فقد كنتُ، أنا أيضًا، قد تلقيتُ حكمًا بالإعدام منها، أو شيئًا شبيهًا بذلك.
– “لا يمكنكِ العودة إلى عالمكِ الأصلي.”
هكذا قالت باميلا.
شعرتُ وكأن كل ما قمتُ به حتى الآن قد أُنكر.
إقناع آمون والتعاون معه، استجواب المشتبه بهم، التدخل في حادثة الحريق، والصدام مع مجلس الشيوخ—كل ذلك.
فقدتُ هدفي.
في خضم هذا الارتباك، اختفى الهدف الوحيد الذي كنتُ أتشبث به: العودة إلى عالمي الأصلي واستعادة جسدي.
كان الأمر وكأن المصباح الخافت الذي كان ينير طريقًا مظلمًا قد انطفأ تمامًا.
كأن العالم يصرخ في وجهي: “استسلمي، لا يوجد شيء يمكنكِ فعله.”
عندما عدتُ من قصر الدوق، أغلقتُ باب غرفتي وانعزلتُ.
أقفلتُ الباب ورفضتُ الحديث مع أي أحد.
لم أجب على أسئلة آمون المتكررة عما حدث، وتجاهلتُ كلام مارفين بأنني يجب أن أتناول طعامي.
ظللتُ نائمة طوال الوقت.
كلما استيقظتُ من النوم، تمنيتُ أن أجد نفسي قد عدتُ إلى عالمي الأصلي، لكن ذلك لم يحدث.
كانت الأفكار تؤرقني.
كيف كان صوت باميلا يتردد في رأسي؟
كانت بطلة هذه الرواية.
فلماذا بدت وكأنها الكاتبة نفسها، تقرأ النص داخل رأسي؟ ومع ذلك، ادّعت أنها ليست من أحضرني إلى هنا.
قالت باميلا إن ‘هي’ لن تحب أن تتحدث إليّ بهذه الطريقة.
هل يعني ذلك أن هناك شخصًا آخر أحضرني إلى هنا؟ فلماذا كان الصوت الذي يترددُ في رأسي هو صوت باميلا وليس صوت’ تلك المرأة’؟
لماذا تحدثت إليّ باميلا بهذه الطريقة رغم علمها برغبة ‘تلك المرأة’؟
والأهم من ذلك، تلك الجملة الأخيرة التي قالتها.
تلك الجملة الوحيدة التي لم تبدُ وكأنها تُقرأ من نص، بل قيلت بنبرة يومية عادية:
<لأنّه كان يجب أن تكوني أنتِ.>
ماذا كان يعني ذلك؟ تتابعت الأسئلة، لتتشابك مع بعضها.
لم يكن هناك سؤال واحد يمكنني الإجابة عليه.
استلقيتُ على السرير، أحدق في السقف بذهول.
قبل قليل، كنتُ غاضبة لدرجة أردتُ معها الصراخ، لكن الآن لم يعد لديّ القوة لذلك.
لم أعد أرغب في فعل أي شيء.
كنتُ عاجزة تمامًا.
“ها…”
تنهدتُ وأنا أقلب جسدي على الجانب، فشعرتُ بشيء يضغط على ظهري.
مددتُ يدي لأتحسس، فوجدتُ قطعة ورق صغيرة.
أخرجتُها، فكانت بطاقة بريدية.
البطاقة التي أراني إياها آمون، عليها صورة كوخ خشبي في منطقة صحراوية.
‘كانت هنا إذن…’
يبدو أنني، أثناء استعجالي للذهاب إلى قصر الدوق بعد تلقي رسالة باميلا،
وضعتُها في جيبي دون وعي.
‘ما فائدة هذا الآن؟’
تجعدت البطاقة في قبضتي.
شعرتُ برغبة في تمزيقها، فتنفستُ بعمق مرة أخرى.
لا فائدة من تفريغ غضبي على شيء كهذا.
حين فتحتُ البطاقة المجعدة، خطرت لي فكرة أنني لم أنظر إلى ظهرها من قبل.
‘لكن هذا كله لا فائدة منه الآن…’
رغم ذلك، قلبتُ البطاقة.
كان الظهر في الغالب فارغًا، باستثناء عبارة قصيرة وختم في الزاوية اليمنى السفلية.
ربما كان اسم المنطقة الصحراوية وشعارها.
“فيديل؟”
كان الاسم مألوفًا بطريقة ما.
لكن كيف يمكنني معرفة أسماء أماكن في هذا العالم؟ هل ظهر في الرواية الأصلية؟ أم ربما قرأته في كتاب كان متواجدًا في المكتبة؟ غرقتُ في التفكير للحظة، ثم أطلقتُ ضحكة ساخرة.
كنتُ أعلم أن هذا لا فائدة منه، فلماذا أفكر فيه بجدية؟ مألوف أو غير مألوف، ما الفائدة؟
– “لا يمكنكِ العودة إلى عالمكِ الأصلي.”
لقد تلقيتُ حكم الإعدام بالفعل، ومهما فعلتُ، لن يتغير شيء.
رميتُ البطاقة بنزق على الطاولة الجانبية.
لم تستقر في مكانها، بل طارت وهبطت على الأرض، لكن لم يكن لديّ القوة لالتقاطها.
‘ربما أموت…’
شعرتُ بوجود ثقيل عند ساقي.
كنتُ لا أزال أرتدي الخنجر الذي عادةً ما أخلعه بمجرد دخولي الغرفة.
