الفصل 2 :
حين وصلتُ إلى الشُرفة، كنتُ قد أمسكتُ بطرف فستاني بإحكام وأنا أحرّك رأسي بسرعةٍ يمينًا ويسارًً أبحث بعينيّ عن الدوق.
وقبل أن أتأكّد إن كنتُ قد فوّتُّ رؤيته أم لا، بدأتُ أتحرّك بخطًى سريعة، لكنّ الخاتم الذي بدا فضفاضًا قليلًا أمسكني من كاحلي.
فقد انزلق الخاتم من إصبعي فجأة وراح يتدحرج على الأرض بسرعة، قبل أن يختفي ويتدحرج إلى جهةٍ ما!
‘لَا، لااا. خاتمي…!’
كان يتدحرج بسرعةٍ جعلتني أجد صعوبةً في اللحاق به، لكنّه فجأة توقّف مكانه، ثمّ راح يدور بسرعةٍ قبل أن يستقرّ على الأرض.
تنفّستُ الصعداء في داخلي واقتربتُ بسرعة لالتقاط الخاتم وأنا أنحني، لكن عندها ظهرتْ أمامي مقدّمة حذاءٍ رسميّ أنيق.
وما إن رأيتُ فقط مقدّمة الحذاء، حتّى بدأ قلبي ينبض بقوّة.
لقد اشتغلتْ راداراتي، راداراتي المتخصّصة في رصد الوسيمين.
‘لا تقل إنّه هو…!’
وضعتُ يدي على قلبي المتسارع، ورفعتُ رأسي بعينين متشوّقتين… وهناك، اتّسعت عيناي فجأة.
وجهٌ يجعلكِ تغيّرين ذوقكِ. عينان سوداوان كأنّما طُبعتا من ظلمة السماء، وخطّ فكٍّ حاد. نظراتٌ باردة لدرجةٍ تشعرين أنّه قد يقتلكِ بكلمة واحدة.
كان يقف أمامي رجلٌ يُجسّد كلّ ما يُطابق ذوقي من دوّن أدنى انحراف. وعرفتُ فورًا، أنّه هو الدوق الذي أبحث عنه.
فانفتح فمي تلقائيًّا، وتدفّقت الكلمات منّي من تلقاء نفسها:
“أ- أرجوك، واعدني!”
… يا للمصيبة.
“أخيرًا جُنّتِ، أيتُها الآنسة؟”
رنّ صوته العميق في أذني، مُثيرًا قشعريرتي. كان صوته جميلًا لدرجةٍ جعلتني أرتجف.
حتى صوته… مثالي. هل يُعقل أن يكون شخصٌ كهذا موجودًا في الواقع؟
لم أعد أتذكّر حتّى أولئك المفضّلين الذين كانوا يربكونني في حياتي السابقة. لقد تُوّج الآن شخصٌ جديد على عرش قلبي.
وبينما كانت ملامح وجه الدوق صارمة، كنتُ أنا أبتسم له ابتسامةً هادئة، لدرجة أنّه بدا منزعجًا منها، فرفع حاجبه بسخرية قبل أن يُلقي بكلماتٍ باردة.
“… هل خلطتِ بيني وبين وليّ العهد؟ مِن حالتك، يبدو أنّكِ لستِ على ما يُرام. لا تبدين بكامل وعيّكِ. سأتجاهل ما قلتهِ لتوّك.”
وحين همّ بالمغادرة، أمسكتُ به بسرعة وقد عدتُ إلى وعيي. لم أستطع تحمّل تشويه صورتي بهذا الشكل.
“ل- لحظةً واحدة! يا صاحب السموّ، أنا بكامل قواي العقليّة. أنا جادّة!”
توقّف الدوق والتفتَ إليّ.
“جادّة؟ في ماذا؟”
“بالطبع… جادّةٌ في مشاعري تجاهك، يا صاحب السموّ!”
قلتُ ذلك بابتسامةٍ مشرقة، وغمزتُ له بعينيّ، وقد تحرّكتْ عضلات وجهي من تلقاء نفسها. لكن ما إن رآني، عبس بحدةٍ وكأنّه لم يُعجبه تصرّفي وقال بازدراء:
“… وتريدين منّي تصديق هذه السخافات؟ هل تظنّينني شخصًا ساذجًا لا يُميّز بين الحقيقة والكذب؟”
“ليست كذبة، إنّها مشاعرٌ حقيقية!”
“حتى قبل أيّامٍ فقط، كنتِ تلاحقين وليّ العهد بلا هوادة… والآن تقولين إنّكِ تُحبّينني؟ هذا كلامٌ لن يُصدّقه كلبٌ عابر في الشارع.”
ضحك بسخريةٍ مُباشرةً في وجهي، وحين حاولتُ الردّ، اقترب مني بهدوء، وأخفض رأسه حتى أصبح وجهه قريبًا من وجهي.
تجمّدتُ في مكاني وأنا أُحدّق به. كان وسيمًا بشكلٍ مذهل، وقربه جعل قلبي يتراقص ووجهي يحمرّ بشدّة.
تأمّلني للحظة، ثمّ ابتعد دون أن يقول شيئًا. شعرتُ بخيبة أملٍ غريبة.
“لا تفوح منك رائحة خمر… لكن هل تناولتِ شيئًا؟”
“ماذا؟! لا، طبعًا لا!”
فغرتُ فمي بصدمة.
“من يدري؟ لا نعرف حتى نفحص الأمر. حاليًّا، تنتشر المخدّرات في العاصمة.”
ثم أضاف ببرود:
“خصوصًا للنبلاء من الطبقة العليا مثلكِ، ليس صعبًا الحصول عليها.”
