الفصل 4 :
“…آنستي النبيلة.”
“ن-نعم….”
“كنتُ أتجنّب قول هَذا، لكن… هل ترغبين في الموت؟”
وجه أكسيل كان بالغ القسوة وهو يتكلّم، وصوته البارد جعلني أرتجف لا إراديًّا.
“لا، لا… بالطبع لا….”
“هل تتوقّعين منّي أن أصدّق هذا الهراء؟ في هذه المرحلة، أظنّ أنّكِ فقط تسعين إلى السخرية منّي عمدًا.”
لقد كان الأمر مجحفًا. حين قلتُ له ببساطة إنّني أحبّه، لم يُصدّقني، فقرّرتُ أن أشرح له السبب بعناية… والآن يتّهمني بأنّني أسخر منه؟!
انفجرتُ من الغيظ وصرختُ بصوتٍ خافت:
“إذًا، ما الذي يجب أن أفعله لكي تُصدّق أنني أحبّكَ؟!”
“سأسألكِ بالمقابل، ما الذي يجب أن أفعله كي تتوقّفي عن هذا الهراء وتتصرفي كما كنتِ؟”
تبًّا…
وجهه المتجهّم لم يُظهر أيَّ تراجع. لم يكن هناك شيءٌ يسير كما أردتُ.
نظرته الهادئة والباردة كانت مليئةً بالشكّ وعدم الثقة.
كلّما طال التوتر بيني وبينه، ازداد شعوري بالضيق. أدركتُ أنّه مهما حاولتُ أن أوصل صدقي إليه، فلن يُجدي نفعًا. قبضتُ على يديّ بقوّة.
…لكن، لا يُمكنني الاستسلام.
لو تراجعتُ الآن، فقد لا أتمكّن من الاقتراب منه مجدّدًا. شعرتُ وكأنَّ هذه فرصتي الأخيرة.
“…مهما قلتَ، لن أتراجع! لن أستسلم أبدًا!”
“أمرٌ سخيف. وإن لم تتراجعي، فما الذي تنوين فعله؟ لن يتغيّر شيءٌ مهما فعلتِ.”
كان أكسيل ينظر إليّ، أو بالأحرى إلى توديت، نظرة استخفاف.
حقًّا… لم أُرد اللجوء إلى هذه الطريقة…
ظللتُ أتردّد بين المنطق والرغبة حتى اللحظة الأخيرة، ثم أغلقتُ عينيّ فجأة، وصرختُ نحوه:
“يا، يا صاحب السموّ! أنتَ تعرف، أليس كذلك؟! أنّني لُقّبتُ بـ الكلبة المجنونة لأنّني ظللتُ أُلاحق وليّ العهد لثلاث سنواتٍ كاملة!”
“…هل تهدّدينني الآن؟”
همس أكسيل بصوتٍ ساخر وهو يرمقني بنظرةٍ حادّة. كانت عيناه كالسكاكين، لكنّني تماسكتُ، بل ونظرتُ إليه مباشرةً.
بما أنّه لا عودة الآن، فقد قرّرتُ أن أكون جريئةً حتى النهاية.
إن كنتُ سأكون وقحة، فمن الأفضل أن أكون كذلك من البداية حتى النهاية، لا أن أكون متردّدة.
هززتُ رأسي بقوّة وأنا أُرمش بعينَيّ كأنّني أسمع أمرًا لا يُصدّق.
“تهديد؟ أنا؟! لا يُمكن! فقط أردتُ أن أُبيّن لك مدى اجتهادي وثباتي!”
“الاجتهاد والثبات ليسا كلماتٍ تُستخدم في مثل هذا السياق…”
زمّ شفتيه وعبس بوضوح، لكنّني تجاهلتُ ذلك وتابعتُ كلامي دون تردّد.
“الآن، أنت، يا صاحب السموّ، لا تُصدّق مشاعري الصادقة، أليس كذلك؟ أعلم أنّه من الطبيعي أن تشكّ بي بسبب التغيّر المفاجئ في تصرّفاتي!”
“فما الذي تريدين قوله؟”
كان يطلب اختصارًا.
“أريد أن أقول إنّني سأُثبت لك مشاعري الصادقة من خلال أفعالي، لا بالكلام فقط! وسأفعل ذلك بثباتٍ وإخلاص! كما أفعل الآن تمامًا!”
ثمّ أرسلتُ له غمزةً ناعمة، وشكّلتُ قلبًا بيديّ الاثنتين.
حين رآني أكسيل، تجمّد وجهه تدريجيًّا وكأنّه رأى شيئًا لا ينبغي له رؤيته.
رغم أنّها لحظةٌ قصيرة، فقد رأيتُ مشاعر متعدّدةً تمرّ على وجهه: ارتباك، صدمة، رعب…
ثمّ، وبعد أن ثبّتَ نظره عليّ بنظرةٍ ثقيلة، تمتمَ بهدوء:
“…ربّما الجزء المتعلّق بكونكِ مريضة كان صحيحًا فعلًا.”
“لا! ليس ذلك فقط! كلّ ما قلته لك كان من قلبي!”
في اليوم الذي اعترفت فيه أوديت لأوّل مرّة، لم يتعرّف عليها أكسيل.
