الفصل 15 :
كانت الغرفة مليئة برفوفٍ مكتظّة بالكتب، وكتبٍ سحريّة وأدواتٍ سحريّة متناثرة هنا وهناك.
بدا المكان وكأنّه مكتبة خاصّة أو مكتب شخصٍ مهمّ.
من حجم الغرفة الكبير والمكتب المنفرد في الوسط، خُيّل إليّ أنّها غرفة لشخصيّة رفيعة المستوى.
لكن هل يَصحّ أن أكون هنا أصلًا……؟
هذا يُعتبر اقتحامًا غير مشروع.
سواء قصدتُ ذلك أم لا، فمَن يراني سيفكّر أنّني اقتحمتُ عمدًا.
هؤلاء السّحرة بدوا جميعًا غريبي الأطوار…… وإن أمسكوا بي هنا، لا أعلم ما قد يفعلونه بي.
شعرتُ بقشعريرة باردة تسري في ظهري وابتلعتُ ريقي بتوتّر.
تمامًا كطفلٍ أدرك أنّه ارتكب خطأ، بدأ العرق البارد يتصبّب من جبيني.
قرّرتُ في تلك اللحظة أن أخرج بسرعة من هذه الغرفة.
لكن قبل أن أتحرّك بخطوة، سمعتُ فجأة صوتًا خلفي.
كان صوته رقيقًا، عذبًا، كالماء الهادئ الجاري في بحيرة.
“ليس مسموحًا للغرباء بدخول هذا المكان.”
قفزتُ من شدّة الفزع، وكدتُ أصرخ لولا أنّني أمسكتُ نفسي في اللحظة الأخيرة.
التفتُّ ببطء، مثل لصٍّ ضُبط متلبّسًا، وعلى وجهي ابتسامةٌ متكلّفة.
“آه، هاها……! مرحبًا.”
كان صاحب الصّوت يتكئ على الباب، ينظر إليّ من أعلى.
وعندما التقت عيناي بعينيه، انحبس نفسي فجأة.
ولم يكن ذلك غريبًا……
‘ماذا بحقّ السماء…… إنّه وسيم جدًّا!’
كان من جماله ما يجعلني أرغب في وضعه داخل صندوق جواهري الخاص!
أيعقل أن هناك شخصًا بهذا الجمال، غير أكسل ووليّ العهد؟
نسيتُ تمامًا أنّني متلبّسة بالاقتحام، وظللتُ أحدّق فيه بفمٍ مفتوح.
شعره الفضّي، مثل خيوطٍ من حرير، كان يلمع تحت ضوء الشمس حتّى بدا أكثر بياضًا.
وعيناه الذهبيّتان بدتا كأنّهما ذهبٌ مصهورٌ نقيّ.
لم يكن يشبه ساحرًا، بل كاهنًا نازلًا من معبدٍ مقدّس.
مسحتُ فمي بسرعة متوهّمةً أنّ اللعاب يسيل منّي.
عندها ابتسم بخبث، مطويّ العينين كقوسين، وقال:
“النّظر إليّ هكذا يجعلني أشعر بالحرج.”
كان واضحًا أنّه يعرف وسامته جيّدًا.
لو شبّهته بحيوان، لكان ثعلبًا خبيثًا، وربّما ثعلبًا أسطوريًّا بتسع ذيول.
تماسكتُ بصعوبة، ثم تحدّثتُ كأنّني لم أكن أحدّق فيه بشغف قبل لحظة:
“هاها، ملامحك طيّبة للغاية، فشدّت انتباهي دون قصد. أنتَ ثاني أكثر شخصٍ مظهرُه طيّب ممّا رأيت! هل أنت ساحر من البرج؟”
رفعتُ إصبعي مُشيرةً بعلامة الإعجاب، مع ابتسامة عريضة لأظهر أنّني مسالمة.
لكنّه ظلّ يحدّق فيّ بصمتٍ طويل.
كلّما طال صمته، انهارَتْ قدرتي على التّظاهر بالثبات، وبدأ العرق يتصبّب أكثر.
لم أحتمل الصّمت، فأخرجتُ بسرعةٍ بطاقة الدعوة التي في يدي وقدّمتها له:
“في الحقيقة…… لم أقصد دخول هذا المكان. لقد تهتُ في الطّريق. أنظر، لقد تلقيتُ هذه الدعوة، فهل تعرف إلى أين عليّ أن أذهب؟”
اقترب منّي بخطواتٍ واثقة، أخذ الدّعوة، وتأمّلها مليًّا ثم مال برأسه بتفكير.
“هُمم…….”
‘أخيرًا! وجدتُ شخصًا يعرف شيئًا!’
