“بما أن الآنسة الجديدة قد حضرت اليوم، فسنقوم بمراجعة سريعة لمفهوم المستيقظين.”
رغم أنني كنت متوترة قليلاً، إلا أن الحصة كانت ممتعة.
لم يُمنح أحدنا فرصة لتقديم نفسه، لكن بدا وكأن الجميع يعرف من أكون.
‘ عليّ أن أبلي بلاءً حسنًا. ‘
لأنني نائبة رئيس الصف.
جلست مستقيمة القامة قدر استطاعتي، رغم أن ذلك لم يكن سهلاً لأن المقعد لم يكن قاسيًا، بل وسادة ناعمة ومريحة.
“من يستطيع أن يشرح لنا سبب أهمية المستيقظين؟”
كان المعلم في هذا المكان يرتدي نظارات دائرية بعدسة واحدة، وشَعره الرمادي مربوط ومسدَل على أحد كتفيه.
وكانت الهالات السوداء تحت عينيه واضحة، ويبدو مرهقًا للغاية.
‘ أود أن أقدّم له حساء الجزر الخاص بشوبيرتي.’
ذلك الحساء يمنح الطاقة حقًا!
بينما كنت أفكر بذلك، رفع أحد الأولاد يده بسرعة.
بطاطا سمينة…
كان فتى ذا شعر بلون البطاطس وعينين زرقاوين، فتح فمه بثقة موجّهًا حديثه إلى المعلم.
“لأنهم يشكّلون وسائل الهجوم والدفاع الأساسية أثناء معارك الأراضي. فلا يمكن حماية أي أرض من دون مستيقظين!”
“صحيح. ولإضافة أمر آخر، الجودة أهم من العدد. قبل فترة وجيزة، تحالفت الأراضي المجاورة لبيلاريون الخسوفية وهاجموا معًا، لكنهم قُتلوا جميعًا. رغم أن عدد المستيقظين لديهم كان سبعة عشر، إلا أنهم لم يتمكّنوا من مجاراة مستيقظي بيلاريون.”
—تراش…
انفتح على السبورة خريطة ضخمة.
وبجانبها، كان هناك رسم على هيئة إنسان، تحيط به أشكال براقة.
“البيجو هو دليل على كون الشخص مستيقظًا. من بين الحاضرين هنا، لا بد أن يكون لديكم جميعًا بيجو بارز، أو على الأقل موضع لظهوره.”
أنا أعرف ما هو ذلك. فقد اندهشت معلمة فصل الجزر عندما رأت جناحي الأيسر.
لكنني لم أره بعيني قط.
“معارك الأراضي قد تحدث في أي وقت، وواجبكم هو حماية فاسايِن. وتلك الحماية تأتي بأشكال عديدة. من يودّ الشرح؟”
مهلًا، انتظروا لحظة…
لماذا لم يخبرونا بعد ما هو البيجو تحديدًا؟
رفعت يدي بسرعة بدافع الفضول.
فنظر إليّ المعلم بنظرة هادئة.
“اسمك؟”
“تشووِ.”
“آه، الآنسة شو، تفضلي.”
لماذا ينادونني بشو رغم أن اسمي شوبيرتي؟
لا أعلم السبب، لكنني نهضت من فوق الوسادة بتمايل بسيط.
“أنا، لدي سؤال.”
“سؤال؟”
“ما هو البيجو؟”
فور أن نطقت بكلمتي، انطلق ضحك من خلفي.
ثم بدأ ذلك الصبي — بطاطس الخنزير — بالقهقهة ساخرًا.
“تجرأتِ على المجيء إلى هنا وأنتِ لا تعرفين حتى ذلك؟”
كان هناك طفل مثله في دار الحضانة أيضًا. وكنت أنا دائمًا من يهدّئ أمثاله.
لذا وضعت يدي على خصري وقلت بحزم:
“من الطبيعي ألا أعرف. إن لم أكن أعرف، فعليكم أن تعلّموني.”
“أوه، هكذا إذا؟ لسانك طويل بالنسبة ليتيمة من عامة الشعب.”
