“بدأت مرة أخرى. ذكريات دوميس.”

أدركت لاتيل أنها تحلم بذكريات دوميس، فشعرت بالدوار، جبهتها ساخنة، وخديها باردان.  

‘هل دوميس مريضة؟’ تذكرت أنها عُضت من زومبي، ربما هذا السبب، بدت بخير بعد العضة، لكن يبدو أنها تأثرت أخيرًا.  

سمعت أنفاسًا خشنة، كأنها أنفاس دوميس، كارلين، الذي يحملها، لم يبدُ متعبًا، لكن دوميس كانت تعاني.  

‘اعتنِ بها، كارلين!’ فكرت لاتيل، لكن كارلين في الذكريات لم يكن يعلم بوجودها.  

سمعت صوت أوراق الشجر تحت قدميه، شعرت لاتيل بالسخرية، ‘هل تخيل كلاين أنه سيحب دوميس التي يحملها كعبء؟’

تحدثت دوميس أولاً: “شكرًا لإنقاذي، كارلين، جرجول.”  

لم يتوقف كارلين، لكن دوميس استمرت: “وعيي يتلاشى. سأموت قريبًا، أليس كذلك؟”  

“…”  

“حتى لو أصبحت زومبي، سأتحرك وآكل، لكن، هل سأظل أنا؟، هل هذا موت أم حياة؟”  

“…”  

“وعيي يتلاشى، هل يمكنني ترك وصية؟، سأشعر بالظلم إن متّ دون كلمة أخيرة.”  

أعجبت لاتيل بشجاعتها، رغم ضعفها، كانت دوميس تتحدث كثيرًا، رد كارلين أخيرًا: “افعلي ما شئتِ، لا تبدين ممن يتوقفون إن طُلب منهم.”  

“لا تعرفني، لكن شكرًا لإنقاذي، إن أصبحت زومبي، اقتلني دون ألم، إن جاءت أمي، أخبرها أنني في مكان جيد.”  

“حسنًا.”  

‘كارلين يجيب بعفوية، هل يعرف من هي أمها؟’

“والداي بالتبني، طُردت لأنني لست ابنتهما الحقيقية، أشتاق لأمي، أختي تعيش بسلام، لكنني طُردت.”  

توقفت دوميس، وأغمي عليها، شعرت لاتيل بضبابية وعيها، ثم انقطعت الرؤية، توقعت لاتيل أن تستيقظ أو تعود عندما تستفيق دوميس، لكنها سمعت كارلين وجرجول يتحدثان.

“فتاة مضحكة وظريفة.”  

“ظريفة؟”  

“انظر إلى تعبيراتها”  

“لا أرى الظرافة، أليس من الأفضل التخلص منها الآن؟”  

“قتلها؟، لأنها ستصبح زومبي؟، أنت قاسٍ، كلاين، هي ليست زومبي بعد.”  

“إنه رأفة.”  

“قتلها رأفة؟”  

“قد تشعر بالرعب كزومبي.”  

“وموقع اللورد؟ لا زلت لا تعرف؟”  

“…”  

“لمَ لا تعرف؟” 

“لا أعلم إن كنتُ فارسًا حقًا، إن كنتَ محقًا، كان يجب أن أعرف موقع لورد منذ زمن.”  

“لا تقلق، كارلين، أنتَ فارس بالتأكيد.”  

“لمَ لا أعرف موقع اللورد إذن؟”  

“ليس كل الفرسان أكفاء، ربما أنتَ فارس غير كفء.”  

ضحك جرجول، ثم سُمع صوت ضربة وضحكات أعلى وخطوات مهرولة.  

‘كانا صديقين حقًا…’ فكرت لاتيل، لكنها شعرت بالحيرة. 

‘لورد؟، أي لورد؟، ليس مصاص الدماء، أليس كذلك؟’

لكن قبل أن تتعمق في التفكير، اختفت الأصوات، وأضاءت الرؤية، كان الغروب، ودخان يتصاعد من مداخن القرية، رفعت دوميس يدها، تحرك أصابعها، كأنها تتأكد من سلامتها.

“ما زلتُ بخير…”  

كانت تخشى أن تكون زومبي، لكنها شعرت أن كارلين لن يرد، شعرت لاتيل بخيبة أمل دوميس، لكن كارلين فاجأها.

“مر يوم ولم تتحولي إلى زومبي، أنتِ لستِ بشرية عادية.”  

