تسبب تصرف تيسير الجريء في إحراج الخدم والسكرتارية، فأداروا رؤوسهم أو حولوا أنظارهم، عدا رئيس الخدم الذي وقف متجهمًا متشابك الذراعين، ضمت لاتيل ذراع تيسير، كاتمة ضحكتها.

‘لمَ جاء فجأة وتصرف هكذا؟، هل أهملته مؤخرًا؟، إنه لطيف، لكن كيف سمع بأمر المحظي الجديد؟، ألم يكن سريًا؟، انتشر الخبر سريعًا جدًا!’

ناداها تيسير بنبرة ناعمة: “جلالتك؟” وفرك خده بخدها، كفهد يقلد قطة صغيرة، عندما حاول السكرتارية النظر مجددًا، أشاحوا بأنظارهم، فضحكت لاتيل.  

“تيسير، اهدأ.”  

تحدثت بصوت مرتجف من كبح الضحك: “سأرفض الاقتراح لا تخف.”  

جلس تيسير على حافة المكتب، يعبث بيدها، ورفع حاجبيه: “سترفضين؟”  

“نعم.”  

كان طلب إرسال محظي من كاريسين لإحراج هيسينت، موضوعيًا، لم تكن تاريوم بحاجة لزوج أجنبي، علاقاتها مع الدول الصديقة قوية، وقوتها زادت بعد قضية السحرة السود، خاصة مع وجود الكاهن الأعظم، مما جذب الفرسان المقدسين، الدول الأخرى تسعى لكسب ودها، فلا داعي لزوج أجنبي، لو كانت لاتيل تتوق لجمع الوسيمين، لكان الأمر مختلفًا، لكن ستة كافون الآن.  

“أنا أؤمن بالحب الخالص.”  

ضحك تيسير بلا روح: “حب خالص، إذن.”  

كتمت لاتيل ضحكتها.  

***

عندما عادت لاتيل إلى العمل وخرج تيسير، تبعه هيرلان بصمت حتى خلا المكان، ثم سأل: “لقد صُدمت، سيدي! لمَ غيرت كلامك فجأة؟”  

“هكذا.”

“هكذا؟، صدمتني بدون سبب؟”  

شعر هيرلان بالظلم، فقد كاد قلبه يتوقف، ضحك تيسير بهدوء.

“عندما واجهتها، لم أستطع قول إنها يجب أن تأخذ زوجًا آخر.”  

“لمَ؟”  

“لا أعرف.”  

‘هل تحب جلالتها؟’ 

نظر هيرلان إليه بحذر، لكن تيسير كان يبتسم كعادته، مما جعل قراءة أفكاره صعبة، تساءل هيرلان.

‘إن أحبها، هل هذا جيد أم سيء؟’

وصلا إلى الحريم، فأوقفهما كلاين بنبرة عدائية.

“يا تاجر.”  

اقترب كلاين متصلبًا، رافعًا جانب فمه: “تتظاهر بعدم الجشع، لكن مهاراتك في الإغراء مذهلة.”  

‘يعرف ما فعله تيسير!’

 اندهش هيرلان. ‘كيف انتشر الخبر بهذه السرعة؟، هل أخبره أحد من المكتب؟’

لاحظ غضب كلاين، عروقه النابضة، وأسنانه المطبقة.  

“صديق؟ تسمينا أصدقاء؟ تغازل زوجة صديقك؟”  

‘هي زوجته ايضا!’

رد تيسير بهدوء: “أخبار جيدة، يا أمير، لن يأتي زوج جديد.”  

“ماذا؟، حقًا؟”  

‘من أخبره لم يذكر النتيجة’ 

تردد كلاين بين الفرح والغضب، ضم تيسير كتفيه مبتسمًا: “نعم، أليس هذا رائعًا؟، لقد ابتهجت.”  

“حسنًا، هذا جيد.” 

“بالطبع، أمير ويلانج لا يقارن بك، يا أمير.”  

“هذا صحيح.”  

“لكن من الأفضل ألا يأتي، ليس لأنه تهديد، بل لأنه مزعج.”  

“نعم، مزعج.”  

أومأ كلاين، فغمز تيسير لهيرلان، الذي تنهد براحة.

‘نجا بطريقة ما’

لاحظ هيرلان الكاهن الأعلى جالسًا على ضفة البحيرة، منحنيًا، بعكس عادته. ‘لمَ هو هكذا؟’ لكنه تبع تيسير وكلاين اللذين ذهبا للعب الشطرنج.  

**

“توبه.”  

