كانت هناك طفلة صغيرة قد أجهشت بالبكاء حتى غلبها النعاس، ملتفّة على نفسها كسلحفاة صغيرة، تتنفس بعمق وهدوء.
كان مشهدًا يحطم القلب.
قال كارمن بصوت منخفض، محاولًا ألا يوقظ الطفلة:
“كان السيدان الشابان، ليفيوود وميكارد، في مهمة، فلم نستطع إيقاف انهيار الطفلة في الوقت المناسب.”
كانت غرفة الاستقبال مضاءة بإضاءة خافتة من أجل الطفلة النائمة.
جلس دييغون يستمع بصمت إلى تقرير كارمن.
“لقد كانت قوة لا يمكن لأيّ شخص تحمّلها، إلا إن كان في مستواك، يا صاحب السعادة. ولولا تدخّلك القريب، لما نجا أحد.”
“لولا تدخلنا السريع لكانو قد أبيدو جميعًا.”
“نعم. أقرب شخص لها كان السيد ريكاردو، وقد تعرّض جوهره الروحي لأضرار بالغة. يبدو أنه حاول الدفاع عن نفسه بطريقته الخاصة ، لكن بما أن الأمر كان قتالاً بين مستيقظين… فقد لا يتمكن جوهره من التعافي.”
“حينها، سيتم نفيه. سيسيليا لن تحتفظ بعاجز.”
قال دييغون ذلك بنبرة باردة كالجليد، وهو يعبث بخصلات شعر الطفلة الورديّ، الذي يشبه غزل البنات.
وعلى الرغم من كل ما قيل، كانت الطفلة لا تزال نائمة، تشهق أحيانًا بأنف أحمر من البكاء.
“وماذا عن الآنسة تشو؟”
“إنها في حالة جيدة. بل في الحقيقة، بالنظر إلى أنه أول اشتباك لها، حالتها ممتازة بشكل يثير الدهشة. التفسير الوحيد هو أنها نالت بركة ملك الأرواح. استدعاء ملك الأرواح في هذا العمر قد يخلّف آثارًا خطيرة، و قد تفقد قوتها بالكامل.”
“ملك الأرواح، إذن…”
توقفت كلمات دييغون في حلقه، ولم يُكمل.
كما عضّ كارمن على لسانه هو الآخر.
ذاك الرجل الذي كان قائدًا لأسطول فاسايِن البحري، وظهر جوهره الروحي في سن السابعة، ثم خاض معركة ضد ملك الحوريات في سن العاشرة ليصل إلى حالة الهدنة الحالية—عبقري من الطراز النادر.
كانت وحشيّته كقطيع من أسماك القرش التي شمّت رائحة الدم، وغرائزه القتالية كانت فطرية. اليوم، يفرّ القراصنة من مجرد رؤية علم دييغون.
لكن ما لم يكن معروفًا على نطاق واسع هو أن دييغون أحبّ شخصًا واحدًا فقط طوال حياته—امرأة أحبّتها أرواح هذا العالم، جميلة إلى حد يعمي الأبصار.
تذكّرها كارمن، وتذكّر الطفلة الصغيرة التي حملتها في رحمها.
لكن لم يعد أحد يتذكر ملامحها، ولا ملامح ابنتها.
ذات يوم، اختفوا… هكذا ببساطة.
والأثر الذي خلّفه ذلك في دييغون…. لا يحتاج إلى شرح.
حتى بعد سبعة أعوام، كان الحديث عنها محظورًا.
قال دييغون، بعد صمت طويل، بنبرة يشوبها الشك:
“طفلة تحظى برعاية ملك الأرواح… يا لها من سخرية.”
“ربما قد صُنعت؟”
“الأرواح كيانات نقية يا صاحب السعادة. هذا مستحيل.”
“نعم. صنع إنسان اصطناعي غير معقول ، لذلك الأرواح لا تتعاون مع شيء كهذا.”
المستيقظ هو شخص ينال قوى تتجاوز قدرة البشر العاديين.
والهومنكولوس كائنات اصطناعية من تلك القوى، وغالبًا ما تُستخدم في المعارك الإقليمية في فيلارين الخسوف ،— إنها أشبه بالروبوتات.
“الهومنكولوس المصنوع بدقة لا يمكن تمييزه عن الإنسان، لكننا لم نتلقَ أي تقرير عن أحد صنع طفلًا من قبل.”
