الفصل 5 :
كان أكسيل يظنّ أنّها قد فهمت الدرس بما فيه الكفاية.
فهو قد رأى كيف تجمّد وجه الآنسة الهادئ عند سماع كلمته الأخيرة. وعندما التقى بها بنظرةٍ شفاهها المضمومة في خطٍ مستقيم، عاد ليُبصر تلك النسخة التي يعرفها من أوديت ميلبرين.
‘يبدو أنّها استعادت وعيّها أخيرًا.’
…لكن، اعتراف الآنسة ميلبرين بحبّها له؟ كلّما فكّر بالأمر، لم يكن يملك إلّا أن يضحك بسخريةٍ من شدّة غرابته.
حتى هو نفسه لم يستطع تصديقه، فكيف بالآخرين؟ سيظنّون أنّه كلامٌ فارغ وسيسخرون منه بلا شك.
تساءل فجأةً إن كانت قد بدأت تندم الآن على تصرّفاتها.
فليت الأمر يقف عند هذا الحد… فقط لا يريد أن تأتيه لاحقًا مطالبةً بالمسؤوليّة عمّا جرى، فلا شيء أكثر إزعاجًا من ذلك.
عبس أكسيل فجأة، فقد راودته فكرةٌ مشؤومة. فلو كانت أيَّ فتاةٍ عاديّة، لهان الأمر، لكنّه يعرف جيّدًا أنَّ هذه الفتاة بالذات قادرةٌ تمامًا على المجيء إليه بموقفٍ هجومي وكأنّها هي الضحيّة.
‘آملُ فقط ألا يحصل شيء.’
وهكذا، غادر أكسيل في ذلك اليوم متمنّيًا ألّا تحدث له أيّة متاعب.
وكان من المفترض أن يكون الأمر كذلك…
لكن، بدا أنِّ شيئًا أكثر إزعاجًا قد وقع له بالفعل.
“أخبرتك، كلّ ما قلته لصاحب السموّ كان من قلبي!”
بدأ رأس أكسيل يؤلمه من الإزعاج الذي تسبّبه له الفتاة الصغيرة الواقفة أمامه.
…ما الذي كان يفترض أن يكون ذلك الوجه الغريب والإيماءة السخيفة قبل قليل؟
في البداية، كان أكسيل على يقين بأنّها كانت تحت تأثير المخدّرات، لكنّه لم يجد اسمها ضمن قائمة الأشخاص الخاضعين للتحقيق.
حتى أنّه لم يُصدّق ذلك، فذهب بنفسه وحقّق في الأمر، باحثًا عن أيِّ دليل ولو بسيط يربطها بتلك المواد… لكنّه لم يعثر على شيء.
‘إذًا… لم تكن تتعاطى شيئًا.’
هذا يعني أنّها، منذ أوّل لقاء بينهما وحتى الآن، كانت بكامل وعيّها.
راح أكسيل يحدّق في أوديت، متجهّمًا.
…هل أصيبت في رأسها؟ وإلّا، فما التفسير لتصرّفاتها هذه؟
‘ما الذي تحاول فعله بحقّ؟’
منذ أوّل لقاء، لم تتوقّف أوديت عن قولها إنّها تُحبّه، لكن أكسيل لم يصدّقها قط.
فهو لم يخطر بباله قط أنَّ أوديت قد تُحبّه بحقّ.
وكان هذا طبيعيًّا.
فمن قال ذلك لم يكن أيِّ شخص، بل أوديت ميلبرين نفسها.
تلك التي كانت تلاحق وليّ العهد بعينين مليئتين بالطمع، مستعدّةٌ لتخطّي أيِّ شيء في سبيل الظفر بلقب زوجة وليّ العهد.
والآن، فجأة، تقول إنّها تُحبّه… دون حتّى سببٍ مقنع… وتتنازل عن وليّ العهد ومكانته دفعةً واحدة؟
ضحك أكسيل في نفسه، ثم أنكر بصمتٍ ما يحدث.
كلامٌ لا يُصدّق. لا شكّ في أنَّ هناك خطّةً خفيّة وراء تصرّفاتها.
بل والأسوأ، أنِّ علاقتهما لم تكن علاقةً طبيعيّة من الأصل… بل كانت أقرب للعداء.
لا يزال يجهل السبب، لكنّ أوديت دائمًا ما كانت تتهجّم عليه كقطّةٍ غاضبة كلّما التقت به.
رغم أنّه تفاجأ قليلًا من كونها لم تتعاطَ أيِّ شيء، إلا أنّه لم يُغيّر رأيه.
ما زال لا يُصدّق كلامها.
وأخيرًا، فتح أكسيل شفتيه بصوتٍ منخفض.
“تقولين إنِّ كلّ ما قلته كان من قلبكِ…”
“نعم!”
راقب أكسيل أوديت التي أجابت بحماسةٍ ويدها مشدودة إلى قبضتها.
لا يعلم كم سيطول هذا الحال…
“حسنًا. فلتفعلي ما تشائين. أنا أيضًا فضوليّ لأرى كم سيصمد صبرك.”
