ربما كان السبب سحر تغيير الهيئة الذي استخدمه، لكن إيجنيس بدا وكأنه رجل آخر بالكامل.
رموشه السوداء الطويلة ترفرف كأجنحة وردة، وملامحه المصقولة تحت وهج الضوء تزداد وسامة كل لحظة، كأنما خُلِق من وهج النقاء. بشرته البيضاء، قامته الممشوقة، كتفاه العريضتان، وعضلاته الصلبة التي لا تبالغ في إبرازها… كلّها كانت مطابقة تمامًا لما حلمت به يومًا كرجلٍ مثالي.
كان قد أنهى حمّامه للتو، وبشرته لا تزال دافئة، تعبق برائحة النظافة، ويكسوها ندى لطيف من الماء.
كارينتينا ابتلعت ريقها الجاف وتمتمت:
“لِـ… لماذا؟”
قال إيجنيس بنبرة هادئة:
“خيط عالق بشعركِ.”
ثم مدّ يده بلطف ونزع خيط تطريز أحمر كان قد استقر على رأسها.
“آه، هذا من… السيدة شارون، كانت تأخذ قياس رأسي لتحيك لي قبعة كهديّة. لذا…”
راحت تتلعثم وهي تبرّر، على غير عادتها.
“فهمت. إذن، اخلدي إلى النوم الآن. سنغادر باكرًا غدًا.”
قالها ببرود وهو يدير ظهره ويصعد الدرج بخطى واثقة.
كارينتينا بقيت واقفة وحدها، متصلبة كتمثال.
‘شيون… الوحش الخطر لم يكن إيجنيس… بل أنا.’
وبينما تحاول تهدئة وجهها المتوهّج، هرعت إلى غرفتها مهرولة.
✦
استقبلت كارينتينا صباحها التالي مبكرًا أكثر من المعتاد، بعد ليل طويل من “ركلات الوسادة” وذكريات لا تُنسى.
حدّقت بشرود من نافذة الغرفة، فالحمد لله… المطر قد توقّف.
من هناك، كانت ترى الريف الهادئ، وبعيدًا، بحرًا يلوّح بأمواجه كعاشق مشتاق، وشمسًا برتقالية تغزل خيوط الأمل.
رغم لحظة ضعفها أمام إيجنيس، فإن جسدها كان يشعر بخفة غريبة، كما لو أنها وُلدت من جديد.
‘ربما بسبب المحار والأنقليس… كلها أطعمة تمدّ الجسد بالحيوية.’
تذكّرت أن السيدة شارون أنجبت ستة أطفال… لا بد أن في الأمر سرًا غذائيًا عظيمًا.
ضحكت بخفة، وقررت أن تدفن ما حدث بالأمس في أعماق ذاكرتها.
نهضت من فراشها، وغسلت وجهها، ثم صففت شعرها على عجل.
ارتدت فستانًا بسيطًا من ضمن ما أعارته لها السيدة شارون، سهُل ارتداؤه وحدها.
“فلأخرج في نزهة صباحية.”
قالت لنفسها بحماسة.
ما إن نزلت الدرج حتى التقت بإحدى الخادمات التي أفزعتها بنهوضها المبكر.
“آه! آنسة كارينتينا، استيقظتِ باكرًا!”
“نمتُ جيدًا، فاستيقظتُ بسهولة.”
ابتسمت برقة، فردّت الخادمة بسعادة.
“الطعام الذي تناولتموه البارحة مليء بالفوائد، لذا لا عجب. في الغرب، حتى من بلغوا السبعين أنجبوا أطفالًا!”
كارينتينا كادت أن تختنق وهي تهزّ رأسها كالدمية الخشبية، محاولة تجاهل التفاصيل التي لم تكن تودّ سماعها عن حياة سكان الغرب.
“هل توجد أماكن قريبة تستحق الزيارة؟”
فكرت الخادمة للحظة ثم قالت:
“ثمة طريق صغير بجانب القصر يؤدي مباشرة إلى البحر. بإمكان نورمان أن ترافقكِ.”
نادتها، فجاءت “نورمان” تركض بخفة، وتقف أمام كارينتينا.
كانت حديثة الولادة لأطفالها، وتحتاج إلى المشي صباحًا لتفريغ التوتر.
