1
الفصل الأول
قبل أسبوع واحد، تجسّدتُ في الرواية التي كنت أقرؤها في حياتي السابقة.
في شخصية الشريرة ‘يوديت ميلبرين’، التي كانت مهووسة بولي العهد —بطل الرواية— وانتهى بها الأمر إلى الإعدام.
عندما أدركتُ لأول مرة أنّني قد تجسّدتُ في هذه القصة، كانت أول فكرة خطرت ببالي: “هل هذا يعني أنني سأتمكن من رؤية كل أولئك الوسيمين كما أشاء؟”
ولم يكن ذلك غريبًا، فقد كنتُ في حياتي السابقة مهووسة بجمال الرجال إلى حدٍّ جعل الناس يهزّون رؤوسهم بدهشة.
وما زاد الأمر روعة، أنّ هذه لم تكن مجرد رواية، بل رواية خيالية رومانسية. رواية خيالية رومانسية اشتهرت بأن حتى الشخصيات الثانوية فيها تفوق أشهر المشاهير جمالًا!
وهذا يعني أن الفرص لرؤية وجوه ساحرة ستكون كثيرة للغاية!
أضف إلى ذلك أنني في مرتبة ‘ابنة دوق’، أي أنني أمتلك ملعقة ذهبية بالفطرة. ما عدا أنّ القصة قد بدأت بالفعل بعض الشيء، لم يكن هناك أي مشكلة تذكر. إعدام يوديت كان أمرًا بعيد الحدوث.
بمعنى آخر، طالما لم أُظهر هوسًا بولي العهد بعد الآن، فسوف أتمكن من عيش حياة حريم مريحة وسعيدة مليئة بالوسيمين.
“اهمم، صغيرتي، هل تستمعين إليّ؟”
كان من أيقظني من أحلامي حول الوسيمين هو دوق ميلبرين، والد يوديت. وعلى الرغم من أنه في منتصف العمر، فقد كان من الصعب حجب النور الذي يشع من مظهره.
ابتسمت له ابتسامة مشرقة وأجبته:
“بالطبع، يا أبي.”
بدا الدوق مرتبكًا من ابتسامتي وكأنه لم يعتد عليها، وتردد قليلًا قبل أن يفتح فاه أخيرًا.
“ذاااك… صغيرتي، لم يمضِ وقت طويل منذ استيقظتِ من مرضك، لذا، ألّا ترين أن من الأفضل ألا تحضري حفل عيد ميلاد سمو ولي العهد هذه المرة… حفاظًا على صحتك؟”
“حفل… تقول حفلًا؟”
حفل! ذلك المكان الذي يجتمع فيه كل الجميلين والجميلات ليتبادلوا الأحاديث والضحكات؟ المكان الذي تبدأ فيه كل رواية خيالية رومانسية؟!
بالطبع يجب أن أشارك! الغياب لم يكن خيارًا.
مرّ شبح خيبة أمل على وجه الدوق وهو يراقب وجهي الذي تتغير تعابيره من لحظة إلى أخرى. ومن تنهداته، بدا أنه بدأ يقلق بالفعل بشأن ما سيحدث لاحقًا.
لكنني تجاهلت ذلك، ورفعت رأسي بفخر كما تفعل يوديت، وقلت بثقة:
“بالطبع سأذهب، يا أبي. إن لم أحضر أنا، فمن سيحضر إذن؟”
“ص-صحيح… نعم… هاااه…”
—
مرّ الوقت بسرعة، وجاء أخيرًا يوم الحفل.
وقفت أمام المرآة أتفحّص مظهر ‘يوديت ميلبرين’. شعر وردي فاتح بألوان الباستيل، وعيون تتلألأ وكأنها تعكس ضوء الماء. عيون ناعمة بدلاً من العيون الشبيهة بعيون القطط التي ترمز عادةً للشريرات، وشفاه ممتلئة بلون الكرز.
بينما كنت أتأمل ذلك الوجه الكامل الذي ينعكس في المرآة، مال رأسي قليلًا بتساؤل:
“كيف يمكن اعتبار هذا الوجه وجه شريرة…؟”
فملامح يوديت بدت أقرب إلى بطلة رواية رومانسية منها إلى شريرة شرسة. سمعتني ‘ميري’، فأدارت رأسها إليّ وسألت:
“عذرًا؟ آنستي، هل ناديتم عليّ؟”
“لا، لا شيء.”
