“السيدة سيلينا!”  

رفعت المرأة المتفاجئة صوتها لتقديم تحيتها بسرعة، وتبعتُها بخفض رأسي.  

“يشرفني لقاؤكِ.”  

نظرت المرأة إلى سيلينا بعيون متلألئة. 

يبدو أن اهتمامها لم يكن خاصًا بـ آمون، بل كانت معجبة بكل شخصية معروفة.  

“ما الذي يشرفك؟”  

“لكن ما قلتهِ للتو… هل تعنين أنكِ كنتِ ضحية في قضية؟ أم مشتبه بها؟”  

“حسنًا، ما رأيك؟”  

“هل الإشاعات صحيحة؟ تلك التي…”  

نظرت المرأة حولها وخفضت صوتها.  

“الإشاعات المتعلقة بالحادثة المروعة التي حدثت مؤخرًا.”  

“آسفة، هل يمكنكِ تركنا قليلًا؟ أريد التحدث مع هذه الآنسة.”  

على الرغم من تجاهل سيلينا لسؤالها تمامًا، بدت المرأة مترددة وهي تحرك شفتيها. 

لكن مع تصلب تعبير سيلينا، غادرت المكان على مضض.  

نظرت سيلينا إلى المكان الذي غادرته المرأة وهي تضع ذراعيها متقاطعتين.  

“على أي حال، الناس مهووسون بالنميمة. كان ابن أخي، ومع ذلك يسألونني عن الحادثة مباشرة؟ هل هذا منطقي؟”  

تحدثت سيلينا وهي تنظر إلى الأمام. 

أومأتُ برأسي دون إجابة.  

“لكنني أيضًا فضولية بشأنكِ. لم أتوقع رؤيتكِ هنا، خاصة بهذا المظهر.”  

“حقًا؟”  

يبدو أن سيلينا تتذكرني. 

على عكس فالدي، لاحظتني في الجنازة السابقة وتحدثت إليّ، فهذا متوقع.  

“نعم، مفاجئ جدًا. لكن من الجيد رؤية وجه مألوف. لقد مر وقت طويل، جوليا ريتس.”  

كما في المرة السابقة، أكدت سيلينا على اسمي بشكل غريب.  

“أليس هناك العديد من الوجوه المألوفة غيري؟ معظم الضيوف يجب أن يكون لهم صلة بعائلة دوق بوليف.”  

“أن يكون لهم صلة بالدوق لا يعني أن لهم صلة بي.”  

نظرت سيلينا حولها بابتسامة وأضافت بصوت منخفض:  

“إذًا، هل أنتِ هنا بسبب التحقيق؟ أم أنكِ أصبحتِ فعلًا في علاقة مع آمون سبينسر؟ هم، وجه يستحق الإغراء بالتأكيد.”  

هل أقول القصة المزيفة أم أعترف بالحقيقة؟ ترددتُ قليلًا واخترت الأخير.  

“بسبب التحقيق.”  

إذا كنتُ قد رأيتُ الأمر بشكل صحيح، فهي تعرف الإجابة بالفعل على أي حال.  

“هل لا تزالين تشكين بي؟”  

“لماذا تعتقدين ذلك؟ ليس بالضرورة أنتِ، هناك الكثير من الأشخاص المشبوهين هنا.”  

“غيري وغير فالدي؟ عائلة الدوق مليئة بالحمقى.”  

“هل تعترفين؟”  

“هم، مستحيل.”  

ضحكت سيلينا قليلًا، ونظرت حولها ثم أشارت بذقنها إلى ركن ما.  

“هناك، ترين تلك المرأة بالفستان الأسود؟ التي ترتدي قفازات دانتيل رخيصة.”  

“نعم؟”  

نظرتُ باتجاه نظر سيلينا بناءً على كلامها المفاجئ. 

كما قالت، كانت هناك امرأة ترتدي قفازات دانتيل، لا أعرف إن كانت رخيصة أم لا.  

“لماذا هي؟”  

“اسمها إيف بيغاس. المرأة التي يواعدها فالدي حاليًا.”  

‘ماذا؟’  

حسب ذاكرتي، لم يكن اسم زوجة فالدي هكذا.  

‘هل هي علاقة غير شرعية؟’  

كيف تعرف سيلينا بهذا، ولماذا تخبرني به الآن تحديدًا؟ نظرتُ إليها بدهشة، لكنها استمرت بهدوء:  

“مؤخرًا، أصبحت متعجرفة جدًا. ربما تعتقد أن فالدي سيصبح حقًا رئيس عائلة دوق بوليف. حتى لو حدث ذلك، لن تحصل على شيء.”  

“…يبدو أنكِ تعرفين الكثير عن فالدي؟”  

سألتُ بنبرة استكشافية، فضحكت سيلينا وأشارت إلى الجهة المقابلة وقالت:  

“هناك، ذلك الرجل الذي يرتدي بدلة توكسيدو بذيل طويل. إنه أحد الداعمين القويين لفالدي. يعمل في تجارة عبر الإمبراطورية وله الكثير من المال.”  

“لماذا تخبرينني بهذا؟”  

بينما كنتُ أحفظ مظهر الرجل، سألتُ بشعورٍ من عدم الارتياح، فهزت سيلينا كتفيها.  

