Never saved you - 11
داخل غرفته حيث كان الظلام يغيم على المكان ، كانت الريشة التي بين أصابع الي تدور ببطء.
كانت ريشة السيرين .
قبل فترة وجيزة من عودتهم ، أعطتهم السيرين ريشا . و قد احتوت على المانا ، ليستطيعوا منادتهم مهما كانت المسافة بعيدة .
“عندما تريد مقابلتنا ، اكسر ريشة. حينها سنجدك أينما كنت ! “
هذا ما قالته اسيلو ، أكبر السيرين .
كانت أوفيليا ممتنة لأسيلو ، لكن ما أرادته لم يكن ريشة يمكن أن تناديهم من خلالها .
– “شكرا لك على الريشة ، لكني اريد شيئا اخر .”
“ما هو ؟”
“رئيس السيرين ، سانتي. اريد منك أحضاره الى هنا غدا “.
“سانتي – ها.. انت تتحدثين عن سانتي؟ سانتي لن يتحرك لمجرد أنني طلبت منه ذلك “.
تذمرت السيرين ، لكن أوفيليا اصرت على طلبها .
– ” ان كيفية اقناعه امر متروك لك .لكن إذا قمت بذلك ، فسوف أحضر بعض الطعام من الجزيرة . ما هو ردك؟”
”طعام من الجزيرة ؟ لم أجرب شيء كهذا من قبل! “
-“اذن سيكون من الرائع ان تجرببه صباح الغد ، أليس كذلك؟”
“نعم!”
كان من السهل التعامل مع السيرين الصغيرة ، لأن أوفيليا تفاوضت معهم بمهارة ، كما لو كانت تعرف طبعهم.
لذا تساءل الي.
كيف يمكن لاوفيليا التي ولدت و نشأت في القصر الامبراطوري ، ان تكون ماهرة في انتقاء الكلمات المناسة و في التعامل مع المخلوقات السحرية التي لا ينبغي ان تعرف حتى عن وجودها ، كيف لها ان تعلم كل هذا ؟
في الواقع ، كان هناك شيء أراد ألي أن يسأل أوفياء عنه بمجرد أن التقى بها على الساحل. لكنه شعر انه سيكون مضحكا للغاية فالامر الذي اراد سؤالها عنه لم يكن يتعلق بذكرياته.
كما انه لم يعتبر ذلك السؤال أمرا مُهماً لان جل أولوياته كان استعادة ذكرياته ، و مع ذلك فقد أراد أن يسأل عن نوع العلاقة التي كانت تربطه بأوفيليا قبل أن يفقد ذكرياته. ولكن ما الذي سوف يستفيده من الإجابة التي سيسمعها؟
كيف اكتسبت أوفيليا كل هذه المعرفة … لماذا أرادت مساعدته … ما علاقتها به …
كان يدرك انه ليس من المنطقي ، أن تتبادر هذه الاسئلة اولا الى ذهنه .
فما الذي يمكنه أن يفعل ، اذا كانت المعلومات التي ستخبره اياها غير صادقة بشكل تام ؟
في الوقت الذي كان يحاول ان يؤمن بها .
لذلك ، بمجرد عودة السيرين إلى المحيط ، طرح الي أكثر سؤال عقلاني تبادر الى ذهنه .
__ “هل هم من سيساعدونني في العثور على ذكرياتي؟”
– “بالطبع ، .”
كان ردها قاطعا ، وكأن جواب السؤال الذي طرحه كان واضحا من البداية . نظر إلى الأسفل ، اين كانت أوفيليا تمسح قدميها المبتلتين بمنديل كان مربوطًا من قبل حول معصمها.
كانت تنورة فستانها التي لا تزال مربوطة ، تظهر جزءا من فخذيها ، كما أن طريقة جلوسها على الصخرة كانت غريبة ، كل هذه الامور وضعته في موقف حرج.
جعله الامر يشعر بالغرابة. ربما لأنه لم يستطع غض النظر عن تصرفاتها الخرقاء .
– “انت تبدو غير مرتاح.”
– “ان المنديل أصغر حجما مما اعتقدت .”
لم يكن الأمر يتعلق بحجم المنديل ، كما ان الي بامكانه تجفيفها في الحال باستخدام بعض الرياح السحرية .
لكنه أبقى فمه مغلقا. فلم يكن يحب حشر نفسه في شؤون الآخرين.
__”هل سنعود من ذلك الطريق الدائري؟”
– “سيكون من المزعج أن يتم القبض علينا من طرف ليليث … آه ، إنها القائدة الثانية التي اتت معنا الى لادين “
__ “آها”.
تلك المرأة الثرثارة.
