أصبحتُ بديلة للبطلةِ الهاربة - 1
الفصل 1
“غدًا هو ذلك اليوم!”
في مدينة نابوليتان الساحلية، الواقعة في أقصى جنوب الإمبراطورية، لا تُبحر السفن المتجهة إلى القارة الشرقية سوى مرتين في السنة.
توجهت أوديت إلى نابوليتان دون أي خطة.
فقط بركوبها السفينة المتجهة إلى القارة الشرقية، ستتمكن من الفرار إلى الأبد من قبضة قيصر.
قيصر مايس. إله الحرب، وبطل الإمبراطورية.
“لقد كان الرجل الذي كاد يصبح زوجي.”
كانت هيبته تخيفها، لكن ما أرعبها أكثر هو اعتيادها عليه تدريجيًا.
كانت تشعر وكأنها ستُحتل، تمامًا مثل مدن الشمال التي اجتاحها قيصر.
ستنتهي بها الحال منهكة، غير قادرة على مقاومته مرة أخرى.
وفي النهاية، قد تجد نفسها تتوسل للحصول على حبه.
“لم يكن بإمكاني إلقاء نفسي في شقاء واضح أمامي.”
ابتلعت أوديت ترددها وخوفها، وهربت جنوبًا، إلى أقصى حدود الإمبراطورية.
لكن عندما وصلت إلى الميناء، كانت التذاكر قد نفدت بالفعل.
—
“ابحث عن أي سفينة أخرى تغادر الإمبراطورية.”
“نعم، سيدتي أوديت.”
عندما همّ حارسها الشخصي، جاك، بالعودة إلى شباك التذاكر، اقتربت منه فتاتان تبدوان شقيقتين.
“آه… عذرًا، هل تودّون شراء هذه التذكرة؟”
“يا إلهي، آنستي! إنها تذكرة للقارة الشرقية!”
قفزت إيما، التي رافقت أوديت إلى هنا، فرحًا.
لكن أوديت لم تستطع التركيز على التذكرة، بل لم تستطع صرف نظرها عن اليد التي كانت تمسكها.
“لماذا ترتجف يدها هكذا؟”
شعرت أوديت بقشعريرة تسري في جسدها، فحدقت حولها بعيون مرتجفة.
“الأمر هادئ… أكثر مما ينبغي.”
كانت الشوارع القريبة من الميناء مزدحمة كالمعتاد، لكن الحي الذي وقفت فيه كان فارغًا تمامًا.
رفعت رأسها لتنظر إلى النُزل الذي استأجرته.
كان يقع على جرف مطل على البحر، مما جعله من أشهر المواقع في نابوليتان.
ومع ذلك، كان الطريق المؤدي إليه، والمنطقة المحيطة به، خاليين تمامًا حتى من نملة.
“…اهربوا.”
“ماذا؟ نهرب؟”
تبادلت إيما وجاك النظرات بوجوه متفاجئة.
“قيصر يراقبنا.”
بالتأكيد، كان قد أمر نائبه، آدن، برشوة الأختين لمعرفة إلى أين ستهرب.
إذا اشترت أوديت التذكرة، سيقرر قيصر حتمًا أن يقيدها إلى الأبد، في مكان لا يصل إليه ضوء الشمس.
“إنه مجنون بما يكفي لفعلها.”
أخفضت أوديت رأسها، تخفي وجهها بشعرها، وهمست:
“لا تلتفتوا إلى الخلف، لا تنظروا إلى الجوانب… غادروا الميناء بأقصى طبيعية ممكنة، واطلبوا مساعدة الأميرة تريشا. سأحاول كسب بعض الوقت. ارجوكما، اذهبا الآن، بسرعة!”
ثم استدارت وصعدت التل المؤدي إلى النُزل.
رغم أن ساقيها كانتا ترتجفان، ورغم أن الخوف كان يخنقها، حاولت أن تبدو واثقة، تمشي ببطء.
كانت تصلي من أعماق قلبها أن يهرب إيما وجاك بأمان.
—
“هـ… هل استمتعتِ بجولتك في الميناء؟”
كان النُزل مظلمًا، حيث أُغلقت جميع الستائر.
كان صاحبه يتصبب عرقًا، رغم أن الجو لم يكن حارًا.
“… هل كان هناك من يبحث عني؟”
“نـ… نعم.”
كانت تأمل طوال صعودها التل أن تكون مخطئة.
لكن عندما سمعت الرد، شعرت بدوار، وكادت تسقط.
تمالكت نفسها بصعوبة، وسألت:
“أين هو الآن؟”
“و… وراءك…”
أشار صاحب النُزل إلى كتفها وهو يشحب، ثم هرب بسرعة.
شعرت أوديت بنظرة حادة تخترق ظهرها.
عضّت شفتيها بقوة، تكتم صرختها.
ثم، تغيرت حركة الهواء خلفها.
كان هناك شخص مألوف، لكنه مرعب، يسير نحوها بصمت.
“سيد قيصر…”
استدارت ببطء.
“لماذا تأخرتِ؟ جعلتني أنتظر طويلًا.”
وقف قيصر أمامها، يرتدي قميصًا أبيض ناصعًا وسروالًا جلديًا أسود، وعيناه تضجّان بالملل القاتل.
كانت تفوح منه رائحة شاي خفيفة.
لا بد أنه كان يحتسي الشاي وهو يراقب الميناء.
ربما تعرض أحدهم للضرب على يد نائبه، آدن.
تعرقت راحة يدها.
ارتعش طرف شفتيها وهي تحاول رسم ابتسامة قسرية.
“لو أرسلت لي اللورد آدن ليخبرني أنك تنتظر، لكنتُ عدتُ مسرعة.”
“هاه!”
ضحك قيصر بسخرية، وكأنها قالت هراءً مطلقًا.
كانت عيناه الزرقاوان، الجميلتان حد الإغواء، تضيقان ببطء، وداخلهما عاصفة تهدد بالانفجار.
“سيد قيصر، أرجوك استمع إليّ. جئت إلى نابوليتان لأنني…”
توقفت لحظة، ثم تابعت بصوت مرتجف:
“لأنني أحبك.”
“أوه، حقًا؟”
ابتسم ساخرًا، يعبث بشفتيه.
تقلصت أوديت خوفًا، وأكملت بصعوبة:
“لا يمكن أن أتزوجك. المرأة التي يجب أن تتزوجك ليست أنا.”
“إذن، من؟”
اقترب منها، يمرر أصابعه في خصلات شعرها.
كانت لمسته ناعمة، لكنها أشد رعبًا من أي تهديد آخر.
“الأميرة كانت تنظر إليك منذ زمن طويل. من أجل انتقامك، ومن أجل الإمبراطورية، يجب أن تتزوجها… لذا، أرجوك…”
“أطلق سراحي.”
لكنها لم تستطع النطق بهذه الكلمات.
بدلًا من ذلك، جذبها قيصر إلى صدره وهمس في أذنها:
“قلت لك، لن أتزوج سوى منك. سأنتقم معك، وسأنجب أطفالي منك. إذا كنتِ تكرهين ذلك، فانتظري حتى أنام واغرسي الخنجر الذي اشتريته لك في رقبتي. عندها، ستنالين حريتك.”
“أ- عليّ قتلك كي أنجو؟”
“نعم. لذا، إن أردتِ الفرار مجددًا، فلا تترددي في قتلي.”
ثم، بعد أن أعلن بوضوح أنه لن يتركها حية، استولى على شفتيها.