الفصل 6 :
“أيُّها الدوق الوسيم هناك، ما رأيك في شرب الشاي معي؟”
غمزتُ له، وأشرتُ إليه بإشارة V بأصابعي، تمامًا كما يفعل المتحرّشون في الطرقات.
اتّجهت نحوي نظراته الباردة.
“… هل تُدركين أنَّ ما قلتِه الآن غير لائق؟ هل تظنّين أن لديكِ أكثر من حياة؟”
“لذلك قلتُها حين لا يوجد أحدٌ حولنا. سموّك، هل… هل ستزجُّ بي في السجن؟”
تظاهرتُ بالبراءة والضعف، وحدّقتُ في أكسيل بعينين دامعتين وكأنني لا أقصد أيَّ سوء.
كنتُ أعلم أنه لن يستطيع فعلها.
تنهد أكسيل بشدّة، وسحب يده على وجهه كما لو أنه يحاول مسح الإحباط.
“هاه… ألا تتعبين أبدًا، يا آنسة؟ ومِن أين تتعلمين تلك العبارات الغريبة؟ أتمنى لو تتوقّفين عنها.”
يبدو أنه لا يتحمّل المزاح الرومانسي السخيف، وبالفعل كان ذلك حقيقيًّا.
ربما لأنه لم يعتد على مثل تلك العبارات، عكس الشخصيات المفضّلة لدي الذين كانوا معتادين عليها، وهو ما جعلني أرغب في مضايقته أكثر، لكن الآن لم يكن وقت اللعب، بل وقت التفاوض.
ابتسمتُ له ببشاشةٍ وقلتُ:
“إن دعوتني إلى مكتبك، فسأتوقّف.”
“هاه…”
وأخيرًا، بعد عدّة أيام من محاولة التقرب من الدوق، سُمِح لي بدخول مكتب أكسيل. لطالما تجاهلني، لذا كان دخولي إلى مكتبه لحظةً مؤثرةً فعلًا.
حين رأى مساعده أنني حضرت، أسرع بإحضار الشاي. لوّحتُ له بابتسامة.
“شكرًا لك.”
كان أكسيل يراقب ذلك بصمت، ثم علّق بنبرةٍ متعجبة.
“… لا بدّ أن هناك شيئًا تغيّر. هل تعلمين أن هناك شائعاتٍ غريبة تدور عنك مؤخرًا؟”
بسبب ظهوري في أماكن عدّة مؤخرًا، انتشرت الشائعات بسرعة. كأن تقول الناس إنِّآنسة ميلبرين هجرت وليّ العهد وتحوّلت إلى الدوق أكسيل. بل أضيفت إليها شائعة أنني مجنونة قليلًا.
“بسببك، صرتُ أواجه صعوباتٍ كثيرة هذه الأيام.”
“هناك طريقةٌ واحدة لتجنّب ذلك يا سموّك.”
نظر إليّ أكسيل بعينين مشككتين.
“… وما هي؟”
“نجعل الشائعة حقيقة! أنا جادّة، ألا زلت تظنّ أنّني أمزح؟ أنا فعلًا أحبّكَ يا سموّ الدوق!”
صرختُ وأنا أضمّ قبضتي بقوة، غير مباليةٍ بنظرات من حولي.
“… لديكِ موهبةٌ في قول الأمور المخجلة دون أن يرفّ لكِ جفن. حسنًا، لنقل أنكِ تحبّينني.”
“لستُ أتظاهر… أنا جادّة.”
“ولكن، أترين أنَّ من المنطقي أن يتغيّر ذوقكِ فجأةً هكذا؟”
“الذوق يمكن أن يتغيّر في لحظة!”
وهذا ليس خطأ. لقد مررتُ بذلك في حياتي السابقة. كنتُ أغيّر مفضّلي كلّما ظهر وجهٌ وسيم جديد في التلفاز.
لدرجة أن صديقة قديمة لي على مواقع التواصل سألتني بحدّة: “ألا تعتقدين أنّه حان الوقت لتستقرّي على واحد؟”
“… وإن كنتُ لا أحبّكِ، بغضّ النظر عن مشاعركِ تجاهي، ماذا ستفعلين؟”
صُدمتُ حتى فقدتُ الكلمات.
لأنني لم أفكّر في هذا الاحتمال إطلاقًا.
لم أتلقّ ردًّا مماثلًا من أي شخصيةٍ مفضّلة لي من قبل.
لذا سألتُه وأنا أتلعثم لأول مرّة:
“ه-هل… أنا لا أعجبك؟ لا يمكن، هذا مستحيل.”
“وما الذي يجعلكِ واثقةً بهذا الشكل؟ آنسة ميلبرين، ثقتكِ بنفسك مذهلةٌ حقًّا. لكن أظنّ أنَّ تقييم الناس لكِ ليس بذلك الجمال.”
رأى أكسيل أنّي مرتبكةٌ للمرّة الأولى، فابتسم كأنّه وجد فرصةً لمهاجمتي، ثم بدأ يسألني بصيغة استجواب.
كان هناك سببٌ لارتباكي.
أوديـت ميلبرين كانت جميلةً بشكلٍ لا يُصدَّق.
