Chapters
Comments
- 9 2025-09-10
- 8 2025-09-10
- 7 - المُهلة. 2025-09-10
- 6 2025-08-23
- 5 2025-08-23
- 4 2025-08-23
- 3 2025-08-22
- 2 2025-08-22
- 1 - العودة. 2025-08-16
- 0 - الذكرى. 2025-08-16
“أه… أُوه.”
حين التفتُّ ببطء، بدأت يد صغيرة تعبث بخصلات شعري.
كانت تُجمّعها بإتقان، تُهذّبها قليلًا، ثم تشدّها برباط.
وبحركاتٍ ماهرة تركتُ رأسي مستسلمًا له، ولم أستفق إلا حين سحب يده بعيدًا عني، فارتجفتُ وعدتُ لوعيي.
“ها قد انتهيتُ.”
مع سماع صوته الرزين، أدرْتُ وجهي لأتأمل شعري في المرآة القريبة.
كان العمل متقنًا على نحوٍ لا يُصدَّق، يصعب أن يكون من يد طفل في الثانية عشرة.
من المؤكد أنّه اعتاد أن يعتمد على نفسه تمامًا، ومن هنا جاءت تلك المهارة.
“هكذا يجب أن يُربط الشعر.”
قال شايان وهو تُمعن النظر في التسريحة،
ثم استدار.
وبحركته الصامتة، طلب منّي أن أربط شعره هذه المرة. فأخرجتُ رباطًا آخر من معصمي، وأملتُ رأسي قليلًا متسائلة.
‘أليس أيسر له أن يربط شعره بنفسه، ما دام بهذه البراعة؟’
فلماذا يصرّ أن أفعل أنا ذلك؟
بل ويكلّفني جهدًا إضافيًا؟
غير أنّ تلك التساؤلات تلاشت أمام إلحاحه المتجدّد.
فتذكّرتُ دفء لمسته حين رتب شعري، وأخذتُ أتعامل مع خصلاته بحذر.
“……ها قد انتهيتُ.”
هذه المرة خرجت التسريحة بشكلٍ مُرضٍ إلى حدٍّ ما.
أحضرتُ مرآة صغيرة بفخر، وعندما رأى شايان ملامحي الواثقة، ابتسم بهدوء وأومأ.
“لقد ربطتِه بإتقان.”
قالها وهو لا يُلقي بالًا إلى المرآة إلا لمحةً عابرة.
“أعجبني.”
ارتسمت ابتسامة أعمق على شفتيه.
وكأنه يتحسّس الدفء الباقي في شعره، أمال رأسه قليلًا وخفض جفنيه نصف إغماضة، ثم مدّ يده الصغيرة يُمسك بخصلاته المربوطة ويمررها ببطء بين أصابعه.
سَسَرَق——
انسابت الخصلات بين كفّه.
وفي وهج أشعة الشمس الذهبية، بدا كلُّ ما يفعله لوحةً فنيّة حيّة، حتى أنّني استدرتُ بارتباك، كدمية قديمة تصدر صريرًا.
“ه-هيا… لْنأكل الآن.”
لا أدري إن كان الطعام دخل من فمي أم أنفي، لكن لا بأس……
—
في القصر الجانبي لم تكن هناك مكتبة أصلًا.
فالملك، وإن منحني معاملةً لائقة كابنةٍ من السلالة الملكية، رفض أن يُتيح “لِلَّقيطة” فرصة التعلّم، فألغى المكتبة من أساسها.
بعد الغداء، جلستُ لأحكي القصص للصبي الذي لم يقرأ كتابًا في حياته.
قصة السنجاب الذي يجمع البلوط استعدادًا للسبات الشتوي.
وحكاية قطرة ماء تبدأ رحلتها من جدولٍ صغير، ثم إلى بحيرة، فإلى نهر، وأخيرًا إلى البحر.
وقصة شجرة تعيش في مكانها مئات السنين بهدوء.
وحكاية فتاة تكافح لإنقاذ عالمٍ يتداعى……
في غرفة النوم الصغيرة للقصر، كان شايان يُصغي بإنصات.
‘لم يخطر ببالي من قبل أنّ شايان لم يخرج من القصر الجانبي طيلة حياته.’