تذكر الي كيف شعر بالانزعاج تجاه المرأة التي كانت تعامل أوفيليا مثل الاميرة و التي كانت تمثل اكبر عائق في حياتها.
انحنى الي وأمسك بيد أوفيليا التي كانت تمسح بها قدميها بشكل محرج.
_ “إذا تابعت القيام به بهذا الشكل ، فلن تنتهي حتى شروق الشمس. اجلسي ، سافعل هذا لك “.
– “… لا اريد ان اجعلك تقوم بمثل هذه المهام الوضيعة.”
__ “أنت لم تطلب مني ذلك . أنا بنفسي تطوعت “.
سيكون الامر اسهل اذا استعمل السحر ، لكنه كان متعبًا بعض الشيء لأنه افرط في استخدام المانا اليوم.
سكتت أوفيليا لفترة . ربما لانها كانت محرجة. أراد الي أن يرى تعابير وجهها ، لكنه ركز فقط على المنديل الذي بين يديه . كما انه إذا رفع نظره ولو قليلاً ، فستكون ساقاها الشاحبتان هي ما سيراه اولا.
لم تكن قد غاصت بعمق في المياه ، لكن نصف ساقيها كانتا مبتلتين .
أمسك الي بقدمها بإحدى يديه و قام بمسح جلدها بيده الاخرى ببطء. تحدثت أوفيليا وهي تراقبه و هو يقوم بذلك .
__” لقد ذكرتُ سابقا أنك من البرج”.
– “نعم ، لقد فعلتِ .”
لقد كان سيرين اسم البرج السحري ، كما كانت السيرين بحد ذاتها تشكل شبكة اتصال خاصة بالبرج .
– “هذه هي علاقتك بهم.”
__ “إذن لماذا طلبت منهم إحضار رئيسهم ( قائدهم )؟”
– “حسنًا … لأنه يعرفك .”
توقفت عن الكلام لبرهة ، لم يكن الي يعرف اذا كان قد لمس مكانا حساسا من قدمها ، فقد قامت بتقويص اصابع قدمها التي كانت بيضاء كساقيها .
صافية مثل ساقيها …
كانت هذه هي الفكرة الوحيدة التى تردد صداها في ذهنه.
– ” لطالما كان البرج معروفا بانه خاضع لحراسة مشددة و قوية ، لكنه في الواقع يوجد في مكان يسهل الوصول إليه أكثر مما يعتقد الناس. إنه في وسط المحيط ، وبالقرب منه توجد مستعمرة (مكان تجمع ) للسيرين . لذا من المستحيل للسفن المارة الاقتراب من البرج “.
__ “……” (صمت)
-“… الي؟”
عندما نادت اسمه ، عاد الي اخيرا الى رشده . فجأة ، نظر إلى الأعلى وهو لا يزال ممسكًا بقدميها ، فالتقت أعينهما.
إنها تمتلك تلك النظرة مرة أخرى. تلك النظرة اللطيفة.
كان شعرها الأحمر يرفرف مع الرياح وكانت عيناها الزرقاوان صافيتان للغاية . لم يكن هناك أي ضوء يضيئها ، لكنها بدت متالقة فحتى شفتيها كانتا تلمعان .
الليلة ، و بينما كانت جالسة على الشعاب المرجانية المظلمة ، كانت أوفيليا ملفتة للنظر بشكل رهيب.
-“هل تستمع لي؟”
أومأ الي برأسه في عجلة ، محاولًا عدم إظهار أنه كان مشتتا للحظات.
– “… لقد كنت مصغيا . لقد فوجئت للحظة فقط . “
– “أنا أعرف كيف تشعر. لقد فوجئت أيضًا عندما سمعت الامر لأول مرة. من الذي كان يعتقد أن البرج موجود في وسط المحيط؟ “
بدأ الي في تحريك يديه مرة أخرى ، متجنبًا النظر الى ساقيها قدر الامكان . و لحسن الحظ ، لم تلاحظ اوفيليا ذلك.
لذا ،لم يكن بحاجة إلى اختلاق المزيد من الأعذار. وقد كان ذلك جيدًا بالنسبة لالي ، لأنه لم يكن بارعًا في تقديم الأعذار.
لكن الامور التي فكر بها لا تزال تخطر بباله .
يمكنه إخفاء الامر عن أوفيليا ، لكنه لن يكون قادرًا على إخفاءه عن نفسه.
في النهاية ، لم يستطع اخبارها انه كان بامكانه تجفيف قدميها بالسحر .
كانت تلك الليلة مخزية بالنسبة لالي.
