I'll disappear at the end - 002
قدمها فرانس إلى صاحب العمل كأحد معارفه القُدامى.
وبفضل اقتناع صاحب العمل بكلامه، تمكنت لوناريا من التحدث مع فرانس لوحدها.
“أين تُقيمين الآن؟”.
بدا صوته يائسًا لحدٍ ما.
هذا مستحيل.
لقد كان رجلاً لم يشنق أحدًا طوال حياته.
“…….”.
“آنسة لوناريا”.
“لا يناديني أحدٌ بهذا الاسم الآن”.
“إذن؟”.
لم ترد لوناريا.
لأنها أرادت أن يتذكرها فرانس بهذا الاسم.
لوناريا في أيام شبابها وحيويتها.
عوضًا عن ذلك سألته:
“هل تزوجت؟!”.
كان الألماس الذي يلمع على أصبع يده اليسرى يزعجها منذ فترةٍ من الوقت.
“آه”.
وضع يده اليُمنى على يده الأخرى كما لو كان يقوم بإخفاء الخاتم و كان يعبث بنظراته كما لو كان غير مرتاح.
سألته عن شيء فقط.
“نعم”.
انتهى حديثهما هناك.
التمست لوناريا الأذن منه وغادرت المكان والقصر أيضًا.
سمعت ندائهم لها حتى تعود للمطبخ من خلفها عندما كانت تتأرجح كما لو كانت على وشك الانهيار، لكنها لم تهتم.
ستغادر هذه المدينة.
يجب أن تختفي تمامًا كما تفعل دائمًا.
لن يتغير شيء في القصر ولا في العالم بدونها لوحدها.
هبت الريح بهديرٍ عالٍ.
جرفت معها الأوراق التي كانت على أرصفة الطريق بدون مقاومة.
لم تكن تلك الأوراق مختلفة عن وضعها.
لم شمل لوناريا مع فرانس لمرتين.
كان سيئًا و يُشعر كلاهما باليأس في كل مرة التقيا فيها.
يظهران في أسوأ الأوقات.
لقد مر وقتٌ طويل منذ أن ظننت بأن حياتي بائسة، لكني استشعرت ذلك الآن.
لرؤيته هكذا وجهًا لوجه…….كان مؤلمًا بشكلٍ لا يطاق.
“لوناريا!”.
لوناريا، التي كانت تمشي و أكتافها منكمشة، أدارت رأسها كما لو أنها سمعت هلوسة للتو.
لكن فرانس كان يركض ورائها.
أمسك رسغ لوناريا العظمي عندما توقف لكيّ يلهث و يستجمع نفسه.
كانت تلك المرة الأولى التي تراه فيها هكذا.
“ماذا……..”.
دون أن ينبس ببنت شفة، أخرج فرانس ساعة جيب قديمة من جيبه ووضعها في يدها.
كافحت لوناريا لرفض الساعة و إعادتها له ووضعها في يده.
لكن فرانس شد أصابعه على يدها التي كانت فيها الساعة و قال.
“هذه آخر هدية من عمتي لك”.
تذكار من السيدة العجوز.
إذا قال هذا، فلا خيار لديها سوى قبولها.
أدارت لوناريا ظهرها إلى فرانس بعدها و سارت بلا حولٍ ولا قوة.
حتى عندما نظرت إلى الوراء بعد المشي لفترة من الوقت، وجدت أن فرانس مازال واقفًا هناك و يحدق بها.
***
أنهارت لوناريا بمجرد دخولها لغرفتها البسيطة.
سقطت ساعة الجيب التي كانت تحملها في يدها على الأرض.
كانت تعاني من ضيقٍ في التنفس بشكل أسوأ عن المعتاد.
استطاعت أن تشعر بأنها كانت آخر لحظات حياتها.
بانج!.
لابد من أن الصبي الساحر الذي يعيش في الطابق العلوي قد فشل في التجربة مرة أخرى، كان من الممكن سماع صوت الانفجار كما لو كان آتٍ من مكان بعيد جدًا.
