هل يمكنني العودة إلى الحضانة بعد ليلة واحدة فقط؟
هكذا ظننت، لكن مرّت ليالٍ عدّة، وما زلت هنا.
في قصر دوق فاسايِن.
أما عن وضعي الحالي، فقد جاءت معلمتي من فصل الجزر لتشرح لي كل شيء بنفسها.
“يعني يا تشو، لقد اختارك سيد الحوت الأوّل. لأنكِ طفلة مميزة، فستعيشين هنا.”
كنت أعلم من هو سيد الحوت الأوّل، بالطبع!
فكل يوم ، كنا نقول: “سيد الحوت الأوّل، نشكرك على حمايتك لبحر فاسايِن اليوم.”
قالت معلمتي:
“السيد دييغون سيصبح والدكِ من الآن فصاعداً. أتذكّرين أنكِ كنتِ تتمنّين دائماً لو كان لديك أب؟”
أب…
وقفت أمام قاعة الطعام، ثم شددت بطني الممتلئ بقوة.
ثم همست بالكلمة داخلي:
‘ أب.؟ ‘
لكنها بدت غريبة على لساني.
فإذا كانت كلمات مثل “جزر”، أو “عنب”، أو “خبز” حلوة كالسكر، فإن “أب” كانت تشبه البروكلي أو السبانخ.
وخاصة النوع الذي لم يُسلق جيداً وبقي أخضرَ قاتماً…
يجعلك تبصقينه فوراً عند تذوّقه.
“الآنسة شو، تفضلي الطعام.”
“مرحباً.”
كان هناك طاولة طعام طويلة جداً. جلس الرجل عند أحد طرفيها، بينما جلستُ أنا بكل حماس على الكرسي المخصص لي، كما تعلمت خلال الأيام الماضية.
المكان الذي وُضعت فيه الصحون على شكل سلطعون، كان مقعدي.
“…”
خلال وجبة الطعام، لم ينطق الرجل بكلمة.
فقط كان يراقب بصمت كل ما يدخل فمي بتعابير صارمة.
ربما كان أي طفل آخر سيُصاب بعسر الهضم من هذا الجو، لكن أنا لا… فأنا شرهة بطبعي!
تابعت الأكل بجد، حتى امتلأ نصف بطني تقريباً.
“ربما يكون الوقت مبكراً بعض الشيء، لكن بما أنك من المستيقظين، فلا مشكلة في التعلم. اعتباراً من اليوم، ستبدئين التعليم مع أطفال فاسايِن الآخرين.”
“حاضر!”
أجبت بحماس.
فمعلمتي من فصل الجزر كانت قد شرحت لي كل هذا مسبقاً.
“في مركز تعليم فاسايِن، يتم اختيار ثلاثة: وريث العائلة التالي، المتناغم مع سيد الحوت، وقائد الأسطول البحري.”
ابتلعت فخذ الدجاج المشوي الذي كنت أمضغه، ثم أومأت برأسي.
فقد أردت أن أبدو مهتمة ومتابعة لكل كلمة.
لكن في الحقيقة…
“أريد أن أصبح طاهية مبدعة، أو صاحبة محل حلويات رائع. أو ربما صاحبة مخبز فخم…”
لكن معلمتي أوصتني بشدة قبل أن تغادر:
“تشوو، أنتِ لا تعرفين الخوف. أعتقد أن هذا شيء وُلدتِ به. حتى عندما تتألمين، لا تشعرين بذلك كثيراً إلا عندما تكونين جائعة، صحيح؟”
“نعم.”
“لذا عليكِ أن تكوني حذرة. فاسايِن… مخيفون. إنهم من النبلاء الطيبين، لكن إن أغضبتِهم، فسيكون الأمر خطيراً. أنا قلقة جداً عليكِ، لأنكِ استيقظتِ باكراً جداً… في الواقع..معظم أطفال المركز من سلالة فاسايِن، لكن هناك أيضاً أطفالاً مثلِك اختارهم سيد الحوت بنفسه ومنحهم قدراً. ويتم معاملتهم كأبناء فاسايِن تماماً.”
رغم أنني لم أفهم نصف ما قالته، لكن شيئاً واحداً كان واضحاً:
إن أخطأت، ستقلق معلمتي من أجلي!
