My Beloved, Whom I Desire to Kill - 1
“مِنَ اليوم، هذا البيت هوَ مَنزِلُكِ.”
سَيّدي.
“أنتِ لَستِ الفتاة التي كُنتُ أَتَطلعُ لرُؤيَتها. لقد أَصبَحتِ سيِّدَةً بَينَما كُنتُ غَافِلًا.”
سَيّدي العَزيز.
“أَيتُها الطُّفلَةُ المُتَطَفلَةُ، يَجِبُ عَلَيكِ أَن تُسَددي لي جَمِيلَ تَربيَتي لكِ.”
سَيّدي الذي أَتَمَنى لو أَستَطيعُ قَتلَهُ.
—
“أَشعُرُ بِالجُوعِ…”
كيفَ يُمكِنُ أَن يَكُونَ لصَوتُ طِفلٍ جَائعٍ ذِي عامينِ أن يكونَ مُرتفع هكذا؟ و معَ ذلك، تَرددَ صوتُهُ في جَوفِ مخزَنٍ تَحتَ الأَرضِ، فبدَا فَارِغًا كما مَعِدَتُهُ الخَاويَة.
“ناتي.”
لم تُجِب شَقيقتُهُ الكُبرى ناتاليا، التي كانت تَتمددُ إِلى جَانِبهِ تَحتَ نَفسِ الغِطاءِ المُهترِئ. كانت تُحدقُ بِشَكلٍ جَوفيٍّ إِلى السقفِ المُظلِمِ، كأَنها أَصبَحَت صَمَّاء.
“ناتي…”
و لكنَّ الفتى، الذي كانَ ضَعيفًا لِدرجةِ أَنهُ لم يَستَطِع هَزَّ شَقيقَته، لم يَكُن لَهُ سِوَى أَن يَتَذمر بِفَمهِ.
“بطني…”
كانَ مُرقهًا لِدرجةِ أَنهُ لم يَستَطِع إِتمامَ جُملَته بعد أَن حَاولَ أَن يَلتَقطَ نَفَسًا.
“بطني… جائِعة.”
“اصمُت.”
“لِماذا؟”
“إِن لم تَصمُت، سَيأْتي الرجَالُ الأَشرَارُ و يَأْكُلُوننا، تَذَكر؟”
فتى ذو سنتيْنِ و فتاة في العاشِرةِ.
فتاة في عُمُرِ العاشِرَةِ، لم تَعُد بَرِيئةً كما كانت، أصبحت تَعرِفُ جَيدًا ما سَيحدُثُ إِذا اكتشَفَهُما الآخَرون. لكِن الفتى في سِن السنتَينِ كانَ صَغيرًا جِدًّا لِفهمِ كيفيةِ تَغيرِ العالم بِتلكَ السُّرعة.
“هك، هااا…”
بَدأَ الفتى بِالشهيق و سرعانَ ما انفَجَرَ بِالبُكاء.
“واااه، أَنا جائِع!”
“اصمُت!”
قَفَزت ناتاليا و وضَعت يدهَا على فَمِ أَخيها. لم تِفارِق عَيناها التَّائِهَتينِ السّقف الْمُحَجبِ بِالقُضبانِ.
فَوقَهُما، كانت الوحوشُ الجائِعةُ لِلنحرِ تَتَجولُ، تَفَتشُ عَنهُما. و ارتعشت عَينا ناتاليا الشاحِبَتينِ في رُعبٍ.
“تَوقَّف… أرجوك، تَوقَّف عَنِ البُكاءِ…”
ابتلعَ بُكاءَ أَخيها كُل الأَصواتِ التي حولها
. كانت ناتاليا تَضغطُ على فَمهِ بِشدَّةٍ، لكن يَديها الْمُرتَعِشتينِ و الضعيفَتينِ لم تَكونا قادِرَتينِ عَلَى إِسكاتِهِ.
“هِيوُنغ… آَه…”
إِذا سَمِعهُما الجُنودُ و اقتَحَموا المكانَ، فإِنَّ حياتَهُما سَتَكُونُ قد اِنتهت. و إِذا قُتِلا على فَورِهِما، فذلكَ سَيكونُ بِمَثابَةِ رَحمَةٍ.