لا يزال المكان هادئًا، أنا سعيدة لأن بإمكاني المغادرة دون أن أزعج أحدًا.
إذا انهرت أثناء عملي في قصر صاحب العمل، لكنت سأُحدث ضجةً كبيرة.
وفي الوعي الخافت، خطر في ذهني الخاتم الموجود على أصبع فرانس الرقيق.
هل كان ذلك الزواج بسبب الخلافة أم دلالةً على سعادته التي وجدها أخيرًا؟.
أتساءل عما إذا كان هذا هو الحال في هذه المرحلة أيضًا.
ضحكت على نفسها و ارتعشت زوايا فمها.
‘ماذا كان سيحدث لو كنت ممسكةً بيد فرانس في ذلك الوقت؟’.
نظرًا لأن لوناريا لم يكن لديها عمر مديد لتعيش فيه على أي حال، فقد تكون الشخص الأمثل الذي كان يبحث لإجراء العقد.
الموتى صامتون و الأسرار لن تُباح لأحد للأبد.
لقد كان اقتراحًا تم إجراؤه بسبب إرادة السيدة العجوز، لكنِ لم أرد قبوله حتى من باب الامتنان.
أردت بأن أثبت بأن هناك حاجة لي في مكان ما عندما أذهب معه.
أغلقت لوناريا أعينها ببطء و سقطت في الظلام.
لكن بعد فترة، اكتسحت هالة أرجوانية الغرفة الهادئة.
داك.
بدأت عقارب ساعة الجيب في الدوران بعكس اتجاهها.
***
“هاه”.
استيقظت لوناريا وكل جزء في جسدها مبتل من العرق.
سقط العرق البارد على ظهرها.
“……أنا على قيد الحياة”.
اعتقدت بأنني مُت.
لكنِ لم أمت.
كانت تمسك صدرها ببطء.
أصبح تنفسها مستقرًا، وتلاشى الألم عن صدرها تدريجيًا.
هل أنقذها الفتى الساحر الذي يقطن في الطابق العلوي؟.
ربما وجدها بعدما جاء متهربا من أبحاثه التي ينغمس فيها للعب في أوقات فراغه.
كان طفلاً غير عادي.
كان من المجزي بالنسبة لها أن تكون المسؤولة عن وجباته اليومية و اعتادت عليه كما لو كان أخيها الأصغر.
مسحت لوناريا العرق عن جبهتها و جسر أنفها ودفنت وجهها بين ركبتيها.
على أي حال، هل عليّ أن أعيش تلك الحياة المرهقة مرةً أخرى؟.
المعاناة من التوتر بسبب الجهل عن موعد موتها المجهول و أين سيكون.
كان لون البطانية التي ظهرت أمام ناظريها غريب، لكنه بدا مألوفًا بشكل مريب.
عندما رفعت رأسها، كانت الجدران التي أمامي تبدو مألوفة أيضًا.
هيكل الغرفة الواقعي الذي لا يمكن أن يتبادر على الذهن حتى في المنام كان واضحًا بواقعية أمامها.
غرفة صغيرة، لكنها مريحة.
كانت تلك الغرفة التي عاشت فيها لوناريا أيامها كفتاة شابة، حيث قضت كل حياتها قبل زواجها.
“كيف حدث هذا…….”.
فتحت لوناريا راحتيّ يديها بسرعة و فحصت كلتيهما.
كانت قاسية وجافة ومجعدة قليلاً.
لكنها أنظف و أنعم بالتأكيد مما كانت عليه في السابق.
“أحتاج أن أتأكد من هذا”.
سحبت لوناريا البطانية وقفزت من السرير.
ثم نزلت مباشرة وطرقت باب أختها لوبيليا.
كان الوقت مبكرًا في الصباح لكنها لم تفكر في مراعاة مشاعر الآخرين وظلت تطرق الباب بـعجلة.
