Surviving As A Maid In A Cursed Mansion || خادمة في قصر ملعون: حكاية نجاة - 3
مرّت ثلاثة أيّام منذ أن أُبرم ذلك العهد الغامض.
كنتُ على درايةٍ تامّة بأن كوني متدربةً في خدمة المنازل يستلزم الاستيقاظ مع أولى خيوط الفجر.
لذا، سارعتُ إلى غسل وجهي والاستعداد بلهفةٍ متحفزة. وما إن فرغتُ، حتى أتى طرقٌ على الباب، أعقبه صوتٌ جافٌّ، يخلو من أي اهتمام:
“إيفون، الليدي جولييت تطلبكِ. أسرعي إليها”
كان صوت مدبرة القصر واضحًا، حاسمًا، باردًا،
لا يعبأ بأمري.
لكن، أوليست صاحبة سلطةٍ تفوقني؟
أليس من الطبيعي أن أنصاع لأوامرها؟
مرّت الفكرة في ذهني كنسمةٍ عابرة، لكن ذكرى تلك الخادمة التي التقيتُ بها في قاعة الطعام، وكلماتها العالقة في ذهني، جعلتني أقرر أمرًا آخر.
لم أُجب على النداء، بل جلستُ على السرير بصمتٍ مترقب.
ساد الهدوء في الممر.
“هل ينتظرون خروجي؟”
لم يُسمع سوى نبضات عقارب الساعة المتآكلة، تعدّ الدقائق برتابةٍ كئيبة.
عشر دقائق مرّت.
ثم دوَّى وقعُ خطواتٍ حادّة، متعمّدة، كأن صاحبها انتظر طويلًا قبل أن يتخذ قراره بالمغادرة.
“والآن، لم يتبقَّ سوى…”
…زيارة الليدي جولييت،
التي استدعَتني في هذا الوقت المتأخر من الليل.
—
“تذكّري، آنسة إيفون، قبل كل شيء:
‘أوامر الليدي جولييت’ لها الأولوية المطلقة.
مهما كنتِ مشغولة—حتى إن كنتِ تنظفين نافذة—يجب أن تلقي ما بيدكِ فورًا وتذهبي إليها حالما تطلبكِ”
هكذا أكّدت لي سوزان، مدبرة القصر، في أول يومٍ لي في العمل.
“الليدي جولييت ليس لديها وصيفة شخصية.
كانت تملك واحدة، لكنها لم تَعُد كذلك لأسبابٍ معينة”
بدت المدبرة أكثر حماسًا عند الحديث عنها، حتى أكثر من حماسها في شرح مهامي أو ساعات الدوام.
“هناك أمرٌ واحد ينبغي أن تحفظيه عن ظهر قلب: إنها تعشق ‘تارت الفراولة’، ‘السوربيه’، و’المدلين'”
بما أنني كنتُ على درايةٍ بإمكانية استدعائي لجلب ما تشتهيه، فقد حفِظتُ أذواقها بعناية.
“لقد تأخّر الوقت، لكن لا مفرّ من الذهاب،
أليس كذلك؟”
ربما استدعَتني لأمرٍ تافه.
أو ربما، بعد ثلاثة أيام من قدومي، أرادت أن تراني أخيرًا.
“غرفة الليدي جولييت تقع في أقصى الجناح الأيسر من الطابق الثالث”
استرجعتُ في ذهني تفاصيل القصر التي حفظتُها بعد جولةٍ طويلة خلال فترة تدريبي، فلم أجد صعوبةً في إيجاد الطريق.
—
وسط سكون القصر المهيب، وصلتُ إلى بابها وطرقتُ مرتين، وفقًا لما تعلّمت.
“ادخلي!”
رغم أنها لم تتجاوز أوائل العشرينيات، إلا أن صوتها كان حيويًا، نابضًا بالمرح، على عكس ما تصوّرت.
“لقد طلبتِني، سيدتي”
ما إن دخلتُ، حتى وقعت عيناي عليها—بثوب نوم ورديٍّ مُزخرفٍ بالدانتيل، وهي تركل نعالها بإهمال، كما لو كانت تحاول إيصالها إلى السقف.
لو رآها والدها، المركيز، لفقد صوابه وصرخ:
“يا لكِ من فتاةٍ غير مُهذبة!”
لكنها، في نهاية المطاف، وريثة هذه العائلة الوحيدة، وكان من الأسهل على الجميع التكيّف مع تصرفاتها بدلًا من معارضتها.
“إذًا، أنتِ الفتاة الجديدة؟”
تأملتني بعينيها البنفسجيتين المتألقتين، متجاهلةً النعال المبعثرة.