لذا، عليّ أن أتصرف بنُضج!
.
.
.
.
.
“هل يوجد هناك أيضاً رئيس صف لديكم؟”
توقف الرجل فجأة عند سؤالي، وعبس وجهه.
“هذا… لا أعلم. أولادي لم يقتربوا حتى من منصب رئيس الصف، أو… لا يوجد رئيس صف أصلاً.”
“أما أنا، فأنا رئيسة الصف!”
قلت ذلك بفخر، وأبرزت صدري بزهو.
توجّهت كل الأنظار نحو بطاقة الاسم التي أصررتُ على تعليقها على فستاني الجميل، الذي ساعدتني الخادمات على ارتدائه.
“سيدي، هناك بالفعل نظام رئيس الصف. وكذلك نائب الرئيس.”
كان من تحدّث هو السيد كامين، الذي وقف خلفنا كظلّ.
هو ثاني شخص مفضّل لدي في هذا القصر.
أما الأول، فهو الجدّ الذي أعطاني الكثير من الحلويات اللذيذة.
“إذن، أطفالي لم يتولَّوا المنصب يوماً؟”
“للأسف، هذا صحيح. كل مرة كانت السيدة سيسيليا هي من يفوز أبناؤها برئاسة الصف. أما منصب نائب الرئيس، فهو يتغير كل ثلاثة أشهر. وعلى فكرة، الانتخابات القادمة لنائب الرئيس ستكون بعد حوالي أسبوعين.”
“هاه.”
انتصبت أذناي لدى سماع اسم جديد.
من تكون السيدة سيسيليا؟ اسمها جميل!
“ربما لأنك سيدي، تقضي وقتاً طويلاً في البحر، لذا لا تحضر الاجتماعات العائلية… سمعت أنها دائماً تتفاخر بذلك في كل اجتماع.”
كان يبدو الآن أن مزاج الرجل قد ازداد سوءاً.
–طَق، طَق طَق.–
بدأ ينقر بأصابعه على الطاولة، ثم فجأة رمقني بنظرة حادّة.
“إن أصبحتِ نائبة الرئيس، فسأقدم دعماً إضافياً لتلك الحضانة ، ما رأيك؟”
دعم إضافي!
هذا ما كان يحلم به المعلمون دائماً!
“حقاً؟!”
“وليس هذا فقط، بل سأختار أصحاب المواهب من الأطفال وأرسلهم إلى الأكاديمية. أعطوا الحضانة صناديق من الحلويات أيضاً.”
يا لها من صفقة رائعة!.
فقط عليّ أن أصبح نائبة الرئيس!.
كدت أومئ برأسي لا شعورياً، لكنني توقفت فجأة.
خلف الرجل، كان السيد كامين يرسم علامة “إكس” بجنون.
وكان يحرك فمه بصمت، لكنني استطعت قراءة حركات شفتيه.
‘ أطلبي المزيد؟ ‘
أن أطلب المزيد؟
‘ لكن… لا يوجد شيء أطلبه. ‘
حتى لو طلبت العودة إلى فصل الجزر، فلن يعيدوني.
لقد حاولت لعدّة أيام متواصلة، لكن لم يُجْدِ ذلك نفعاً، لذا فقد تخلّيت عن الفكرة.
وضعت الشوكة جانباً، ثم أمسكت رأسي بكفيّ الصغيرتين.
ثم، فجأة، لمعت فكرة في رأسي.
“هنالك شيءٌ أريده.”
“ما هو؟”
“اصطحبني إلى مركز التعليم.”
“إلى أين؟”
قرأت في كتابٍ ما أنّ الأطفال الذين لديهم أم وأب، يذهب معهم أحد الوالدين إلى المدرسة.
وكنت أشعر بشيءٍ من الغيرة كلما قرأت ذلك.
أنا، بما أنني أعيش في الحضانة، لم أكن بحاجة لذلك.
حتى لو حاولت أن أقنع نفسي بعدم الاكتراث، كنت أعود وأشعر بالغيرة مجدداً.
“أنا أعرف… أنت لست والدي الحقيقي. لاكن، مع ذلك…”
لكن هل سيشعر بالانزعاج؟.