“أَرجوك، اصمُت! …”
عِندما لم يَتَوقف أَخوها عَنِ البُكاءِ، اِنهارت ناتاليا في النِّهاية.
شَعرت بِندَمٍ عَميقٍ. كانَ يَجِبُ عليها أَلا تُعطيهِ تِلكَ البطاطة الفاسِدَة في اليوم السابِق.
كانَ يَجِبُ أَن تُجَوعه حتّى لا يَعودَ قَادِرًا على البُكاءِ أَوِ الصُّراخِ. كانَ يَجِبُ أَن تَذَرَّهُ يَموتُ.
نَعم، الموتُ كانَ سَيَكُونُ أَفضل.
بَعدَ أَن عاشت حياةً أَسوأ من الموتِ، تَساءَلَتِ الآنَ عَن سببِ حُزنِهِم على مَن رَحَلُوا قَبلَهُم؟
كانَ يَجِبُ أَن يَحتَفِلوا.
“ماما”…
“إذًا، سَأُرسِلُك إِلى ماما.”
عِندما نَادى أخوها أَخيرًا أُمهُما، تَفجرت ناتاليا في حافةٍ مِنَ الحافِز، فأمسكت وَسادةً.
انخفضت عَيناها الجافتَينِ، اللَّتَينِ خلتا الدُّموعَ، و انحَنت وَسادَتُها، التي كانت بيضاءَ في ما سَبَقَ، و التي اصفَرَّت من كَثْرةِ الدُّموعِ التي سُكَبَت عليها، تَجهَزُ لِتَمُسَّ وَجهَ أخيها الذي غَطَّاهُ الدمعُ.
كانت ناتاليا تحب أَخاها. لا، كانت تحب إخوتها.
لكن ذلكَ كانَ قَبلَ أَن تُصبِحَ الحياةُ لَعنةً أَشَدَّ بؤسًا مِنَ المَوتِ.
كانت قِصَّةً مُنذُ زَمنٍ كانَ فِيهِ الناسُ يَقولونَ عنها إِنها غَريبة في هذه الأرض.
شعرت بِأَنَّ ذلكَ كانَ تَاريخًا قَديمًا، لكنَّ فَجوةً فقط، استَغرَقَت شَهرًا واحِدًا لِتُغَير كُل شَيء تمامًا. شهرُ واحد فقط.
قرية نائيَة مَخفية في عمق غابَةٍ كَثيفةٍ.
منطقة على أطراف المَملكة حيثُ لا يَسمعونَ فيها بالكهرباء.
منطقة ريفية فقيرةٌ يَتميزُ فيها المُلاَّكُ و المزارِعون رغم أنه لا يُمكن تمييزهم من المظاهر.
في ذلِكَ الواقِعِ ولِدَت ناتاليا كابنَةِ للفَلاحِ رودنيك، ثَانيةً بين سِتِّ أَبناءٍ و ابنَة وحيدَةً بينَ العديد من الإِخوة.
كانت أَرضُ أبيها، و كانت أَرضُ جَدها قَبلهُ. و معَ ذلِكَ هي أصبحت غريبةً في تِلكَ الأَرضِ نَفسِها.
“روزيلـيان.”
خِلال موسم الصيد، كانَ الغُرباء الذينَ يَحمِلونَ بنادق طويلة على أَكتافِهم يَمرونَ عبر القرية فَيُنادونَها بِالغريبة بدلاً من ذلك.
ناتاليا، التي لم تَحضُر مدرسةً، لم تَكُن تَعرِفُ مَعنى هذهِ الكَلِمة.
كُلُّ ما كانت تَعرِفُهُ هوَ أَنَّ وراء الغابة و عبرَ بُحَيرةٍ شاسِعةٍ تَقَعُ مملكة تُدعى كونستانس، و أَنَّ المَملكة التي تَعِيشُ هي فيها تُدعى ميرسيا.