–قهقهة.!!
ضحك معه بعض الأطفال الآخرين.
كانوا جميعًا أكبر مني سنًّا وأضخم حجمًا.
لم أشعر بالخوف، لكنني شعرت بالحزن.
“ما هو البيجو… ابحثوا عنه حتى الحصة القادمة.”
“حسنًا.”
سأسأل لينا.
في دار الحضانة لم نتعلم هذا النوع من الأمور.
“على أية حال، الإدارة في الأراضي مسؤولية رب العائلة ونائبه، أما الشؤون العسكرية فهي من اختصاص الأدميرال. فماذا عن دور المتناغمين؟”
تجمدتُ في مكاني كأنني دبّ قد التهم العسل، فلم أكن أعرف الجواب.
“لا تعرفون ذلك أيضًا؟ إذًا، تفضل يا سيد ريكاردو.”
وجّه المعلم نظره نحو بطاطس الخنزير. وجلستُ أنا بصمت على الوسادة محبطة.
لو سألني كم غرامًا من الدقيق والسكر نحتاج لصنع عشر قطع من كوكيز الشوكولاتة، لأجبت فورًا!
أن تُحتقر فقط لأنك لم تتعلم… هذا مؤلم. شعرت بأنفي يلسع.
لكنني قاومت دموعي بكل ما أوتيت من قوة.
“المتناغم هو كيان ينقل كلمات الحوت الجدّ. وعند الغناء بنشيد البركة أثناء المعارك، يستطيع المستيقظون إطلاق قوة أعظم، كما تلتئم جراحهم.”
“أحسنت. أكثر من يتناغم مع الحوت الجدّ هو من يُصبح متناغمًا. يبدو أنك مطّلع جيدًا.”
عندما نال المديح، التفت بطاطس الخنزير، الذي اسمه ريكاردو، ناحيتي ونظر إليّ ساخرًا.
وأمام ذلك التفاخر المقيت… شعرتُ…بالاختناق.
“لن أتركك وشأنك.”
تمتمتُ بهدوء، ثم قبضت على كفّي بشدة.
يبدو أن الوقت قد حان لأُريهم مهاراتي في عجن الخبز بإتقان.
❈❈❈
خلال ما تبقى من الحصة، بذلت جهدًا كبيرًا في التعلم.
ما لم أفهمه جيدًا، حفظته في ذهني لأتأمله لاحقًا.
رغم أنني لم أتعلم القراءة سابقًا، إلا أنني كنت أستطيع القراءة، لذا لم يكن من الصعب مواكبة الدروس.
“آه…”
لكن الجلوس لوقت طويل كان مرهقًا بعض الشيء.
كنتُ أُمسك بقطعة من بسكويت الشوكولاتة بكلتا يديّ، وأعضّها بفرح.
وبينما كنت أمضغها، خيّم ظلّ فوق رأسي.
كان أولئك الفتية، يتقدمهم “البطاطا البدين” ورفاقه.
قال أحدهم، وكان ذا شعر بلون البطاطا الأرجوانية، وهو يدفع كتفي:
“أنتِ، رأيناكِ قبل قليل تدخلين مع سعادة الدوق، أليس كذلك؟”
بسبب دفعته المفاجئة، سقطت قطعة البسكويت من يدي وتهشّمت على الأرض.
كان الأمر مباغتًا إلى حدّ أن كِلينا تجمّد في مكانه.
“بسكويتي…”
إنها لي. ولم أتناول منها حتى النصف بعد.
لكنني تنفست بعمق وعددت حتى الثلاثة، ثم وضعت يدي على خصري وقلت بوضوح:
“عليك أن تعتذر.”
“ماذا؟”
“لا يجوز ضرب الأصدقاء أو دفعهم. عليك أن تقول آسف، وتُقدّم عناقًا أيضًا.”
“ما الذي تقوله هذه؟ مجنونة هي أم ماذا؟ وهل تظنين أنكِ شيء مهم لمجرّد أنكِ من العوام؟”
لكن الولد ذو شعر البطاطا الأرجوانية هو من ردّ عليّ هذه المرة، ودفع كتفي مجددًا، مرارًا وتكرارًا.
