شعرت أيني أن السيف الذي أمامها مألوف من مكان ما، فحصت الغمـد المألوف، لكنها لم تتذكر شيئاً واضحاً.

 

أمسكت أيني بمقبض السيف بقوة وسحبته، عندما خرج السيف، ظهر نصل قديم مليء بآثار الزمن. قال إنه كنز عائلي موروث عبر الأجيال، وفعلاً كان السيف يحمل آثار مرور العصور، لكن لم يكن هناك صدأ، دليل على عناية جيدة به.

 

“سيف جيد.”

 

تمتمت أيني، ثم سلّمته للخادم وقالت: “اجعل صاحب السيف يستلمه خارج قاعة الاستقبال، لا يمكن إعادة سيف مسحوب هنا.”

 

رسمت شفتاها المغلقتان بقوة قوساً.

 

“حسناً.”

 

* * *

 

خرج جرجول من قاعة الاستقبال، فسلم له خادم السيف.

 

أخذ جرجول السيف بلامبالاة ونظر إلى القاعة.

 

بسبب الرداء، لم تظهر عيناه الباردتان المضطربتان، لكن شفتاه المشدودتان كانتا واضحتين.

 

نظر الخادم إلى تعبيره متعجباً، لكنه انشغل بعمله واستدار.

 

“يا أيها الخادم، طلب صغير؟”

 

لكن قبل أن يخطو ثلاث خطوات، أمسك كتفه وأُجبره على الاستدارة.

 

فزع الخادم من القوة الوحشية، فاتسعت عيناه ونظر إلى الرجل الذي أداره.

 

لا يزال وجهه مخفياً، لكن زاوية فمه المكشوفة ارتفعت بشكل مرعب.

 

“ل… لماذا.”

 

حاول الحفاظ على كبرياء نبيل، لكن أظافر حادة غرزت في عنقه.

 

“!”

 

* * *

 

“جلالة الإمبراطور، جلالة الإمبراطورة، يقول السيد سكات إنه مريض ويجب أن يعود.”

 

جاء خادم آخر وقال إن الخادم الذي ذهب لإعادة السيف للزائر مريض فجأة وعاد.

 

تفاجأ هيسينت وأيني.

 

لكن سكات دائماً مجتهد، إذا عاد، فهناك مشكلة بالتأكيد.

 

تجاوز هيسينت وأيني الأمر دون استدعائه مجدداً.

 

“حسناً.”

 

“تابعوا.”

 

استؤنفت المقابلات بنفس السرعة، ومرت بدون حوادث خاصة بعد ذلك.

 

لكن حتى أثناء المقابلات، لم يتبادلا الإمبراطور والإمبراطورة كلمة حنونة، وعند الانتهاء، ذهبا في اتجاهين مختلفين تماماً.

 

“هل يجوز استمرار هذا الجو البارد مع جلالته؟”

 

بدت إحدى خادمات أيني قلقة من استمرار الجو، لكن أيني أجابت بلامبالاة: “ما الفائدة من التقارب مجدداً.”

 

عندما ذهبت أيني وحدها إلى الحديقة الخلفية.

 

كانت تمشي تنظر إلى الأوراق المتساقطة، فسمعت صوت خطوات من الخلف.

 

اعتقدت أنه أحد رجال القصر، فاستدارت بلامبالاة، لكنها عبست عند رؤية الشخص غير المتوقع.

 

“أنت…”

 

كان الرجل الذي جاء إلى قاعة الاستقبال طالباً سحب سيف موروث عبر الأجيال.

 

كان يجب أن يكون قد خرج، عاد مرة أخرى.

 

عندما تراجعت أيني بحذر، رفع الرجل يديه وأزاح قبعة الرداء.

 

عندما سقطت القبعة، ظهر وجه ملاكي بشعر أبيض وعيون حمراء، شعرت أيني بقشعريرة في ظهرها.

 

“أنت…”

 

تمتمت بنفس الكلمات، لكن بدرجة حرارة مختلفة.

 

هذا الشعر الأبيض، وجه رأته في تاريوم، جرجول، معلم الخصوم، الرجل الذي كان مع ساديل.

 

وقاتل هيوم.

 

عندما تذكرت هيوم، بردت عينا أيني، لماذا هو هنا؟، هل جاء ليحاول قتلي مجدداً؟

 

‘لا، لن يكون كذلك، عندما التقيته سابقاً، كنتُ بشكل دوميس’

 

إذن لماذا جاء؟، دار عقلها بسرعة، فأدركت بذكاء فوراً، معلم الخصوم يأتي للخصم، ما السبب إلا ذلك.

