ألم تكن بطلة في رواية ندم؟ - 016
“فهمتُ. لقد كان ابني وقحًا للغاية. هذا خطئي بالكامل.”
قالت الماركيزة الجالسة على الطرف الآخر من الطاولة بعد أن سمعت القصَّة بأكملها، وانحنت برأسها.
“سأحرص على أن يُقدِّم اعتذارًا رسميًّا، وسأُعَوِّض عن السياج التالف أيضًا.”
“شكرًا لكِ، ماركيزة.”
انحنت فينديا بدورها شاكرةً للماركيزة.
كان الطبيب الشخصيُّ لعائلة الماركيزة قد زارها بالفعل بناءً على أوامرها. فحص الطبيب منطقة عنق فينديا للتأكُّد من أنَّها لم تُصب عندما أمسكها بالديني من ياقة قميصها. لحسن الحظ، كان ذلك للحظةٍ قصيرةٍ ولم يترك أيَّ علامات.
“إذن، ذلك المبنى في إقليم ريمز ملكٌ لكِ.”
“نعم، بطريقةٍ ما أصبح كذلك.”
رفعت فينديا فنجان الشاي، ونظرت إلى الماركيزة الجالسة أمامها.
الماركيزة، إلستين هيدن.
في هذه الإمبراطورية التي تُعتبر فيها ممتلكات المرأة جزءًا من ثروة العائلة، ويمكن لأيِّ فردٍ من عائلتها الوصول إلى حساباتها بمجرد إثبات صلته العائلية، تمكَّنت إلستين من أن تصبح ماركيزة.
كانت إلستين ترتدي فستانًا بسيطًا وشعرها البنيُّ مرفوعًا بشكلٍ مرتَّبٍ دون شعرةٍ واحدةٍ خارج مكانها.
على الرغم من ظهور بعض التجاعيد مقارنةً بآخر مرَّةٍ رآتها فيها، إلَّا أنَّها كانت لا تزال بصحةٍ جيدة. إذا لم تكن تعرف عمرها، لظنَّت أنَّها في أوائل الأربعينيَّات.
كانت إلستين أنيقة، متواضعة، ومع ذلك، كانت تحمل ثقةً ثابتةً لا تهتزُّ أينما ذهبت.
كيف لشخصٍ مثلها أن يكون له ابن مثل بالديني؟
ما كان أكثر دهشةً هو أنَّ بالديني، الذي اعتقدته فينديا في أوائل الأربعينيَّات، كان في الواقع في أواخر العشرينيَّات.
“كيف يمكن لرجلٍ أصلع أن يكون في العشرينات…؟”
وعلاوةٍ على ذلك، لم يكن بالديني الوريث لعائلة هيدن.
كان أبناء عائلة هيدن يتنافسون حاليًّا على منصب الوريث.
“لقد سمعتُ عن طلاقكِ.”
“نعم، لقد انتشرت الأخبار على نطاقٍ واسع. لذا، ماركيزة، لا داعي لأن تتحدَّثي معي بهذه الرسميَّة بعد الآن. لم أعد فينديا كالفيرمر أو فينديا روز.”
“تبدين أفضل ممَّا كنتِ عليه عندما رأيتكِ آخر مرَّة.”
أصرَّت إلستين على التحدُّث برسمية، بينما كانت عيناها البنيَّتان تحملان دفئًا وهي تنظر إلى أصابع فينديا.
كانت فينديا تعلم تمامًا ما تعنيه هذه النظرة، ممَّا جعل الذكريات القديمة تتدفَّق إلى ذهنها.
* * *
“أمِّي… لقد أحضرتُ الشاي.”
رفعت فينديا إبريق الشاي من الصينيَّة بيدين مرتجفتين، وكانت مذعورةً إلى حدٍّ ما.
صفعة!
ضربت حماتها، جين، والدة دينروس، ظهر يدها بالمروحة.
تفاجأت فينديا وكادت تسقط إبريق الشاي من يدها. لو أنَّها أسقطته، لكان الماء الساخن قد أحرق نصفها السُّفلي.
“تسك، إلى أين تظنِّين أنَّكِ ذاهبة بتلك الأيدي المرتجفة؟ دائمًا ما تُظهِرين سوء تربية عائلتكِ.”