‘لم أقترب يومًا من المخدّرات! كلّ ما كنتُ أفعله في حياتي الماضية هو التعلّق بالوسيمين لا أكثر!’
لكنّني، وعلى عكس ما بدا في داخلي من احتجاج، لم أجد ما أُدافع به عن نفسي، فاكتفيتُ بعضّ شفتي، ثمّ تمتمتُ.
“لكنّك أيضًا من طبقة النبلاء الرفيعة، يا صاحب السموّ…”
“نعم، لكنني لا أندفع لأعترف لأحدهم بمشاعري من دون تفكير. على عكسكِ تمامًا، لا يوجد ما يُثير الشبهة فيّ.”
“…..”
“لذا… لا أعلم ما هي نواياكِ، لكن أنصحكِ بالتوقّف. لأنّني لن أُسامحكِ في المرّة القادمة.”
ثم غادر المكان وولّى ظهره لي.
بقيتُ أُحدّق بمكانه كمن أصابها البرق، قبل أن أفيق متأخّرة، وأرفع يديّ لأُغطّي فمي.
شعرتُ أنَّ وجهي اشتعل كأرضٍ تحت شمس الصيف.
تمتمتُ بهمسٍ لا يكاد يُسمع.
“ما هذا… كيف يُمكن لشخصٍ أن يكون هكذا؟”
لم يكن فقط مظهره هو ما يُطابق ذوقي، بل كلّ شيء فيه. تلك الطريقة الهادئة والرزينة التي تُخفي دفئًا حنونًا خلفها، وتلك الملاحظة الدقيقة في حديثه…
خاصّةً، تلك الابتسامة الخفيفة التي ظهرتْ للحظةٍ بين شفتيه قبل أن يُدير وجهه عنّي، ما زالت محفورةً في رأسي.
ظلّت تلك اللحظات تدور وتتكرّر في رأسي دون توقف. لو كان هذا مقطعًا قصيرًا على تطبيقٍ ما، لما كنتُ لأغادره طوال حياتي.
‘ربّما كان عليَّ أن أعيش في شاشةٍ صغيرة للأبد…’
لكن هذه المشاعر التي أصابتني، لم تكن مثل أيٍّ من المشاعر التي اختبرتها سابقًا. كانت مختلفةً تمامًا. شعرتُ وكأنَّ سهمًا اخترق قلبي.
نبضات قلبي كانت عنيفة كأنّني ركضتُ صعودًا على تلٍّ طويل دون توقّف.
ووقفتُ هناك، ووجهي محمرّ، طويلاً. ثمّ أخيرًا، عقدتُ عزيمتي.
سوف أجعله لي. بأيِّ وسيلةٍ كانت، سأجعله ملكًا لي!
***
عصرٌ هادئ، وقت شايٍ لطيف.
لكنّي فجّرتُ قنبلةً فجأة.
“سأتزوّج، يا أبي.”
“بوهوه!”
رشّ الدوق الشاي من فمه، وأخذ يمسح فمه بمنديل وهو يسألني بجزع.
“ز- زواج؟! مع مَن؟! لا تقولي… وليّ العهد؟!”
“لا، بل مع الدوق!”
عندها ازدادت التجاعيد بين حاجبَي الدوق. بدت عليه علامات القلق.
“أخبركَ بهَذا مسبقًا كي لا تُسيء الفهم. أنا تخلّيتُ عن وليّ العهد فعلًا، يا أبي. أنا الآن… أُحبّ الدوق.”
“و- ولكن، أوديت. يا ابنتي… ألستِ… ألستِ تكرهين الدوق؟”
“أنا؟”
اتّسعت عيناي وأنا أنظر إليه بذهول. فأومأ بحذر.
“نعم، ألم تقولي قبل أيّام فقط أنّكِ تكرهين الأشخاص الجافّين أمثاله…؟”
يبدو أنَّ أوديت الحقيقيّة كانت عكسي تمامًا في الذوق. كيف يمكنها أن تكره رجلاً مثله؟!
لكن، لم يهمّ ذلك الآن.
أنا التي أتحكّم بجسدها الآن، وسأتزوّج به مهما كلّف الأمر!
رفعتُ قبضتي بتصميمٍ صارم.
“الناس يتغيّرون. على كلّ حال، أبي… سأُصبح زوجة الدوق مهما حصل!”
نظر إليّ والدي بعيونٍ متفاجئة، ثمّ حوّل نظره جانبًا وقال بنبرةٍ متردّدة.
“أمّا… وافق الدوق على هذا بالطبع… أليس كذلك؟ أوديت؟”
وحين لم أُجبه، نظر إليّ برجاء، فأجبته بابتسامةٍ عريضة.
“طبعًا لا! سأقنعه بنفسي مِن الآن فصاعدًا!”
“… آه…”
أطلق الدوق تنهيدةً موجعة، ثمّ أمسك بعنقه وسقط أرضًا. ركض كبير الخدم والخادمة نحوه.
“آه! يا إلهي، سيّدي الدوق!”
“لقد أغمي عليه! بسرعة، الطبيب! استدعوا الطبيب!”
وفي النهاية، توصّلنا إلى اتفاق.
إن لم أتمكّن من إقناع الدوق خلال ثلاثة أشهر، فعليّ أن أختار من بين من سيقترحهم والدي زوجًا مناسبًا لي.
وقال إنّه لم يعد يستطيع رؤية فضائحي في المجتمع الراقي بعد الآن.
لكنني… كنتُ واثقةً من النصر.
فهذا… قدري!
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"