الفصل 12 :
ارتبك المدير، لكن مع ذلك سألني بوجهٍ ودود من جديد.
“أه…… تقصدين آلةَ تصوير؟”
كان المدير، الذي بدا سعيدًا فجأةً بفكرة ربحٍ كبير، يُظهر ملامح الاستغراب على طلبي.
وليس غريبًا في ذلك، فآلةُ التّصوير تُعَدُّ من السّلع غير الرّائجة في هذا العالم.
صحيح أنّهم يبيعون مع كُراتِ التّسجيل آلاتِ التّصوير، لكنّ المشترين نادرون جدًّا.
فوظيفة الصّورة يمكن أن تؤدّيها كُرةُ التّسجيل بما يكفي، بل وأيضًا سعرها أرخص بكثير لأنّها تُنتَج بكميّاتٍ ضخمة.
“أحتاجُ آلةَ تصوير تُخرج صورًا بحجم بطاقةِ الإسم تقريبًا، على أن تكون بجودةٍ فائقة.”
“بـ، بحجم بطاقة اسمٍ فقط؟ وبأعلى جودة……؟”
اهتزّت حدقتا المدير قلقًا يمنةً ويسرة، وكأنّه يسمع هذا الطّلب لأوّل مرّة.
“بِتلك الصّورة الصّغيرة، لِمَ ستستخدمينها يا تُرى…….”
“هل هو مستحيل؟”
تردّد المدير مرتبكًا، ثمّ أبدى عجزًا واضحًا في ملامحه.
“الأمر أنّ جميع كُراتِ التّسجيل وآلاتِ التّصوير التي نوزّعها تأتي مُصنَّعةً من برج السّحر. وما نُوزّعه من الأجهزة الحاليّة خاضعٌ لعقودٍ مسبقة، ولذلك فقط يمكن تداوله. ولكن…… كما تعلمين، يا سيّدتي، جماعة برج السّحر متكبّرون، ولا أعلم حقًّا إن كانوا سيقبلون مثل هذا الطّلب.”
مستحيل! أن أفشل في إكمال ‘الفودكارد’ (بطاقات الصّور)! هذا لا يُصدَّق!
انطبقت شفتاي بقوّة، وتجمّدت ملامحي عند سماع هذا الخبر الصّاعق.
لاحظ المدير جدّيّة وجهي، فارتبك كأنّ قنبلةً موضوعةً أمامه، وسارع بالكلام.
“مـ، مع ذلك……! يمكننا على الأقل أن نرسل الطّلب لبرج السّحر. هل نجرّب يا سيّدتي؟”
“……هُووه. حسنًا، إذًا افعل ذلك على الأقل.”
لم يكن أمامي سوى الاكتفاء بكُراتِ التّسجيل مؤقّتًا.
“نعم! حاضر! بمجرّد أن يأتينا ردّ من برج السّحر، سنتواصل معكم على الفور!”
“جيّد. سأنتظر إذًا.”
***
رافقنا المدير حتّى أمام باب المتجر، وانحنى بزاوية تسعين درجة، وصاح عاليًا.
“سنتواصل معكِ إذًا! كُنِ بخير! شكرًا لكِ!”
ثمّ ركبنا العربة من جديد.
وبدا على أكسيل علامات التّعب من برنامجي الذي لا ينتهي، فقال بصوتٍ مُنهك:
“……وهذه المرّة إلى أين؟ ألم يكن يومنا قد انتهى بالفعل؟”
“مستحيل يا سيّدي. هذه هي النّقطة الأجمل اليوم!”
أخرجتُ تذاكر كنت قد حجزتُها مُسبقًا، ورفعتُها أمامه.
“تادا! هذه تذاكر مسرحيّةٍ موسيقيّة تُعرَض حاليًّا في العاصمة! لا بدّ أنّها ستكون ممتعة جدًّا!”
“مسرحيّةٌ موسيقيّة؟”
“نعم! الممثلون المشهورون يشاركون فيها، وهي محبوبة للغاية. صحيح أنّك لم تذهب إلى أماكن كهذه من قبل، أليس كذلك؟”
كيف لرجلٍ مدمنِ عملٍ مثله أن يذهب!
بأسلوبٍ مفعمٍ بالحماس ـ وكأنّي اكتشفتُ شيئًا جديدًا عنه ـ رفعت صوتي، فارتفع حاجب أكسيل قليلًا.
“……كنتُ منشغلًا دومًا، فلم يكن لدي وقت.”
(ولم أكن أفكّر بالذّهاب أصلًا).
أدار وجهه، وكأنّه يبرّر نفسه بطريقةٍ غريبة. لم أتمكّن من منع عينيّ من الارتجاف طربًا.
‘ما هذا…… أهو يبرّر لي؟’
يا للظّرافة!
شعرتُ أنّ قلبي انفجر بلطافة تلك اللّحظة غير المتوقّعة من حبيبي المفضّل، فغطّيتُ فمي بيدي بسرعةٍ، ثمّ عدتُ اكلمه بحماس.
“إذن فهذه أوّل مرّةٍ لك وستكون برفقتي! يا سيّدي، العمل باستمرار ليس أمرًا جيّدًا. أحيانًا، تحتاج إلى الرّاحة أيضًا! وأنا أُجيد أن أكون بجوارك لأهتمّ بك أكثر من أيّ أحدٍ آخر. فما رأيك بزوجةٍ جميلةٍ مثلي تهتمّ بك؟”
أنا واثقةٌ أنّني سأكون رائعة.
في نهاية المطاف، كان كلامي كلّه مجرّد ترويجٍ لنفسي: أنّني قادرةٌ على أن أكون مفيدةً له.
نظر أكسيل إلى عينَيّ المتلألئتين، وارتسمت ابتسامةٌ ساخرة على شفتيه.