“امم، من هناك؟!”.
صوتٌ واضح مثل تحطيم الرخام استجاب للطرق.
‘أنها هنا’.
لوبيليا في هذه الغرفة.
كان قلبي ينبض كما لو كان سينفجر.
لم أستطع معرفة سبب تسارع نبضات قلبي، هل هي فرحًا أو خوفًا، وأصبح تنفسي غير مريح فجأة.
“ليا، هذه أنا، أختك”.
كافحت لوناريا لجعل صوتها نقيًا قبل أن تتحدث.
“هآام~ هل أتيتي لإيقاظي؟ لست بحاجة إلى ذلك، سأعود للنوم بشكل أفضل”.
نامت لوبيليا بعد قولها لذلك والسكوت لبرهة.
عندما فتحت الباب برفق، رأيت لوبيليا نائمة على السرير بشكل سليم.
كان شعرها الفضي يتلألأ في ضوء الشمس الذي تدفق من خلال مصاريع الباب المفتوح
(المصاريع: درفة الباب أو أحدى جزئيه لكنهم يعتبرون باب واحد ).
و تحتها، لم تظهر العيون المغلقة بشكلٍ حميد أي حقد.
عندما تفتح عيناها الأرجوانية الشبيهة بالجواهر وتغلقهما، أقع في حب لوبيليا بتسعةٍ من أصل عشرة.
شخصيةٌ نقية مثل الملاك.
كانت لوبيليا حب الطفولة بالنسبة لـ لوناريا.
اندلع شعور لا يوصف من الألم في أنحاء صدرها.
بقدر أعتزازها بـ لوبيليا ، جاءت خيانة لوبيليا و مزقت جسدها أربًا أربًا من ألمها.
بينما كانت تعيش مغمورةً باليأس من عائلتها، وردت أنباء مفادها أن لوبيليا كانت تعيش بسعادة مع خطيب لوناريا السابق.
كان عليّ أن أكون سعيدةً لها.
هذا ما كنتُ أعتقده……..
كان اعتراف عائلتها بكون مشاعر قلوبهم تختلف عن مشاعر قلبها بمثابة ألمٍ شديدٍ يخترق العظام.
نظرت لوناريا بحزن إلى وجه لوبيليا النائمة، وأدارت رأسها بعيدًا كونها غير قادرة على تحملها.
منذ هذا الوقت فصاعدًا، يحب أن تكون لوبيليا وخطيبها في علاقةٍ معًا.
فقط لوناريا التي لم تعرف ذلك.
ربما أنا من غَضّت النظر بشدة وتظاهرت بأنني لم أعلم بهذا.
توجهت لوناريا إلى منضدة الزينة الخاصة بلوبيليا.
اختفت المرآة في غرفتها بعد فشل عمل والدها وبيع أثاث المنزل والمجوهرات، لكنها بقيت في غرفة لوبيليا و زوجة أبيها.
بأيدٍ مرتجفة، رفعت المرآة الصغيرة عن منضدة الزينة وقربتها من وجهي.
خشخشة!.
سقطت المرآة على الأرض وأصدرت صوتًا عاليًا.
“أخت، كوني هادئة من فضلك”.
قالتها لوبيليا بصوتٍ حاد.
“آسفة”.
اعتذرت لوناريا كالمعتاد، ثم ألتقطت المرآة عن الأرض بحرص ونظرت إلى وجهها مرة أخرى.
رأت وجهها الشاب ينعكس في المرآة المتصدعة.
كان شعرها الذهبي مموجّا ومائجًا مثل حقول القمح ولامعًا.
كانت الأعين الخضراء الفاتحة تبعث الغموض والحيوية، و زوايا شفتيها مرفوعة كما لو كانت تبتسم كعادتها.
‘كان لديّ هذا الوجه’.
هل هو حلم؟!.