رفعت جين حاجبيها بازدراء وهي تُراقب فينديا التي تمكَّنت من إمساك الإبريق بصعوبة.
“أنا… أنا آسفة جدًّا.”
أصبحت فينديا أكثر حذرًا، ووضعت إبريق الشاي والفناجين على الطاولة، ورأسها منخفض.
كانت السيِّدات الحاضرات في حفل الشاي يضحكن بسخرية، مستمتعاتٍ بفكرة أنَّ الدوقة الحاليَّة، وزوجة الابن على وجه الخصوص، تقوم بعمل الخدم. لم يكن أول مرَّة يحدث فيها ذلك.
أحسَّت فينديا بالإهانة، واحمرَّ عنقها وأذناها من الخجل.
“قفي هناك وانتظري. سنُناديكِ إذا احتجنا إلى شيءٍ آخر.”
بمجرَّد أن وضعت الفناجين، أشارت جين بلا مبالاةٍ بمروحتها إلى المكان الذي كانت تقف فيه الخادمات.
على الرغم من كونها ابنة كونت، كانت فينديا تُعامل كخادمة.
شعرت فينديا بوحدةٍ عميقة. ورغم أنَّها لم تكن تتوقَّع الحب من هذا الزواج، لم تكن تتوقَّع أيضًا المضايقات اليوميَّة من حماتها، أو الإهانات المتكرِّرة من حماها. كان قلبها يتألَّم من برود زوجها وعدم اكتراثه، ومن تجاهل عائلتها وكأنَّها غير موجودة.
“حسنًا…”
رغم إدراكها التامِّ لمكانتها، التزمت الصمت ووقفت بجانب الخادمات اللواتي ضحكن وهمسن بسخرية.
كانت فينديا متوترةً، وبدأت تعبث بأصابعها المتقرِّحة نتيجة عادتها المتكرِّرة في قضم الجلد حول أظافرها عند التوتر. رغم أنَّ أصابعها كانت تنزف، لم تكن تشعر بالألم واستمرَّت في حكِّ الجروح بلا وعي.
“أين تقع مقاطعة هيدن بالضبط؟”
سألت إحدى السيِّدات في حفل الشاي الماركيزة إلستين هيدن التي حضرت الحفل بغرض العمل.
“إنَّها تقع في أقصى الجنوب.”
“أقصى الجنوب؟ آه، إذن هذا يُفسِّر أنَّني أشمُّ رائحة كريهة.”
عند إجابة الماركيزة، قامت إحدى النساء بتغطية أنفها بمروحتها، ممَّا أدَّى إلى ضحك البقيَّة.
كان الجنوب معروفًا بتربية الماشية، وكانوا يسخرون منها، ملمِّحين إلى أنَّ رائحة فضلات الحيوانات تفوح منها.
لكنَّ الماركيزة إلستين لم تبدِ أيَّ انزعاج، بل نظرت ببرودٍ إلى السيِّدة التي تحدَّثت.
“همم! قد لا تعلمين، بما أنَّكِ قادمة من الرِّيف، ولكن من غير اللائق أن تحضري إلى مثل هذه المناسبات فارغةَ اليدين.”
شعرت السيِّدة بالإحراج ورفعت صوتها لتغطِّي على خجلها.
“سآخذ ذلك بعين الاعتبار.”
لكنَّ الردَّ الهادئ من الماركيزة زاد من غضب السيِّدة، التي احمرَّ وجهها من الإحراج.
منذ ذلك الحين، بدأت السيِّدات النبيلات بالسخرية من الماركيزة علنًا، حيث كنَّ يستغللن كلَّ فرصة للتعليق على منطقتها الريفيَّة.
حتَّى عندما بدأت الماركيزة في شرح خطَّتها لتطوير منطقةٍ تجاريَّةٍ جديدةٍ تُسمَّى “ذا لاين” في منطقة هيدن، واصلت السيِّدات السخرية من الفكرة، مشكِّكاتٍ في نجاح مثل هذا المشروع في منطقةٍ ريفيَّة.
“أشكُّ في أنَّها ستنجح. من سيستخدم منطقةً تجاريَّةً في مثل هذا المكان النائي؟ على أيِّ حال، دعونا نستمتع بالشاي. هذا نوع لا يمكن العثور عليه في الجنوب.”
