الفصل 8 :
تحدّثتُ أولًا إلى زينون، الذي كان قد ملأ فمه بالكعك ويُمضغ بصعوبة.
“يبدو أنّني لم أركَ في المكتب أمس. هل كنتَ مشغولًا جدًا؟”
“آه، نعم! سموّ الدوق طلب منّي أن أتعامل مع… آآآخ!”
“هممم.”
رمق زينون شويان بنظرةٍ دامعة مليئة بالاستياء. بدا تعبير شويان وكأنّه يقول: “يا لك مِن أحمق!”. لا بدّ أنَّ شيئًا ما كان يحدث بينهما لا أراه.
وكما توقّعت، بدا أنَّ شويان شخصٌ حذِر للغاية، تمامًا كما شعرتُ من نظرته إليّ بالأمس.
‘ما العمل الآن…؟’
بما أنَّ كسب الشخص يستلزم أولًا كسب مَن حوله، كنتُ أحاول التقرّب من زينون وشويان، لكنّ حذر شويان جعل البداية صعبة.
حتى الآن، كان يحدّق بي كما لو أنّه كلبٌ صغير مفترس، بنظرةٍ حادة تسأل: “ما الذي تُخطّطين له؟”
ظللتُ صامتة لوهلة، ثم ابتسمتُ برقةٍ وتكلّمت بنبرةٍ لطيفة، في محاولةٍ لكسر جدار الحذر بيننا.
“سبب دعوتي لكما اليوم ليس لشيءٍ آخر… بل فقط لأني أريد أن أكون صديقة لكما.”
“… معنا نحن؟”
“نعم، لأنّنا سنلتقي كثيرًا من الآن فصاعدًا!”
كانت جملتي تحمل تلميحًا واضحًا: سأكون بجانب الدوق في المستقبل أيضًا.
شدّدتُ على كلمة “كثيرًا” بنبرة واضحة، وعلى ما يبدو لم يُعجب هذا شويان، إذ عقد حاجبيه بانزعاج.
“… لا أحد يعلم كيف ستؤول الأمور. ثم إنَّ استدعاءنا بهذه الطريقة، دون استئذان، أمرٌ غير مريحٍ على الإطلاق.”
يا له من مساعدٍ لدوق حقيقي! صارمٌ ومزعج.
عندها، اتّسعت عيناي بدموعٍ مفتعلة، وحدّقتُ بالأرض كما لو أنّني فتاةٌ أرستقراطية لطيفة انجرحت مشاعرها.
“لم أكن أعلم ذلك… آسفة. كنتُ فقط أرغب في التقرّب منكما ولم أفكّر في شعوركما.”
“..…!”
بدت الدهشة واضحة على وجه شويان. لم يكن يعلم كيف يتصرّف، وراح يتلخبط في مكانه.
طبعًا لم يتوقّع ردّة فعلي هذه، فالجميع يعرف أوديت ميلبرين بأنها شرّيرةٌ لا تعتذر لأحد، فكيف يتوقّعون منها أن تخفض رأسها وتعتذر؟
في تلك اللحظة، وبينما كان يستمتع بالكعك، أمسك زينون بقطعة ماكارون وفتح فمه أخيرًا.
“لا بأس! أنا سعيدٌ جدًا، آنسة أوديت!”
بالطبع، لم يكن يقصدني أنا، بل كان يقصد الحلوى.
كنتُ سعيدةً لأنني عرفت مسبقًا أنَّ زينون يحبّ الكعك.
مسحتُ عينيّ بمنديل كنتُ قد أعددته سابقًا، مُظهرةً جانبًا ناعمًا من شخصيّتي.
“أعرف أنّني كنتُ متغطرسةً في السابق، وأتفهم تمامًا لماذا لا ترغبان في تقبّلي… لكن لا يمكنني التخلّي عن سموّ الدوق! قد لا تُصدّقان، لكنّني شعرتُ أنّه قدري منذ اللحظة التي أحببته فيها.”
“سأبذل قصارى جهدي لأكون امرأةً جديدة، امرأةٌ تستحق الوقوف إلى جانبه. فهل يمكن أن تراقباني من بعيد؟”
ثمّ أمسكتُ أيديهما بشدّة.
نظر إليّ زينون بعينين ممتلئتين بالدموع، وقد بدا عليه التأثّر الشديد.
“… كلامكِ مؤثّر فعلًا… أنّكِ تحبّين سموّ الدوق بهذا القدر! آنسة أوديت، سأُساعدكِ!”
“زينون، ما الذي تقوله…!”
اتّسعت عينا شويان من الصدمة، وحاول منعه، لكنني كنتُ أسرع.
تكلّمت بسرعة وكأنني أقطعه:
“يا إلهي… لا أستحقّ كل هذا الدعم… شكرًا لكما. لن أنسى هذه النعمة أبدًا.”
في داخلي، كنتُ أضحك ضحكة شيطانية.
***
هل كانت أوديت تملك حقًا أمورًا لتفعلها مع المساعدَين؟
بعد أن أنهت حديثها معهما، عادت إلى مكتب أكسيل دون أيِّ تردّد، ولوّحت له بسعادة وهي تقول: “أراك غدًا!”، ثم غادرت المكتب ببسمةٍ مشرقة.
