لم تشرب لاتيل الخمر، فلمَ كانت تشعر بهذا الدوار؟، هل لأن رانامون استحم بخمر العنب؟  

أمسكت بيده بيد واحدة، بينما تحتضن زجاجة الخمر باليد الأخرى، محاولة استعادة توازنها بسرعة.  

“شكرًا.”  

حاولت سحب يدها، لكن رانامون أمسكها بقوة أكبر، رافضًا تركها، كان بإمكانها ردعه بالقوة أو الأمر، لكنها لم تفعل.  

تحت ضوء القمر الأصفر والإضاءة البيضاء، وقف رانامون، مشوشًا أفكار لاتيل.  

بقيت لاتيل واقفة دون مقاومة، فشد رانامون قبضته قليلاً، جاذبًا إياها نحوه.  

بينما كانا يسيران جنبًا إلى جنب، شعرت ببعض الهدوء يعود، لكن قلبها كان يدق بعنف أكبر.  

صوت الحجارة تحت أقدامهما كان يدغدغ أذنيها، كما لو أن قلبها يصرخ داخل أذنيها.  

تخيلت لاتيل رانامون “المضطرب”، وشعرت بدوار لفكرة أنها الوحيدة التي ستراه هكذا.  

داخل الغرفة، عانقت لاتيل الزجاجة بقوة أكبر، كان مذهلاً أن المكان جاهز تمامًا رغم هدوء الوجبة.  

الإضاءة البرتقالية الدافئة كانت خافتة أكثر من المعتاد، والستائر مغلقة بإحكام، تمنع أي ضوء قمري.  

كان المظلة الناعمة تحيط بالسرير كسحابة خفيفة، عانقت لاتيل الزجاجة أكثر. 

‘قبل أن اجعل رانامون مضطرب، قد أفقد أنا وعيي من التوتر، الخمر، يجب أن أشرب بعض الخمر’

نظرت إلى السرير، وأخذت نفسًا عميقًا، عندما قادها رانامون نحو السرير، شددت على ساقيها وقدمت الزجاجة: “لنشرب أولاً.”  

كان اقتراحًا طبيعيًا، لكن رانامون بدا متشككًا.  

“هل تخططين لجعلي اضطرب بالخمر؟”  

“لا، بالطبع لا.”  

احتجت لاتيل بنبرة متذمرة: “أنت لا تفقد السيطرة حتى لو سكرت.”  

ارتفعت زاوية فم رانامون بوضوح، أعطته لاتيل الزجاجة وهرعت إلى السرير، دافعة المظلة بقوة وجلست متثاقلة. 

“صب لي كأسًا واحدًا.”  

كانت تقصد فتح الزجاجة وصب الخمر في كأس على الطاولة القريبة، كانت تشعر بالاضطراب وتحتاج إلى شجاعة السكر.  

لكن يبدو أن كلامها لم يصل إلى رانامون كما قصدت.  

“حسنًا.”  

أجاب بهدوء، فتح الزجاجة، ومال بها نحو رقبته.  

“!”  

اتسعت عينا لاتيل. ‘لمَ يصب الخمر هناك؟’

تدفق السائل الأحمر على رقبته، مبللاً قميصه الأبيض النظيف، ملتصقًا بجسده، كاشفًا عن عضلاته بوضوح.  

‘رانامون هو خمري!’

ابتلعت لاتيل ريقها، شعرت بالعطش الشديد، كان من المفترض أن يعطيها الخمر الشجاعة، لكنها الآن تُثير الشجاعة بنفسها.  

عندما توقف تدفق الخمر، ألقى رانامون الزجاجة على السجادة دون اهتمام، لم تصدر الزجاجة صوتًا، لكن قلب لاتيل أصدر ضجيجًا.  

“رانامون.”  

نادت اسمه دون سبب، ممسكة أصابعها بقوة لتكبح رغبتها في ابتلاع ريقها. 

كلما اقترب، شعرت بدوار أكبر، كان رانامون الجميل مذهلاً، لكن مبللاً بالخمر، أصبح مثيرًا بشكل لا يُطاق. 

“كنت… أقصد صبها في كأس.”  

بينما تتمتم، اقترب رانامون حتى وقف أمامها مباشرة، كان قميصه الأحمر المبلل شفاف تمامًا، حتى أنفاسه بدت مرئية.  

تفوح منه رائحة الخمر، لكن لاتيل لم تستطع تمييز إن كانت رائحة الخمر أم رائحته هو.  

“كأسكِ الليلة هو أنا، جلالتك.”  

‘يا له من مثقف، رانامون! كيف يقول هذا بجرأة؟’

كان محرجًا لكنه يناسبه تمامًا، رفعت لاتيل رأسها ببطء لتنظر إليه.  

حتى في الظلام، كانت عيناه تلمعان بجمال، قال إنه كأسها، لكن بالنسبة للاتيل، كان هو الخمر نفسه.  

شعرت وكأنها ستسكر من الرائحة وحدها، فخفضت رأسها، أمام عينيها، كان القميص المبلل يكشف عن عضلاته المثالية.  

‘هل يمكنني لمسه؟ يمكنني بالطبع، إنه رجلي، لكن هل يمكنني حقًا؟، أنتِ تعلمين أنكِ تستطيعين، إذن لمَ التردد؟ لكن… هل يمكنني حقًا؟ يمكنكِ! إن لم تكوني أنتِ، فمن سيلمسه؟’

تجادلت لاتيل الجريئة والخائفة داخل رأسها.  