وحين فكرتُ في ذلك، شعرتُ بضيق في صدري.
ربما تكون حياته أفضل من أولئك الأطفال الذين يئنّون من الجوع.
لكنّ ما يثير شفقتي عليه، أنّ مصيره قد حُدِّد سلفًا.
“ما أجمل ما يوجد خارج القصر الجانبي…….”
تمتم شايان، وهو متكوّر تحت الأغطية، فيما تغمره أشعة الشمس الدافئة.
وارتسمت ابتسامة على وجهي، إذ بدت عيناه الحمراوان المرهقتان من النعاس طفوليتين تمامًا.
ربتُّ على جبينه برفق وقلتُ:
“حين تتمكن من مغادرة هذا المكان……
سأريك الكثير من الأشياء الجميلة.”
إلى أن يحين وقت قتلك.
هذا كل ما أستطيع فعله لك.
“حقًّا……؟”
سأل وهو يفتح جفنيه بتثاقل.
أومأتُ برأسي.
“نعم، حقًّا.”
“وسنراها معًا؟”
“نعم، معًا.”
“معًا…….”
تمتم ببطء، ثم ابتسم ابتسامة ناعسة.
“هذا رائع…….”
وما لبثت عيناه أن أُغلقتا تمامًا.
غمرَ وهج الشمس وجهه الغافي، فأسرني جمال المنظر.
تقدّمتُ نحو الستائر لأحجب الضوء عنه.
“……لا… لا تُسدليها…….”
قال بصوتٍ خافت وهو يغرق في النوم.
“لكن الضوء يزعجك.”
“كلا…… الستائر، لا…….”
وتلاشى صوته شيئًا فشيئًا حتى انقطع.
تطلّعتُ إلى وجهه الهادئ، وترددت إن كنتُ سأغلق الستائر، لكن ما دام قد رفض حتى وهو يغفو، فلا بد أن هناك سببًا.
فليكن كما يريد.
“……فلتحظى بنوم هانئًا، شايان.”
وقبل أن أغادر الغرفة، ألقيتُ عليه تحيّة صغيرة وخرجت.
—
خرجتُ من القصر الملكي بعد زمنٍ طويل.
‘هل هذه أول مرة منذ أن عدتُ بالزمن؟’
بدت ملابس المدنيين التي ارتديتها بدل زيّ الخدم غريبة عليّ بعض الشيء.
وبينما كنتُ أعبث بثوب رمادي باهت، سمعتُ السائق يُعلن وصولنا إلى وسط المدينة، فنزلتُ من العربة.
“أ تعرفين طرق المدينة، صحيح؟
هل أنتِ متأكدة أنكِ لا تريدين مرافقتنا؟”
سألتني الخادمات اللواتي رافقنني في العربة الخاصة بخدم القصر، ووجوههنّ قلقة.
كنّ ودودات منذ البداية، يبدأن الحديث ويُشعرنني بالألفة، وها هنّ الآن يقلقن من تجوالي بمفردي.
ابتسمتُ مطمئنة وهززتُ رأسي.
“أنا بخير حقًّا يا أخواتي.
شكرًا لاهتمامكنّ.”
“تذكّري أنّ العربة المشتركة ستعود عند السادسة. فلا تنسي الحضور قبلها، مفهوم؟”
“وإن ضللتِ الطريق، توجّهي إلى مخبز شوني.
اذكري اسمي، وسيساعدونك.”
“نعم، سأتذكر ذلك.”
ورغم أنّهنّ انصرفن إلى شؤونهنّ، لم يكففن عن الالتفات إليّ بين الحين والآخر.
‘ما أطيب قلوبهنّ.’
لوّحتُ لهن مودّعة، ثم شددتُ قبعتي على رأسي وتابعت سيري.
كان السبب الوحيد لمغادرتي القصر اليوم، سماع أخبار عن عائلة “ليبيرهي”، عائلة آسيل الحقيقة.
في الماضي، لم يُكشَف سرّ ولادة “آسيل” إلا متأخرًا.
‘كان ذلك في سن السادسة عشرة تقريبًا، أليس كذلك؟’
في تلك الفترة، لفّق الأمير الرابع تهمة لشايان، مما استدعى دوق ليبيرهي للتحقيق في القصر الجانبي، وهناك تكشّف الأمر.