 

“سمعت أن الإمبراطورة تدعي أنها الخصم؟”

 

كما توقعت، خرج موضوع الخصم من فم جرجول.

 

حكمت أيني أنه لا داعي للخوف، فأعادت قدمها التي تراجعت نصف خطوة إلى الأمام ونظرت إليه ببرود.

 

“من أنت لتتجول في القصر هكذا؟”

 

“معلم… يعلم الخصوم، غريب، أقول هذا كثيراً.”

 

‘كثيراً؟ قالها لساديل ولي، فغريب؟، بالمناسبة، أين ساديل ولماذا جاء هنا؟’

 

شعرت بالفضول، لكنها تظاهرت بعدم المعرفة خوفاً من أن يكتشف أنها أيضاً دوميس إن ذكرت ذلك.

 

بدلاً من ذلك، سألت ببرود أكبر: “معلم؟”

 

“أنا أعلم الخصوم.”

 

“كيف أصدق ذلك؟”

 

سحب جرجول مقبض سيفه على خصره.

 

ظنت أيني أنه سيقتلها ففزعت، لكن السيف لم يتحرك بشكل مذهل.

 

“رأيتِ؟”

 

أطلق جرجول المقبض، فك السيف مع الغمـد وسَلّمه لأيني مجدداً.

 

احتضنت أيني السيف، سحبت المقبض قليلاً، خرج السيف بسلاسة كما في قاعة الاستقبال.

 

“سيف يستخدمه الخصم فقط، لا يمكن لأحد غير الخصم سحبه.”

 

عبس جرجول كأن شيئاً يزعجه، لكن أيني كانت متحمسة جداً لتسمع كلامه جيداً.

 

رن جرس فضي صافٍ في مكان ما في رأسها، نعم، أنا الخصم حقاً!

 

وجهها جليدي لكن عيناها تلمعان بحماس، فيها تلك الحيوية التي أعجبت لاتيل بها عند أول لقاء.

 

لكنها لم تعرف أن جرجول المقابل يفكر “وجه جديد ورائحة جديدة، لكن لماذا تشبه رائحة مألوفة…”.

 

استمر ذلك دقيقة أو دقيقتين، احتضنت أيني السيف بكلتا يديها ونظرت إلى جرجول.

 

دار عقلها بسرعة.

 

الإمبراطورة لاتراسيل هي من دمرت جثة هيوم، لكن جرجول هو من قطع عنقه.

 

كلاهما أعداء مكروهون بنفس الدرجة.

 

لكن كونه معلماً للخصم جعل الأمر معقداً.

 

هل تنتقم الآن؟ بما أنه في منطقتها؟

 

أم تؤجل الانتقام وتتركه مؤقتاً؟ من أجل الصالح الأكبر؟

 

“إن احتضنتِ السيف فقط، لن تتعلمي شيئاً.”

 

تمتم جرجول، ابتسمت أيني ببرود.

 

“لن أتعلم منك شيئاً.”

 

سواء انتقمت الآن أم أجلت، هذا واضح، ليس لديها أي نية لقبول جرجول معلماً.

 

من يقبل مصاص دماء مجنون قتل هيوم وحاول قتلها معلماً؟

 

حتى الآن، ترى رأس هيوم في الغرفة، وعندما تغمض عينيها، ترى ذلك الشكل المخيف يندفع من النافذة بوضوح.

 

كان جرجول يفكر لماذا ثلاثة خصوم هذه المرة، فرفع حاجبه عند كلام أيني البارد.

 

“حقاً، يا آنسة؟”

 

“نعم.”

 

“ستواجهين اللورد بدون تعلم أي شيء؟”

 

ضحك جرجول كأنه مذهول، فكررت أيني “نعم” بحزم.

 

“أنت مصاص دماء أيضاً، هدفي القضاء عليك.”

 

“!”

 

“يبدو أنك تريد التشبث بي لتنقذ حياتك، لن أسمح بذلك.”

 

“الخصم الخامس قال نفس الكلام بالضبط.”

 

ابتسم جرجول بلطف.

 

“طُورد من اللورد، ثم قبل إن يقتله، جاء باكياً راكعاً يتوسل.”

 

“!”

 

كلام “إن لم تتعلمي مني، ستصبحين كذلك” مهين، لكن أيني ظلت حازمة دون اهتزاز.

 

شك جرجول حقاً فيما يحدث هذه الدورة.

 

ثلاثة سحبوا سيف الخصم.

 

أكثر من تعجبه ماتت، الآخر كسول بشكل مذهل وبدون طموح، والثالثة…

 

“أكثركم شبهاً بمن لا تعجبني أنت.”