و سواء كان ما حدث له بعد ذلك عقابًا لافكاره المخزية أم لا ، فان اوفيليا قد ظهرت في احلامه ، ما ان اغمض عينيه .
لا ، ما رآه بالتحديد ، كان امرأة ذات شعر أحمر وعيون زرقاء.
لم يستطع تذكر وجهها بشكل صحيح. كان يتذكر فقط انها تمتلك شعرا الأحمر وعيونا زرقاء.
حتى لو كان لون شعرها مماثلا لخاصة أوفيليا ، الا انه عندما استيقظ ، كان يشعر بأن من ظهر في حلمه ليست هي.
كانت المرأة في حلمه تبتسم بسعادة .
° “حقا؟ هل يمكنني الآن المشي على الأرض؟ “
و قد كان نصفها الثاني ، ذيل سمكة .
* * *
هل كان ذلك جزءًا من ذكرياته المفقودة؟
فحتى بعد ان استيقظ من الحلم ، بقي الي يحدق في الفراغ لفترة من الوقت.
لقد كان الامر واقعيا جدا لدرجة أنه لم يستطع اعتباره مجرد حلم. إذا لم يكن ما راه حلما ، فمن هي تلك المراة بحق الجحيم؟
شعر أحمر وعيون زرقاء.
بالطبع لا يمكن أن تكون أوفيليا لأنها ليست بحورية بحر.
كان هنالك الكثير من الشبه بينهما. ألا يمكن ان تكون هناك صلة بينهما ؟
بالإضافة الى تساؤله السابق فقد كان الي يمتلك بالفعل الكثير من الأسئلة التي يريد ان يطرحها على أوفيليا.
لم تكن تعرف فقط عن وجود السيرين ، بل كانت جيدة أيضًا في التعامل معها. كما يبدو أنها على اطلاع كبير بالبرج السحري ، والذي لا ينبغي أن يكون شيئًا معروفا بين الأشخاص العاديين .
في طريق عودتهم من الشاطئ ، قالت اوفيليا.
– سأجيب على شيء آخر لأنك ساعدتني كثيرا . اسألني عن اي شئ .
لقد أثر كرمها على ضمير الي ، لكن أخلاقه لم تكن جيدة بما يكفي للتضييع مثل هذه الفرصة .
__ إذا سألتك عن هدفك الحقيقي ، هل ستجيبين؟
– هدف؟
__ لماذا تقومين بمساعدتي على استعادة ذكرياتي؟
فعند سماعه لشرحها حول السيرين ، ادرك الي ان “المعروف” الذي ستطلب منه فعله ، متعلق باستعادته لذكرياته .
فمن المفترض ان يستفيد كل منهما من الصفقة ، لكن على العكس من ذلك فطلبها كان لمساعدته ، و من المفترض ان يكون ممتنا لذلك ، لكنه تساءل عن الامر .
– ما الفائدة التي ستجنينها من العثور على ذكرياتي؟ هل سيفيدك ذلك بطريقة ما؟
فهذا ، ما بدا عليه الأمر بالنسبة لالي – كانت تساعده في استرجاع ذاكرته لتتمكن من تحقيق مكاسبها الخاصة.
و بدا الامر كما لو انه اصاب في تخمينه ، فقد قامت اوفيليا بتضييق عينيها قليلا ( فكرت قليلا) ثم اعترفت .
– ما تقوله صحيح. لكن لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال الآن.
__ لقد كنت أعرف.
لم يكن يتوقع الكثير من البداية .
فاوفيليا لم تكن شخصا احمقا ، فاذا كان بامكانه مساعدتها في تحقيق هدفها الان ، لكانت قد اخبرته بماهية طلبها من البداية .
لذا لم يسأل الي عن ذلك حتى الآن.
و قد شعر كما لو ان ما فعله كان مضيعة للفرصة التي منحتها له .
فقد طرح الي سؤالا ، لم يكن من اولوياته .
كما كان هناك عدد كثير من الاسئلة التي تتبادر الى ذهنه ، الا انه اختار سؤالاً شخصيًا قدر الإمكان.
__إذن هل يمكن أن تخبرني كيف علمت بهذه الأمور؟
– اتقصد عن السيرين والبرج؟
__نعم. هل من الصعب الإجابة؟
-لا شيء صعب حيال ذلك. اعتقدتُ فقط أنك لاحظت السبب بالفعل ، لكني فوجئت أنك لم تلاحظ الامر بعد.
__ لاحظت ماذا؟
– أنت من البرج وأنا أعرفك.
أدارت أوفيليا رأسها ونظرت إليه بعيون صادقة.
– كل ما أعرفه … أنت من قاله لي.