حتى لو أردتُ الإجابة، لم يكن لديّ شيء أقوله حقًا.

 

لقد سمعتُ للتو أن هيستيا ذهبت إلى الدير …!

 

جفّ فمي.

 

نظرتُ حولي بعصبية لكنني لم أستطع الصمود تحت نظرة إركشيان وأخيرًا تحدثتُ.

 

“لماذا ذهبت؟”

 

“أوه؟ تسألين عن السبب؟”

 

كرر إركشيان بلهجة ساخرة.

 

أُف. يبدو أن هذا لم يكن السؤال الصحيح.

 

افترضتُ أنها تُعاقَب في الدير بسبب ما حدث عند البحيرة …

 

لكن إمبراطورًا لن يعاقب أميرة فقط لأن ماركيزة أثارت ضجة. 

 

بعد التفكير ، توصلتُ إلى استنتاج واحد:  

‘لا بد أن إيديث كانت في خطر، فتدخل إركشيان.’

 

نعم، هذا هو الأمر بالتأكيد.

 

بينما كنتُ أفكر في ذلك، انفجر إركشيان بالضحك فجأة—بما يكفي لتظهر غمازة على خده.

 

“آسف. لم أقصد إخافتكِ. جئتُ فقط لرؤية وجهكِ، فاسترخي.”

 

حتى لو قال ذلك …  

كيف يمكنني الاسترخاء أمام ولي العهد الذي يعامل أي شخص غير البطلة كديكور خلفي؟

 

“لكن لماذا وجهي؟”

 

ومع ذلك، لم أستطع كبح فضولي.

 

“سمعتُ أن سيف الإمبراطورية قلب القصر رأسًا على عقب من أجل حفيدته. أصبحتُ فضوليًا. يبدو أن وجه حفيدته يستحق الرؤية أيضًا.”

 

بدا على إركشيان متعة تامة. لكنه عندما لاحظ أنني لا زلتُ متوترة، أطلق ضحكة هادئة.

 

“يبدو أنه تسبب في كل تلك الفوضى ولم يقل لكِ كلمة، أليس كذلك؟”

 

…ما الذي حدث بالضبط؟

 

جدي، المعروف بهدوئه …

 

“هل كان شيئًا خطيرًا؟”

 

اجتاحتني موجة من القلق.

 

“لا، ليس كذلك. تلك الفتاة استحقت العقاب، على أي حال”

 

كان ذلك مطمئنًا.

 

أطلقتُ زفرة ارتياح، لكن في تلك اللحظة، أعطاني إركشيان ابتسامة صغيرة.

 

“الأهم من ذلك، أليس لديكِ شيء تقولينه لي؟”

 

“…”

 

“يجب أن يكون لديكِ شيء.”

 

لم يكن لديّ. حقًا لم يكن.

لكن عينيه جعلتاني أشعر أن عليّ قول إن لديّ شيئًا.

 

“سمعتُ أنكِ أخبرتِ أحدهم أن عليكِ مقابلتي في الساحة.”

 

أوه لا. اللعنة.

 

إنه يتحدث عن تلك المرة. 

كذبتُ لمساعدة ريكاردو و إيديث على التقرب …

 

أصبحت رؤيتي ضبابية من الذعر.

 

نظر إليّ إركشيان بنظرة مليئة بالضغط ثم قال بنبرة لطيفة:  

“الجميع يعرف بالفعل أنكِ تحبين الدوق، لذا أشك أنكِ كذبتِ فقط لإبعادي عن إيديث.”

 

“ب-بالطبع لا!”

 

لقد أساء الفهم تمامًا، ظنًا منه أنني أحب ريكاردو، لكن في هذه المرحلة، لم يكن لديّ خيار.

 

كان سوء الفهم أفضل بكثير من أن يعاقبني ولي العهد.

 

بينما كنتُ أومئ بقوة لدعمه، أعطاني إركشيان ابتسامة باردة ومشؤومة وحذرني: “لا تفعلي ذلك مجددًا أبدًا.”

 

“نـ-نعم…”

 

أجبتُ بوداعة، وأخيرًا، ابتسم مرة أخرى.

 

أقسمتُ للسماوات.

لن أتدخل مجددًا أبدًا …!