بمجرّد مغادرتها، وقف زينون وشويان أمام أكسيل ليُقدّما تقريرهما.
“… إذًا، ماذا قالت الآنسة؟”
“في الحقيقة… قالت إنّها ترغب في التقرّب منّا…”
“ماذا؟”
قطّب أكسيل حاجبيه بإزعاج.
لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل تابع شويان بإضافة خبرٍ أكثر إثارة للدهشة.
“ثمّ… قدّمت اعتذارًا عن تصرّفاتها الماضية، وقالت إنّها ستُصبح إنسانةً جديدة لتقف بجانب سموّك.”
بدا شويان مذهولًا بنفسه مِمّا قاله، وكأنّه لا يصدق أنّه خرج من فمه.
نظر إليه أكسيل بصمت لبرهة، ثم سأله بنبرةٍ باردة.
“… وأثناء قولها لذلك، هل بدت تصرّفاتها مريبة؟”
دخل زينون في الحديث فجأة، وقد ظلّ صامتًا طوال التقرير:
“أبدًا! سموّ الدوق! لا أعتقد أنَّ الآنسة شخصٌ مريب! أؤكد لك ذلك!”
“زينون؟ وما سبب ثقتك هذه؟”
“إنه شعوري! حدسي يقول لي ذلك!”
ارتفع حاجب شويان من الإحباط، ثم داس على قدم زينون بقوّة.
“آخ! مؤلم…!”
“امسح الكريمة عن فمك قبل أن تتحدث، أيها الأبله.”
“آه، هل علقت هناك…؟”
قال زينون ذلك وفمه مغطّى بالكريمة، ما جعله يبدو وكأنّه خُدع بالكامل من قبل الآنسة.
وبينما كان المساعدان يتشاجران، غرق أكسيل في أفكاره.
كان يعرف أوديت ميلبرين جيّدًا. فهي لم تكن يومًا من النوع الذي يعتذر أو يتنازل لمن هم أدنى منها.
بل كانت مستعدّةً للانفجار على أن تتراجع عن كبريائها.
فهل يمكن لشخصٍ مثلها أن يتحوّل فجأةً ويقول إنّه يحبّه، ثم يُصبح بهذا اللطف؟
‘… هذا غريبٌ فعلًا.’
رغم سذاجته الظاهرة، كان لزينون حدسٌ حادّ في بعض الأمور. وكان أكسيل، الذي يُفضّل الفعالية في كل شيء، يستمع أحيانًا لكلام زينون على الرغم من بساطته.
إذًا، لا يمكن أن يكون ما قاله بلا معنى…
في تلك اللحظة، مال زينون رأسه قليلاً، وكأنّه تذكّر شيئًا،.
“صحيح… شعرتُ أنّها… كأنّها شخصٌ مختلفٌ تمامًا!”
ذلك الشعور الذي أحسّ به أكسيل، شعر به زينون أيضًا.
ضيّق أكسيل عينيه.
“ما الذي جعلك تشعر بذلك؟”
“كانت تملك بعض العادات التي اختفت فجأة! مثل عادة عضّ شفتيها عند التوتر، أو فرك ظاهر يدها حين تكذب… كلها اختفت تمامًا. بدا الأمر وكأنّها شخصٌ مختلفٌ تمامًا!”
اتّسعت عينا شويان بدهشة، كما لو أنّه لم يلاحظ ذلك من قبل.
“كأنّها تحوّلت إلى شخصٍ آخر…”
استند أكسيل إلى مسند الكرسي بتراخٍ، واسترجع صورًا من تعابير وجه أوديت في الآونة الأخيرة.
عيناها، التي كانت دومًا مشحونةً بالغضب، أصبحتا أكثر ليونة. ووجهها، الذي لم يكن يراه إلا غاضبًا أو ساخرًا، أصبح يشعّ كفتاةٍ واقعة في الحب.
بالفعل، كانت مختلفةً كثيرًا عمّا عرفه.
حتى شعرها حين يتطاير مع النسيم، بدا له ساحرًا بشكلٍ غريب.
وفجأة…
أعلن زينون، الذي من المفترض أن يكون في صفّ أكسيل، ولاءه علنًا لأوديت.
“وسموّك، أنا سأُساعد الآنسة أوديت! لقد تأثّرتُ بإخلاصها!”
نظر شويان بعيدًا عن زينون، وكأنّه لا يريد الاعتراف به، ثم قال رأيه لأكسيل.
“بغضّ النظر عمّا يقوله زينون، شخصيًّا… لا أفهم ما الذي تُفكّر فيه الآنسة. أقرّ بأنّها تغيّرت، لكنني لا أستطيع تصديق حبّها لسموّك بهذه السهولة. أعتقد أنَّ علينا مراقبتها لفترةٍ أطول.”
خرج أكسيل من أفكاره وأومأ موافقًا.
وبعد أن خرج الجميع من المكتب، بقي أكسيل وحده.
أطلق نظرةً حادّة، وعقد عزيمته.
سيكتشف كل ألاعيب أوديت ميلبرين، مهما كلّف الأمر.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 8"