للخوف، أرتيا.”
مع لويد اللطيف، كانت أرتيا قادرةً على رفع رأسها والنظر إلى عينيه. كانت قادرةً على الابتسام.
أحبت أرتيا لويد اللطيف، لكنها كانت تُخفي مشاعرها بشدة.
“لويد ليس شخصًا يُمكنني التطلُع إليّه.”
لقد شعرت أنْ هُناك امرأةً أجمل وأكثر ذكاءً تناسبُه أكثر منها، وتمنت بصدق أنْ تُبارك زواجه عندما يجدُ تلكَ المرأة.
وفي الوقت نفسه، كُلما كبرت أرتيا، ازداد قلق بينديكت، دوق إيدنبرغ، لأنه في الإمبراطورية لا تستطيع النساء أنْ يرثن الألقاب.
“للحفاظ على العائلة، علينا أيجاد زوج.”
كان لابد أنْ يكون رجُلًا مُطيعًا ككلب، قادرًا على اتباع أوامره، ويريدُ الارتباط بعائلة دوقية إيدنبرغ. على الرغم مِن وجود العديد مِن العائلات ورجالها المُستعدين لذَلك، إلا أنْ الاختيار لَمْ يكُن سهلاً.
لأن أرتيا لَمْ تكُن قادرةً على التحدث مع الخدم، وكانت تخافُ أكثر عند مواجهة رجالٍ بالغين، وكأنها تقفُ أمام وحشٍ مُفترس.
لَمْ يكُن قلق بينديكت على ابنتهِ جديدًا.
“بهَذهِ الحالة، لَن تتمكن حتى مِن قضاء ليلة الزفاف بشكلٍ صحيح.”
رُبما كان يعلم أنه حتى مع مرور الوقت، سيظل الوضع على حالهِ. لقد خطط أنْ ينقل لقب الدوق إلى الطفل الذي تنجبهُ أرتيا، مِما جعل علاقتها الزوجية قضيةً في غاية الأهمية بالنسبة له.
وفي تلكَ اللحظة، زار بينديكت ضيفٌ غيرُ متوقع، وهو لويد.
أخبرهُ لويد بصوتٍ مُحترم ومليءٍ بالجدية.
“سيدي الدوق، يُشرفني أن أصبح زوجًا لابنتك.”
لكن ملامح بينديكت بقيت باردةً للغاية، فقد كان يرى أنْ مكانة أبنتهِ الوحيدة أعلى بكثير مِن ابن بارون بسيطٍ مثل لويد.
ولكن عندما نظر إلى أرتيا الجالسة بجانبهِ، اتسعت عيناهُ فجأة.
“……!”
لطالما كانت أرتيا ترتجفُ وتنظر إلى الأرض عند مواجهة أيِّ نبيل يعرضُ عليها الزواج، لكنها الآن كانت تُحدق في لويد بخجلٍ ووجهٍ مُحمر كزهرةٍ وردية.
حتى بينديكت، الذي لَمْ يكُن يعرف شيئًا عن المشاعر الرومانسية، استطاع أنْ يُدرك أنْ هَذا هو وجه امرأةٍ قد وقعت في الحب بعد أنْ تلقت عرض زواج مِن الرجل الذي تحبه.
سألها بنديكت:
“هل يُعجبكِ هَذا الرجل؟”
وبصعوبةٍ بالغة، جمعت أرتيا شجاعتها لأول مرة في حياتها.
“نعم، يا أبي. أريدُ أنْ يُصبح لويد زوجي.”
لَمْ يكُن بينديكت يهتمُ برغبة ابنتهِ المُلحة، لكنه شعر أنْ لويد سيكون الرجل المُناسب الذي يُمكن لأرتيا أنْ تنجح معه في حياتها الزوجية. مِما يعني أنها ستكون قادرةً على إنجاب وريث.
وأخيرًا، قرر بينديكت.
“أوافق على عرض زواج لويد فون راينر.”
أشرق وجهُ لويد وأرتيا بابتسامةٍ مُشرقة في وقتٍ واحد.
في تلكَ الليلة، جاء لويد لزيارة أرتيا، حاملاً بيدهِ باقةً مِن زهور الكوبية الوردية التي تُشبه لون عينيها تمامًا.
“أحبُكِ، أرتيا. سأحميكِ طوال حياتي.”
أمام هَذا الاعتراف الحلو الذي لَمْ تتخيلهُ يومًا، ابتسمت أرتيا ووجهها غارقٌ في الدموع.
وفي ذَلك العام، أقامت أرتيا حفل زفافٍ فاخر مع لويد. أصبحت أرتيا مِن آنسة دوقية إيدنبرغ إلى السيدة أرتيا، زوجة دوق إيدنبرغ، وتغيّر لقبُ لويد إلى ‘فون إيدنبرغ’.