—
“نادَاني الغُرَباء روزليان. أَينَ هيَ روزيل؟”
بِفضولِها، سَأَلت ناتاليا الشيخَ في القرية الذي كانَ يَعرفُ أَكثرَ مِما يَعرفُ غيره، فأَجابَ بِصوتٍ خَاشِعٍ: “لا نملكُ دولة.”
“لكننَا نَعيشُ في ميرسيا، أَلَيسنا ميرسيين؟”
أَجابَ الشيخُ: “هذا ما هوَ مَكتوب على الورقِ فقط.”
لم تَكتشِف ناتاليا الحقيقة إِلا في سَنتِها الثامِنة. فقد تَعلمت أَنَّ سُكانَ القُرى الخمسة في المنطقة، التي كانَ يَستَقِر فيها أَحرار وفئَات مُختلِفة، قد وصِفوا بِـ”الروزيليَّة”، رُغمَ أَنَّ سِجلّات القُرى كانت تُسَميهم “ميرسيين”.
مُنذُ أَلفِ سنة، قبيلة من البدو و الرحل فقدت وطنهَا، ففتحت فجوات الغابة و استَقرت هُناك. فذابَت عاداتُهُم و دمَاؤُهُم فِي حَتَّى صَاروا خلاطةً مِمّن جَاءُوا من مَملكتي “كُونستانس” و”ميرسيا”.
و حتى لُغَتُها التي كانت تتحدث بها لم تَكُن خاصةً ، بَل كانت مزيج بينَ اللُّغَتين.
“لا عَجبَ أَن يتكلّمَ الرجَالُ الذينَ جَاءُوا من خَارج الغابة بِلهَجاتٍ غَريبةٍ.”
“ناتاليا، لَا تقتَربي مِنَ الغُرَباء، فَإِنهُم سَيدعونَكِ بِالحَيوانِ الهَجينِ.”
مَا الضيرُ في ذلك؟ ناتاليا كانت تُحِبُّ كلابها الثلاث الهَجينة.
و هكذا نشأت ناتاليا دونَ أَن تعرِفَ من هيَ خارِجَ الغابة.
حتى بَلَغت سَنَتها العاشِرة، قبلَ اندِلاعِ الحربِ.
كَانَتْ “كونستانس” و “ميرسيا” في صِراعٍ دائِمٍ. و سَقط السلامُ الذي سَادَ لِثلاثينَ عام بينَ عشيةٍ و ضُحاها.
“اللعنة على كلاب كونستانس لقد غزوا السهول في الجانِبِ الغربيّ من البحيرة.”
—
“مِنَ القرية، كانوا يَرونَ بوضوحٍ الدُّخانَ الأَسوَدَ يَرتَفِع ليلاً و نَهاراً، و الأَرَاضي المُستَعِدة لِلحَصادِ تَحتَرِقُ. و هُناكَ، رَأَت ناتاليا الطائِرة لِلمرةِ الأُولى.
“رائِع! كَيفَ يُمكِنُ لِهذِهِ القِطعةِ العملاقةِ مِنَ المَعدَنِ أَن تَطيرَ كطائِر؟”
كانت الفتاةُ البسيطة من الغابة تجهلُ أَهوال و فظائِع الحرب.
بالنسبة لها، كانت الحربُ مجرد لُعبةً يلعبُها الصبيانُ، يُمسِكونَ العِصِيَّ كأَسلِحةٍ و يُصدِرونَ أصوات “بانغ، بانغ” بِأَفواهِهِم.
لكنَّ الحَقيقة الواقعيّة لم تتأخر في الطّرق على أَبوابها.
في نهايةِ المطَافِ، اُضطُرَّ صِبيةُ القريةِ لِحملِ الأَسلِحة الحقيقيّة. و أَخَذَ الجَيشُ الميرساني أخاها ذَا الخمسَةَ عشَرَ عاماً مَعهُم، وَصَلوا في ثلاثِ شاحِناتٍ ليجمعوا شُبَّانَ القريَةِ بالقوةِ.
