الفصل 11 :
بالطبع، لو أنّني لم أقرأ العمل الأصلي، لربّما كانت لديّ أفكارٌ مشابهة لأفكارهم. فالإنسان ما إن تنجرف به آراءُ الأغلبية وأجواؤها حتّى يفقد زمام رأيه الخاص. وفي مكانٍ كهذا، حيث يصعُب نقل المعلومات الدقيقة، يزداد الأمر تعقيدًا.
لكن ذلك لم يكُن سوى افتراضٍ قائم على أنّني لم أقرأ العمل الأصلي.
الآن وقد قرأتُه، فالأمر مختلفٌ تمامًا!
أنا الآن أعلم يقينًا أنّه ليس ذلك البارد الدم كما يُشاع.
ففي العمل الأصلي، كان يساعد البطلة من خلف الكواليس من دون علمها، كما أنّه عندما لاحظ أنّ البطلة تُحب وليّ العهد، تنازل عنها وساعدهما ليُصبحا معًا.
وحين كانت البطلة تمرُّ بوقتٍ عصيب، كان دائمًا إلى جانبها بصمت. أجل، كان مظهره الخارجي هو ما أعجبني أوّلًا، لكن شخصيّته المستقيمة الصادقة كانت عاملًا إضافيًّا لا يُستهان به.
على أيّ حال، بناءً على محتوى العمل الأصلي وما عشته بنفسي مع أكسيل حتى الآن، فقد اتّضح لي أنّه مطلقًا ليس بذاك البارد القاسي كما تقول الشائعات.
بل هو من النوع الذي يكون دافئًا تجاه مَن هم داخل حدوده التي رسمها لنفسه، وقاسيًا بلا رحمة على من هم خارجها……
كما أنّه بدا لي من النوع الذي قد يتصرّف ببرود مع حبيبته في بعض اللحظات، ثم يُظهر جانبًا مهووسًا متملِّكًا في لحظاتٍ أخرى. بل حتّى لو حاولت حبيبته إغراءه أمام عينيه، فإنّه سيُكشّر بين حاجبيه بوجهٍ متقشّفٍ متصبّر، وكأنّه يُجاهد ألّا ينهار……!
وبينما كنتُ غارقة في أوهامٍ جامحة بعد طول غياب، أخذتُ أتأمّل أكسيل بعينَين نصف مُغمضتَين وذهنٍ شارد.
صحيح أنّني لستُ بعدُ ضمن دائرته الخاصّة، لذا أعاني بعض الصعوبات معه، لكن ما دام بإمكاني جعله يقع في شباكي، فالأمر محسوم.
وما إن أدركت أنّ ما كان يقتصر على أوهامٍ في خيالي طوال فترة إعجابي به بات يفصلني عنه بضعُ خطواتٍ فقط في الواقع، حتّى انفجر الدوبامين في جسدي وكأنّه يخترق السماء!
أُريد أن أُسقِط ذلك الرجل الكامل حدَّ الجنون…… أُريد أن أُخضِعه……!
كم سيكون شعورًا لذيذًا حين أراه يتوسّل إليّ بذلك الوجه الفاتن……!
في تلك اللحظة.
“……آنستي؟”
ناداني أكسيل وقد بدت على وجهه علامات الشكّ، بينما كنتُ غارقة في أوهامي. انتفضتُ عائدةً إلى وعيي، وأعدتُ ملامحي إلى وضعها الطبيعي، ثم ابتسمتُ ابتسامة عاديّة مجيبةً:
“……يا صاحب السمو، هل هناك أيُّ أهميّةٍ رأيّ الناس أصلًا؟ بالنسبة لي، يكفي أنّني أرى أنّك شخصٌ طيّب، أليس هذا وحده كافيًا؟ ثمّ إنّني لا أُصدّق ما يُقال عنك من أنّك سفّاحٌ أو ما شابه.”
“……لا تُصدّقين؟ آنستي، أترين حقًّا أنّها مجرّد شائعات؟ هل تعرفين كم عدوًّا قتلتُ؟ ماذا لو استللتُ سيفي هنا والآن؟ على أيّ أساسٍ تقولين مثل هذا الكلام؟”
ما هذا…… أهو يقلق عليّ؟ امتلأ قلبي بالانفعال.