بالنسبة لي، “الجمال = الجاذبية”، لذا لم يخطر ببالي أنني قد لا أكون جذابةً لشخصٍ ما.
“لأنني… جميلة، أليس كذلك…؟”
“أترين أنَّ الجمال يحلّ كلّ شيء؟”
“ليس كذلك؟”
على الأقل، في حياتي كان كذلك دائمًا.
أملتُ رأسي متسائلة، وكأنني حقًّا لا أفهم، وسألتُه مجددًا. حينها، بدا الارتباك على وجهه للحظة، قبل أن يُخفيه مجددًا.
“لا أعلم… ربما أنتِ تظنّين ذلك. لكنّني لا أرى الأمور بهذه الطريقة. نعم، مظهركِ جميل، هذا لا يمكن إنكاره، لكن هذا ليس كلّ شيء.”
كان يبدو مرتاحًا وهو يتكلّم.
خصمٌ قويٌّ فعلًا. عليَّ أن أغيّر استراتيجيتي.
إذًا، هو يرى أنَّ الجمال هو الشيء الوحيد الذي أمتلكه.
من وجهة نظره، هذا مفهوم، لكن الحقيقة ليست بهذه البساطة.
استوعبتُ كلامه ببطء، ثم قلتُ بنبرة هادئة:
“ربّما. لكن بغضّ النظر عن مشاعري، زواجنا سيكون مفيدًا لكَ يا سموّ الدوق.”
“وكيف ذلك؟”
“سموّك تجاوزتَ سن الزواج، وستواجه ضغطًا داخليًّا وخارجيًّا بهذا الشأن، أليس كذلك؟ لعلّك الآن تُعاني من هذا الضغط فعلًا. فزواج الدوق هو أمرٌ يؤثّر في استقرار الإقليم.”
“وما علاقتكِ بذلك؟”
قالها بتعالٍ، وهو يعقد ساقيه وينظر إليَّ من علٍ.
كان وقوفه بهذا الشكل مثيرًا لدرجة أنني تمنّيتُ لو ألتقط له صورة، لكنّي أخفيتُ رغبتي وأكملتُ.
“… لا توجد سيّدة في الإمبراطورية أعلى منزلةً منّي، باستثناء العائلة الإمبراطورية نفسها. وعائلتي كانت من المؤسّسين الأوائل للإمبراطورية، ومكانتها راسخة. لذا، فإنني أُعتبر الخيار الأول بلا منازع كزوجةٍ لكَ في حال فكّرتَ بزواجٍ سياسي.”
أكسيل لم يُقاطعنِي، بل استمع بهدوء، وهو ما زاد التوتر في الجوّ.
ابتلعتُ ريقي وأضفتُ.
“سموّك مُجبرٌ على الزواج. ومن المرجّح أن يكون زواجًا سياسيًّا. وبما أنّني من عائلةٍ نبيلة مرموقة، فالأجدر بي أن أكون تلك الزوجة. والأهم من كلّ ذلك، أنني أحبّكَ بالفعل، لذا لن تحتاج سوى أن تبذل القليل من الجهد. أظنّ أنك لن تخسر شيئًا في هذا الزواج.”
حينها رفع أكسيل رأسه ونظر إليّ. ولمعت في عينيه لمحةٌ من الاهتمام، بعد أن كانت خاليةً تمامًا.
“… لا أعلم. أتباعي لا يوافقونكِ الرأي، على ما يبدو.”
“… عذرًا؟”
“كلامكِ فيه بعض المنطق، بشرط ألّا تكوني بالشخصية المتعجرفة التي يعرفها الجميع. سمعتُ الكثير عن سمعتك السيئة بين النبلاء، بل وحتى بين العامّة. هل تظنّين أنّهم سيقبلون بكِ كدوقة؟ منصب زوجة الدوق مهمّ جدًّا. وأتساءل، كم عدد الأشخاص الذين يثقون بكِ فعلًا؟”
“..…”
كانت كلمات صادمةً وصحيحة تمامًا، ومع ذلك لم أتمكّن من منع الغضب من التدفّق في صدري.
لكن الغضب لم يكن موجّهًا له… بل لي.
أوديت ميلبرين…!
صررتُ على أسناني.
لماذا فعلتِ كلّ هذه الحماقات يا أنا السابقة؟
كنتُ أرتجف من الغضب.
أكسيل لاحظ ذلك، لكنه فقط ابتسم وهزّ كتفيه بلا مبالاة.
“وبالمناسبة، كلامكِ عن الزواج السياسي خاطئ. أنا، رغم ما أبدو عليه، شخصٌ رومانسي. ولن أتزوّج من دون حب.”
‘… كاذب!’
عرفتُ أنّه يكذب، وكان لدي دليلٌ واضح.
فمساعده الذي سمع كلامه، اتّسعت عيناه، ونظر إليه بذهولٍ تام، كأنّه يقول في نفسه: “ما الذي يقوله هذا الآن؟!”
إنّه فقط لا يريد الزواج بي!
بالفعل، أنا وأكسيل كنّا كالسيف والدرع في مواجهةٍ مباشرة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 6"