‘إذا كنتُ لن أعود أبدًا، فلربما من الأفضل أن…’
تخيلتُ بسرعة سلسلة من الأفعال: إخراج الخنجر وطعن نفسي.
تصلب جسدي من التوتر، ثم استرخى فجأة.
حتى الموت بدا متعبًا.
شعرتُ أن الموت نفسه عبء.
كنتُ منهكة تمامًا.
أردتُ فقط أن أغرق هكذا دون فعل شيء.
توقفتُ عن التفكير.
سمعتُ ضحكة صافية مرحة.
في سهل واسع مزهر، كانت طفلة صغيرة تركض وتلعب.
كانت ترتدي فستانًا أبيض يتناغم مع الزهور.
“أمي!”
صاحت الفتاة وهي تلوح بيديها بحماس.
في مكان بعيد، كان يظهر بشكل غامض رجل وامرأة.
كانا والديها.
“أبي!”
لوحا لها بدورهما.
على الرغم من المسافة التي حالت دون رؤيتهما بوضوح، كنتُ متأكدة أنهما كانا يبتسمان بحنان.
عادت الفتاة، راضية، لتركض في السهل.
أغمضت عينيها وهي تمد ذراعيها، تشعر بالنسيم، ثم جلست فجأة بجانب زهرة برية بيضاء.
بيديها الصغيرتين، حفرت التربة وقطفت الزهرة.
كانت تصنع إكليلًا من الزهور، كما علمتها أمها.
صنعت اثنين متطابقين، تنوي إهداء واحد لكل من والديها.
مع التفكير في المديح الذي ستتلقاه، بدأت ابتسامة تنتشر على وجهها.
وهكذا مضى الوقت.
بدأ ضوء الشمس الهادئ يتلاشى، وأظلمت الأجواء تدريجيًا.
رفعت الفتاة رأسها، كانت منهمكة في صنع الإكليل الثاني.
“هم؟”
نهضت فجأة.
كان فستانها الأبيض قد اتسخ بالتراب.
“أمي؟”
نظرت حولها، لكن لم ترَ شيئًا.
“أبي؟”
سقط إكليل الزهور الذي كانت تمسكه بعناية من يدها.
“أين ذهبتما؟ أين أنتما؟”
ركضت ساقاها الصغيرتان في السهل.
لكن مهما ركضت، لم ترَ أحدًا.
سحقت قدماها السهل، وداست الزهور البرية.
“أمي، أبي!”
بينما كانت الزهور تموت بلا رحمة، كبرت قدماها.
تحول السهل الجميل إلى صحراء قاحلة، وكبرت الفتاة لتصبح بالغة.
هاجمتها الشمس الحارقة بضوئها.
ثم هبت عاصفة رملية قوية جعلت فتح عينيها صعبًا.
ومع ذلك، ظلت هي تركض.
“أمي، أبي!”
شعرت بعطش شديد.
وكانت باطن قدميها، التي تطأ الرمال الحارقة، مليئة بالجروح منذ زمن.
كلما نادت والديها، امتلأ فمها بالرمل الخشن.
“أين ذهبتما؟ أين أنتما؟”
تردد صوتها الضعيف في الصحراء.
لم تعد قادرة على الحركة، فانهارت في مكانها.
غابت الشمس فجأة، وهاجمها البرد القارس كأنه يقطع جلدها.
“أمي، أبي…”
حتى وهي تقبض يدها النحيلة، تسرب الرمل من بين أصابعها.
لم يعد هناك زهور لتقطف، ولا إكليل لتصنع، ولا مديح لتتلقى.
كبرت الفتاة، لكن لا أحد كان حولها.
فقط فستانها البالي المتسخ كان دليلًا على مرور الزمن.
فتحتُ عينيّ بصعوبة.
شعرتُ بفمي خشنًا، كأنني كنتُ أتجول في عاصفة رملية للتو.
نهضتُ من السرير، ومسحتُ وجهي بيديّ.
كان مبللًا.
عرق؟ لا، لقد كانت دموعًا.
‘ما هذا؟’
مهما مسحتُ، استمرت الدموع في التدفق.
شعرتُ بحنين لا أعرف سببه يعتصر قلبي.
‘ذلك الحلم…’
منذ وصولي إلى هذا العالم، لم أرَ حلمًا غير قتل راسيل.
وكان هذا الحلم الأول الذي يظهر فيه فتاة لا أعرفها.
كل شيء في ذلك المكان كان غريبًا، لكنه بدا مألوفًا بطريقة ما.
الفستان الأبيض، الزهور المتفتحة، حتى الشخصيات الغامضة.
تحركت عيناي نحو البطاقة الملقاة على الأرض.
المنطقة الصحراوية القاحلة، فيديل.
“آآه…”
أطلقتُ شهقة.
أدركتُ الآن لماذا كان الاسم مألوفًا.
كان المكان الذي رأيته في الحلم هو ذلك المكان.
كنتُ أتذكر أنني زرتُه.
منذ زمن بعيد، في رحلة مع والديّ.
لا، لم تكن ذكرياتي، بل ذكريات جوليا.
الإكليل، السهل، الصحراء.
حتى الحنين والعاطفة التي شعرتُ بها.
كلها كانت لجوليا.
أن أتذكر طفولة جوليا، التي لم تُذكر ولو بسطر في الرواية الأصلية، بهذه التفاصيل.
كان عقلي مشوشًا.
‘أنا… من أنا؟’
ارتجف جسدي بلا سيطرة، فضممتُ كتفيّ بيديّ.
شعرتُ بقشعريرة.
‘من أكون؟’
لم أعد أتذكر اسمي الأصلي.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 44"