ترددت، ثم اقتربت بشفتيها ببطء من قميصه المبلل بالخمر، فشعرت برائحة الخمر القوية تلسع أنفها.  

فجأة، تحرك بطن رانامون الثابت كتمثال، رفعت لاتيل رأسها متفاجئة.  

“اللعنة، جلالتك.”  

تمتم رانامون بمزيج من الوقاحة والأدب، وجهه مشوه بالكاد يصبر.  

“كيف تفعلين هذا بي؟”  

‘ليس لك أن تقول هذا بعد أن سكبت الخمر على نفسك!’

أرادت لاتيل أن تتمتم “اللعنة” مثله. 

‘بصراحة، هذا الوجه غير عادل.’ 

كانت تخطط للاستمتاع به حتى يصبح “مضطرب” ثم تنام بجانبه فقط لا أكثر، لكنه بدأ بسكب الخمر هكذا.  

“أنت من بدأ.”  

احتجت بهدوء، لكن رانامون رفعها فجأة وقبلها.  

‘ألست ثقيلة؟’ فكرت للحظة، لكن عندما وضعت شفتيه على شفتيها، تبخرت كل همومها.  

‘إن لم اكن ثقيلة، فسيحملني’

شعرت بدوار من رائحة الخمر الحلوة المنبعثة منه. 

‘هل كان يحتفظ بالخمر في فمه أيضًا؟’

كان دائمًا باردًا، لكن انفاسه كانت ساخنة، على عكس شخصيته.  

حضنها بيد واحدة، وبالأخرى يمسح علي ظهرها.  

أبعدت لاتيل شفتيها، شعرت بالبرودة عندما مسح علي ظهرها، مما تسبب في قشعريرة.  

كما لو أنها دخلت في ماء دافئًا فشعرت بالبرد.  

دفع رانامون المظلة ودخل السرير، مستلقيًا بحيث وقعت لاتيل فوقه.  

“أحب ظهر جلالتك.”  

وهو يربت علي ظهرها.

“منذ رأيتك أول مرة، أحببت هذا الظهر.”  

“كاذب.”  

“أنا جاد.”  

“عندما التقينا في إقطاعية ميلوسي، أتذكر ذلك، بدوت غير راضٍ عندما استقبلتك.”  

“فكرت أن ظهرك مستقيم، لم أقل ذلك لأنه لم يكن ضروريًا.”  

“ذوقك… غريب.”  

“لا تعلمين كم تبدين رائعة في عيني.”  

“لست نرجسية مثلك.”  

بدا وكأنه سيساعدها على خلع قميصها، وابتسم بشقاوة.  

***

“من حسن الحظ أن سيدنا رانامون وجلالتها يتشاركان عيد الميلاد.”  

تمتم كاردون برضا، فأومأ خدم رانامون بحماس، رقص أحدهم، رافعًا إبهاميه بفخر: “انظروا إلى وجه سيدنا رانامون، حتى لو لم يكن عيد ميلاده، كان سيحظى بالتفضيل.”  

“بالطبع، مشاركة عيد الميلاد مجرد ذريعة.”  

“جلالتها تريد أن تكون مع سيدنا رانامون.”  

استمر كاردون في الإيماء بينما أثنى الخدم، ربما كانوا يتملقون، لكن كلامهم بدا صادقًا.  

لكن بعيدًا عن هذا الجو المبهج، لم تكن أجواء غرف الرجال الأخرين كذلك.  

كان جيستا مستلقيًا على سريره، يبكي، لم يغير حتي ملابسه، دار منير حوله، قلقًا، يحاول تهدئته دون جدوى، لا يمكنه استدعاء الإمبراطورة التي ذهبت مع زوج آخر.  

“سيدي…”  

نظر منير إلى ظهر جيستا المرتجف، وقبض يده، متعهدًا: “سيدي، سأجد طريقة لإزاحة رانامون من أمام عيني جلالتها، مهما كلف الأمر.”  

لم يسمع جيستا، أو ربما لم يرد، واستمر في البكاء، ثم، مدفونًا في الأغطية، مد يده للخلف وطلب بصوت غارق.

“منير، أحضر البطاقات التي صنعتها سابقًا.”  

‘هل يقصد تلك البطاقات المصنوعة يدويًا؟’ 

لم يفهم منير السبب، لكنه كان مستعدًا لجلب أي شيء يريح جيستا.  

“حسنًا، لحظة!”  

بينما غادر منير لإحضار البطاقات، رفع جيستا رأسه ببطء، كانت عيناه مبتلتان، لكن تعبيره كان باردًا كسيف مشحوذ حديثًا.  

“رانامون.”  

كانت لاتيل قد زارت غرفة رانامون من قبل، لكن سماع الخبر يختلف عن رؤيتها تأخذه أمام عينيه.  

“رانامون.”  

نطق اسمه مرة أخرى، وصوت طقطقة ككسر حجر ينبعث من فمه.  

“رانامون.”  

بعد نطق الاسم ثلاث مرات، كاد يقول “سأقتله”، لكنه أغلق عينيه وتنفس بعمق.  

‘ليس بعد، ليس الآن’

كان الدوق أتراكسيل مفيدًا لعرش لاتيل، لا يمكن قتله الآن، لكن…  

“عينيه التي رأت جلالتها، لسانه الذي قبلها، يديه التي لمستها، جلده الذي تلامس مع جلدها، لن أترك شيئًا منه.”