قالوا لي ألّا أثير غضبه…
ترددت قليلاً، ثم نظرت إليه بعينين واسعتين، وابتسمت ابتسامة واسعة.
التقت عيني بعينيه، فعبس مجدداً.
“آنسة شو لا تزال بحاجة إلى التكيّف. ماذا لو قام سموّك بإيصالها بنفسك إلى المركز لبعض الوقت؟”
“أنا؟”
“نعم. قد تتوه في الطريق. وفوق ذلك، أظن أن الأنسة، في قرارة نفسها، تشعر برهبة شديدة.”
“هي؟”
أعاد الرجل سؤاله باستنكار، ثم تنهد وأمرّ يديه على وجهه كمن سلّم بالأمر.
فلم أضيّع الفرصة، وفتحت فمي بسرعة.
“ايعني هذا بأنك ستأتي لإصطحابي؟”
“…إذا كان لدي وقت، فحسناً.”
كانت إجابة بلا نكهة… مثل نصف شريحة خبز توست من دون مربّى.
❈❈❈
لكن، مع ذلك، جاء لاصطحابي.
كنت أرتدي فستاناً جميلاً يشبه قناديل البحر، وزيّنتني لينا بدبوس شعرٍ على شكل دولفين.
من هي لينا؟ إنها خالة الماكرون التي قابلتها مؤخراً!
“آه.. آنستي، انتبهي لنفسكِ. مفهوم؟”
“حسناً!”
“لا تتركي أحداً يدفعكِ! وإذا حاول أحد إزعاجك، لا تسكتي له!”
أصبحت لينا خادمتي الخاصة.
و”الخادمة الخاصة” تعني أننا سنبقى معاً دائماً. لذا، كنا نعيش أنا وهي في غرفة كبيرة مثل الحضانة تماماً.
“هل أوصلكِ إلى هناك فقط؟”
“نعم، يا عم.”
“عم؟”
“عم، هل بدّلت ملابسك اليوم؟”
سألته ذلك لأن ملابسه اليوم كانت أجمل بكثير من ملابس الصباح!
في الحقيقة، هو أوسم شخص بالغ رأيته في حياتي.
شعره بلون البحر العميق، أزرق نيلي.
وعيناه قرمزيتان بعمق تتخللهما لمعة حمراء كالدماء.
وهالته تشبه سمكة قرش مفترسة!
وحين ارتدى تلك البذلة البيضاء التي تلتصق بجسده، بدا أكثر وسامة حتى في نظري أنا!
كان يبدو وكأن لديه الكثير ليقوله، لكنه اكتفى بالرد على سؤالي:
“نعم، بدّلت ملابسي.”
“لماذا؟”
“يالكِ من كثيرة ِالكلام….على ايه حال لقد وصلنا، ادخلي الآن.”
رغم أنه يُدعى “مركز التعليم”، إلا أنه لم يكن مدرسةً حقيقية.
بل كان غرفة كبيرة في هذا القصر الواسع، تم تحويلها إلى صف دراسي.
حدّقت في النافورة الكبيرة المنقوش عليها حوت، وفمي مفتوح بدهشة.
—ككييييك…
حين فُتحت الأبواب، اصطدمت عيني بعشرات العيون التي كانت تحدّق بي.
وفي اللحظة نفسها، توقفت قدماي عن الحركة.
كنت أظن أن المكان سيكون شبيهاً بالحضانة…
لكن يبدو أنه ليس كذلك.
في تلك اللحظة، وضع الرجل يده بلطف على كتفي.
“إذا ضربكِ أحد، فعضّيه.”
“……؟!”
“قاتلي دوماً بكل ما تملكينه من قوة. وإلّا، فسيبتلعونكِ دفعة واحدة.”
كان الرجل ينظر إليّ بابتسامة مائلة على شفتيه.
“آه! أُلغي ما قلته عن وسامتك! أُلغي! أُلغي!”
أمي، أعتقد أنني أصبحت سمكةً عالقة بين أنياب قرش!….
__________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
《لاتدع الرواية تشغلك عن العبادات》
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"
اتوقع انهم بيتحولوا لناظي معجبين😂ڤايتينغ!