“كان هذا الصندوق هو الشيء الوحيدَ الذي وجدَ داخل هذا المنزِل. إذًا كانت كل هذه الأجهزة مُعدّة لإخفاء هذا الصندوق؟”
“إذًا هذا المنزلُ هو نوعٌ من الخزنةِ.”
“صحيح. هذا يعني أننا على الأقل نعرف الآن ما الذي كان صاحب المنزل يريد إخفاءهُ بشدّةٍ.”
فتح آمون غطاء الصندوق.
كل ما في داخله كان بضعةُ أوراق فقط.
تقاسمنا الأوراق فيما بيننا بسرعةٍ.
في يدي كانتا رسالتان.
الرسالة الأولى:
كانت تحتوي على معلومات أساسيّة عن طفل: تاريخ الميلاد، الطول، الوزن، ومكان الولادة.
الشيء الغريب أن الجزء السفلي من الورقة كان محترقًا وممزقًا، وعند النظرِ إلى الترتيب يبدو أن الاسم كان مكتوبًا في ذلك الجزء.
أما
الرسالة الثانية:
فكانت تحمل جملة واحدة فقط
<سآتي لأخذك بالتأكيد.>
‘هل هذه رسالة أم مجرّدُ مذكّرةٍ؟’
كلا الورقتين كانتا تبدوان باليَتَين للغاية.
على الرغم من أنهما بدتا كأغراض شخصيّة جدًا، لم يكن هناك سبب واضح لإخفائهما بمثل هذا النظام المعقّد.
قال آمون بعد أن ألقى نظرةً سريعة على الورقة التي بحوزته:
“ما لديّ هو سجلّات دار أيتام.”
“دار أيتام؟”
تبادلنا الأوراقَ.
كما قال آمون، كانت الورقة تحمل اسم ‘دار الأيتام لوديليون’ مع قائمة بأسماء أطفال.
إذًا، معنى الرسالة السابقةِ كان واضحًا.
“يبدو أن شخصًا ما ترك طفلًا في دار الأيتام مع هذه الرسالة.”
“من تاريخ ميلاد الطفل، يُحتمل أن يكون هذا الطفل قد كبر ليصبح صاحبَ هذا المنزل.”
“هل أراد إخفاء كونه من دار أيتام، فخبّأ هذه الأوراق؟”
“هذا احتمالٌ واردٌ.”
تبادلنا الحديث بسرعةٍ، ثم اقتربنا من بعضنا للتفكير.
لكن هذه المعلومات وحدها لم تكن كافية لمعرفةِ كلمةِ المرور.
كنا بحاجة إلى دليل آخر.
“للأسف، الجزء الذي يحمل الاسم محترق، فلا نعرف من هو من هذه المستنداتِ فقطَ.”
“حتى لو عرفنا، لا توجد أرقام في القائمة، فلا فائدةَ منها على الأرجحِ.”
كان الرمل قد ارتفع الآن حتى ركبتيّ.
حاولت تجاهل شعور الضيق الذي كان يعتصر ساقيّ، وقرأت الأوراقَ عدةَ مراتٍ.
لكن لم أستطع اكتشاف أي شيء جديد.
كذلك، كان آمون يحدّق في الورقة بنفس التركيز، ثم قال ليَ:
“لماذا لم يحرق صاحب المنزل هذه الأوراق؟ إذا كان يريد إخفاءها، أليس من الأسهل تدميرها؟ هذا أكثر أمانًا من صنع مثل هذا النظام المعقّدِ فقطَ لحمايتِها.”
“ربما كانت ثمينةً جدًا بالنسبة له؟”
أثناء تأمّلي في الرسائل، لاحظت أن الرسالة الثانية تبدو أكثر اهتراءً من الأولى.
كانت الرسالة التي بدت عاديّة مليئة بآثار الاستخدام.
‘هل كان يقرأها مرارًا وتكرارًا حتى أصبحت ممزقةً؟’
“أراد أن ينسى أنه تُرك، لكنه في الوقت ذاته لم يرد أن ينسى. إذا كان يؤمن بأن شخصًا ما سيأتي لأخذهِ يومًا ما…”
إذًا، ما هو الرقم الثمين بالنسبة له؟ رقم يريد نسيانه لكنه لا يستطيع، يكرهه لكنه مضطر لأن يحبّه.
رقم لا يتجاوز ثمانية أرقام.
ما الذي ينطبق على هذه الشروط؟
“تاريخ الميلاد؟”
تمتمنا في الوقت ذاته.
فجأة، تقاطعت أنظارنا، ومدّ آمون يده نحو الجهاز.
بدأ يضغط على الكتل الخشبيّة واحدًا تلو الآخر، مؤكدًا الأرقام الستة المكتوبة في الرسالة الأولى.