في الحقيقة، عندما رأيت وجه يوديت بعد وضع المكياج لأول مرة، كدت أسقط من الصدمة. والسبب؟ طريقة مكياجها كانت كارثية بكل ما تعنيه الكلمة.
جفناها كانا مغطّيين بمكياج داكن كما لو أنها استخدمت أسلوب الـ”سموكي”، وشفاهها كانت مطلية بلون نيود باهت ميت.
وماذا عن ملابسها؟! غرفة الملابس كانت مليئة بالكامل بفستان دموي داكن لا يناسب يوديت إطلاقًا.
بحسب ما سمعته من ميري، فقد كنت دومًا أُصرّ على هذا النوع من المكياج والملابس.
لا أعلم إن كنت قد تعمدت صنع صورة قوية لنفسي، لكن طالما أنني الآن أعيش في هذا الجسد، لم أستطع تحمّل رؤية هذا الجمال يُهدر سُدى.
لذا تخلصت من كل شيء وملأت الغرفة من جديد.
بألوان ربيعية ناعمة تُناسب وجه يوديت!
وبفضل ذلك، ازدادت ملامحها الجميلة تألقًا بفضل لمسة المكياج المناسبة. حتى الخادمات اللواتي كن يُسرّحن شعري اندهشن.
“آنستي، تبدين غاية في الجمال اليوم!”
“صحيح! كنتم دومًا جميلة، لكن جمالكِ اليوم يسطع أكثر من أي وقت مضى!”
“أليس كذلك؟ حتى أنا أرى ذلك.”
أجبت بمكر، فانفجرت الخادمات ضاحكات. في البداية كن يخشينني، أما الآن فقد بدأن يبادلنني المزاح أيضًا.
تأملت مرة أخرى صورتي في المرآة وتخيلت الحفل الذي سيُقام لاحقًا.
لا شك… بأن عددًا كبيرًا من الوسيمين والجميلات سيحضرون من كل حدب وصوب. وإن حالفني الحظ، فقد أتمكن من اصطياد زوج وسيم اليوم.
‘هوهوهوهو…’
وهكذا، بينما أخفيت نواياي المظلمة، صعدت إلى العربة المتجهة نحو القصر الإمبراطوري.
—
اندفع نَفَسٌ مُتحمّس من أنفي ليملأ أجواء قاعة الحفل.
“هوو…….”
كنتُ في تلك اللحظة أراقب النبلاء المتنقلين من حولي، وقد غطيتُ أسفل وجهي بمروحة ألوّح بها بخفة.
‘هذا وسيم! وتلك جميلة! يا للجنون. الناس هنا كلّهم جمال خالص!’
أينما نظرتُ، وجدتُ رجالًا ونساءً على قدرٍ هائل من الجمال. عيناي لم تنعما بلحظة راحة من كثرة ما كانت تدور هنا وهناك لتلتقط تفاصيلهم. وددتُ من قلبي أن أقترب منهم وأضحك وأتحدث معهم، لكن… ويا للأسف، لم أكن أستطيع.
‘لأنني الوحيدة…… التي لا تملك أصدقاء…….’
ربما كان السبب هو تصرفاتي الطائشة في الماضي، فلم يكن أحدٌ يرغب بالاقتراب مني. لم يكن أمامي إلا أن أبتلع دموعي بصمت وأن أراقبهم من بعيد.
وفيما كنت أُحدّق بهم وحيدة من بعيد، سمعتُ فجأة حديثًا يدور عني بين مجموعة من آنسات النبلاء. فتظاهرت بعدم الاكتراث، بينما ركّزت سمعي جيدًا.
“……ما الذي جرى للآنسة ميلبرين؟ لقد اعتادت دائمًا على ارتداء الفساتين القرمزية المتوهجة، لكنها اليوم ترتدي زيًّا هادئًا للغاية.”
“أجل! وتعبيرات وجهها تغيّرت كثيرًا. لقد كانت مخيفة حقًا عندما كانت تحدق بنا بتلك النظرات الحادّة…… أما اليوم، فهي تبدو وكأنها جنية الربيع!”
قالت إحدى الآنسات اللطيفات وهي تهتف بمرح وهي تُثني عليّ.
عندها، قطّبت إحدى الآنسات، ذات الشعر بلون الياقوت، جبينها وكأنها سمعت شيئًا مُضحكًا، ثم أغلقت مروحتها بصوتٍ حادّ. كانت فائقة الجمال من النظرة الأولى.
