ربّما لتجنّب الشّعور بالإحراج، ضمّني آمون إليه بقوّةٍ شديدةٍ عمدًا.
كأنّه يؤكّد أنّ هذا الفعلَ ليس إلّا من أجل البقاء.
كنتُ محاصرةً في صدره، أكتمُ أنفاسي.
بدلاً من جسدي المتيبّس، جمع آمون كلّ الملابس الموضوعةَ جانبًا ولفّنا بها بإحكامٍ.
خيّم صمتٌ محرجٌ لا يُطاق.
من تشنّج عضلات آمون الخفيف إلى دقّات قلبه، كلّ شيءٍ كان ينتقل إليّ مباشرةً وبوضوحٍ تامٍ.
فكّرتُ أنّ حركاتي ربّما تنتقل إليه بالمثل، فكنتُ أشعر بجسدي يتصلّب أكثر فأكثر.
“هل أنتِ بخير؟”
عندما همس آمون، شعرتُ بالاهتزاز ينتقل من جسده إليّ.
“نعم، نعم…”
ومع ذلك، لا يمكن إنكار أنّ الرّعشة في جسدي توقّفت، وبدأتُ أشعر بالدّفء تدريجيًا.
بفضل دعم آمون القويّ لي، كان الوقوف أيضًا أكثر راحة.
كم مرّ من الوقت؟ بدأ الإحراج يتلاشى تدريجيًا، وحلّت مكانه الرّاحة.
مع وجود شخصٍ يدعمني، شعرتُ بجسدي يرتخي تلقائيًا.
لكنّ هذا بحدّ ذاتهِ كان مشكلةً.
“سيّدتي، لا يجب أن تنامي.”
“آه، نعم!”
بسبب الرّاحة الزّائدة، بدأ النّعاس يتسلّل إليّ مجدّدًا.
غمضتُ عينيّ بقوّة ثمّ فتحتهما.
“السّير سبينسر.”
“نعم.”
“هل يمكنك أن تحكي لي شيئًا؟”
“أيّ نوعٍ من القصص؟”
“أيّ شيءٍ يبقيني مستيقظة.”
“هم…”
أطلق آمون همهمةً خافتة.
“لستُ موهوبًا في هذا المجال.”
“ألا تعرف أيّ قصّةٍ ممتعة؟ أيّ شيءٍ على الإطلاق.”
“حسنًا، إذا كان الأمر يتعلّق بحوادث، فلديّ بعض القصص.”
كنتُ على وشكِ أن أطلب منه سرد إحداها، لكنّني تذكّرت فجأةً شيئًا منذ وقتٍ قريب.
عندما ركبنا الخيل معًا لأوّل مرّة، كانت لديّ أسئلةٌ كثيرةٌ عنه.
“آه، في الواقع، كنتُ أريد أن أسألك شيئًا، هل يمكنني؟”
“نعم، بالطّبع.”
كانت فرصةً مثاليّةً للسّؤال بهدوء.
اخترتُ أسئلتي بعناية.
طرح سؤالٍ مباشرٍ عن الزّينة كان محرجًا بعض الشّيء.
لم أرد أن أعطي انطباعًا بأنّني مهووسةٌ بشيءٍ تافه.
“إذن، أوّلًا، أين يعمل أخوك الأكبر وماذا يفعل؟”
بدأتُ بموضوعِ العائلة.
أجاب آمون مباشرةً.
“أخي الأكبر ليس في إمبراطوريّة نيلتون. إنّه في الخارجِ.”
“في الخارج؟”
“نعم، يدرس في الخارج.”
“إذن، لا تراهُ كثيرًا؟”
“يعود مرّةً في السّنة تقريبًا. وخلاف ذلك، نتواصل بالرّسائل.”
“هكذا إذن…”
ربّما غادر أخوه الإمبراطوريّة بسبب وفاة والديهما.
للحفاظ على جوّ خفيف، سألتُ بنبرةٍ مرحةٍ:
“إذن، هل شعر أخيك الأكبر فضيّ أيضًا؟”
بدا السّؤال غير متوقّع، فضحك آمون بخفّة.
“هل هذا ما يهمّكِ؟”
“بالطّبع. أنتما الاثنان يجب أن تتشابها. لكن ماذا لو كان شعره أسود؟”
“وهل هذا مشكلة؟”
“ليس بالضّرورة، لكن…”
بينما كنتُ أتحدّث، بدا لي أنّ الأمر قد يكون جيّدًا.
كنتُ أرغب برؤية آمون بشعرٍ أسود أيضًا.
“إذن، أيّ لونٍ هو؟”
عندما ألححتُ، أجاب آمون بصوتٍ ممزوجٍ بالضّحك:
“لونٌ مشابه، لكنّه أغمق قليلًا من شعري. هل هذا هو السّؤال الوحيد؟”
“لا، هناك المزيد. الكثير!”
اغتنمتُ الفرصة وسألتُ عن آمون بتفصيلٍ:
من موقع قصر سبينسر إلى رحلتهِ ليصبح فارسًا.
استمعتُ إلى سيرته باهتمام.
كان حصادًا غير متوقّعٍ من موقفٍ كهذا.
أخيرًا، عندما شعرتُ أنّ التّوقيت مناسبٌ تمامًا، طرحتُ السّؤال الأكثر إثارةً لفضولي:
“إذن، هناك شيء. ذلك الشّيء من المرّة الماضية.”