‘هل سينجحُ؟ سينجحُ، أليس كذلكَ؟ يجب أن ينجحَ الأمر.’
عندما تأكدت أن يده تتجه نحو الجزءِ الخاصِ بالكتلةِ السادسة، أغمضت عينيّ بقوةٍ.
‘أرجوكَ…!’
شعرت وكأن قلبي سيقفز خارج صدريَ.
سمعت صوتًا عندما أدخل الكتلة الخشبية، ثم صوت صرير مخيف.
تبع ذلك صمت لحظي، ثم دويّ صوت خافت، وتوقّف الاهتزاز.
حينها فتحت عينيّ ببطء.
“هل… نجحَ؟”
“تَوقّف.”
بدأ الرمل المتدفق من شقوق الجدران يقلّ تدريجيًا.
“هاه…”
أمسكت صدري وأطلقت زفرة ارتياح.
لقد نجونا.
“ليس وقت الاطمئنان بعد.”
“ماذا؟”
نظر آمون حوله بوجه متجهّم.
وقف ساكنًا للحظات، ثم عبس كما لو كان يتوقّع ذلك.
“الرمل لا يزال كما هو.”
أمسكت الرمل الذي وصل الآن إلى فخذيّ.
كان كلامه صحيحًا.
الرمل لم يعد يرتفع، لكنه أيضًا لم ينخفض.
“يبدو أنه لن يرتفعَ مجددًا.”
“انتظري لحظةً، ابقي هنا.”
سلّمني آمون الأوراق والصندوق، ثم شقّ طريقه بصعوبةٍ عبر الرملِ نحو البابِ.
عندما وصل، ضرب الباب بكتفهِ بقوة، لكن الباب لم يتحرّك.
“ستؤذي نفسكَ هكذا!”
على الرغم من صراخي المشوب بالقلقِ، لم يتوقّف آمون.
توالت أصوات الضربات عدة مرات.
“السير سبينسر!”
“هاه….”
عاد إليّ وهو يهزّ رأسه.
“يبدو أنه مغلقٌ بإحكامٍ. لا يتحرّك على الإطلاق. ظننت أن إلغاء الجهاز سيفتح قفل الباب.”
“ربما لا يُفتح لأنه مدفون في الرمل.
إذا كان الخارج ممتلئًا بالرمل بنفسِ الارتفاع…”
اختراق ضغط الرمل الذي وصل إلى الفخذين لن يكون سهلًا.
“لكن… على الأقل، لقد زال خطر الدفن أحياءً، أليس كذلكَ؟”
حاولت التحدّث بنبرةٍ خفيفةٍ، ولكن آمون ابتسم ابتسامةً مريرةً.
“إذا انتظرنا، سيأتي شخص ما لإنقاذنا بالتأكيدِ، أليس كذلكَ؟”
“نعم، من المفترضِ. لديّ موعد للتواصل مع أحد المخبرين غدًا صباحًا. إذا لم يتمكّنوا من التواصل معي، سيأتون للبحث عنَي.”
“صحيح، بالتأكيد سيفعلون. إذا صمدناَ حتى صباح الغد…”
لكن ما إن بدأت الحديث حتى شعرتُ باليأسِ.
أن نبقى مدفونين في الرمل، لا نستطيع الجلوس ولا الاستلقاء، لساعاتٍ طويلةٍ هكذا؟
كان الرمل يضغطُ على جسدي باستمرار.
“من الأفضل أن نحتفظَ بطاقتنا قدر الإمكان.”
اصطحبني آمون إلى أسفل الجدار حيث كانت الشعلةُ مضاءةً.
“سيصبح الجو أكثر برودة، لذا من الأفضل أن نكون قريبين من النار قدر الإمكان.”
“حسنًا، فهمتُ.”
استندت إلى الجدار تحت الشعلةِ مباشرةً كما قال ليَ.
عندها فقط شعرت بالبرد.
كنت منشغلةً جدًا بإلغاء الجهاز لدرجة أنني لم أنتبه للبردِ من قبلٍ.
“سنكون بخيرٍ.”
كرّر آمون كلامه وكأنه يطمئنني.
مع مرور الوقت، ازداد البرد القارسَ عابرًا عظامي.
كانت الغرفة المغلقة بلا نوافذ نعمة ونقمة في آن واحد.
كانت تحمينا من الرياح، لكن التنفسُ أصبح أصعبَ.
اضطررنا إلى إطفاء ثلاث شعلات، تاركين واحدةً فقطَ لتُدفئناَ.
وقفنا تحت الشعلة المتبقية.
كان الرمل الذي وصل إلى الفخذين يسرق حرارة الجسم بالكامل.