 

كره جرجول كل الخصوم عدا ساديل.

 

لم تهتم أيني بكلام جرجول الغامض.

 

كان رأسها يوشك على الانفجار من التفكير: هل تقمع الانتقام وتدعه يعلمها لتقتل اللورد، أم تنتقم هنا؟

 

في النهاية، خلصت إلى قرار.

 

“مصاص دماء! اقبضوه!”

 

عندما رن الأمر الحاد، اندفع الحراس من مكان قريب.

 

* * *

 

قبل عودة البعثة التي ذهبت لنقل ادعاء اختطاف أيني من مرتزقة الموت الأسود بالرد.

 

عادت بعثة أخرى أُرسلت سابقاً، البعثة التي طلبت فارساً مقدساً واحداً ليسأل عن طريقة إبادة الزومبي.

 

أخذ هيسينت الفارس المقدس إلى السجن تحت الأرض، أراه الزومبي، سمع كيفية التعامل الآمن قدر الإمكان، ثم صعد الدرج مجدداً.

 

“ليس مؤكداً، لم يظهر زومبي هنا، والسجلات معظمها مفقود.”

 

“ستتراكم المعلومات تدريجياً.”

 

أثناء حديثهما الجاد أثناء المشي، سُمع ضجيج من خلف الجدار.

 

“ما الأمر؟”

 

سأل هيسينت حارساً واقفاً في مكان واحد، فأجاب الحارس بصوت غير واثق: “سمعت صوت جلالة الإمبراطورة، اندفع الجميع إلى هناك.”

 

أومأ هيسينت للفارس المقدس، ثم مشى مسرعاً نحو تجمع الناس.

 

كانت الحديقة الخلفية التي تتمشى فيها أيني كثيراً، مليئة بأوراق متساقطة تصدر صوت ممتع عند دهسها.

 

لكن في هذه الحديقة الجميلة اليوم، لم تكن الأوراق بل الناس ملقين على الأرض.

 

كانت أيني تحتضن سيفاً غير مألوف، تلهث.

 

“ما الذي حدث؟”

 

اقترب هيسينت مفزوعاً، فأجابت أيني مرتجفة الشفتين: “ظهر مصاص دماء.”

 

“مصاص دماء؟”

 

“عرف أنني الخصم وجاء.”

 

سأل الفارس المقدس الواقف بجانب هيسينت متعجباً: “الخصم؟”

 

هذا الفارس كان في طريقه إلى هنا قبل ادعاء أيني، فلم يسمع الشائعة بعد.

 

‘يبدو أنه لم يسمع بعد.’

 

فحصت أيني وجه الفارس وملابسه بسرعة، ابتسمت وأظهرت السيف الذي تحتضنه.

 

“قصة أنني الخصم.”

 

بدا الفارس مذهولاً.

 

“ماذا؟”

 

“هذا الذي أحمله سيف الخصم.”

 

“ما هذا…”

 

“سيف لا يسحبه أحد غيري.”

 

عبس هيسينت عندما عرف أنه السيف الذي جاء به الرجل في قاعة الاستقبال سابقاً.

 

“أيتها الإمبراطورة، أليس هذا سيف ذلك الرجل.”

 

“جاء ليسلمني هذا السيف.”

 

قالت أيني بحزم، ثم طلبت من هيسينت والفارس المقدس: “جربوا سحبه، لن يخرج لأحد.”

 

لم يصدق هيسينت كلام أيني، فأمسك المقبض فوراً.

 

لكن السيف لم يخرج فعلاً.

 

جرب الفارس المقدس بقوة أيضاً، لكن السيف لم يخرج.

 

بدأ الحراس المجتمعون يهمسون مذهولين من الظاهرة الغريبة.

 

استعادت أيني السيف واحتضنته مجدداً.

 

‘على أي حال، لم أتوقع ان يتم القبض عليه هنا.’

 

لكن بما أخبرت الجميع، سيضيق مكانه.

 

بعد أن أنهى دوره كمعلم ساديل، سيصبح مصاص الدماء هذا عديم الفائدة.

 

لأن الجميع عرفوا أنه ليس معلم خصوم عادي، بل مصاص دماء.

 

بعد قتل اللورد، سيريد الناس قتل مصاص الدماء هذا.

 

أليس كذلك دائماً؟، يقتلون الوزراء بعد تأسيس الدولة، ويذبحون كلاب الصيد بعد انتهاء الصيد، الناس دائماً هكذا.

 

‘تعاملت مع جرجول… ثم…’