“يوم؟ أغمي عليّ يومًا؟”

لم يجب كارلين نظر إليها هو وجرجول كمخلوق غريب، ارتبكت دوميس، واختبأت خلف شجرة هزيلة. 

“هل أنا غريبة؟ لمَ تنظران إليّ هكذا؟”  

رد جرجول: “لأنك تبدين مميزة.”  

“مميزة؟، أنا عادية…”  

“لا أحد عادي، يا آنسة، يختلف من هو مميز بالنسبة لمن.” 

“لكنني-”  

“ربما تكونين مميزة بالنسبة لنا.”  

قبل أن تسأل دوميس، اقترب كارلين: “الساحرة في القرية التي جئنا منها، هل هي أنتِ؟”  

احمرت دوميس، تذكرت كذبتها لحماية أمها.

“لا، لم أسمع بهذا.”  

“الإشاعة وصلت القرية المجاورة ولم تسمعي بها؟، إذن، أنتِ الساحرة، الإشاعات لا تصل إلى أصحابها.”  

ضحك كيرغول، فأمسكت دوميس الشجرة.

“هل أنا غريبة؟ هل ستقتلانني؟”  

نظر جرجول إلى كارلين وضحك.

“لا نريد قتل السحرة، يا مضحكة، نريد مساعدتهم.”  

تحول إحراج دوميس إلى فضول: “أي مساعدة؟”  

كان أهل القرية ينظرون إليهم، فاحمرت دوميس أكثر، رد جرجول بمرح: “نبحث عن سيدتنا.”  

“سيدتكم؟”  

“كان يجب أن نعرف موقعها الآن، لكنها غير مرئية.” 

“هل السحرة يعرفون المواقع؟”

“ربما، لسنا متأكدين، لكن علينا البحث.”  

طلب جرجول موافقة كارلين، لكنه رد: “لن تتحولي إلى زومبي، فلنفترق، وداعًا، يا بشرية.”  

ارتبكت دوميس، لم تتوقع الوداع المفاجئ، شعرت بالفراغ والحزن: “قلتما إنني مميزة…”  

احمرت أذناها وصمتت، محرجة من كلامها، لكنها كانت تأمل أن يأخذاها معهما.  

نظرت إلى كارلين بتوسل، لكنه قال: “أنتِ مميزة، لكن لستِ مميزة بما يكفي لمرافقتنا.”  

شعرت لاتيل بخفقان قلب دوميس، عضت دوميس شفتيها، محرجة وموجوعة من برود كارلين، أمسكت الشجرة بقوة. 

“أنا…”  

استدار كارلين: “هيا، جرجول.”  

ضحك جرجول: “فتاة مضحكة، كان يمكن أن ترافقنا، لكنه مضطرب، لم يجد من يبحث عنها.”  

غادرا دون تردد، وتركا دوميس وحيدة، ركضت خلفهما دون هدف، لكن الغابة ابتلعتها، تعثرت وسقطت، ولم يساعدها أحد، وضعت جبهتها على الأرض وبكت، شعرت بألم عدم رغبة أحد بها.  

***

استيقظت لاتيل، ونظرت إلى السماء السوداء خارج النافذة، مشابهة لسماء دوميس، مسحت وجهها، وأسندت جبهتها إلى النافذة الباردة.  

شعرت بالضيق عند رؤية كارلين ودوميس في المطعم، لكنها شعرت بالضيق أيضًا عندما تخلى عنها في الحلم. ‘هل لأنه من منظور دوميس؟’

‘كارلين كان قاسيًا معها في البداية.’ 

كما أن كلمات “سيدة”، “لورد”، و”فارس” أربكتها، لكنهما ليسا مصاصي دماء أو زومبي، ولا سحرة سود، لأنهما يبحثان عنهم.  

رن جرس الباب، سمحت لاتيل بالدخول، فأخبرتها الخادمة أن كارلين جاء.  

“دعيه يدخل.”  

طلبت شايًا لكليهما، دخل كارلين.

“لمَ جئت؟”  

“تركتك أثناء المشي لمقابلة صديق.”  

“هل جئت لتعتذر؟ لا بأس، أنا من أرسلتك.”  

“لكنني شعرت بالقلق.”  

جلس كارلين مقابلها، قدمت الخادمة الشاي وخرجت، قارنت لاتيل بين كارلين الحالي وكارلين في الذكريات، لاحظ هذا.

“لمَ هذا الوجه الغاضب، مالكتي؟”