وبما أنّ القصر الجانبي شديد العزلة، لم يكن أحد يزوره كثيرًا.
إلى درجة أنّ خدم القصر الملكي يعرفون أنّ لهم الحق في زيارة المدينة مرتين أسبوعيًّا، بينما خدم القصر الجانبي لم يكونوا على علم بذلك، إذ لم يُخبرهم أحد.
لذلك، حتى لو امتلكت “آسيل” شعرًا فريدًا، لم تُكشَف هويتها إلا عند بلوغها السادسة عشرة.
‘لكن هذه المرة، لا يمكنني الانتظار حتى يظهر أمري مصادفة.’
أولًا: لقد اجتذبتُ اهتمام الأميرة الأولى.
ثانيًا: أغضبتُ الأمير الرابع والخامس.
ثالثًا: بدأ خدم القصر الجانبي يتوجّسون من شايان.
“آسيل، لماذا تُحسنين إلى لقيط؟”
“إذًا، هل يُعجبك…… أعني، ذلك اللقيط؟”
ما زلتُ أحتفظ بملامحهم حين سألوني اليوم.
كانت نظراتهم مليئة بالكراهية.
‘لا بد أن أتحرّك من الآن.’
ما دمتُ قد اعترفتُ في داخلي بأنني لن أترك “اليد السوداء” لمصيره، فإني أريد أن أُهيّئ له حياة هادئة وآمنة.
أن يرى ما هو جميل.
ويذوق ما هو طيّب.
ويستمع إلى ما هو بديع.
ويعيش في سلام قدر المستطاع……
إلى أن يحين وقت القضاء عليه.
وجهتي كانت ساحة جوزيفين، الأشهر في العاصمة “ريهالت” بتدفّق الأخبار.
في وسطها ينتصب تمثال ضخم، تحيط به المقاهي بطاولاتها الخارجية، ويُقال إنك إن جلست نصف ساعة ستعرف كل الشائعات.
اخترتُ طاولة في مقهى “ليونهارت”.
“مرحبًا.
أود طلب مشروب.”
“أه، أهلًا بالصغيرة.
الشراب لا يُناسبكِ، صحيح؟”
قال النادل بابتسامة وهو يُعطيني القائمة.
لمحتُ قسم النبيذ سريعًا، ثم أشرتُ إلى الشاي بالحليب الساخن.
“كأس من هذا، لو سمحت.”
“حسنًا، انتظري قليلًا.”
ابتعد النادل حاملًا القائمة، بينما بدأتُ أرهف سمعي لأحاديث الناس من حولي.
كانت عائلة ليبيرهي إحدى أربع عائلات دوقية في مملكة “آهيدن”، وقد خرّجت وزراء عظامًا عبر الأجيال.
والدوقة الحالية، أم “آسيل”، هي وزيرة المملكة، مشهورة بالعدل مع الأقوياء والرحمة مع الضعفاء.
وفي الوقت نفسه، اشتهرت بمأساتها، إذ فقدت رضيعتها قبل أربعة عشر عامًا، وما زالت قصتها تتداول بين الناس.
‘امرأة في قمّة السلطة، ومع ذلك فقدت فلذة كبدها.’
والأهم أنّها لم تتوقف عن البحث عن ابنتها.
أليست قصة تثير فضول الجميع؟
لهذا كانت ساحة جوزيفين أنسب مكان لجمع أخبار عائلة ليبيرهي.
كنتُ أنوي أن أبني خطتي لكشف هويتي اعتمادًا على ما أسمعه هنا.
‘لا يمكنني أن أذهب إليهم مباشرة وأزعم أنني ابنتهم الضائعة.’
يجب أن يبدو الأمر كأنه صدفة طبيعية، كي لا تُثار أحاديث عن تناسخ الأرواح أو عودة بالزمن.
وفي تلك اللحظة——
“أتذكر ما حصل؟ قبل أسبوع، حين ذهبتْ سيادة الوزيرة في جولةٍ إلى مقاطعة بينتراون.”
“……!”
لقد كانوا يتحدثون عن أمي.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 9"