ولم يكن ذلك غريبًا، إذ أنِّ صورتها كانت مختلفةً تمامًا عن أوديت ميلبرين التي يعرفها.
ظلّت صورتها وهي تجلس تحت ضوء القمر الأزرق، تنظر إليه بعينين لامعتين، محفورةً في ذاكرته.
“أرجوك… واعدني!”
خدّان متورّدان، وعينان تلمعان كأنّها تحمل ضوء النجوم، وشعرٌ زهريّ يتطاير في الهواء… وتلك الابتسامة النقيّة التي أرسلتها نحوه.
عند سماعه صوتها المرتجف من التوتر، أدرك أخيرًا أنَّ من أمامه هي فعلًا اوديت ميلبرين.
‘…هل هذه هي حقًّا ةوديت ميلبرين؟’
لقد كان الأمر صادمًا. بدت وكأنّها شخصٌ آخر تمامًا.
مظهرها، حركاتها، تعابير وجهها… لا شيء يُشبه ما عرفه عنها.
الفتاة التي قضت حياتها في الصراخ والاعتداء، أظهرت تعبيرًا لم يظنّ أنّها تملكه.
صُدم من التغيّر، لكنّه سرعان ما استعاد هدوءه وتعامل معها كالمعتاد.
“أخيرًا جُنّتِ، أيتُها الآنسة؟”
ظنّ في البداية أنّها أخطأت وظنّتْه وليّ العهد.
فمن غير المعقول أن تطلب منه المواعدة وهي بكامل عقلها.
“…هل تظنّين أنّني وليّ العهد؟ من تصرّفاتكِ، لا تبدين في حالةٍ عقليّة سليمة. سأعتبر ما قيل توا كأنّه لم يكن.”
لكن عندما همّ بالابتعاد، أوقفته أوديت.
“ل-لحظة فقط! يا صاحب السموّ! أنا بكامل وعيي! ما قلته كان حقيقيًّا!”
“…حقيقيّ؟ ماذا بالضبط؟”
“مشاعري تجاهك! هذا ما كنتُ أقصده!”
كم كان هذا مضحكًا. كيف تجرّأت على الكذب بهذه البراعة؟ هل تصرّفتْ بهذا الشكل فقط لتسخر منه؟
نظرة أكسيل أصبحت أكثر حِدّة.
“…هل تتوقّعين منّي أن أُصدّق هذا؟ هل أبدو لكِ كالأحمق الذي لا يستطيع التفريق بين الحقيقة والكذب؟”
“كذب؟! بل هو صدقٌ صافٍ—!”
“الفتاة التي طاردتْ وليّ العهد حتّى الإزعاج، تقول فجأة إنّها تُحبّني؟ هذا كلامٌ لا يُصدّقه حتّى كلبٌ مارّ.”
ثمّ تذكّر أكسيل أمرًا آخر.
في الآونة الأخيرة، كان انتشار المخدّرات غير القانونيّة يتوسّع بين النبلاء في العاصمة. وهذا ما كان يُؤرّقه.
رفع بصره لينظر إلى أوديت.
كان يتوقّع منها أن تنفجر غضبًا بعد قليل، وتعود إلى طبيعتها السابقة. فهي لم تكن تتحمّل شيئًا، وكانت تنفعل بسرعةٍ شديدة.
لكنّ توقّعاته خابت.
أوديت ظلّت تنظر إليه بعينين يملؤهما الظلم، دون أن تصرخ أو تثور. لم تكن تُشبه نفسها أبدًا.
قطّب جبينه.
‘…لا يُعقل.’
بدأت تراوده شكوك بشأن سبب تغيّر تصرّفاتها.
اقترب منها ليتأكّد، فبدأت ملامح وجهها تتّضح في الظلام.
خدّان متورّدان، عينان تائهتان كأنّها تحلم.
لكنّها لم تكن تفوح منها رائحة الخمر.
…إذًا، هل تناولت شيئًا آخر؟
“لا أشمّ رائحة كحول. هل تعاطيتِ المخدرات، يا آنسة؟”
“م-ماذا؟ مخدّرات؟! بالطبع لا!”
صرخت أوديت وقد اتّسعت عيناها هلعًا وهي تنفي.
“لن نعرف قبل أن نُجري فحصًا. مؤخرًا، انتشرت المخدّرات في العاصمة، كما تعلمين.”
لم يكن هناك ما يمنع من الشكّ. فهي قادرةٌ على الحصول على أيِّ شيء بسهولة.
وبهذا، تلاشت كلّ علامات الاستفهام حول سلوكها الغريب.
‘…هل وصلتِ إلى تعاطي المخدّرات أيضًا؟’
يا لها من مُخزية. تدهورت صورَتها إلى الحضيض.
حاول أكسيل أن يُخفي امتعاضه، وحدّق بها بنظرةٍ باردة، وقال بتحذيرٍ قاطع:
“لا أعلم ما الذي تُخطّطين له، لكن من الأفضل أن تتوقّفي فورًا. في المرّة القادمة، لن أمرّر الأمر ببساطة.”
وبهذا، استدار أكسيل وغادر الشرفة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 4"