كان مبللًا بالكامل، وبصعوبة استرد أنفاسه، ثم رفع رأسه فجأة.
“الآنسة!”
لم يكن هناك وقت للراحة.
هزّ آمون جسد جوليا بسرعة.
لكن مهما صرخ أو هزّها، ظلّت فاقدة للوعي دون أي حركة.
بدأت يد آمون ترتجف مجددًا.
‘اهدأ، يجب أن أبقى هادئًا.’
ألصق أذنه عند مكان تواجد قلب جوليا.
دوك، دوك— لحسن الحظ، كان قلبها ينبض بشكل طبيعي.
“…أرجو منكِ المغفرة على هذا التصرف.”
تمتم آمون بصوت خافت.
رفع ذقن جوليا بيد، وأسند رأسها بالأخرى.
ثم أخذ نفسًا عميقًا، ودون تردد، انحنى نحوها.
تلامست الشفتان، وانتقل نفس آمون إليها.
حاول آمون عدم التفكير في أي شيء آخر— إحساس شفتيهما المتلامستين، الدفء، أو كلمات جوليا تحت ضوء مصباح الشارع ذات مرة، وكيف هزّت تلك الكلمات قلبه بلا سيطرة.
‘سأقتله بدلًا عنك.’
أبعد شفتيه، أخذ نفسًا عميقًا، وأغمض عينيه بقوة.
‘يجب أن تعيش.’
كان لا بد أن تعيش جوليا.
لم يكن منطقيًا أن تختفي هكذا بعد أن قالت له تلك الكلمات.
تلامست الشفتان مجددًا، وانتقلت أنفاسهُ إليها.
بعد عدة محاولات—
“…كح!”
تقيّأت جوليا الماء من فمها، وفتحت عينيها أخيرًا.
* * *
ارتجف جسدي لا إراديًا.
خرج الماء من فمي كما لو كنت أتقيأ.
“هل أنتِ بخير؟”
فتحت عينيّ وأنا أكافح لاستعادة وعيي.
مسحت فمي، لكن ذلك لم يجدِ نفعًا كبيرًا، فقد كنتُ مبللة بالكامل.
“الآنسة!”
شعرتُ بيدين حذرتين تلمسان كتفيّ، لا تتناسبان مع النبرة الملحّة.
نظرتُ أمامي بعينين ضبابيتين.
كان آمون، مبللًا بالكامل أيضًا، ينظر إليّ من الأعلى.
“…السير سبينسر.”
تذكّرتُ آخر ما حدث.
نزلتُ إلى ضفة النهر لرؤية نيكول، ثم ركض الجاني نحوي.
في تلك اللحظة، دفعني أحدهم من ظهري، وسقطتُ في النهر…
“إنه تيو.”
“ماذا؟”
“أعتقد أنه تيو. يبدو أنه من دفعني—آهـ!”
حاولتُ رفع جسدي بانفعال، لكن ألمًا مفاجئًا جعلني أستلقي مجددًا.
“هل أنتِ بخير؟ أين تألمين؟”
“ذراعي اليسرى… قليلًا.”
نظرتُ بعيون مرتجفة إلى ذراعي اليسرى المترهّلة.
لم يكن الألم قليلًا، بل كان شديدًا لا يُطاق.
“هاه…”
تنهّد آمون كأنه تذكّر شيئًا.
مسح وجهه بيده، وتابع بوجه مليء بالأسف:
“في أثناء إنقاذك، جذبّت ذراعك بقوة، ويبدو أنك تأذّيت حينها. أنا حقًا آسف.”
انحنى آمون برأسه.
لوّحتُ بذراعي اليمنى بسرعة.
“كلا، لا بأس. سأكون بخير قريبًا. و…”
عندها فقط تمكنتُ من النظر حولي.
ظننتُ أنني قرب جسر سانزماير حيث سقطتُ، لكن يبدو أنني كنت مخطئة.
كم جرفتني المياه بعيدًا؟
“…أنت من أنقذني، أليس كذلك؟”
لم أعرف تفاصيل ما حدث، لكنني كنتُ متأكدة أن آمون خاطر بحياته لإنقاذي.
“شكرًا. حقًا.”
كانت كلمات شكر متواضعة وأنا مستلقية، لكنني وضعتُ فيها كل صدقي.
“سأردّ هذا الجميل يومًا ما.”
رفع آمون رأسه عند كلماتي.
خفّف من تعبيره المتشنّج وابتسم قليلًا.
“ألم تُنقذي حياتي أولًا؟ أنا من ردّ الجميل الآن.”
“لكن ذلك…”
كان آمون يتحدث عن اللحظة التي رميتُ نفسي لإنقاذه من مُفتعل الحريق.
بالطبع، كنتُ صادقة حينها، لكن ذلك لا يُقارن بما فعله الآن.
“ارتاحي الآن. أعضاء الفرقة يبحثون عنا بالتأكيد. الشمس سترتفع قريبًا، فلن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا.”
نهض آمون مطمئنًا إياي.
“إلى أين أنت ذاهب؟”
سألتُ بحذر، فنظر إليّ بعيون ودودة.
“سأشعل نارًا. بما أنكِ كنتِ في الماء طويلًا، ستشعرين بالبرد، وستساعد النار أيضًا في إعلام الفرقة بموقعنا.”
“آه، حسنًا…”
نظرتُ إلى ظهر آمون وهو يدخل الغابة لجمع الأغصان.