“إذا ضربك أحد، فعضّه.”
تلك كانت إحدى الجُمل التي قالها لي العمّ ذات يوم.
“سأتحمّله… لمرة واحدة فقط، حقًا، مرة واحدة فقط.”
لأنّ المعلمة في صفّ الجزر كانت تقول دائمًا:
“شوبيرتي، عندما تغضبين، عليك أن تعدّي حتى ثلاثة، وأن تنتظري ثلاث ثوانٍ. اتفقنا؟”
وهذه الآن هي المرة الثانية… وثلاث ثوانٍ مرّت…
لم يتبقَّ سوى مرة واحدة.
عندها، انتزع البطاطا البدين الشارة المعلّقة على صدري بقوة.
حدث الأمر بسرعة لم أتمكن معها من فعل شيء.
“أعدها إليّ!”
لا يجوز ذلك.!!لا يمكنني أن أسمح بذلك.!!
إنها ثمينة.!!
كانت دموعي على وشك أن تفيض لأول مرة.
لكنّ أحدًا من الأطفال حولي لم يتحرّك لمساعدتي، بل اكتفوا بالمشاهدة.
المعلّمة أيضًا ليست هنا… إنها فترة الاستراحة.
ماذا أفعل؟
ماذا عساي أفعل؟
ليساعدني أحد… من فضلكم…
قال ذلك الولد الشرير، ممسكًا بشارتي:
“أنتِ أيضًا مستيقظة، أليس كذلك؟ يقولون إن لديكِ موضع بيجو.”
رحت أقفز لأستعيد شاراتي، لكنني كنت قصيرة القامة، ولم أتمكن من الوصول إليها.
“إذن، خذيها مني. تعتقدين أن بإمكانك أن تصبحي ابنة الدوق دييغون؟ مستحيل. لن أقبل بذلك. ذلك المقام… كان يجب أن يكون لي!”
راح يضرب صدري بقوة، ثم فجأة… دفعني بعنف.
تراجعت إلى الخلف، ثم سقطت على الأرض بقوة.
ثم قال:
“ما هذه التفاهة؟! نائبة؟ تظنين نفسك شيئًا مهمًّا؟ لكنك مجرد فتاة من العامة. قذرة!”
—تمزّق!
صدر صوت مروّع، ورأيت أمامي شاراتي تتمزق إلى نصفين.
تلك الشارة التي كنت أحتفظ بها بعناية، وفخر، وبكل حب…
“لا… لن أتحمّل أكثر.”
—طَق!
انقطع خيط صبري.
وفي اللحظة نفسها، غمر البياض ناظريّ.
“ما هذا؟!”
“فقاعات ماء؟!”
“انتظِروا، هذه القوة… كخخ!”
راحت فقاعات الماء تتصاعد من حول جسدي الصغير.
في البداية، كانت كفقاعات الصابون، لكن شيئًا فشيئًا، تطاير شعري الوردي في الهواء.
حدّق “ريكاردو” –البطاطا البدين– في عينَيّ الخاليتين من البؤبؤ، فارتعب وتراجع خطوة.
وفي تلك اللحظة، انفجرت قوّة مريعة.
“آآآاااااه!!”
“أنقذونا!”
“نحن آسفون! آسفو—… وااااااه!!”
ما الذي حدث؟
“لا أشعر بأي طاقة في جسدي…”
سمعت صراخًا في مكان بعيد… أو هكذا خُيّل لي…
آخر ما سمعته كان صوت العمّ:
“لا بأس… اهدئي، ونامي قليلاً. سأتولى الأمر من هنا.”
كان صوته دافئًا للغاية…
شعرت أنّه لا بأس إن نمتُ هكذا، بكل بساطة…
ولذا، عانقته بقوة.
” شارو– .. تشوو لم تعد النائبة الآن… ههآآآآآآانغ!!”
لقد انفجرت وبدأت بالبكاء.
__________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"