بدأ جسدي يرتجفُ وشعرتُ بشفتاي تهتزُ بخفةٍ.
“هل أنتِ بخيرٍ، سيدتي؟”
“نعم، بالطبعِ. أنا بخيرٍ.”
على الرغم من كلامي، لم أستطع منع أسناني من التصادم.
انكمشت أكثر وأحاطتَ ذراعاي بجسديِ محتضنةً إياهُ.
كان آمون ينظر إليّ بقلق وهو يتحرّك بعصبيّةٍ.
لقد أعطاني بالفعل القماش الذي كان يغطي رأسه ومعطفهُ.
“حقًا، أنا بخيرٍ.”
حاولت الابتسام وغيّرت الموضوع:
“بالمناسبةٓ، هل الجمل بخير؟ إنه مربوطٌ إلى شجرةٍ، ألن يشعر بالبرد؟”
“سيكون بخير. سمعت أن الجمال تتحمّلِ البرد جيدًا.”
“حقًا؟ هذا مثيرٌ للاهتمام…”
تلاشى صوتي بضعفٍ.
كانت عيناي تُغلقان رغمًا عني.
“سيدتي… سيدتي!”
فتحت عينيّ فجأةً.
كان آمون يمسك كتفيّ بكلتا يديه ويهزنيَ.
يبدو أنني غفوتُ للحظة.
هززت رأسي بسرعةٍ.
“لا يجب أن تنامي.”
“نعم، فقط… شعرتُ بالتعبِ قليلًا. أنا بخير.”
لكن، على عكس كلامي، كانت جفوني تثقلان.
حاولت عضّ الجلد الرقيق داخل فمي لأبقى مستيقظة، لكن أي لحظةِ تشتيتٍ كانت كافيةً لفقداني لسيطرتيِ والنومِ.
“سيدتي.”
“نعم، نعم، لن أنامَ!”
بفضل آمون الذي ظلّ يتحدّث إليّ، كنت أستعيد وعيي بصعوبةٍ.
ضربت رأسي بالجدار عدةَ مرات.
‘استيقظي.’
النوم هنا سيؤدي بالتأكيد إلى انخفاض حرارة الجسم بسرعةٍ.
نظر إليّ آمون بقلق،ٍ ثم زفر وكأنه لا يملكَ خيارًا آخر.
“سيدتي، أرجو أن تسامحيني على هذا التجاوز.”
“ماذا؟”
لم أتمكن من إيقافه، وبدأ آمون بالإقترابِ مني أكثرَ.
أحاطت يديه الخشنتين بخصري معانقةً إياي.
“السير سبينسر؟”
إذا كان ينوي إيقاظيَ هكذا، فقد نجحَ.
نظرتُ إليهِ بعيونٍ متسعةٍ.
ترك الجزء السفلي من جسده مدفونًا في الرمل دون أن يتمكّن من تحريكهِ، لكن يديهِ تحركتَ ونزعتَ الوشاح والمعطفَ.
نظرت إلى قربهِ مني مذهولةً، وبالكادِ تحركتُ
لم أكن أعرف أين أديرُ برأسيَ.
شعرت باهتزاز حدقتيّ.
لحسن الحظ، كان الظلام يغطّي المكان.
“آمم، حسنًا…”
“سيدتي، لو سمحتِ عانقيني أيضًا.”
“ماذا؟”
“للحفاظ على حرارة الجسم ولو قليلًا، لا خيار آخر.”
كنت أعرف ما يقصدهُ.
كنت أعرف ماذا يعني معانقتهُ هكذا في مثل هذا الموقِف.
لكن فهم الأمر عقليًا شيء، والقيام به فعليًا شيء آخر تمامًا.
تردّدت ولم أتحرّكَ.
غطّى ظلّه رأسي، وكان صدرهُ المشدودُ أمام أنفي مباشرة.
“عندما نكون قريبين هكذا.
أعدكِ أنني لن أخفضَ رأسي ، ولنَ ألمسكِ بشكلٍ غير لائقٍ، فلا داعي للقلقِ.”
شعرت بوجهي يحترق وقلبي يخفقُ بقوةٍ.
‘حسنًا، يجب أن نبقى على قيد الحياة.’
أحاطتَ يداي النحيلةُ بهِ وشدتَ على ملابسهِ ببطءٍ بيدين مرتجفتين.
عندها أخيرًا أستعمل آمون الملابس التي كانت تغطّيني و..
اقتربت مني آمون أكثر.
في تلك الحالة، أخفضتُ رأسي بسرعةٍ.
فجأة، ضمّني آمون إلى صدره بقوةٍ، حتى كدتُ لا أتنفّس
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 52"