“هاه. جنية الربيع، تقولين؟ ما فائدة المظهر الهادئ إن لم يتغير ما بداخلها؟ أنا متشوقة جدًا لرؤية أي حماقة سترتكبها اليوم أمام سمو ولي العهد.”
قالت ذلك وهي ترمقني بنظرة حادة بعينيها الذهبيتين وكأنها مشتعلة بالغضب. وتحت وطأة تلك النظرة اللاذعة، لم يسعني إلا أن أشيح بوجهي سريعًا متظاهرة بأنني لا أعرفها.
لا أعلم ما السبب، لكن يبدو أنني قد نلتُ كراهية عميقة من تلك الفاتنة.
لم أكن المخطئة، ولو أنني كنت في حياتي السابقة، لما اكترثت بما يقولونه، لكن… أن تُظهر لي امرأة جميلة بهذا الشكل كراهيتها علنًا جعلني أشعر بحزنٍ شديد.
وبينما كنتُ أحاول جاهدًة تجاوز هذا الشعور الثقيل وأهمّ بالابتعاد إلى مكانٍ آخر…
رنّ صوت الأجراس، تبعته نداءاتٌ قوية من أحد الخدم جذبت أنظار الجميع.
“جلالة الإمبراطور وجلالة الإمبراطورة يدخلان!”
وعلى الفور، وقف جميع النبلاء وانحنوا برؤوسهم. وأنا أيضًا، انحنيت بلا وعي مثلهم. ثم دوّى صوت الإمبراطور الجليل في أرجاء القاعة.
“ارفعوا رؤوسكم جميعًا. أشكركم على حضوركم حفل ميلاد ولي العهد. لن أطيل بالكلمات الرسمية. استمتعوا بوقتكم.”
وما إن انتهى حديث جلالته القصير ورفعتُ رأسي، حتى انتقلت نظراتي تلقائيًا من الإمبراطور إلى ولي العهد الواقف خلفه. وتلاقت أعيننا.
شعر ذهبي كأنه صُهر من الذهب الخالص، ووجه يمكنه أن يُهزم به ثلاثين نجمًا من نجوم الآيدولز. بل ولم يكتفِ بذلك، بل ابتسم لي أيضًا بلطفٍ بالغ.
‘ما هذا……؟ يقولون إنني كنتُ مهووسة به، فكيف يبتسم لي هكذا؟ أهذا اعتراف ضمني؟ أليس كذلك؟’
كانت هذه أول مرة تتقاطع فيها أعيننا ولو لبرهة، لكنني أدركتُ على الفور.
ولي العهد… رجل مدان بوضوح. لا عجب أن يُودي الهوس بيودييت إلى الهلاك.
لبرهة، شعرت أن عزيمتي الصارمة بعدم التعلّق به قد تنهار في أي لحظة.
لكن… رغم أنه لم يسبق لي أن رأيت رجلًا بهذا القدر من الوسامة، إلا أن هناك أمرًا غريبًا… شعرت أنه ينقصه شيء بسيط بنسبة 2٪ فقط.
‘قليلٌ بعد…… فقط قليل جدًا……! لا يزال ينقصه 2٪……!!’
ولي العهد لم يكن مطابقًا تمامًا لمثالي الأعلى في الجمال المطلق. بعبارة أخرى، لم يكن كفيلًا بأن يملأ الفراغ كله في قلبي.
لا أعلم من أين أتى هذا اليقين، لكن شعورًا قويًا تملكني بأن الشخص القادر على إشباع تلك النسبة الناقصة سيظهر قريبًا جدًا.
‘الآن تذكرت…… كان هناك دوق في دور الذكر الثانوي، أظن أن اسمه كان أكسل فالينتيون، أليس كذلك؟’
وما إن تذكرتُ ذلك حتى بدأت أنظر حولي بلهفة، لكن لم يكن هناك أي شخص ملفت للنظر.
فعضضتُ شفتي بقلق وانغمست في التفكير.
‘لا يُعقل أن لا يحضر الدوق حفل ولي العهد…… فهما أبناء عم. إن لم يكن داخل القاعة، فلابد أنه في الشرفة!’
ففي الرواية، كان الدوق لا يُحب الأماكن المكتظة بالناس. لذا إن توجهتُ إلى شرفة بعيدة عن الجميع، فلا بد أن ألتقي به هناك.
وما إن خطر ببالي، حتى بدأت أسير نحو الشرفة دون تردد.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "1"