『 ✦ الفصل السادس والأربعون: الليلة التي شاركنا فيها السرير ✦ 』
✦ ━━━━━━━ ⸙ ━━━━━━━ ✦
“هل يمكنني النوم الليلة مع كلٍ من كارين وأخي؟”
“نعم؟”
“ماذا؟”
تبادلت أعينهما نظرات الذهول، وكأن الزمن توقّف للحظة. ثم، وقد اجتاحتهما موجة من الإحراج، أشاحا بوجهيهما سريعًا.
“قال جوزيف… إن فرقة صيد الوحوش ستعود قريبًا إلى القصر، أليس كذلك؟ وعندها سنرجع إلى القصر الإمبراطوري… وأنا لن أستطيع النوم مع كارين مجددًا، وأخي سيزداد انشغالًا…”
قالت ستيلا ذلك وقد انخفضت كتفيها، وارتسم على ملامحها حزنٌ طفولي.
“ستيلا.”
نطق إجنيس بنبرة منخفضة تنم عن عدم استعداده لمجاراة دلعها. لكنها، رغم القشعريرة التي أصابتها، رفعت رأسها ونظرت إليه بثبات دون أن تهرب من عينيه.
“أرجوك… مرة واحدة فقط؟ إن وافقت، أعدك أن أعود أميرة مطيعة عندما نرجع إلى القصر! لكن… فقط الليلة… فأنا الملكة، أليس كذلك؟”
حدّق بها إجنيس بنظرات مربكة، ثم تحركت شفتاه وكأنه على وشك الرد، لكن الكلمات لم تخرج.
ومع دموع لمعت في عيني ستيلا، رقّ قلب كارينتينا. كانت تعلم أن لا يجب أن تضعف، لكن كيف لها أن تدير ظهرها لنظرات نقيّة كتلك؟
لقد باتت قصص الطفولة هذه تهزّ فيها أحكام العقل شيئًا فشيئًا.
“الآنسة كارينتينا ستكون غير مرتاحة.”
قال إجنيس ذلك فجأة، مما جعل عيني كارينتينا تتسعان بدهشة.
‘كان قلقه من أجلي أنا؟ لا من نفسه؟’
أسرعت كارينتينا ترد.
“لا بأس عندي.”
نظر إليها إجنيس بدهشة أكبر، لتشير له كارينتينا خفية بحركة شفتيها:
(كانت تغفو مرارًا منذ قليل.)
أدرك المعنى على الفور — أن يترك الأمر حتى تغفو ستيلا، ثم يغادر بهدوء.
تنهد إجنيس تنهيدة طويلة قبل أن يقول:
“هذه آخر مرة. لن أسمح بدلع آخر بعد الآن.”
“أعدك! أعدك باسم الملكة ستيلا!”
ضحك إجنيس ساخرًا من القسم الملكي، بينما بدأت ستيلا تضرب على السرير بلطف:
“كارين هنا، أنا في الوسط، وأخي هناك!”
انتقلت كارينتينا إلى مكانها بخطى خجولة، متظاهرة بالابتسامة.
أما إجنيس فأطفأ الحجر السحري المتصل بالثريا، واكتفى بمصباح صغير على الطاولة. أخرجت ستيلا وجهها من تحت اللحاف مبتسمة برضا.
(حين تغفو ستيلا… سأغادر.)
ويبدو أن إجنيس قد فكّر بالمثل، إذ تمدد إلى جانبهما دون كلمة.
كان هناك صائد أحلام مُعلق فوق السرير — قالت ستيلا إن إجنيس قد أهداه لها.
نظرت إليها كارينتينا بحنان ممزوج بالشفقة، بينما مدّ إجنيس يده ليمسح شعر ستيلا بنعومة ونبرة اختنقت بالعاطفة.
“نامي الآن.”
“أحلام سعيدة، آنسة ستيلا.”
“أنتم أيضًا، كارين، وأخي… أحلام سعيدة.”
انتشر في السرير عبق اللبن الحلو الخاص بستيلا، وما هي إلا لحظات حتى بدأ صوت أنفاسها المنتظم يملأ الغرفة.
أدركت كارينتينا أنه يجب أن تنهض، لكنها، وقد خذلها التعب، أغلقت عينيها ببطء…
(عليّ أن أستيقظ…)
لكنها استسلمت بسرعة لنعاس لا يمكن مقاومته.
