ما إن فتحت كارينتينا عينيها مجددًا بعد أن أغمضتهما للحظة، حتى وجدت نفسها في مكان غريب، بعيد عن الموضع الذي كانت تقف فيه قبل قليل. لم يكن الهواء الجاف والبارد للشمال، بل عبق الغابة المنعش يداعب أنفها بنعومة.
“آنسة لورين.”
رفعت كارينتينا رأسها بسرعة حين سمعت صوتًا جافًا ينضح بالحدّة فوقها. كان إيجنيس يحدّق بها شزراً، تقاطيع وجهه مشدودة بانزعاج واضح.
“هلا تركتِ خصري؟”
“هاه؟”
دارت بعينيها في حيرة، لتدرك فجأة أنها كانت متشبثة به، كحشرة تتعلق بجذع شجرة، ويداها ملتفتان حول خصره بإحكام.
“آآآه!!”
قفزت مبتعدة في فزع، وجهها يشتعل حُمرة. لحظة من الصمت، ثم لاحظت ابتسامة خفيفة مشاكسة تتسلل إلى شفتي إيجنيس.
“ظننتُ أن خصري سينكسر من شدة قبضتكِ.”
“……!”
تعثّرت الكلمات في فمها، ولم تستطع الرد سوى بفمٍ مفتوح ووجهٍ ازداد احمرارًا.
‘يا للحرج…’
لم تمرّ عليها لحظة أكثر إحراجًا من تلك. وما إن بدأ إيجنيس في السير، حتى تبعته هي بخطى متسارعة، تُهوِّن على وجنتيها المحمّرتين براحة يدها.
لم يكن موقع دائرة النقل بعيدًا عن موقف العربات، حيث استقلا عربة قد جرى حجزها مسبقًا عبر نقابة بيغونيا التجارية. ومع تجاوزهما منطقة دائرة النقل، بدأت مشاهد المدينة الغربية تنكشف أمامهما.
“واو! يبدو أنّ هذه منطقة تجارية مزدحمة!”
من الأسواق الكبرى إلى المباني الغريبة ذات الطابع المحلي، كانت الألوان والحركة والنشاط يملؤون المكان. كانت حركة الناس والعربات نشطة لدرجة تنقل الحماسة إلى القلب.
‘كم يختلف هذا المكان عن الشمال. أتمنى أن تنتهي هذه المهمة بسلام، حتى نتمكّن من تنمية أرضنا بهذا الشكل أيضاً…’
وما إن تجاوزا المناطق المزدحمة، حتى بدأت العربة تهتز بعنف على الطريق الوعر، مما جعل كارينتينا تقفز قليلاً من مقعدها كل مرة.
“هل أنتِ بخير؟”
سألها إيجنيس فجأة وهو يلاحظ اضطراب جلستها.
“آه… إنها أول مرة أكون على طريق غير ممهد، لكن لا بأس. يمكنني التحمل.”
التعليقات لهذا الفصل " 35"