“نعم؟”
“أعني، الزّينة التي كانت معلّقة على لجام ليون. تلك التي تحتوي على جوهرةٍ زرقاء محاطةٍ بالفضّة. قلتَ إنّ شخصًا ما صنعها وأهداها لك.”
“… هل كنتِ مهتمّةً بها إلى هذا الحدّ؟”
“نعم.”
كنتُ أنوي تمرير الأمر بسلاسةٍ، لكن يبدو أنّ وصفي الدّقيق كان مبالغًا فيه.
تنحنحتُ وثرثرتُ:
“ليس الأمر كذلك بالضّرورة. فقط، بدت الصّناعةُ جيّدةً، ففكّرتُ أن أطلب واحدةً مثلهُ. كما تعلم، تحسّنت مهاراتي في ركوب الخيل، أليس كذلك؟ ربّما يأتي يومٌ وأمتلك حصاني الخاص، وعندها سأحتاج إلى زينةٍ له…”
تلاشى صوتي.
حتّى أنا شعرتُ أنّ أعذاري لا معنى لها.
شعرتُ بجسد آمون يرتجف قليلًا وهو متلامسٌ معي.
“… أشعر أنّك تضحكُ.”
“آسف.”
“إذن، من هي؟ هل هي…”
ابتلعتُ ريقي وسألتُ بنبرةٍ عابرةٍ قدر الإمكان:
“حبيبتُكَ؟”
“ماذا؟”
“أم حبّكَ الأوّل؟”
“ماذا؟!”
من ردّة فعله، يبدو أنّني فشلتُ مجدّدًا.
أجاب آمون مذهولًا:
“ما الذي تفكّرين فيه؟ هل كنتِ تظنّين حقًا أنّ لديّ حبيبة؟”
إذا لم يكن الأمر يتعلّق بحبيبةٍ أو حبٍّ أوّل، فلمَ يبقي الأمر سرًا؟ هل هو شيءٌ شخصيٌّ لدرجةٍ يصعب الحديث عنها؟
‘هل هو تذكارٌ من والديه؟’
شعرتُ ببرودةٍ في صدري فجأةً.
فتحتُ فمي بسرعةٍ:
“إذا كنتَ لا تريد الحديث عن ذلك، فلا بأس.”
“تسألين هكذا ثمّ تتراجعين الآنَ؟”
“لا، في الحقيقةِ لم أعد فضوليّةً.”
يبدو أنّ آمون أدرك ما كنتُ أفكّرُ فيه.
“لا داعي للقلق. ليس لأنّني لا أريد الحديث، بل لأنّ الأمر محرجٌ قليلًا.”
‘هل هو حبٌّ من طرفٍ واحد؟’
عبستُ مجدّدًا، لكنّ آمون تابع بحذر:
“في الحقيقة، أنا أقدّم التبرعاتِ. هذا ما تلقّيته من الشّخص الذي يتلقى تبرعَي.”
“… ماذا؟”
“كان من المفترض أن يرث أخي الأكبر لقب الدّوق، لكنّه غادر إلى الخارج، وأنا مشغولٌ بمهام قائد الفرسان، ولستُ من النوع الذي يهتمّ بالألقابِ.”
فتحتُ فمي قليلًا.
“لذا، قمتُ بتصفية الكثير من الأراضي والثّروات، واستخدمتُ الأموال لدعم الآخرين. أردتُ مساعدة أطفالٍ فقدوا والديهم مثلي. أن تصبح فارسًا يكلّف أموالاً أكثر ممّا يعتقد النّاس.”
انتهت اسئلتي، شعرتُ أن الأحرفَ جميعها نفذتَ مني.
شعرتُ بالخجل لأنّني فكّرتُ بحبيبةٍ وحبٍّ أوّلٍ وحتّى حبٍّ من طرفٍ واحد أمام شخصٍ بمثل هذه الأفكار العميقة.
“… سيّدتي؟ هل تستمعين؟”
“آه، نعم. هذا عملٌ رائعٌ حقًا. إذن، تساعد الأطفال ليصبحوا فرسانًا؟”
“بالضّبط. أكبرهم أصبح فارسًا بالفعل. لذا، هذه الهديّة كانت تعبيرًا عن التقدير والإمتنان.”
“هكذا إذن…”
“ألن تسألي من هو؟”
“نعم؟”
كنتُ غارقةً في التّفكير، فسألتُ متفاجئة:
“هل هو أحد أعضاء فرقة الفرسان الزّرق؟”
“صحيح.”
شخصٌ كبير بما يكفي ليحظى بدعم آمون، وهو من فرقة الفرسان…
“هل هو السّير مارفين؟”
خرج صوتي عاليًا دون قصد.
ضحك آمون وقدَ أرتجفَ للحظةٍ من المفاجأةِ.
“صحيحٌ.”
“واو…”
الآن تذكّرتُ، لقد سمعتُ مارفين يتحدّث عن راعيه من قبل، وقال إنّ آمون كان يهتمّ بهِ كثيرًا.
هذا كان السّبب.
“يجب أن تكون فخورًا جدًا! أن يصبح الطّفل الذي دعمته أحد رجالكَ!”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 53"