✦ ━━━━━━━ ⸙ ━━━━━━━ ✦
أصدر إجنيس صوتًا خافتًا وهو ينهض جالسًا. التفت ليرى ستيلا، التي كانت تغطّ في نوم عميق كأنها في عالمٍ آخر، فابتسم لا إراديًا.
ثم، دون وعي، وجه بصره إلى كارينتينا… فشهق بصمت.
“…….”
بقي يحدق فيها دون أن يرمش.
انسدلت خصلات شعرها الفضي بنعومة على الوسادة. كانت ملامحها الهادئة ساحرة: جبينها الدائري، رموشها الكثيفة، وشفاهها الوردية المرسومة بخفة…
‘الشفاه…!’
شعر فجأة وكأن النار قد اشتعلت في جسده بأكمله.
‘أوه، الجو… خانق!’
خلع ربطة عنقه بعصبية، يحاول تهدئة الحرارة المتصاعدة داخله.
‘أن أكون إمبراطورًا بحقّ… هل كانت تعني ذلك حقًا؟’
كانت تلك أول مرة في حياته يكشف فيها عن قلبه بهذا الشكل.
بدأ يسترجع كلمات كارينتينا على ضفاف نهر ستيوم، واحدة تلو الأخرى.
لم تكن شفقةً، ولا مواساة ساذجة… بل صدقٌ وطمأنينة.
كانت عيناها، كأنهما بحرٌ عميق، تقولان له بصراحة: “أنت قادر.”
كان في كل تصرفاتها لمسةٌ من الحنان، بلاغةٌ غير منطوقة تداوي جروحه.
‘هل تؤمن بي حقًا؟’
تسارعت أنفاسه وهو يشعر بشيءٍ يفيض بداخله، شيءٌ يشبه… الخلاص.
‘رغم أنها تعرف أنني خطر عليها، إلا أنها تقترب أكثر… لماذا؟’
أضاء ضوء القمر على وجه كارينتينا، فازدادت بهاءً.
كانت تمسك يد ستيلا وتغطّ في نومها، كأنها ملاك هبط من السماء.
‘لو كنت أُجيد الرسم، لاحتفظت بهذه اللحظة إلى الأبد…’
أخفى وجهه بين يديه فجأة.
‘أن أقول إن “الآنسة كارينتينا” جميلة… هل فقدت عقلي؟’
تصاعدت حمرة على وجهه، فبدأ بمسح وجهه الجاف في محاولة لتبديد الحرارة.
‘كيف يمكنني التفكير بهذه الطريقة؟ بالتأكيد هناك خطب ما في جسدي.’
‘ربما… ينبغي أن أطلب فحصًا من طبيب فرقة الصيد.’
منذ أن رأى تلك الفتاة ذات الشعر الأسود في الغابة… وهو يشعر وكأن لعنة أصابته.
ثم تجمدت نظرته.
‘الآنسة كارينتينا لا تهتم بي… إنها فقط ترى شخصًا آخر من خلالي.’
‘شيون… هل هذا الاسم؟ ذلك الدمية.’
شحب وجهه وهو يغوص في دوامة أفكاره.
‘كم هو تافه هذا الغضب… كم هو بائس!’
أحبّت دميتها، وهذا طبيعي. لا ينبغي له أن يشعر بالغيرة… لكنه شعر بها.
رغم كل تلك الفوضى، لم يستطع أن يصرف نظره عنها.
‘وجهها… عيناها… ضحكتها… كلها تملأ ذاكرتي.’
‘لابد أنني فقدت صوابي.’
وقف بهدوء من سريره.
كان يدرك أنه عليه التوجه إلى فرقة الصيد في الغابة استعدادًا للعودة إلى العاصمة، لكنه لم يملك الجرأة ليبتعد.
ألقى نظرة أخيرة على كارينتينا وستيلا، وظل في مكانه… طويلًا.
ولم يغادر غرفة ستيلا إلا مع أول خيوط الفجر.
وغادر القصر بمفرده، بينما لم يعد هو وفرقة الصيد من مهمتهم إلا بعد مرور أسبوع كامل.
✦ ━━━━━━━ ⸙ ━━━━━━━ ✦
“أخي عاد إلى الغابة مجددًا؟”
سألت ستيلا بانزعاج، بعد أن علمت أن إجنيس قد غادر ثانية إلى موقع صيد الوحوش.