وبناء على تأكيد كارمن القاطع، خفض دييغون بصره.
ورأى الطفلة نائمة، تتشبّث بساقه بقوة.
لقد كان من الصعب فصلها عنه حتى عند عرضها على الطبيب.
“إنها تتشبث بي كما لو كانت سلطعونًا حقيقيًّا.”
هل تخاف أن أتركها؟.
متى بدأت تفعل ذلك؟ تلك الطفلة التي كانت ترفض بعناد أن تعترف بي كوالدها…
“يبدو أنها تثق بك، يا صاحب السعادة، بالنظر إلى تمسّكها بك.”
قال كارمن ذلك بهدوء، مستغلًا الفرصة لقول ما في نفسه.
والحقيقة أنّ كارمن هو الآخر، قد أحب هذه الطفلة الصغيرة منذ اللحظة التي حملها فيها من دار الرعاية.
كانت تشبه تمامًا السيّدة الصغيرة التي لم يعُد يتذكّرها.
وكان دييغون يدرك تمامًا مشاعر كارمن أيضًا.
لابد أن والده شعر بشيء مشابه حين ألزقه بهذا السلطعون الصغير.
“يبدو أنني سأضطر لإعطائها اسمًا جديدًا.”
“أوه، وماذا ستسميها؟”
“لا أعلم بعد.”
رفع دييغون حاجبه بتفكير.
إعطاء اسم كان يعني نيّة التبنّي. لذا لم يكن من الممكن اختيار اسم عشوائي.
“لابد أن سيسيليا في هذه اللحظة تشتعل غضبًا. على الأرجح ستبذل جهدها لأخذ الطفلة.”
“لكنّك لن تسمح لها بذلك، صحيح؟”
“الطفلة تتبعني جيدًا. انظر.”
وأشار دييغون نحو الصغيرة التي كانت تغطّ الآن في نوم عميق، تشخر بخفة.
ثم أضاف بصوت منخفض:
“ليست من الأطفال الذين ينبغي أن يكونوا تحت رحمة شخص جشع مثل سيسيليا.”
“اعترف فقط… أنك تريد جعلها ابنتك.”
تمتم كارمن، لكن دييغون تجاهله.
في تلك اللحظة، كانت آلاف من الأسماء القديمة أو الأجنبية، ذات المعاني الجميلة، تدور في ذهنه.
كان يتساءل: أيها أنسب لها؟.
“أوه، يجب أن أخبر السيدين الشابين أيضًا.”
“لا حاجة لإبلاغ ميكارد. على الأرجح قد علم بالأمر مسبقًا.”
“إذن سأخبر الشاب الثاني فقط.”
“الشاب الثاني… لا، انتظر، نعم.”
بدأ دييغون بالكلام، لكنه تراجع.
قال كارمن بحذر:
“ربما تؤثر هذه الطفلة إيجابيًّا على الشاب الثاني. لم لا تدعهما يلتقيان؟”
“لقد تخلّى عن الحياة بالفعل.”
“لم يمضِ سوى عام واحد على ظهور الأعراض.”
“كفى. لا ينبغي أن نحمّل هذا السلطعون الصغير أكثر من طاقته.”
ونقر دييغون على خد الصغيرة الممتلئ.
“همم.”
عبست الطفلة في نومها وكأنها غير راضية.
يا لها من صغيرة… ولكن عنيدة.
“قلتُ لكِ أن تعضي إن ضُربتِ، لا أن تستدعي ملك الأرواح وتكادي تقتلينهم…”
فكّر بذلك وهو يشعر بالانبهار… بل وبالفخر.
ثم نقر أنف الطفلة بخفة.
وفجأة، خطر له اسم مثالي.
“شوبيرتي. سيكون اسم هذه الطفلة… شوبيرتي.”
الاسم مستوحى من النجم القطبي، دليل الرحلات في البحار، ومن المُحاربة الأسطورية –شوبيرتي.
وقد بدا له أن الاسم يليق بها تمامًا.
❈❈❈
«ماما، ماما!»
«لا بأس، عزيزتي. ماما ستبقى إلى جانبك دائمًا.»
«لكن… لكني لن أراكِ مجددًا. أرجوكِ، لا تموتي، ماما…!»