“نعم، سيدي.”  

“قلبي مضطرب.” 

“سيدي…”  

“كلام كلاين يطن في رأسي، هل أنا متزمت لأنني لا أستغل اسم الرب؟”  

في الاجتماع، قال كلاين إنه متزمت ولا يفيد، واقترح استغلال الدين، كان الكلام خفيفًا مقارنة بما يقوله للآخرين، لكنه أثر في جايسين. 

‘هو الوحيد الذي لم يفعل شيئًا’

لوح توبه بيده: “لا تهتم، سيدي، أنت الأكثر فائدة لجلالتها، وعدم استغلال اسم الرب ليس تزمتًا، بل نزاهة.”  

“لكن الا يجب أن أفعل ذلك من أجل جلالتها؟”  

“لا! هذا احتيال!”  

صاح توبه، ثم خفض صوته: “وأيضًا، هل منع زواج جلالتها من جديد يفيدها؟، إنه لمصلحة المحظيين.”  

“حقًا؟”  

“نعم، لا تهتم، مارس الرياضة كالعادة… آه، هل تريد رؤية الأثقال الجديدة؟، أحدهم أهداني إياها.”  

“كم وزنها؟”  

***

‘هم بالتأكيد منزعجون من خبر الزوج الجديد’ 

أنهت لاتيل الأمور العاجلة ودخلت الحريم دون عشاء لتهدئتهم، لاحظت جايسين منحنيًا على البحيرة، بينما توبه مرتبك.

‘لمَ هو هكذا؟’

اقتربت، فسمعته يقول: “أنا مفيد جدًا، لكنني أشك إن كنت كذلك لجلالتها.”  

‘لمَ هو محبط؟، بسبب الزوج الجديد؟، يظن أنني سأقبله لأنه غير مفيد؟’

شعرت بالأسف لرؤيته محبطًا، فقالت: “أنت مفيد جدًا.”  

التفت جايسين وتوبه، فانحنى توبه، وقفز جايسين واقفًا. 

“لمَ عضلاتي محبط اليوم؟، هل أصبت بفقدان عضلي؟”  

أمسكت ذراعه، فابتعد توبه، وجلس جايسين معها، لمست ذراعه القوية: “يبدو جيدًا بالنسبة لي.”  

“ليس بسبب عضلاتي، جلالتك.”  

“إذن؟، هل يضايقك أحد؟، كلاين؟”  

أومأ توبه، لكن جايسين نفى مبتسمًا، أصر توبه، لكن جايسين نفى مجددًا.  

“لمَ أنت محبط إذن؟، غريب أن تكون كذلك.”  

“أنا…”  

تردد، ثم شارك قلقًا قديمًا: “كنت دائمًا محبوبًا، لم أنتظر أحدًا من قبل.”  

“حقًا؟”  

“نعم، لذا هذا الوضع غريب، ويجعلني مضطربًا، ليس بسبب مضايقات.”  

‘من يستطيع مضايقتك؟’ تذكرت لاتيل لقاءهما الأول حين أغمى على خصمه بضربة، ابتسمت وهزت ذراعه.

“حتى عندما لا نلتقي، أنا أحبك دائمًا، لا تقلق.”  

‘أنت هنا لحمايتك، ولست زوجًا حقيقيًا’ كتمت هذا خشية إحراجه، خاصة أنه خلع ملابسه في ليلتهما الأولى.  

“أترسلين الحب لكنه لا يُرى؟، شيء مثل الإيمان.”  

“!”  

“من حسن حظي أنني معتاد على هذا الحب.”  

ابتسم جايسين بحيوية، فشعرت لاتيل بالذنب. 

‘هل أهملت رجالي بسبب انشغالي؟’ 

كانت تقضي وقتًا مع كارلين فقط، أو تتجول كساديل.

‘يجب أن أقضي وقتًا أكثر معهم.’

غادرت وهي تشعر بالذنب، تساءل جايسين: “توبه، هل بدوت وكأنني أنتقد جلالتها؟”  

“لم تبدُ غاضبة.”  

“لكنها جاءت مبتسمة وغادرت محبطة، هل أسأت الفهم؟”  

“ما الذي قد تسيء فهمه؟”  

“ومع ذلك…”  

نهض جايسين مضطربًا، ثم ركض فجأة.  

“سيدي، إلى أين؟”  

“لأري جلالتها أنني لا أنتقدها! سأظهر الصدق المخفي تحت ملابسي!”  

“سيدي، لا تمزق ثيابك لم يعد لديك ما تلبس!”