“القصر ليس به الكثير من الخدم، متى قرروا استبدال أحدهم؟ هل استقال أحدهم دون علمي؟
إن كان كذلك، فلا بأس بتوظيف بديل”
لفّت خصلةً فضيةً من شعرها حول إصبعها قبل أن ترتمي على سريرها الواسع بتكاسل.
“هل تعلمين كيف وقع الاختيار عليكِ؟”
كان سؤالها غير متوقّع.
أنا لم تُوظفني الليدي جولييت—المدبرة سوزان هي من أجرت المقابلة معي.
لا زلتُ أذكر بوضوح أنها كانت الجالسة أمامي أثناء التقييم.
“يبدو أنكِ لا تعلمين” ابتسمت ابتسامةً خافتة.
“القرار النهائي في تعيين الخدم ليس بيد المدبرة، بل بيدي أنا.
حتى لو اختارت شخصًا، إن لم يرق لي، فكأنه لم يُوظَّف قط”
استوقفتني كلماتها، فجعلتني أشعر ببعض التردد.
“حين كنتِ تخضعين للمقابلة، ربما كنتُ أراقبكِ من مكانٍ ما”
قالتها بلا اكتراث، بينما أعادت تفحّصي بعناية، قبل أن تهمس وكأنها تحدث نفسها:
“لا تبدين مفيدة جدًا…”
لكن… لمَ لا تتحدث بصيغة الغائب؟
كان هناك أمرٌ غريب.
قبل قدومي، سمعتُ شائعاتٍ تقول إن الليدي جولييت تتحدث دائمًا عن نفسها بصيغة الغائب،
بل وتملك شخصيتين مختلفتين.
حتى المدبرة سوزان ذكرت ذلك بوضوح:
“الآنسة الصغيرة تتحدث دائمًا عن نفسها بصيغة الغائب”
—
“آه، التفكير يُشعرني بالجوع.
عليَّ تناول شيءٍ ما”
بدا أنها قررت تناول وجبة خفيفة قبل النوم، ما جعلني أشفق مسبقًا على الطاهي الذي أنهى عمله للتو.
“ما اسمكِ مجددًا؟”
“إيفون، سيدتي”
“آه، صحيح! إيفون.
بما أنكِ موظفة جديدة، فمن الأفضل أن تعرفي كل شيء عني”
ثم ابتسمَت ابتسامةً ماكرة وقالت:
“فلنختبر ذلك. قولي لي، ما الذي أحب تناوله؟”
رغم أن السؤال بدا كأنه فخ، أجبتُ بثقة:
“تحبين تارت الفراولة، السوربيه، والمدلين”
كررتُ ما حفظته من المدبرة.
“إجابة مقبولة، لكنها ليست عن ‘أنا’ الحقيقية.
في الواقع، لا أحب هذه الأشياء على الإطلاق.
أما الآن، فأرغب في تناول فطيرة الجوز. أحضريها لي فورًا”
لم تذكر حتى تارت الفراولة أو المدلين من قبل!
“فطيرة جوز في منتصف الليل؟!”
تصوّرت الطاهي المسكين يُجبر على العمل بعد انتهاء دوامه، فشعرتُ ببعض التعاطف معه.
“وأيضًا…”
أضافت بحماس:
“سأتناول فطيرة الجوز مجددًا بعد ظهر الغد، لذا أحضريها لي كوجبة خفيفة”
أومأت برأسي تأكيدًا، فابتسمت برضا قبل أن تأمرني بمرح:
“اذهبي إلى المطبخ حالًا.
أريد الفطيرة الآن، ومعها عصير فواكه طازج!”
—
نزلتُ إلى الطابق الأول، متتبعةً ضوء القناديل الخافتة، حين ناداني صوتٌ مألوف.
“أوه، إنها الآنسة إيفون”
التفتُّ لأجد ليون، زميلي الذي بدأ العمل معي في اليوم ذاته.
“مساء الخير، ليون”
“مساء الخير، آنستي”
رغم حداثة عهده بالعمل، بدا واثقًا وهادئًا.
“ماذا تفعلين في هذا الوقت؟”
ترددتُ للحظة، ثم أجبتُ:
“الليدي جولييت طلبَت مني إحضار فطيرة الجوز وعصير الفواكه”
“إذًا، هل لي أن أرافقكِ إلى المطبخ؟”
وافقت، لكن تساؤلًا خطر ببالي:
‘كيف عرف طريق المطبخ بهذه السرعة، بينما لا أزال أواجه صعوبة في تحديد موقعه رغم الجولة التعريفية؟’
رمضان مبارك وشهر سعيد ومليئ بالسرور ان شاء الله علينا وعليكم 💖💖😾.