“لديّ أساس. لو كان صاحب السمو حقًّا كما تقول الشائعات، لكنتُ قد متُّ بالفعل في اللحظة التي قصدتكَ فيها، فقط لأنّني تجرّأتُ على اقتراحٍ وقح. لكن ها أنا ما زلتُ حيّة، والأهمّ من ذلك، أنّك دائمًا تغفر لي تجاوزي للحدود مرارًا.”
“…….”
“وفوق هذا، لا تحمل أيَّ سيفٍ الآن أصلًا.”
أطلقتُ ضحكةً خفيفة وأنا أحدّق به كما تنظر فتاةٌ إلى صبيٍّ يُشاغبها في طفولتها، وكأنّني أعلم تمامًا ما في قلبه. عندها، ارتعشت حاجبا أكسيل بانزعاج، وبدت عليه بوضوح علامات الاستياء.
لكن حتى تلك الملامح الغاضبة لم تَبْدُ لي سوى كجرو بوميرانيان صغيرٍ ولطيف.
التهديد بالكلام فقط…… يا للظرافة.
وأمام نظراتي البريئة اللامعة التي لم تهتزّ أمام وعيده، أطلق أكسيل زفرةً طويلة ثم قال بنبرة استسلام:
“لطالما شعرتُ بذلك، لكنّك لا تخافينني أبدًا…… وأحيانًا أستغرب من شدّة ذلك.”
“هيه. لو كنتُ أخاف منكَ، لفررتُ منذ زمن. هل كنتُ سأجلس هنا هكذا؟ ثمّ إنّه لا يُمكنني أن أخاف من شخصٍ أحبّه.”
وكأنّني أبوح بسرٍّ خطير، قرّبتُ وجهي من وجهه، وغطّيتُ فمي بكفّي وهمست:
“ثمّ يا صاحب السمو، الشخص الطيّب لا يقول عن نفسه إنّه طيّب. بل على العكس، يتظاهر بأنّه ليس كذلك. تمامًا كما أنّ الطامع في المال يتظاهر علنًا بعدم اهتمامه به.”
ابتسم أكسيل ساخرًا.
“لكنّني في الحقيقة طيّبة.”
“هاه، ألم تقُل الآنسة قبل قليل إنّ الطيّب لا يقول عن نفسه ذلك؟ كلامكِ متناقض.”
“لقد أغفلتُ شيئًا، يا صاحب السمو. باستثناء نفسي.”
رمقني أكسيل بنظرةٍ يملؤها الذهول، بينما كنتُ أضحك بوجهٍ بوقاحة.
وفي أجواءٍ أكثر ارتخاءً، تبادلنا بضع كلماتٍ أخرى، حتّى وصلت أخيرًا أطباق الطعام إلى طاولتنا.
شريحة لحمٍ مشويّ جيّدًا، وباستا، وسلطة، وفوق هذا كأس عصير ليمون مُزيّن بزوجٍ من القشّات الحمراء على شكل قلب. بل حتّى شريحة الستيك كانت مقطوعةً على هيئة قلب. التزيين كلّه كان مُفعمًا بجوٍّ رومانسيٍّ واضح.
وقبل أن يمدّ أكسيل يده إلى الطعام، سارعتُ بمنعه.
“آه، يا صاحب السمو، لحظةً واحدة فقط!”
“……وماذا الآن؟”
مدفوعةً بغريزتي، فتّشتُ حقيبتي بسرعة، ثم أدركت فجأة أنّه لا وجود هنا لبطاقات الصور، ذلك الأكسسوار الأساسي لعشّاق المشاهير.
يا إلهي.
لقد كنتُ مشغولةً تمامًا بملاحقة أكسيل لدرجة أنّني نسيتُ أمرًا بهذه البساطة.
التفتَ وجهي للحظةٍ إلى تمثالٍ جامد.