“والآن، تلك المرأة التي تقف عند المدخل منذ قليل. إنها من أقدم العاملين في قصر دوق بوليف. بدأت كخادمة بسيطة وأصبحت رئيسة الخادمات.”  

سجّلتُ مظهر رئيسة الخادمات في ذهني بسرعة. 

وأضافت سيلينا وهي تنظر إليّ:  

“إذا كنتِ فضولية بشأن شيء، اسأليها. أنتِ هنا في الحفلة لأنكِ فضولية، أليس كذلك؟”  

“…هل تنوين مساعدتنا في التحقيق؟ لماذا؟”  

“أليس ذلك واضحًا؟ كلما أُمسك بالجاني مبكرًا، عاد السلام إلى عائلة الدوق. كما أن الاشتباه بي ليس أمرًا ممتعًا.”  

‘إذًا، تقول إنها ليست الجاني، لذا ستتعاون؟’  

إذا كان هذا صحيحًا، فهو أمر مرحب به، لكن من الصعب تصديقه بسهولة. 

عندما رأت تعبيري المشكك، ضحكت سيلينا بهدوء.  

“هل لا تزالين تحتفظين بالهدية التي أعطيتكِ إياها؟”  

“ماذا؟”  

“من الأفضل أن تحتفظي بها جيدًا… آهـ، حان وقت الذهاب. أراكِ لاحقًا.”  

“انتظري لحظة!”  

حاولتُ إيقافها بسرعة، لكن سيلينا غادرت المكان بسرعة.  

‘هدية؟’  

الهدية الوحيدة التي أعطتني إياها سيلينا كانت زجاجة النبيذ في جنازة هايدن.  

‘هل هناك شيء مخفي فيها؟’  

جعلتني سيلينا، التي اقتربت فجأة وتحدثت بغموض ثم غادرت، أكثر حيرة. 

بينما كنتُ أحدق في الاتجاه الذي اختفت فيه، رأيتُ آمون يقترب من هناك. 

يبدو أن هذا هو سبب مغادرتها السريعة.  

“آسف، سيّدتي. هل جعلتكِ تنتظرين طويلًا؟” 

قدّم لي آمون كأس نبيذ واقترب ليهمس:  

“في طريقي، أوقفني السيد فالدي. بما أنه تحدث عن السيدة سيلينا من قبل، ظننتُ أنه قد يكون لديه دليل، لكن لم يكن هناك شيء مفيد.”  

ابتعد آمون وسأل:  

“هل حدث شيء معكِ؟”  

“في الحقيقة…”  

نظرتُ حولي بحذر ونقلتُ لآمون كل ما قالته سيلينا. 

تغير تعبير آمون بشكل ملحوظ.  

“كلهم مرتبطون بفالدي. وقالت إنها تريد المساعدة في القبض على الجاني. هل تحاول القول إن فالدي هو الجاني؟”  

“حسنًا… على الأقل يبدو أنهما لا يتوافقان. حاول فالدي أيضًا التقليل من شأن سيلينا.”  

“لكنكَ قلتَ إنه لم يكن هناك شيء مفيد من جانبه.”  

“صحيح. يبدو أن معلومات سيلينا أكثر فائدة. تحدثت عن امرأة تُدعى إيف بيغاس. تحدثتُ معها قليلًا، وكانت ترتدي قلادة بجوهرة مطابقة لأزرار أكمام فالدي.”  

“حقًا؟”  

نظرتُ إلى آمون بعيون متسعة.  

كان من المدهش أن يتذكر أزرار أكمام فالدي، وأن يرى قلادة المرأة، لكن الأكثر إثارة للدهشة هو أنه لاحظ أن الجوهرتين متطابقتان.  

“كانت ياقوتة مقطوعة بشكل مميز، فلفتت انتباهي.”  

“إذًا، من المرجح أن يكون هناك علاقة بينهما.”  

“نعم.”  

هذا يعني… تحركت عيناي تلقائيًا نحو مدخل قاعة الحفل.  

“إذا كانت أقدم من عملوا في قصر الدوق، فقد تعرف شيئًا عن ما حدث قبل ثلاثين عامًا.”  

يبدو أن آمون فكر بنفس الطريقة.  

“أعني، الوقت الذي تم فيه تبني الجاني.”  

تبادلنا النظرات وأومأنا. 

إذا كانت هناك فرصة، فإن الأمر يستحق السؤال. 

إذا حالفنا الحظ، قد تعرف من هو الطفل المتبنى، أو على الأقل تعطينا دليلًا صغيرًا.  

“المشكلة هي كيف نسأل. إذا اقتربنا وسألنا مباشرة، ستتركز علينا كل الأنظار.”  

“وهكذا ستبوء خطة تحقيقنا السري بالفشل.”  

“لو استطعنا استدعاء رئيسة الخادمات بمفردها بطريقة طبيعية…”  

عبس آمون وقال. 

بينما كنتُ أفكر، وقعت عيناي على كأس النبيذ الذي أحضره.  

“لدي فكرة جيدة. تقليدية، لكنها فعالة.”  

“ماذا تنوين فعله؟”  

“اتبعني من الخلف، وفي الوقت المناسب، ادفعني برفق. قد يتسخ الفستان قليلًا، لكنهم سيتفهمون ذلك، أليس كذلك؟”  

ابتسمتُ ورفعتُ كأس النبيذ. 

أدرك آمون نيتي وفتح فمه قليلًا.