استمرَّت ماركيزة هيدن بالحديث بهدوءٍ رغم السخرية، لكنَّ جين، مضيفة الحفلة، أغلقت النقاش بإبعاد الأمور المتعلِّقة بالأعمال.
كانت فينديا قد شاهدت كلَّ ما حدث من البداية. رغم الاستهزاء المستمرِّ، حافظت الماركيزة على هدوئها، وشرحت مشروعها بثقة. كان وجهها يلين فقط عندما تتحدَّث عن أطفالها، كاشفةً عن حبٍّ كانت فينديا تحلم به.
كانتا تُعاملان بطريقةٍ مماثلة، لكنَّ طريقة تعامل الماركيزة مع الأمور مختلفة تمامًا عن فينديا.
لاحقًا، استأذنت الماركيزة للذهاب إلى الحمَّام، وتقدَّمت إحدى الخادمات لإرشادها.
“ها! الرائحة ستزداد سوءًا الآن”، قالت إحدى السيِّدات ساخرًة، وضحكت السيِّدات الأخريات. حتَّى جين ابتسمت مستمتعة.
أدركت فينديا أنَّ هناك شيئًا مريبًا يحدث، فتبعّت الماركيزة والخادمة بهدوءٍ عندما انشغل انتباه جين.
تدخَّلت فينديا بسرعة، وأخبرت الخادمة بأنَّ جين بحاجةٍ إليها، وأنَّها ستتولَّى إرشاد الماركيزة. وبما أنَّ فينديا لم تكن تجرؤ على التمرُّد أبدًا، لم تشكَّ الخادمة بها وغادرت.
كما توقَّعت، كانت الخادمة تقود الماركيزة في الاتجاه الخاطئ. لو استمرَّتا، كانتا ستصلان إلى منطقة التخلُّص من نفايات المطبخ.
“سيِّدتي، الحمَّام ليس من هذا الاتجاه.”
“ستتعرَّضين للعقاب لاحقًا، تعلمين ذلك، أليس كذلك؟”
كانت ماركيزة هيدن واعية تمامًا بالخدع الصغيرة التي كانت تحدث.
تردَّدت فينديا للحظة، ثمَّ لاحظت أنَّ الماركيزة كانت تنظر إلى يديها المليئتين بالجروح.
“أوه… لا بأس. يحدث هذا طوال الوقت”، قالت فينديا بابتسامةٍ متوتِّرة، محاولًة إخفاء يديها خلف ظهرها، محرجةً من أنَّ شخصًا التقت به للتو قد اكتشف وضعها البائس داخل الدوقيَّة.
أرشدت فينديا الماركيزة إلى الحمَّام الصحيح.
بعد ذلك، قامت جين بتوزيع هدايا على السيِّدات الحاضرات، بروشاتٍ مزينةٍ بالورود الكريستاليَّة التي كانت رائجةً في العاصمة. لكنَّ الماركيزة إلستين لم تتلقَ أيَّ هديَّة.
متأثِّرةً بهذا الظلم، قرَّرت فينديا أن تقدِّم للماركيزة إحدى مقتنياتها الثمينة القليلة: بروشًا على شكل وردةٍ زرقاء مرصَّعة بلؤلؤةٍ في المنتصف، لم ترتديه قط. كان هديَّةً من دينروس يوم زفافهما.
على عكس عائلتها، كانت الماركيزة تحبُّ أطفالها بشدَّة، وكانت فينديا تشعر بالغيرة من ذلك الحب. كم كان رائعًا أن يكون لها أمٌّ مثلها.
ولم تُرِد أن تُعاني عائلة الماركيزة من نفس الإذلال الذي تعانيه.
“إنَّه جديد… ليس كثيرًا، لكن أرجو أن تقبليه. أنا متأكِّدة أنَّ ابنتكِ ستُعجب به.”
“….”
نظرت الماركيزة إلى فينديا بدهشة، مدركةً تمامًا أنَّ ما قدَّمته كان من ممتلكاتها الشخصيَّة.
“شكرًا لكِ.”
كانت ابتسامة الماركيزة دافئةً وهي تتسلَّم البروش.
في تلك اللحظة، توقَّفت عينا الماركيزة مرَّةً أخرى عند يدي فينديا الجريحتين.