“سيعود قريبًا، لا تقلقي.”
“هممم… سأنتظر. حين نرجع إلى القصر، سنكون معًا دومًا، أليس كذلك؟”
رغم صغر سنها، ابتسمت بتماسك يفوق عمرها، دون أن تشتكي أو تتذمر.
‘شيون، أرجوك، ابقَ بجانب الآنسة ستيلا في الوقت الحالي.’
[هيه، أنا تابع لكِ، موشِرة سحرية… لستُ لعبة لطفلة صغيرة!]
‘صحيح… لكن…’
[ها؟ ألم أكن على حق؟]
صوت شيون بدا منتفخًا بالغرور لأول مرة.
‘لكن شيون، أظنك نسيت أمرًا… أنت بنفسك وافقت أن تكون خادمي الشخصي، أليس كذلك؟’
[ه-هذا صحيح! لكنني أقوم بعملي جيدًا!]
‘طبعًا تقوم به جيدًا. لكن فكّر… من هو الأعلى مقامًا في هذا العالم؟ إنه العائلة الإمبراطورية، وأنا لست منهم…’
[أوه… إذًا لماذا لا تُلغينهم؟ امنحيني قوة وسأتخلص منهم كلهم!]
حدّقت كارينتينا إليه بنظرة جليدية باردة، فاهتزّ سيون في مكانه.
‘سيأتي وقتٌ أحتاج فيه إلى العائلة الإمبراطورية… إذًا، شيون، قل لي، كيف على الخادم أن يتعامل مع ضيفٍ يجب إكرامه؟’
[حسناً… سأتصرّف. سأفعل كل شيء!]
ضحكت كارينتينا وهي تواسي سيون المنتفخ.
ورغم أنّه تذمّر كثيرًا، إلّا أنّه لبّى كل رغبات ستيلا، دون اعتراض.
ربما لأن ملامحه تشبه إجنيس، شعرت ستيلا بالأمان وعادت إلى طبيعتها المرحة.
✦ ━━━━━━━ ⸙ ━━━━━━━ ✦
مع استقرار الشمال وانتهاء احتفالات العام الجديد بسلاسة، بدأت كارينتينا تشعر ببعض الملل من وقت الفراغ.
لكن الجانب الإيجابي هو أنّها أصبحت تقضي وقتًا أطول مع ستيلا.
تناولا الطعام معًا، تجوّلا في الدفيئة الزجاجية، وتمشّيا في الحدائق. أحيانًا كانت تحضر دروس السلوك الإمبراطوري التي تعطيها جيمّا، مما جعل ستيلا تبذل جهدًا مضاعفًا، حتى أصبحت كارينتينا كأنها طالبة أخرى في الصف.
أما دروس التاريخ، فقد كانت مشوّقة أكثر من أي كتابٍ قرأته يومًا.
فأكثر ما يثير الفضول دومًا… هو صراع العلاقات داخل القصر الإمبراطوري!
وفي يومٍ خالٍ من الدروس، وبعد غداء دسم، كانت كارينتينا تقرأ كتابًا عن تاريخ الإمبراطورية أوصت به جيمّا.
وفجأة:
طَقطَق.
سُمِع صوت ارتطام شيء بالأرض. رفعت كارينتينا رأسها بهدوء لتتأمل المشهد.
“كم أنها لطيفة…”
لقد غلب النعاس ستيلا بعد الغداء، حتى أن كتابها سقط على الأرض دون أن تشعر.
أغلقت كارينتينا كتابها واقتربت من الكاوتش الذي تنام عليه الصغيرة، ثم رفعتها برفق ووضعَتها في السرير.
خلعت حذاءها الصغير وأحكمت عليها الغطاء بلطف، ثم ضحكت بخفة عندما بدأت الصغيرة تشخر كقطٍ صغير.
عادت كارينتينا إلى غرفتها وهي تحمل كتابها ودمية “ليا”. جلست على الأريكة، وأطلقت تنهيدة طويلة.
نظرت ليا إليها بقلق.
[آنسة كارينتينا، هل هناك ما يشغلكِ؟]
“أمم… لا شيء كبير، لكن…”
مدّت يدها نحو كتاب التاريخ، تقلب صفحاته بينما بدا وجهها شاحبًا قليلاً…
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 46"