كنتُ في الماء طويلًا…
كم جرفتني المياه؟
ماذا حدث حتى خرجتُ من النهر سالمة؟
من المؤكد أن آمون ليس في حالة جيدة أيضًا.
‘ليس من النوع الذي قد يؤذيني عن قصد…’
عاد آمون بحزمة من الأغصان وبدأ بإشعال النار.
لم يكن لديه أدوات مناسبة، ففشلت محاولاته مرات عديدة.
لكنه لم يستسلم، وأخيرًا، اشتعلت النار.
شعرتُ بدفء النار يصل إليّ وأنا مستلقية.
“سأحاول جعل النار أكثر اشتعالًا قريبًا، انتظري قليلًا.”
قلقًا عليّ، عاد آمون إلى الغابة لجمع المزيد من الأغصان الجافة والأوراق.
كان يبدو متمرسًا، كما لو أن حياة الفرسان الطويلة علّمته هذا.
بينما أراقبه بهدوء، لم أستطع منع نفسي من السؤال:
“هل أنت بخير، سير سبينسر؟”
“ماذا؟”
رفع آمون رأسه باستغراب وهو يضع أوراقًا تحت النار.
“لم تُصب، أليس كذلك؟”
“أنا بخير.”
لم يقل إنه لم يُصب، بل إنه مصاب لكنه بخير.
كان قد تجاهل ألم كتفه من قبل.
نظرتُ إلى النار التي تشتعل بثبات بحزن.
“كيف تشعرين؟ هل أنتِ دافئة؟”
اقترب آمون، وجثا على ركبتيه وسألني.
“نعم، جيد… شكرًا.”
“لا يوجد شيء لشكري عليه. كنتُ قلقًا من أن تكون النار قريبة جدًا فتشعرين بالحرارة، هذا مريح. لكن يبدو أن علينا تجفيف ملابسك المبللة، الجو بارد…”
تذكّرتُ لحظة احتضانه في كوخ خشبي، فاحمرّ وجهي.
يبدو أن آمون فكّر بشيء مشابه، فتردد قبل أن يتابع:
“هل تستطيعين الحركة؟”
“…لحظة.”
حاولتُ رفع جسدي ببطء.
أسند آمون ظهري بسرعة.
تمكنتُ من رفع جذعي، لكن مع تغيّر الوضعية، عاد الألم الذي لا يُطاق إلى ذراعي اليسرى، حتى تجمّعت الدموع في عينيّ.
“آه.. لا يمكنني.”
عند كلماتي المتعجّلة، أضجعني آمون برفق مجددًا.
“من الأفضل ألا تتحركي الآن. قد تجهدين ذراعك أكثر.”
“نعم، لستُ باردة جدًا. لا تقلق.”
“لكن…”
أومأتُ مطمئنة، لكن تعبير آمون المضطرب لم يتلاشى.
“سأفعلها نيابة عنك.”
“ماذا؟”
“استمري في الاستلقاء، سأعصر الماء قليلًا.”
“ماذا تقصد…”
كأنه لا خيار آخر، اقتربت يد آمون من قميصي.
بدأ يشدّ القميص ويعصره برفق.
تقاطر الماء بكمية كبيرة على الرمل.
“إذا كرّرتُ هذا، سيكون أفضل قليلًا.”
“حسنًا…”
كان المشهد مضحكًا، لكنني لم أضحك.
كانت يد آمون جادة ورقيقة جدًا، رغم أنه مجرد عصر للماء.
“هذا زيّ إلويز.”
تحدّث آمون بعد أن عصره طويلًا.
“…صحيح. شعرتُ أن الفستان سيعيقني في العملية.”
“لا أتمنى أن تواجهي مثل هذه المواقف مجددًا، لكن من يدري، قد يكون من الأفضل شراء ملابس مريحة قريبًا.”
“حسنًا…”
“وهل رأيتِ زيّ نيكول؟ كان زيّ ركوب خيل.”
“زيّ ركوب خيل؟”
ركّزتُ على حالة نيكول فقط، ولم أنتبه لملابسها.
لكن بالطبع، بما أنها خُطفت أثناء ركوب الخيل، كان من المنطقي أن تكون ترتدي زيّ ركوب.
“نعم، هكذا بدا. لقد أصبحتِ ماهرة في ركوب الخيل، أليس كذلك؟ قد يكون من الجيد اقتناء زيّ ركوب خيل أيضًا.”
أدركتُ أن آمون يتحدث بطريقة غير معهودة، ربما ليطمئنني.
‘يا له من شخص طيب حقًا.’
شخص لا يطلب مقابلًا، ويرى إنقاذ الآخرين أمرًا طبيعيًا.
من المؤكد أن آمون كان سيتصرف بنفس الطريقة لو كان أي شخص آخر غيري هو من سقط في النهر.
من أين تأتي هذه الروح العادلة الاستثنائية؟
خطر هذا السؤال في ذهني، وخرجت الكلمات دون أن أتمكن من منعها:
“هل هذا جزء من الفروسية؟”
توقّفت يد آمون فجأة.
دهشتُ من كلماتي وأغلقتُ فمي بسرعة.
كانت تبدو كأنني أتذمّر.
ساد صمت محرج.
“ليس هذا ما قصدته…”
حاولتُ استعادة كلماتي، لكنني لم أستطع المتابعة.
بدت رقبة آمون، وهو ينظر إلى الأرض بوجه متشنّج، محمرّة قليلًا.
‘…ربما بسبب النار.’
في تلك اللحظة، رنّ صوت في رأسي كأنه يسخر من أفكاري:
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 75"