“هل أنت متأكد حقًا أنك تريد الذهاب؟”
بعد حادثة الزومبي المفاجئة، تساءلت لاتيل عما إذا كان من المبالغ فيه أن يأتي هيسينت بنفسه إلى تاريوم، لكنه أكد أن الأمر لا يشكل مشكلة، كان ذلك مفاجئًا.
“لا داعي للشعور بالأسف أو الامتنان الزائد، لدي أيضًا أسبابي للضيق من ريان، لذا منع ريان هو أيضًا نوع من انتقامي، جلالتكِ.”
“لكن إذا غادرتَ مكانك، ربما…”
“على العكس، الآن حتى لو غادرتُ، لن يتمكن الدوق داغا من الحركة.”
“حسنًا، إذا كان الأمر كذلك، فهذا مطمئن.”
***
عندما تم تشكيل الوفد المتجه إلى تاريوم، بدأ الخدم بتحميل الأمتعة على العربات بسرعة، بينما أخذ الفنيون يتأكدون من سلامة العربات.
على الورق، كان هيسينت سيذهب إلى تاريوم “ردًا على إرسال ساديل لتقديم المساعدة”. في تاريوم، من المؤكد أنهم سيتساءلون “من هي ساديل؟” بحيرة، لكنهم لن يجرؤوا على رفض إمبراطور كارسين.
الأمر نفسه ينطبق على أخيها وأمها، لن يعرفا حتى ما إذا كانت ساديل مبعوثة خاصة أرسلتها لاتيل إلى كارسين قبل اندلاع الأحداث أم لا.
“يبدو أنكِ متحمسة، جلالتكِ.”
كانت لاتيل تقف على الشرفة تنظر إلى الخارج عندما التفتت فجأة بدهشة، كان كارلين قد اقترب منها دون أن تشعر.
“أنتَ لا تُحدث أي صوت عندما تتحرك!”
تذمرت لاتيل، فاقترب كارلين ووقف إلى جانبها، تتبعت عيناه المشهد الذي كانت لاتيل تنظر إليه : أشخاص يتحركون بسرعة، وعربات تزداد تألقًا يومًا بعد يوم…
“إذا استمر الأمر هكذا…”
“ماذا؟”
“فلن تكون هناك فرصة أخرى لنذهب في رحلة معًا، نحن الاثنين فقط.”
بينما كان كارلين ينظر إلى العربات، نظرت لاتيل إلى ملامحه الجانبية.
“هل تشعر بالاستياء من ذلك؟”
“عليكِ زيارتي كثيرًا.”
“أين؟”
شعر كارلين بنظرتها، فأدار رأسه ببطء نحوها، عندما التقت أعينهما، همس بصوت خافت:
“إليّ.”
جعلتها همهمته الهادئة التي داعبت أذنيها تشعر بحرارة في وجهها، فأجابت بسرعة.
“بالطبع! أنتَ الشخص الذي جاء معي إلى ههنا، بل وتحملت أن يقال عنك علي علاقة مع الخادمة.”
لكن على الرغم من وعد بزيارتها المتكررة، لم يبدُ على كارلين أي علامة فرح، عندما أدار رأسه للأمام مجددًا ونظر إلى مكان بعيد، أصبحت لاتيل فضولية بشأن ما يدور في ذهنه. “هل يفكر الآن في دوميس؟” أرادت أن تسأل.
هل كنت تريد قول هذه الكلمات لدوميس، لكنك تقولها لي الآن لأنك أصبحت رجلي، فتشعر بالغرابة؟، هل هذا هو سبب نظرتك إلى البعيد؟
ثم تذكرت لاتيل آيني، التي كانت مقتنعة تمامًا أنها كانت حبيبة كارلين في حياة سابقة، على الرغم من هدوئها واتزانها عادةً، كانت تفقد عقلانيتها عندما يتعلق الأمر بكارلين.
“الإمبراطورة آيني…”
توقفت لاتيل عن الكلام، فنظر إليها كارلين مرة أخرى، هزت رأسها، كادت أن تسأل: “هل هناك احتمال أن تكون الإمبراطورة آيني هي دوميس؟” لكنها أدركت أن ذلك لن ينجح، كارلين لا يعلم أن لاتيل تعرف عن دوميس.
“يبدو أنك اسأتِ فهم شيء ما.”
“حسنًا، إذا كان سوء فهم، فليكن.”
“للأسف، هذا لا يتعلق بي.”
في تلك اللحظة، سمعا صوت خطوات تقترب، فتوقفا عن الحديث، عندما التفتا، رأيا شخصًا يعبر الرواق بعد صعود الدرج.
كانت إحدى خادمات آيني، عندما اقتربت، وقفت على مسافة من لاتيل.
“الآنسة ساديل، جلالة الإمبراطورة ترغب في مقابلتكِ.”
“لستَ أنتَ؟ ما المناسبة؟” نظرت لاتيل إلى كارلين بنظرة خاطفة، لكنه بدا غير مهتم تمامًا، لاحظت الخادمة، التي ربما علمت باهتمام آيني الغريب بكارلين، فبدت وكأنها شعرت بالإهانة.