و بَينَما كانوا يُشَاهِدونَ الشُّبانَ يُجَرونَ بَعيداً و يُجبرون على التجنيد، هَمَسَ رِجالُ القريةِ بِقلقٍ:
“مَن يَدري؟ فقد يَأْخذونَهُم كَعَلفٍ لِلمَدَافِعِ فقط لِأَنهُم روزيليون.”
“على الأَقلِّ، إِذا ارتَدوا الزِّيَّ العَسكريَّ، لن يُتهَموا بِأَنهُم جَواسيسُ لِكونستانس.”
—
لم يمضِ وقت طويل حتى أَدرَكت ناتاليا بِالضبطِ معنى تِلكَ الكلمات، و لن تَنسى ذلِكَ أَبدًا.
تَحولت خُطوطُ الجَبهةِ نَحوَ الشرقِ، حَيثُ كانت قريةُ ناتاليا. و في ذلِكَ الشَّهرِ، حِينَ كانت جُيوشُ الدولتين تَتَنازَعُ الكَرَّ وَ الفَرَّ حَولَ القرية، تَحَولَ مَوطِنُ الغابة الهادِئُ إِلى مَشهدٍ من الجَحيم.
نُهِبت المَواشي التي رَبَّوها، و المَحاصيلُ و الحَطبُ الذي خَزَّنوهُ لِلشتاءِ. و بُيوت كَثيرة أُحرِقت حَتى صارت رَمادًا، و أُخرى دُمِّرت بِالقَذائِف.
لم تَعُدِ الطائِراتُ التي كانت تُبهِرُها تَبدو مُدهِشةً بَعدَ الآن.
و لكن ذلِكَ لم يَكُن الأَسوَأ.
“أَيُّها الأَقذارُ الميرسيانيون المهجنون!”
عِندما تَصِلُ جُيوشُ كونستانس، كانوا يَنظُرون ألى ناتاليا كـ “ميرسيانية”
“لدينا تَقاريرُ تُشيرُ إِلى أَنَّ هذِهِ القريَةَ تُقَدمُ المُساعَدة لِجُيوشِ كونستانس. الخَونة سَيُعاقَبونَ بِالإِعدامِ كَمُتَعاونين معَ العَدُو.”
عِندما تَصِلُ جُيوشُ ميرسيا، كانوا يَنظُرونَ إِلى ناتاليا كـ “كونستانسية”
الذينَ سَحَبهُم الجُنود خارِجَ القَريةِ وَ هُم لا يَعلَمونَ شَيئًا، وُجهَت إِليهم تُهَم باطِلة بِالتجَسُّسِ لِصالِحِ العَدو و أُعدِموا. و البَعضُ أُخِذوا إِلى الغابة و لم يَعُودوا أَبدًا.
—
في تِلكَ الفترة، كانَ الخَوفُ أَقوَى مِنَ الجوع. لم تَجرؤ ناتاليا على الدخُولِ إِلى الغابة، خَشيةَ أَن تُصادِفَ جيرانها في أَحوالٍ مُفجِعةٍ، في المَكانِ نَفسهِ الذي كانوا يَجمَعونَ فِيهِ الفِطرَ و التوتَ مَعًا.
في تِلكَ الفترة، لم تَكُن ناتاليا الصغيرةُ تَفهمُ كيفَ أَو لِمذا ماتوا، و لكن رائِحةَ الموتِ و الخوفِ التي كانت تَنبعِثُ مِنَ الغابة لم تَكُن خفِيةً.
“يَـا أَبي، لا أَستطيعُ العَيشَ هُنا بَعدَ الآن. أَلا يُمكِنُنا الرحيل؟”
“ناتي، لا نَستَطيعُ ذلِك.”
لم يَكُن الهُروبُ مُمكِنًا. و لم يَكُن ذلِكَ لِسببِ تعلُّقِهم الغريبِ بالأَرضِ التي دافعوا عنها جيلًا بَعدَ جيلٍ، و تَحملوا فيها اضطِهادًا دامَ أَلفَ عامٍ.
