في الإمبراطورية، يتّبع الاحتفال بالعام الجديد تقليدًا عريقًا يبدأ بتناول الإفطار معًا، ثم يجتمع الجميع لقطع وتوزيع فطيرة الـ”غاليت”.
عند إعداد العجينة، تُخبّأ في أعماق الحشوة حبة فاصولياء حمراء صلبة، ومن يعثر عليها أثناء الأكل يُكرّم طوال اليوم كملك أو ملكة داخل المنزل.
وبما أن بإمكان الأطفال في ذلك اليوم طلب ما يشاؤون من الكبار، فإنهم يتشوّقون لهذا المهرجان أكثر من يوم تأسيس الإمبراطورية نفسه.
“إن وجدتُ الفاصولياء… فسأفعل اليوم كل ما يحلو لي!”
قالتها ستيلّا بحماسة وهي تنظر نحو إيجنيس لتتأكد من وعده مرة أخرى.
هي أميرة بالفعل… فهل تثيرها فكرة أن تكون ملكة ليوم واحد إلى هذا الحد؟
كارينتينا ارتجف كتفاها خفية وهي تكتم ضحكتها إزاء هذه البراءة اللطيفة.
“بالطبع.”
ردّ عليها إيجنيس بابتسامة هادئة.
ما إن تم ترتيب الطاولة بعناية، وُضعت فطيرة الغاليت الدائرية على حامل الكعك الفضي، تفوح منها رائحة الزبدة الدافئة، ويعلوها البخار.
“واو! الشمال يُزيّن الفطيرة بنقوش تشبه زهور الثلج!”
“آه، صحيح! في العاصمة تكون الزخرفة شمسًا، أليس كذلك؟”
“نعم! تشبه زوبعة دوّارة!”
قالت ستيلّا بفخر وهي ترسم النمط بإصبعها في الهواء.
فالشمس ترمز إلى الإمبراطورية، وتحديدًا العائلة المالكة لإمبراطورية بادلستان.
كل منطقة من مناطق الإمبراطورية تضع رمزًا مختلفًا فوق فطيرتها؛ في العاصمة – لا سيما في القصر – تكون الزخرفة على هيئة شمس. أما الشمال فبنمط يشبه بلورات الثلج. الجنوب يعتمد خطوطًا قطرية متشابكة تُشبه الشبكة. أما الغرب، فلا يُزيّنها بشيء بل يملؤها بفواكه وتوت مهروس.
عادةً ما يقطع الفطيرة أكبر أفراد العائلة سنًّا، ويوزّعها أصغرهم. وحين أمسك إيجنيس بسكين الكعك، قالت ستيلّا بنبرة جادة:
“أخي، قصّها بشكل جميل!”
ابتسم إيجنيس وقسمها إلى أربعة أجزاء متساوية بدقة تشبه رسم المسطرة، ثم تولى شيون وضع كل قطعة في طبق.
كان من المعتاد أن تُقطع الفطيرة إلى عدد أكبر من الموجودين بواحدة، كرمزٍ لتقاسم الحظ مع من هم أفقر حظًا.
وبعد أن تم كل شيء، جلست ستيلّا أمام طبقها تفكر مليًّا.
“أخي، خذ هذه… لا، تلك! كارينتينا هذه… وأنا هذه!”
هكذا عُيّنت الأطباق لأصحابها.
بدأت ستيلّا بمضغ فطيرتها بترقّب، تأمل العثور على الفاصولياء. كذلك قطعت كارينتينا جزءًا من فطيرتها بالشوكة وتذوّقته. هشّة من الخارج، ناعمة بكريمة اللوز من الداخل، وعبق الزبدة يملأ فمها بلذّة خفية.
“أوه؟”
كان ذلك صوت ستيلّا، وقد تفاجأت بشيء بصقته على طبقها.
كارينتينا، وقد ظنت أن الصغيرة عثرت على الفاصولياء، ابتسمت مبتهجة… إلى أن اتسعت عيناها دهشة حين رأت ما سقط على الطبق.
كان… سنًا لبنيًا صغيرًا بحجم طرف الخنصر، يتدحرج على الطبق.
“أوه، أوه؟ سقط سِنّي!”
قالتها ستيلّا وهي تفتح عينيها مثل أرنب مذهول، تخرج صوتًا خافتًا من بين شفتيها.
ضحك الجميع بهدوء، يكادون لا يحتملون كمّ الظرافة الذي تفيض به.
“دعيني أرى.”
اقترب إيجنيس ليفحص فمها، ثم ضحك قائلاً:
“كنتِ تقولين إن سنّك يهتز منذ أيام، والآن سقط أخيرًا.”
كانت جيما قد بدأت بلطف تمسح الدم بقطعة قماش نظيفة، وأوضحت بهدوء:
“هذه أولى خطوات الكِبَر. ستحصلين على أسنان دائمة قريبًا.”
لكن ستيلّا، التي لم تجد الفاصولياء رغم كل آمالها، زفرت تنهيدة طويلة.
❛في القصر، كنتُ أتناول الغاليت مع أخي فقط! وإذا كان مشغولًا، أشاركها مع جوزيف وجيما…❜
نظرت كارينتينا إليها بحنانٍ يملأ عينيها.
❝”سقوط السن أهم من الفاصولياء. إنه دليل على أنكِ تكبرين!”❞
❝”… لكن مع ذلك…”❞
وهي تغرز الشوكة مجددًا في فطيرتها، اتسعت عينا كارينتينا فجأة حين رأت الفاصولياء داخلها.
يا إلهي…
بملامح مرتبكة، دفعت بها بعيدًا إلى داخل الفطيرة مجددًا، ثم نظرت مسرعة نحو إيجنيس وقالت:
❝”سموك، هل عثرت على الفاصولياء؟”❞
نظر إيجنيس إلى طبقها لبرهة، ثم حوّل بصره ونفى بهدوء:
❝”لا.”❞
صاحت كارينتينا وهي تصفق:
❝”أعتقد أن الفاصولياء ما زالت في القطعة المتبقية!”❞
❝”لم لا نهدي حظ العام الجديد للفقراء؟”❞ قالت كارينتينا بابتسامة رقيقة، ثم أضافت: ❝”لكن بما أننا نحتفل بذكرى سقوط أول سنّ، فلتكن ستيلا ملكة اليوم! ما رأي سموك؟”❞
رمشت عينا إيجنيس بتفاجؤ للحظة، ثم حرّك رأسه بالموافقة ببطء.
❝”نعم، ستيلّا ستكون ملكة اليوم.”❞
وما إن سمعَت الصغيرة تلك الكلمات حتى أضاء وجهها كقمرٍ في ليلة صافية.
❝”حقًا؟ حقًا سأكون الملكة؟!”❞
قفزت على المقعد بحماسة، تمسك وجنتيها الورديّتين بيديها.
رغم شعورها بالذنب حيال تلك الكذبة البيضاء، قررت كارينتينا أن ترى النور فيها.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 43"