كان من الطبيعي أن تكون الإمبراطورة وخادماتها في علاقة وثيقة، لذا لم يكن رد فعلها مبالغًا فيه، أومأت لاتيل برأسها بسرعة لتجنب تفاقم التوتر.
“حسنًا، سأذهب.”
***
في غرفة إمبراطورة كارسين، ألقت لاتيل نظرة سريعة على الغرفة فور دخولها، كانت الأنماط الذهبية تزين الجدران والأعمدة بفخامة، والستائر الذهبية تلمع تحت أشعة الشمس، حاملات الشموع الذهبية بدت وكأنها اغلا من القصور، والمرآة الكبيرة تلألأت، مما جعل الثريا تبدو أكثر تألقًا بأنعكاسها.
شعرت لاتيل بشعور غريب، قبل سنوات، كانت تؤمن أنها ستكون سيدة هذه الغرفة، دون أدنى شك، لكن الآن، كانت امرأة أخرى تستخدمها، وها هي لاتيل مدعوة إلى غرفتها، هل هناك ما هو أكثر سخرية من هذا؟، لم يكن شعورًا ممتعًا.
“يبدو أن غرفتي قد أعجبتكِ.”
سألت الإمبراطورة آيني، التي كانت تجلس بهدوء على أريكة طويلة، على الرغم من شحوب وجهها منذ حادثة قاعة الاحتفالات، بدت لا تزال أنيقة.
“سمعتُ أنكِ استدعيتني، جلالتك.”
“مكانتكِ عالية، أليس كذلك؟”
انتظرت لاتيل لترى ما ستقوله آيني، لكنها فوجئت، كان سؤالًا مفاجئًا، لكنه صحيح.
“لماذا هذا السؤال فجأة؟”
“لأنكِ تجنبتِ الإجابة على سؤالي بسلاسة.”
“!”
“من لا يريد الإجابة، يعيش دون الاضطرار للقيام بذلك، دون الاكتراث بآراء الآخرين.”
“…حادة الملاحظة، جلالتك.”
“لقد أجريتُ بعض التحريات، لا توجد سيدة نبيلة بين النبلاء الرفيعي المستوى تُدعى ‘ساديل’، ولا حتى كنية باسم ‘ساديل’. إذن، من أنتِ؟”
‘يا لها من شخصية ذكية، ما دمتِ لا تتحدثين عن كارلين!’ فكرت لاتيل، مذهولة، لكن بما أن آيني أصابت نقطة حساسة، كان عليها الرد.
“يشرفني أنكِ أخيرًا تهتمين بي، جلالة الإمبراطورة.”
“!”
“كنتُ أشعر بالإهمال لأنكِ كنتِ مهتمة فقط برفيقي.”
ابتسمت لاتيل، فرفعت آيني حاجبيها، لكن سرعان ما ظهرت ابتسامة على شفتيها.
“لا تتوتري، لم أستدعكِ لاستجوابكِ عن هويتكِ.”
“أتوتر؟، أنا سعيدة لاهتمام جلالتكِ.”
ابتسمت لاتيل مرة أخرى، فضحكت آيني برفع زاوية فمها قليلًا وأشارت إلى طبق الحلوى على الطاولة.
“اجلسي وتناولي بعضًا.”
“يبدو أن الحديث سيكون طويلًا.”
“قليلًا، لكنه لن يكون مملًا، الحلوى التي أقدمها ليست جافة، بل لذيذة.”
‘لا تستسلم أبدًا، أليس كذلك؟’ تذكرت لاتيل كيف قدمت لآيني حلوى جافة رخيصة كانت خادمتها قد أعطتها إياها، تنهدت لاتيل داخليًا، لكنها جلست مقابل آيني.
“تحدثي، جلالة الإمبراطورة، لمَ استدعيتني؟”
“هل كارلين… سعيد؟”
“لا أعلم، على الرغم من أنه أصبح مرافقي هذه المرة، إلا أن كارلين يقضي معظم وقته في حرم جلالة الإمبراطورة.”
“حسنًا…” أظلمت ملامح آيني، عبست لاتيل.
“جلالة الإمبراطورة، حتى لو كان كارلين، كما تقولين، حبيبكِ في حياة سابقة، فهي مجرد حياة سابقة، لقد تزوجتِ من جلالة الإمبراطور هيسينت، وكارلين أصبح زوج امرأة أخرى، لماذا تستمرين في التمسك بتلك العلاقة التي انتهت؟”
ترددت لاتيل، لكنها قررت أن تكون صريحة، خاصة أنها ستغادر غدًا أو بعد غد.
ابتسمت آيني ابتسامة مريرة وباردة.
“عندما لا يرضيكِ زوجكِ في الحياة الحالية، تميلين إلى التشبث بحبيبكِ من الحياة السابقة.”
“!”
“هل هذا الجواب الذي كنتِ تريدينه؟”
“!”