“……أنتِ بارعةٌ بالكلام. وأحيانًا، حقًّا لا أعلم ما الذي يدور في رأسكِ.”
‘لا شيء…… أُفكّر فقط أنّكَ وسيمٌ جدًّا…… وأبلع ريقي قليلًا’
لكنّني لم أستطع قول ذلك بصدق، فاكتفيتُ بابتسامةٍ مُشرقة.
***
توقّفت العربة أمام مسرح العرض، ودخلنا المبنى.
وبينما كنّا نعبر الممرّات، شعرتُ بنظرات النّاس وهم يتهامسون.
فابتسمتُ أكثر، بعينين نصف مغمضتين، وأظهرتُ أجواءً مليئةً برومانسيّة عاشقَين.
‘هيا! انشروا الخبر أكثر! أنّني أنا والدّوق نلتقي في أجواءٍ دافئة!’
وحين كنّا على وشك دخول القاعة، التقطتُ بوضوح كلماتٍ من أحد المارّة.
“يا رجل، بدلًا من ‘أغني لك’، فلنُشاهد المأساة العاطفيّة لكاسريان.”
“لماذا؟ أنتَ من أردتَ مشاهدة ‘أغني لك’.”
“كنتُ كذلك، لكن صديقي الذي تابع العملَين قال إنّ الممثّل الذي يؤدّي دور كاسريان وسييييمٌ للغاية! حتّى في الحياة الواقعيّة يُقال إنّه يسحر النساء!”
“ماذا؟! حقًّا؟! كان عليك أن تخبرني من البداية. فلنبدّل فورًا!”
توقّفتُ عن المشي فجأة، كأنّ الأرض ألصقت قدميّ بلصقٍ قويّ.
‘ماذا……؟ الممثّل وسييييم……؟’
العرض الذي كنّا سنشاهده هو ‘أغني لك’، لا المأساة العاطفيّة لكاسريان.
لكن بعد سماع هذا؟ مستحيل أن أتنازل.
لا بُدّ أن نشاهد كاسريان!
نظر أكسيل إليّ مستغربًا من توقّفي المفاجئ.
رفعتُ رأسي ببطء، وقلتُ بوجهٍ صارم:
“…… سيّدي.”
“……ماذا هناك؟ أيوجد أمرٌ ما-“
“علينا أن نشاهد ذاك العرض!”
وأشرتُ إلى ملصق المأساة العاطفيّة لكاسريان بعينين متّقدتين.
أبدى أكسيل وجهًا متجمّدًا للحظة، ثمّ ضحك من غرابةٍ طلبي، وهزّ رأسه.
“كما تشائين.”
“رائعٌ جدًّا!”
***
انتهى عرض المسرحيّة، وخرجنا إلى الخارج.
كنتُ أمشي وعلى وجهي ابتسامةٌ راضية.
وكما قيل، الممثّل الذي أدّى دور كاسريان كان وسيمًا فعلًا.
بل وأكثر من ذلك، أغلب الممثّلين في المسرحيّة كانوا وسيمين أو جميلات، فكان المشهد ممتعًا للعين.
أمّا القصّة نفسها فلم أركّز فيها؛ ضاع الوقت وأنا أحدّق في الوجوه.
طبعًا، لا أحد يرقى إلى أكسيل!
كم هو ممتعٌ أن أرى وجوهًا جديدةً جميلة.
لمح أكسيل وجهي المليء بالبهجة والارتخاء، فسألني:
“……كنتِ تركزين كثيرًا. هل تحبّين المسرحيّات عادةً؟”
“آه، لا. لكنّ الممثّلين كانوا حقًّا……!”
ثمّ توقّفت فجأة.
هل يَصِحّ أن أقول له إنّهم وسيمون؟ ألن يظنّني سطحية للغاية؟
صحيح أنّني كذلك، لكن……
في لحظةٍ وجيزةٍ دار هذا الصّراع في عقلي، وفي النّهاية بدّلتُ كلامي.
“حقًّا……؟”
“حقًّا…… بدوا طيّبين جدًّا. ملامحهم كانت صافية.”
حتّى أنا نفسي لم أفهم ما قلت، لكن بدا أنّ أكسيل لم يشكّ كثيرًا.
فابتسمتُ ابتسامةً محرجة.
***
بعد انتهاء موعدنا النّاجح، عدتُ مرّة أخرى لأُثبت وجودي في مكتب الدّوق.
وكعادتي، فتحتُ الباب بهدوء، ودخلت.
“مرحبًا!”
لكنّ أكسيل لم يكن موجودًا في هذا الوقت، الذي عادةً يكون فيه منهمكًا في العمل.
وحده زينون كان جالسًا هناك. لمّا رآني، حيّاني بابتسامة.
“أه! آمستي! جئتِ!”
“نعم، لكن أين هو الدّوق؟ لا أراه.”
“هل ذهب إلى مكانٍ ما؟ على أيَّ حال، جئتُ ومعي شيءٌ بسيط، تفضّل.”
ناولته حلوى من مخبزٍ مشهور قريبًا.
“آه، شكرًا جزيلاً!”
نظر زينون إلى علبة الكيك بعينين متألّقتين، لكنّه سرعان ما استدرك ورفع رأسه ليجيب:
“إنّ سيّدي يحضر حاليًّا اجتماعًا مع السّيّد شويان. لذا أنا وحدي الآن!”
“أها، فهمت.”
“إلى أن يعود سيّدي، اجلسي براحة على الأريكة.”
جلستُ على الأريكة، وأخذتُ أحدّق في أرجاء المكتب الفسيح، والذي بدا اليوم أوسع من المعتاد، وغرقتُ في التّفكير.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 12"