«صغيرتي، لن تبكي، صحيح؟ يمكنك أن تكوني قويّة، أليس كذلك؟ فأنتِ قائدة الصف.»
«إهيء…ههاااا!»
لا.
حتى وإن حاولت، فلا فائدة.
لا أستطيع.
لم أعد قائدة الصف.
.
.
.
.
“همف~.”
حين فتحتُ عينيّ، كانت أشعة الشمس الساطعة تتسلل إلى الداخل.
مسحتُ الدموع التي تجمّعت عند زاوية عينيّ، ثم جلستُ مستقيمة.
“أوه! آنستي، لقد استيقظتِ!”
“لينا؟”
“نعم، أنا لينا. هل تعرفينني؟”
“همم.”
يا ترى، ما نوع الحلم الذي رأيتُه؟
كان حزينًا… لكني لا أتذكره جيدًا.
“حسنًا، دعينا نجهّزكِ الآن. لا توجد دروس اليوم، ما رأيكِ أن تتناولي الطعام مع سموّه ثم تلعبان معًا؟”
أخرجت لينا خمس فساتين واصطفت بها أمامي. كان الحماس يملأ وجهها لدرجة جعلتني أشعر بالحماس أيضًا.
“ماذا لو تناولتما طعامًا لذيذًا، ثم خبزتما البسكويت سويًا؟”
“نعم!”
رائع!
ارتديتُ فستانًا أزرق عليه أرنب أبيض، وحذاءً مزينًا بنجوم البحر!
وربطت لي لينا شعري على شكل ضفيرتين.
و الحماسة تغمرني، ركضتُ نحو غرفة الطعام.
ثم…
—دَفعة!
“آخ.”
اصطدمتُ بشخصٍ ما وسقطتُ على مؤخرتي.
“هم؟ آه، أنتِ.”
صوت عميق، و كأنه بوق سفينة، وصل إلى أذنيّ.
وحين رفعت رأسي… كان هناك الجد مارشميلو.
“جدي مارشميلو!”
“نعم، نعم. تعالي إلى هنا، صغيرتي الجميلة، دعيني أحملكِ.”
قال ذلك وهو يرفعني بين ذراعيه.
ابتسمتُ ابتسامة واسعة، وأنا أفكر في الماكرون بالفراولة.
كنتُ قد أعطيت بعضها لمعلمة صف الجزر. يا ترى، هل أكلها أصدقائي كلها؟.
“إذًا، لقد استدعيتِ ملك الأرواح، ولو لفترة وجيزة؟ مذهل.”
“ملك الأرواح…؟”
“لا تعرفين ما هو بعد، أليس كذلك؟ لا بأس، ستتعلمين قريبًا. هاها!”
فتح جدي باب غرفة الطعام بدفعة قوية.
وكان هناك أبي، – أو العم، ومعه السيد كارمن.
“أين مقعدكِ؟”
“هناك!.”
“آه، وجدته.”
أجلسني الجد على الكرسي، فبدأتُ أحرّك ساقيّ وأنا أنتظر الوجبة بحماسة.
كل شيء هنا لذيذ جدًا، وأنا أحبّ وقت الطعام كثيرًا.
“ما الذي جاء بك؟”
“أيها الصغير الوقح! جئتُ لأرى وجه حفيدتي الجديدة!”
“حسناً… تفضل بالجلوس.”
هاه! لحظة!
البارحة…لقد تشاجرتُ مع أصدقائي…
«هل لن يُوبّخني أحد؟»
نظرتُ حولي بتوتر، لكن لا أحد بدا عازمًا على توبيخي.
تنهدتُ بارتياح، وأمسكت بالشوكة بإحكام.
لكن في تلك اللحظة…
[ملك أرواح الماء “■■■■” غاضب ويُعلن أنه لا يحق لأحد توبيخ طفلته!]
ظهرت أضواء متلألئة أمام عينيّ، وبدأت كلمات تكتب نفسها:
[ملك أرواح الماء “■■■” يفتخر بابنته ويطلب من الجميع أن يأتوا لرؤيتها!]
[ملك أرواح النار “■■■” يتنهّد قائلاً: “ها قد بدأ مجددًا.”]
[ملك أرواح الأرض “■■■” يومئ برأسه موافقًا، معترفًا أن الطفلة فعلًا ظريفة.]
هاه؟
ما الذي يحدث…؟!
_________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"
اوو نفس نظام الكوكبات