……اللعنة. لا أملك بطاقة صور؟ ولا واحدة؟
ذلك الطقس المقدّس قبل الأكل…… الصورة……!
تدفّق إلى قلبي سيلٌ من الذنب والإحباط، إذ لم أستوعب حتّى الآن أنّني كنتُ أتنقّل بلا بطاقات صور.
هذا أمرٌ في غاية الأهميّة. كيف نسيتُ شيئًا كهذا؟
أنا لا أستحقّ حتّى لقبَ عاشقةٍ مخلصة!
وبينما كان أكسيل يراقب ملامحي المتغيّرة كل لحظة، قال بقلق:
“آنستي. أهناك ما يُزعجكِ؟ وجهكِ لا يُبشّر بخير.”
عندها رفعتُ بصري نحوه بسرعة، وفي عينيّ بريقُ جنونٍ عابر.
صحيح…… إن لم يكن لديّ، فسأصنعها بنفسي.
فلديّ المكانة، والمال، والوقت. ما الذي يمنعني؟ ثمّ إنّ مَن هو بجانبي الآن ليس سوى حُلمي الكامل بحدّ ذاته.
قبضتُ يدي بعزم، وصرختُ بوجهٍ حازم:
“يا صاحب السمو، علينا أن نمرَّ على مكانٍ ما……!”
**
“قلتُ في نفسي، ما الذي قد يكون بهذه العجلة؟ فإذا بنا نقصد متجرًا، لا لبيع الجواهر، بل لبيع كرات التصوير. آنستي، أنتِ حقًّا لغزٌ لا يُمكن التنبّؤ به.”
صحيح.
لم أستطع حتى تذوّق الطعام أو معرفة إن دخل فمي أو أنفي، وسرعان ما أنهيته على عجل لنصل إلى هناك. المكان لم يكن سوى أشهر متجر لكرات التصوير في العاصمة.
وما إن علم مدير المتجر بمجيئنا، حتّى أسرع مهرولًا إلينا. وبمجرّد أن رأيته، طلبتُ فورًا:
“آه، سيّدتي، ما الذي أتى بكِ إلى هذا المكان…….”
“كرات التصوير من الدرجة الأعلى.”
“……عفوًا؟”
“أخرجوا جميع كرات التصوير من الدرجة الأعلى التي يتعامل معها متجركم.”
فهنا، في عالمٍ تسود فيه السحر، كانت كرات التصوير بديلاً عن مقاطع الفيديو التي نُسجّلها بالهواتف في عالمنا. وقد خطّطتُ لتصوير أكسيل بها على مدار 24 ساعة.
نظر إليّ أكسيل بطرف عينيه.
“……كرات تصوير من الدرجة الأعلى؟”
كانت نظرته تسأل: لأيِّ غرض؟
لأيِّ غرضٍ آخر غير تصويركَ أنتَ؟
بالطبع لم أطلب إذنه مُسبقًا. فمن المؤكّد أنّه سيرفض. لكن لاحقًا سأجد حجّةً أو ذريعة وأفرض الأمر. فله جانبٌ متساهل يمكن الضغط عليه.
ابتسمتُ ابتسامةً رسميّة موجّهة إلى المدير، وأشرتُ نحو صالة الانتظار.
“……آه، لديّ استخدامٌ شخصيّ لها فحسب. وعلى كلّ حال، يا صاحب السمو، ربّما يستغرق الأمر بعض الوقت، فهلا جلستَ هناك قليلًا؟ سأنتهي بأسرع ما يُمكن.”
“……حسنًا.”
وبمجرّد أن ابتعد الدوق، اتّسعت عينا المدير وقد أدرك طلبي، فأشار بسرعةٍ إلى موظّفيه وأمرهم.
“كلّها، تقولين؟! حاضر! أنتَ هناك، أسرع بإخراج جميع كرات التصوير المخزّنة في القبو!”
“حالًا!”
وبينما كنتُ أراقب الموظّفين المسرعين برضى، التفتُّ إلى المدير مطالبةً بأمرٍ آخر.
“وأيضًا، أودّ أن أرى كاميرا إن وُجدت.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 11"