حدّقتُ فيه بعيونٍ مليئة بالأمل.
لكنّه فجأة ابتسم بهدوء، ورفع كتفيه قائلًا:
“لا أعرف.”
……هاه؟
تكسّر أملي الذي بلغ القمّة، وانهار إلى الحضيض.
لو أنّه لا يعرف، فلماذا كلّ هذا التّظاهر بالتفكير؟
‘لا بدّ أنّه مجنون أيضًا.’
بدأتُ أرتاب أنّ البرج يماطل عمدًا لإزعاجي.
كظمتُ غيظي بابتسامةٍ مُصطنعة.
“……آه، لا تعرف إذن. حسنًا. إذن سأبحث عن شخصٍ آخر. أعذرني على الإزعاج.”
انحنيتُ تحيّةً ومررتُ بجانبه متوجّهة إلى الباب.
لكنّه ناداني فجأة:
“إذن، أنتِ أوديك مِلبَرين…… أليس كذلك؟”
تجمّدتُ في مكاني.
‘انتظر……! لم يكن اسمي مكتوبًا في بطاقة الدعوة، فكيف يعرفه؟’
سحبتُ يدي ببطءٍ عن مقبض الباب، واستدرتُ إليه:
“كيف عرفتَ اسمي؟”
ابتسم قائلًا بهدوء:
“في الحقيقة…… أنا المسؤول عن هذا.”
فغرْتُ فمي بدهشة، ثم انفجرتُ صارخة:
“لكنّك قلتَ منذ قليل إنّك لا تعرف!”
‘أهو يسخر منّي؟!’
لا شكّ أنّه مجنون آخر، يخفي جنونه خلف مظهرٍ وسيم.
ابتسم بكسل وقال:
“أردتُ أن أمزح قليلًا. أليس ممتعًا؟”
‘أيّ نوعٍ من النّاس هذا……!’
غلي دمي، لكنّي كبحتُ نفسي، فأنا في أرضه وهو يملك اليد العليا هنا.
أخذتُ نفسًا عميقًا ثم سألته:
“حسنًا، إذن أنت…… أو بالأحرى أنتم في البرج، أنتم مَن استدعاني إلى هنا؟”
أجاب وهو متكئٌ على الأريكة:
“في الحقيقة ليس أنا مباشرة، بل سيّدي الأعلى.”
“ومن يكون هذا السيّد؟”
“ذلك سرّ.”
‘……يلفّ ويدور ولا يجيب أبدًا.’
نزلت صورته في ذهني إلى الحضيض.
لم أستطع التّماسك، فقلتُ متجهّمة:
“……لكن لماذا تُكلّمني من أوّل لقاء بلهجةٍ غير رسميّة؟”
ضحك وقال بلا مبالاة:
“ولِمَ لا؟ إن أردتِ، كلّميني بالطّريقة نفسها. لا أمانع.”
بقيتُ أنظر إليه بذهول، ثم أسقطتُ رأسي ببطء.
‘يقولون: لا يهزم المجنون إلّا مجنون أكبر منه.’
وأنا الآن أمام أحمقٍ من الطّراز الرفيع.
إذن لم يبقَ أمامي إلّا أن ألعب لعبته نفسها.
رفعتُ رأسي فجأة، ابتسمتُ بثقة، وقلت:
“حسنًا. فلنُسقط الألقاب. أنا لستُ شخصًا متزمّتًا على أيّ حال.”
تجمّدت عيناه عليّ لثوانٍ، ثم انفجر ضاحكًا.
“هاهاها!”
لم أشعر بأيّ تأثير. كنتُ فقط أتساءل: “ما باله يضحك هكذا؟”
اتّجهتُ وجلستُ في المقعد المقابل له، وانتظرتُ أن يهدأ ضحكه ثم قلت:
“فلنُعرّف أنفسنا إذن. أنت تعرفني بالفعل: أنا أوديك مِلبَرين. فما اسمك أنت؟”
“اسمي؟”
“نعم. اسمك.”
تظاهر بالتفكير لوهلة، ثم أجاب أخيرًا:
“نُوكسي.”
“نُوكسي؟”
أعدتُ السؤال، فأومأ برأسه.
“جيد، نُوكسي. لنبدأ إذن الحديث عن طلبي.”
“حسنًا.”
“كما سمعت، أريد آلة تصوير تُخرج صورًا فوريّة، بحجم بطاقة صغيرة تقريبًا.
ويجب أن تكون بأعلى جودة ممكنة.”
“آه، ذلك الشيء.”
وبمجرّد أن أنهيتُ كلامي، طقطق نُوكسي بأصابعه.
وفي تلك اللحظة، ظهر في الهواء فجأة…… جهازُ تصوير!
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"