مرّت شرارةٌ حادّة في عيني أكسيل لثانية، ثم وافق بسهولة.
‘…لا أعرف ما الذي تُخطّط له الآنسة، لكن من المؤكّد أنّها لن تصمد طويلًا.’
ظنّ أنّها، بطبعها، لن تتحمّل كثيرًا وستتراجع.
فهي لم تُنجز شيئًا كاملًا بجهدها قط في حياتها، عدا عن هوسها بوليّ العهد.
ولذا، لم يكن ذلك الردّ نابعًا من تفكيرٍ عميق.
‘إن استمرّت لأسبوع… أو حتّى لأربعة أيّام، فسيكون ذلك معجزة.’
…على كلّ حال، ليس أمرًا يشغله.
لكن أكسيل لم يكن يعلم.
أنَّ أوديت ميلبرين التي أمامه الآن، لم تعُد تلك التي يعرفها.
ولم يكن يدرك أيضًا، أنَّ كلمته التي أطلقها بخفّة، ستُصبح شيئًا سيُندم عليه في المستقبل…
فمنذ أن نالَت موافقته، بدأت أوديت بالظهور أمامه في اليوم التالي، دون توقّف.
“آه، يا صاحب السموّ! تصادف أن نلتقي في هذا المكان! أليس هذا من المصادفات الجميلة؟ ما رأيك أن نتناول الغداء سويًّا؟”
كانت قد وُضعت له تقارير مسبقة تُفيد بأنَّ الآنسة ميلبرين تدور حوله.
…والآن، ها هي تدعوه للغداء؟
بالطبع لم تكن لديه نيّة لمسايرتها.
“أعتذر. لقد تناولتُ الغداء بالفعل.”
“آه، إذًا ماذا عن العشاء؟!”
“أنا مشغول. سأغادر الآن.”
لم يُمهلها حتّى تُكمل، بل رفض فورًا وانصرف.
‘…لم أظنّ أنّها ستبدأ بهذه السرعة.’
رغم أنّه تفاجأ قليلًا، لكنّه لم يُعِر الأمر أهمّيّةً كبيرة. كان يعتقد أنّها ستتوقّف بعد بضعة أيّام.
لكن توقّعه أخطأ مجدّدًا.
فبينما كان يمرّ بجانبها وهو يغمض عينَيه تحت الشمس، صاحت:
“آه…! ملامح صاحب السموّ أشرق مِن مستقبلي!”
“…ما الذي تفعلينه هنا؟ وما هذه الكلمات الغريبة؟”
“غريبة؟ لا، يا صاحب السموّ! كنتُ فقط أُعبّر عن مدى وسامتك! هل كلامي ما زال لا يُوصل مشاعري؟”
“…..”
“إن كان كذلك، فسأُحاول بجهد أكبر… آآه، يا صاحب السموّ، إلى أين تذهب؟!”
ولم تكتفِ بذلك.
“يا صاحب السموّ، هل أستطيع أن أسأل عن الطريق؟”
“…ماذا الآن؟ تسألينني عن الطريق فجأة؟”
“طريقٌ إلى قلبك، يا صاحب السموّ!”
“..…”
“آها! عرفت! الاتجاه الذي تسير فيه الآن هو الإجابة على سؤالي، صحيح؟ هذا الطريق يقود إلى قلبك، أليس كذلك؟ آه، مهلاً! أنت تمشي بسرعةٍ كبيرة! انتظرني!”
***
“يا صاحب السموّ، إن كان لديك بعض وقت، هل تتزوّجني؟ أو على الأقل، نرتبط بخطبة؟”
“…..”
“آآه! إلى أين تذهب؟! يجب أن تُجيبني أولاً! يا صاحب السموّ! أنا أنتظر جوابك!”
***
“يا صاحب السموّ! هل تعرف؟ يقولون إنَّ من ينظر إلى وجهٍ جميل، يفقد الذاكرة! هذا سخيف، أليس كذلك؟ لكن هل تعرف؟ من ينظر إلى وجهٍ جميل، يفقد الذاكرة! هذا سخيف، أليس كذلك؟ لكن هل تعرف؟ من ينظر إلى وجهٍ جميل—”
“كفى.”
“نعم، حاضر.”
***
تنفّس أكسيل تنهيدةً طويلة مِن بين شفتيه.
في البداية، ظنّ أنّها تتصرّف فقط بدافعٍ من الكِبْر والكرامة، لأنّه وافق على كلماتها السابقة.
لكن، يومًا بعد يوم، بل وحتّى بعد مرور أسبوعٍ كامل… لم يتغيّر شيء.
كانت أوديت تظهر أمامه يوميًّا دون انقطاع، حاملةً معها كلماتٍ غريبة ومُحرجة في كلّ مرّة.
‘ما الذي يحدث بحقّ…؟’
راقب أكسيل تلك الفتاة الصغيرة التي ظهرت أمامه مجدّدًا اليوم.
“أيُّها الدوق الوسيم هناك! ما رأيك في شرب فنجان شاي معي؟”
غمزت بعينها.
ولم يكن من أكسيل سوى أن رفع يده وغطّى عينيه تعبًا.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 5"