 

***

 

في تلك الظهيرة-

 

“هذه الفتاة …”

 

“بيانكا روجين. تم التحقق من هويتها” ، قاطع سيدريك الكاهن.

 

ضيّق عينيه للحظة قبل أن يسأل بشك:  

“الشخص الوحيد المخول بإدارة غابة دريموكان هو رئيس آل روجين. أي شخص آخر يحتاج إلى تصريح.”

 

“جاءت معي” ، أجاب سيدريك ، “نحن هنا لسماع القصص منك”

 

قال سيدريك للكاهن ، متنهدًا ، “أنت تعرف ما حدث لأبناء اللورد بلويا. أنا من نسله ، ولن أعيش طويلًا أيضًا. إذا متُّ ، هذه الفتاة سترث اللقب. من الأفضل معالجة أمور الغابة الآن، مرة واحدة وإلى الأبد.”

 

فكر الكاهن لحظة، ثم أومأ ، “اتبعاني.”

 

نظرتُ إلى سيدريك في صدمة.

لم يكن لديّ فكرة أنه يفكر هكذا.

 

‘حسنًا، أعرف أننا كلانا ننجو لأنني قرأتُ القصة الأصلية …’

 

لكن من منظور سيدريك، كان منطقيًا أن يؤمن بـ”ثمن الحرب” الذي تتحدث عنه الفروع الجانبية دائمًا.

 

مشينا خلف الكاهن لفترة طويلة.

 

لم أستطع التوقف عن التفكير فيما قاله سيدريك.

 

نظرتُ إليه، ثم تحدثتُ أخيرًا ، “لن تموت”

 

“…ماذا؟”

 

“أعرف ذلك. أنت بالتأكيد لن تموت.”

 

أطلق ضحكة جافة، ربما ظنًا أنني أبدو سخيفة.

 

“أعني ذلك. ستتزوج من امرأة جميلة، ستنجب أطفالًا رائعين، وستأتون لزيارة منزلنا معًا.”

 

“…حقًا؟”

 

“نعم! وبالتأكيد ستوبخني أمام أطفالك، قائلاً لي ألا أنسى أنني عمتهم.”

 

ربما بدا ذلك محددًا جدًا، لأن سيدريك أطلق تنهيدة مستسلمة.

 

“حسنًا. فقط تأكدي أنكِ لا تموتين.”

 

حسنًا، سأنجو مهما حدث—حتى لو لم يكن في هذا العالم.

 

بينما كنا ندردش عن أشياء عشوائية، وصلنا فجأة إلى جدار ضخم.

 

…هل يمكنني حتى تسمية هذا جدارًا؟

 

‘كيف دخل تلميذ بيريل إلى هذا المكان؟’

 

بالمقارنة مع ارتفاع الجدار، كان المدخل صغيرًا بشكل مثير للسخرية.

 

وضع الكاهن يده على الأنماط المعقدة المنحوتة في البوابة وبدأ يتلو تعويذة.

 

اجتاحتنا موجة من الهواء النقي النظيف بينما كان الباب يفتح ببطء مع صرير.

 

صرير-! …  

‘هل كان ذلك سحرًا؟’

 

بينما فكرتُ في ذلك، تحدث الكاهن بنبرة جدية،  

“السحر ممنوع داخل غابة دريموكان. من فضلكما كونا حذرين.”

 

كان ذلك غريبًا.

 

أليس السحر هدية من العصر المقدس؟

 

ومع ذلك، في الأرض التي عاشت فيها النعيم ذات يوم، كان السحر ممنوعًا؟

 

داخل البوابة امتدت غابة شاسعة.

 

“نحتاج إلى التوغل قليلاً للوصول إلى شجرة العالم.”

 

أمال الكاهن رأسه للإشارة إلى الأمام.

 

مد سيدريك يده. 

بمساعدته، تسلقتُ الحصان، وبدأنا التوجه إلى الغابة.

 

“لذلك الجدار مرتفع جدًا.”

 

كان سيدريك محقًا.

 

ربما كان لمنع الناس من الدخول—لكن مشهد الغابة نفسه كان مخيفًا.

 

كانت الأشجار طويلة ومتقاربة بشدة لدرجة أنها جعلت الجدار يبدو صغيرًا. لم أستطع حتى رؤية الفروع أعلاه.