“دوقة، إذا احتجتِ إلى مساعدةٍ يومًا ما، فلا تتردَّدي في اللجوء إليّ.”
كان عرضها لطيفًا، وللحظةٍ شعرت فينديا بدفءٍ لم تعرفه منذ زمن.
ثمَّ غادرت الماركيزة.
كما هو متوقَّع، لم تدع جين فينديا تفلت من العقاب
* * *
كانت يدا فينديا الآن ناعمتين ونظيفتين، خاليتين من أيِّ جروحٍ أو قشور، وقد نبت الجلد الجديد بشكلٍ كامل.
“هذا أمرٌ مطمئن.”
إلستين، التي لاحظت ذلك، ابتسمت بلطف.
حتَّى وإن كانت قد تجسَّدت في الجسد، فإن الذكريات والمشاعر لا تزال باقية. شعرت برغبةٍ قويةٍ في البكاء، لكنَّها رفعت صوتها عمدًا بشكلٍ مبالغٍ فيه لتُخفي مشاعرها.
“المشروع الذي تحدَّثتِ عنه في ذلك الوقت كان ‘ذا لاين’، صحيح؟ الجميع أخطأ في حكمه عليه.”
المشروع الذي سخرت منه السيِّدات النبيلات في ذلك الوقت حقَّق نجاحًا باهرًا.
أصبحت مقاطعة هيدن واحدةً من أكثر المناطق التجاريَّة شهرةً في الجنوب بفضل “ذا لاين”.
“ما زال أمامنا طريقٌ طويلٌ لنقطعه.”
ابتسمت إلستين بتواضعٍ وهي تُكمل الحديث.
“البروش الذي أعطيتِني إيَّاه في ذلك الوقت، قدَّمته لابنتي، وقد أحبَّته كثيرًا. والآن، أنتِ تعيشين تحت اسم ‘ديا’، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“أعتقد أنَّ هذا يعني أنَّه سرّ.”
“هذا صحيح.”
توقَّفت إلستين للحظة، وكأنَّها تُفكِّر بعمق، وهي تفرك ذقنها بأصابعها برفق قبل أن تتابع الحديث.
“يجب أن يبقى هذا السرُّ محفوظًا. ستُساعدكِ عائلة هيدن في هذا الأمر.”
فوجئت فينديا بهذا العرض غير المتوقَّع للمساعدة، ممَّا جعل عينيها تتَّسعان بدهشة.
“هذا مقابل البروش الذي قدَّمته لي.”
“آه… شكرًا لكِ.”
شعرت فينديا بمشاعر مختلطة تغمر قلبها.
كانت فينديا الأصليَّة طيِّبة للغاية، وربَّما حتَّى ساذجة في بعض الأحيان.
بفضل فينديا استطاعت الماركيزة الخروج من ذلك الموقف، والآن تحصل على المساعدة بالمقابل.
لو كانت فينديا قد علمت أنَّ اللطف الذي قدَّمته سيعود إليها بهذه الطريقة، لكان قلبها قد امتلأ بالفرح. لكنَّها الآن شعرت بشيءٍ يضيق صدرها، بشعورٍ غير مريحٍ لا يمكنها تجاهله.
بعد حديثٍ طويلٍ بعض الشيء، نهضت فينديا من مقعدها مع الماركيزة.
“إذن، سأذهب الآن، ماركيزة.”
“آنسة ديا.”
عندما رفعت فينديا رأسها بناءً على صوت إلستين الذي ناداها، كانت الماركيزة تبتسم لها بابتسامةٍ دافئةٍ وصادقة.
“تهانينا على بدايتكِ الجديدة.”
كانت هذه أوَّل تهنئةٍ تتلقَّاها فينديا على طلاقها، بعد أن كانت تعتقد أنَّه مجرَّد أمرٍ مخزٍ ومؤلمٍ في حياتها.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
أول طلب م
ن الخمس طلبات بمناسبة ثورة 14 اكتوبر 🇾🇪
فينديا الأصلية تحزن لو بنتنا كانت جلدتهم
الفصل كاحداث تقهر الحمد لله أن دينروس مش البطل
الفصل من كثر ما هو يقهر حتى سرده زبالة
ترجمة : اوهانا
انستا : Ohan.a505
الواتباد : Ohan__a505