“هل يمكنني أن آخذها بنفسي؟”
“هل أنتِ متأكدة؟ بإمكاني استدعاء الفارس الوسيم.”
“لا داعي!”
أصرّت كارينتينا وهي تبتسم، فتناولت من الخادمة كيسًا صغيرًا يحوي وجبات الكلب.
نورمان، بخطاها البطيئة، قادتها نحو الطريق الضيق المظلّل بالأشجار الكثيفة.
بين الحين والآخر، كانت تلتفت إليها متأكدة من أنها تتبعها.
استنشقت عبير الغابة، وقدّمت لها وجبة خفيفة.
ثم…
“يا إلهي…”
همست بدهشة.
أمامها انفتح المشهد على بحر بلون السافير، يتماوج بلطف كأنه يدعوها للغوص فيه.
الرمال الناعمة، الأشجار الطويلة، ودفء الشمس… كل شيء بدا كلوحة مرسومة بإتقان مقدس.
خلعت حذاءها وسارت على الرمال حافية القدمين.
“كم هو جميل…”
أما نورمان، فتمدّدت على الرمال كمن وجد موطنه الحقيقي.
اقتربت كارينتينا من المياه، فأحست ببرودتها تُداعب يديها.
ثم رأت صدفة فريدة الشكل، تشبه خدود ستيلا الخوخيّة.
لكن عند اقترابها لاحظت شيئًا مريبًا: نجم بحر مسموم يُعرف بـ “تاج الأشواك”.
لقد قرأت عنه في كتب الأحياء البحرية عندما كانت محبوسة في غرفتها.
فقررت أن تعود بالشبكة وتلتقطه لاحقًا…
لكن فجأة، انطلقت أصوات الماء، وبلمح البصر كانت قد رُفعت عن الأرض!
“هاه؟!”
وقبل أن تستوعب ما يجري، كانت أهدابها تتنفس رائحة صابون دافئ مألوف…
“هل تنوين السباحة مع شروق الشمس؟”
سألها صوت عميق، صارم، ينضح بالغضب.
“صاحب السمو؟! لا، لا… لم أكن…”
قالت وهي في صدمة.
“انظري أسفل قدميكِ.”
أمرها.
نظرت، فهمّت تشرح أنها كانت على وشك الابتعاد، لا لمسه.
لكن إيجنيس فقط عبس وقال:
“تتصرفين تمامًا مثل ستيلا. لا يمكن ترككِ وحدكِ للحظة.”
“رجاءً، أنزلني.”
لكن بدلًا من ذلك، حملها كما لو كانت حقيبة، ورفعها على كتفه.
“آآآه! سموّك!!”
وبعد لحظة، أنزلها فوق الرمال، وراحا يتبادلان النظرات الباردة.
‘كان بإمكانك تجاهلي فقط… لم يكن هناك داعٍ لإنقاذي بهذا الشكل.’
كانت ترتجف، فاحتضنت ذراعيها.
لكن فجأة، لفّها وهج من نار دافئة، فتلاشت رطوبة ثوبها، وجفّت أطرافها بلطف.
قالت وقد أحرجها لطفه:
“شكرًا جزيلاً… سموّك.”
ارتبك، وأدار وجهه، هامسًا:
“لا… داعي للشكر.”
لكنها لاحظت أن ملابسه هو أيضًا مبلّلة.
‘هل لم يُبالِ بنفسه فقط لإنقاذي؟’
قطرات الماء تتساقط من صدره، وقميصه المبلّل يلتصق ببشرته البيضاء… كان مشهدًا يسرق الأنفاس.
ثم… استدار.
أطلق نارًا وجفّف نفسه، لكن الملح كان يزعجه، فراح يعبس أكثر.
وفجأة، أدركت أن شعره الأمامي لا يزال مبللًا.
فأخرجت منديلاً صغيرًا من جيبها، وبدأت بتنشيف خصلاته.
اتسعت عينا إيجنيس فجأة.
“آه! إن كنتَ انزعجتَ… أنا آسفة. فقط، خفتُ أن تصاب بنزلة برد بسببي.”
قال بصوت خافت:
“أنا بخير.”
لكن فجأة… أمسك بيدها.
“آه؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 40"