كانت أرتيا سعيدةً كما لو كانت تعيشُ حلمًا…
… فقط لمدة ثلاثة أشهر.
فبعد ثلاثة أشهرُ مِن حفل الزفاف، سقط بينديكت، دوق إيدنبرغ، عن حصانهِ وتوفي.
“أبي…”
كان لويد يُربت على كتفي أرتيا المُرتجفة في ثوب الحداد الأسود.
“توقفي عن البكاء. هَذا مزعجٌ للغاية.”
“……!”
بعد انتهاء الجنازة، بدأت المُناقشات حول خلافة لقب دوق إيدنبرغ.
في وصية الدوق السابق، ورد أنْ اللقب سينتقلُ إلى أطفال أرتيا فون إيدنبرغ.
لكن في حال وفاة الدوق السابق قبل أنْ تُنجب أرتيا أطفالًا…
“تم النص على أنْ يُمنح لقبُ الدوق مؤقتًا لزوج أرتيا فون إيدنبرغ.”
“ولكن، هَذا إجراء مؤقتٌ فقط. فَبِمجرد ولادة طفلٍ مِن لأرتيا فون إيدنبرغ، سيتعيّن نقل اللقب إليّه فورًا.”
ابتسم لويد ابتسامة مشرقة.
“بالطبع، لا مُشكلة في ذَلك.”
وهَكذا، أصبح لويد الدوق الثالث والعشرين لدوقية إيدنبرغ.
وكان هَذا أسوأ خطأ ارتكبهُ بينديكت.
بعد أنْ أصبح لويد دوق إيدنبرغ، تغيّر تمامًا.
لَمْ يعُد يبتسم عندما ينظر إلى أرتيا، ولَمْ يعُد ينادي اسمها بلطف.
جمعت أرتيا شجاعتها وأمسكت بطرف ملابسه.
“إنْ كنتُ قد فعلتُ شيئًا خاطئًا، أخبرني مِن فضلك.”
اعتقدت أرتيا أنْ السبب وراء تغيّر لويد المفاجئ هو خطأ منها.
‘سأبذلُ جهدي لتغيير الأمور التي يكرهُها. وإذا فعلت، سيعود لويد كما كان.’
لكن الإجابة التي حصلت عليها كانت قاسيةً جدًا.
“ألا تفهمين بعد، أرتيا؟ كل ما فعلتُه كان فقط لأنني أردتُ اسم إيدنبرغ.”
“……!”
“الزواجُ منكِ كان فرصتي الوحيدة كإبنٍ رابع لعائلة بارون فقيرة ليُصبح أحد أفراد عائلةٍ نبيلة.”
“…….”
“لَمْ أكُن أتوقع أنْ أصبح دوقًا، لأن والدكِ كان يبدو قويًا ولَن يموت قريبًا. ولكن مِن كان يظُن بأنهُ سيموت بعد أقل مِن مئة يوم مِن زواجنا؟”
ابتسم لويد بسخرية.
“يبدو أنْ القدر قد اختارني لأصبح دوق إيدنبرغ.”
لَمْ تستطع أرتيا أنْ تتنفس.
كان ما سمعتهُ مِن الرجُل الذي أحبته لأول مرةٍ في حياتها قاسيًا جدًا.
نظر لويد إلى أرتيا التي كانت تذرفُ الدموع بصمت.
“إنْ كنتِ قد فهمتِ، ابقي في غرفتكِ كالفأر الميت. فلا أحد في هَذا القصر يقفُ إلى جانبكِ.”
وكان لويد مُحقًا.
كان العاملون في القصر يطيعون لويد، سيدهم الجديد، بدلاً مِن أرتيا الضعيفة.
مهما كان لويد قاسيًا مع أرتيا، لَمْ يُحاول أحدٌ مُساعدتها.
مع مرور الوقت في هَذا الجحيم، بدأت أرتيا تتحطمُ شيئًا فَشيئًا.
في يومٍ مشمس، وقفت أرتيا أمام بحيرةٍ في الحديقة.
بوجهٍ شاحب وقد جفت دموعها، نظرت إلى البُحيرة العميقة وخطت خطوةً إلى الأمام.
تشبّب!
بينما كان الماء البارد كـ الجليد يملأ رئتيها، لَمْ تُفكر أرتيا في التمسك بالحياة أو حتى في لوم زوجها.
كان كل ما شعرت بهِ هو الازدراء لنفسها.
“أكرهُ نفسي كثيرًا.”
تمنت أنْ تختفي إلى الأبد.
مِن فضلك…
أرجوك…
أرجوك…
فتحت أرتيا عينيها.
رمش بعيناها الورديتان.
“…لَمْ أمُت؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》