إذا كان حلمًا، فهل علي أن أتمنى أن أستيقظ منه؟ أم أن أعيش فيه؟!.
لن أكون سعيدة في هذه الحياة مهما فعلت.
“لونا!”.
كان من الممكن سمع وقع الأقدام من خلال صدع الباب المفتوح.
“أنا هنا”.
فتحت لوناريا الباب قليلا وقالت هذا.
زوجة أبيها، إيميلدا، استدارت وأمسكت معصمها بعنف بعدما كانت تصعد الدرج بحثًا عنها.
عندما رأت إيميلدا، شعرت لوناريا بالاشمئزاز في قلبها.
“ماذا تفعلين عندك؟! هيا للخارج! أذهبي ولا تكوني صاخبة بينما ليا نائمة!”.
ما مدى وضوح توبيخ زوجة الأب الفظيع لها؟.
‘لم يكن حلمًا أيضًا’.
قامت لوناريا بإزالة يد إيميلدا بعنف.
“ماذا تفعلين؟”.
” لم يتم تحضير الإفطار على الإطلاق، ما الذي يحدث؟ هل تشعرين بتوعك؟ أنت لستي من ذلك النوع من الأطفال الذي يتركون عائلتهم يتضورون جوعًا”.
هل لوناريا مدرجة في ‘ العائلة ‘ التي تشير إليها؟.
منذ أن تم ترحيل الخدم بسبب نقص المال لدفع أجورهم، كانت لوناريا تقوم بأشغالهم بنفسها.
‘لماذا فعلت ذلك، بجدية’.
حتى مع هذا التفاني، كان جزائها هو الخيانة من أختها والتعامل الرهيب من الكونت السابق.
لم أستطع سماع كلمة ‘ شكرًا ‘ البسيطة.
كان من الغباء تكرار ذلك.
“لا، أنا بخير”.
“إذن لما لم تعديه؟”.
رفعت إيميلدا صوتها بعصبية.
“الأم”.
خرج صوت بارد من فم لوناريا.
“لابد من أنك متعبة من الاعتناء بوالدي، وأنا و لوبيليا وحتى هذا المنزل الصغير”.
” لا تلتفي عن الموضوع، أنا آسفة إذا فعلت شيئًا خاطئًا لك، لقد قلت العديد من الأشياء المتنوعة.
لذا، أين يمكنني أن أحب زوجي وأعيش معكم؟ أنا أتحدث معكم بين الفينة والأخرى. لذا تعالي وجهزي المائدة لوالدك، لوناريا. من غيري عداك سيعتني به؟”.
كانت الأمور هكذا طوال الوقت.
كانت إيميلدا تلقي باللوم على لوناريا دائمًا.
‘ولما قد تفعلين شيئًا كهذا؟ هذا مخزي، لذا لا تذهبي إلى أي مكان وتتصرفين كما يحلو لك.
أنا أقول هذا لك لأنني أهتم بشأنك، لذا سجلي هذا في عقلك.
لا يعجبك؟ إذن لا يوجد شيء يمكنني فعله من أجلك، عائلتي ستموت جوعًا بسببك’.
ثم يخالدني ذلك الشعور كما لو أنني قد ارتكبت خطيئة عظيمة.
أثرت كلمات إيميلدا في لوناريا مثل المخرز.
لقد عشت تحت ذلك الوهم بأن الشعور بالذنب شيء يجب أن أحصل عليه دائمًا، وأنتي أكرس نفسي لعائلتي لأني أردت ذلك.
ومع ذلك، عندما كنت أعيش بعيدًا عن عائلتي، أدركت ذلك تدريجيًا.
كل هذه الكلمات كانت بمثابة غسيل دماغ للسيطرة على لوناريا كما يشاءون.
وأخيرًا، نطقت لوناريا بالكلمات التي كان ينبغي عليها قولها منذ زمن طويل.
“سأصبح مستقلة”.
wattpad: bluomein
Insta: shnhlln