“إِذا رَحلنا، فَسَنَمُوتُ جميعًا.”
لا يَهُمُّ إِلى أَينَ يَذهَبون، سوَاء إِلى كونستانتيا أَو ميرسيا، فَسيُعامَلونَ كأَجَانِبَ و يُقتَلونَ، إِمَّا بأَيدي الكونستانتيين في ميرسيا، أَو بأَيدي الميرسيينَ في كونستانتيا.
في تِلكَ الفترة، بَدأَت ناتاليا تَشعُرُ بالغيرةِ من شقيقها، الذي كانَ يَرتدي الزِّيَّ العسكرِيَّ الميرسيَّ، و قد أَصبحَ ميرسيانيًا.
—
عـالقين في القرية، تَارِكينَ أَمَلًا في تَقلُّصِ خُطوط الجَبَاهِ في أَيِّ جانبٍ، بدَأَ سُكانُ القريةِ ذَوُو القلوبِ الطيّبَةِ في التغير.
بَدأَ بَعضُهم في اَتِّهامِ جيرانِهِم، الذينَ كانوا يعتَبِرونَهُم كالْعائِلة طِوالَ حياتِهم، بِأَنهُم جواسيسُ مِن كونستانتيا مِن أَجلِ إِنقاذِ حياتهِم.
عِندما حَضرَ جيشُ كونستانتيا، تمَّ اتِّهامُ هؤُلاءِ المُخبرين بِالتَّعاونِ معَ جيشِ ميرسيا، فجرَتِ الإعدامات حتى أُحرِقت جُثَثُهُم.
تَم فقد العديد من الأرواح البريئة في فوضى مدمرة اجتاحت القرية. هَكذا ماتَ والِدُ ناتاليا. و هَكذا ماتت وَالِدتُها.
اِختفى إِخوةُ ناتاليا الصغَارُ واحِدًا تِلوَ الآخر. اِثنانِ مِّنهُم دَخَلا إِلى الغابة، غير قادرين على تَحمُّلِ الجوعِ، و لم يُرَيَا مرَّةً أُخرى. أَمَّا اِثنانِ آخرينِ، فَلم يُسمَع عَنهُما حتَّى اليوم.
لا رَيبَ في أَنهُم فَروا و نَجوا.
و لَكِن ناتاليا كانت تعرفُ أَنهُ كَذِب في فَجواتِ قُلوبِهِم، فَلم يَصدقهُ أَحَد.
و أَمَّا الذينَ نَجَوا بِالكادِ فَصَاروا فَريسةً لِلجوعِ وَمَاتُوا مِنْهُ.
—
بعدَ أن أَكَلُوا كلبَهُم الأَلِيف، لم يَعُد الناسُ في حاجةٍ إِلى أَيِّ عُذرٍ. توقفوا عن استِخدامِ اَلتهماتِ اَلكاذِبةِ كوَسيلةٍ و بَدؤوا في قَتلِ بَعضِهِم اَلبَعضِ و سَرِقةِ ما تَبَقى لدَيهِم.
لقد كشفت الحربُ عَن أَعماقِ الطّبيعةِ اَلبشَريَّةِ. و طبيعتِها هيَ أَيضًا.
ناتاليا رودنيك القديمة، التي كانت تُشارِكُ حتّى حَبَّةَ الفاصوليا، ماتت. و لم تَعُد سَرِقَةُ الطّعامِ و الملابسِ مِنَ الموتى تُزعِجُها.
في النّهاية، أصبحت تَرغَبُ حتّى في قَتلِ أخيها اَلاصغرِ الذِي رَبَّتهُ بِيدَيها…
“ماما…”
“إِذَن سَأُرسِلُك إِلى ماما.”
كانَ ذلِكَ في التحدِيدِ الذي كانت على وَشَك أَن تَضغطَ الوِسادةَ السميكةَ علىى وجهِهِ. كلمَاتٍ لا يَجِبُ أَن تَخرُجَ مِن فَمِ طِفلٍ في سِنِّ اَلثانِيةِ، انزَلَقَت دُونَ إِرادَتِها.