أذهلت آيني لاتيل مرتين متتاليتين، توقفت آيني، مستندة إلى ذقنها، غارقة في التفكير، أكلت لاتيل الحلوى غير الجافة التي قدمتها آيني وهي تنتظر كلامها التالي.
بعد حوالي خمس دقائق، أعلنت خادمة آيني من خارج الباب أن وقت الاستقبال قد حان. نهضت آيني، وسألت.
“ليس بلدنا فقط، بل تاريوم أيضًا تعاني من مشاكل بسبب ‘أشياء غير بشرية’، أليس هناك جثث تختفي؟”
“…”
“عندما تعودين إلى تاريوم، اسألي جلالة الإمبراطورة هناك : هل ستحب كارلين حتى لو لم يكن بشريًا؟، هل ستستمر في إسعاده؟”
“غير بشري؟”
“…أسأل عن مدى رغبتها في إسعاده.”
تساءلت لاتيل، السؤال نفسه غريب، لكن لماذا تطلب آيني، التي لا علاقة لها بكارلين، منها أن تسأل هذا؟
عبست لاتيل، لكنها نهضت لأن الإمبراطورة وقفت ولم تستطع البقاء جالسة بمفردها.
“وأخبريها : إذا لم يكن لديها القدرة علي إسعاده وتحتفظ بكارلين إلى جانبها، فلترسله إليّ.”
“!”
***
“ماذا ستفعلين به؟، هل ستنفصلين عن هيسينت وتعيشين مع كارلين الذي هو زوجي؟”
حدقت لاتيل في نار المخيم المشتعلة بنظرات حادة ومشتعلة مثلها وهي تتمتم لنفسها
“ماذا عن رغبة كارلين؟ هل ستتجاهلينها؟ أم أنكِ تنوين جعله عشيقكِ بالاجبار؟”
مرت ثلاثة أيام منذ مغادرتهم كارسين، لكن كلمات آيني الأخيرة تركت أثرًا عميقًا، كانت تتذكرها أثناء ركوب العربة، تناول الطعام، أو حتى أثناء الاغتسال، مما جعلها تعبس باستمرار.
على أي حال، لم تنقل تلك الكلمات إلى كارلين، لم ترَ ضرورة لذلك.
في تلك اللحظة، اقترب كارلين، الذي كان قد ذهب للحظة لحاجة ما، وناولها ورقة صغيرة.
“ما هذه؟”
أجاب كارلين بهمس، بالكاد يحرك شفتيه.
“رسالة من تيسير، هناك قاتل ينتظر لأخذ الرد.”
تيسير؟ فتحت لاتيل الرسالة بسرعة.
***
إلى سمكتي المفلطحة
خلال اجتماع مجلس الدولة، سيبدأ الدوق أتراكسيل والمستشار رودس في تمهيد المسرحية سيقولون إن جلالتكِ بدت غريبة منذ نقطة معينة، ويتساءلون لماذا تراجعتِ فجأة عن السياسة، التي كنتِ متحمسة لها دائمًا، وتركتِ الأمير رايان يتقدم إلى الواجهة.
لا تقلقي بشأن كلمة “فجأة”. لقد كنا نستعد بهدوء منذ فترة.
في كارسين، خلال حفل راقص، ظهرت سيدة نبيلة تحولت إلى زومبي، أليس كذلك؟ في هذه المنطقة (كما تعلمين من المعلومات التي جمعتِ في طريقك)، هناك حالات اختفاء أشخاص أو جثث في عدة أماكن.
يهمس الناس أن الأمير تالا كان الإمبراطور الشرعي، وأن هذه الأحداث تحدث بسبب تغيير الإمبراطور.
أخشى أن تكوني قد شعرتِ بالإهانة من هذه الشائعات في طريقكِ، لكن تحملي قليلًا، عندما تعودين، جلالتكِ، ستنتهي قصص الأمير تالا، ألستِ أنتِ “الإمبراطورة الجديدة”؟
لكن التوقيت هو الأهم في كل هذا، تعلمين ذلك، أليس كذلك؟ أخبريني متى ستصلين.
من: أكثر الرجال جاذبية الذين يحبونكِ
—
إلي تاجر المخدرات
سأصل خلال خمسة أيام.
من: شخص غاضب من لقب السمكة المفلطحة
—
الي سمكتي المفلطحة،
رسالتكِ قصيرة، لكن لا بأس، من الصعب حمل القلم بالزعانف (ضحكة).
بما أنكِ ستصلين خلال خمسة أيام، سأحدد يوم الاجتماع بعد أسبوع من اليوم (أكتب هذا في 15 يناير) كيوم الحسم، مع يومين احتياطيين.
إذا لم يتغير الجدول، لا حاجة للرد. (قلب)
ملاحظة: اكتشفت دراسة تقول أن السمكة المفلطحة تحب المخدرات، انه عالم مخيف، أليس كذلك؟
من : تاجر المخدرات خاصتك
التعليقات لهذا الفصل " 92"