 

لو كان الجدار أقل ارتفاعًا، لكان الناس قد رأوا هذه الأشجار من الخارج بالتأكيد.

 

عندما اقتربنا من شجرة العالم، توقف الحصان فجأة ورفض التقدم أكثر.

 

“يقولون إن الحيوانات هي الأفضل في استشعار الأماكن التي لا تصل إليها النور المقدس.”

 

بدأ الكاهن يشرح أن هذه كانت علامة على الهرطقة.

 

عبستُ وأنا أستمع.

 

‘…ما هذا الشعور؟’

 

شعرتُ وكأنني كنتُ هنا من قبل.

 

لكن هذا المكان لم يكن موجودًا في ذكرياتي.

 

أعطاني شعورًا غريبًا بالانزعاج، كما لو كنتُ ألتقي بذكرى مفقودة من زمن لا يمكنني العودة إليه أبدًا.

 

تقلبت معدتي.

 

‘ركزي.’

 

حتى عضّ الجزء الداخلي من خدي لم يجعل الشعور يزول.

 

بينما واصلتُ المشي، غارقة في الأفكار، بدأت رائحة كريهة تنتشر في الهواء.

 

أوف، كان هذا لا يطاق.

 

“لن يُطلب من الماركيز إدارة شجرة العالم مباشرة” ، قال الكاهن.

 

رفعتُ نظري، مندهشة من الرائحة.

 

استمر الكاهن، غير متأثر،

 

“توقفت شجرة العالم عن النمو.”

 

حاولتُ ألا أظهر مدى رغبتي في سد أنفي وأنا أنظر إلى الشجرة.

 

كان جذعها ضخمًا مثل قصر روجين.

 

لو استمرت في النمو، لكانت حجبت السماء.

 

لكن مركز الجذع قد تعفن وتحول إلى اللون الأسود.

 

لا بد أن هذه هي مصدر الرائحة.

 

“ماذا تعني بالضبط بـ’عدم التدخل المباشر’؟”

 

“لا نطلب منكم الاعتناء بها. فقط أبقوها على قيد الحياة—بالكاد.”

 

كان لدى الكاهن طريقة لجعل الأمور الواضحة تبدو عظيمة.

إذن لهذا أحضرنا إلى هنا؟

 

‘على أي حال … كيف سأأخذ الجذر؟’

 

بالنظر إلى الحجم، لا بد أن الجذور ضخمة.

 

الخنجر الصغير الذي أحضرته بدا عديم الفائدة الآن.

 

“ما هذا؟”

 

توقف سيدريك عن المشي.

 

كان يحدق في شيء ما.

 

ابتسم الكاهن و أجاب بسلاسة ،

“هذا تمثال الساحرة العظيمة آيلينز”

 

ألقيتُ نظرة من حول سيدريك لأرى.

 

كان تمثالًا لامرأة في منتصف العمر ، منحوتًا بتفاصيل دقيقة لدرجة أن حتى تجاعيدها بدت حقيقية.

 

كان يمكنكَ أن تصدق أنها تحولت إلى حجر وهي لا تزال على قيد الحياة.

 

‘أعتقد أنني رأيتُ اسمها في القصة الأصلية … آيلينز.’

 

استمر الكاهن ،  

“يقولون إن أي شخص يحمل غصنًا من شجرة العالم سيحصل على قوة عظيمة. آيلينز، التي كانت مجرد بشرية، أصبحت طامعة. دخلت غابة دريموكان لسرقة غصن.”

 

كان تمثالها غير عادي.

 

كان هناك سهم عالق في صدرها، وكانت مدمجة في جذع شجرة العالم.

 

“بعد ذلك، لم تُرَ آيلينز مجددًا.”

 

“ساحرة عظيمة … لم أسمع بآيلينز من قبل” ، قال سيدريك، مستمرًا في المشي مع الكاهن.

 

‘هل هذا تاج الغار على رأسها…؟’

 

بينما كنتُ أعجب بمهارة النحات … أدركتُ شيئًا غريبًا.

 

في وقت ما، كانت عيون التمثال تنظران مباشرة إليّ.

 

…لكنني كنتُ متأكدة أنها كانت مغلقة من قبل.