“فقدان الذاكرة. لا أعلم إن كان هذا الاستنتاج صحيحًا أم خاطئًا، لذا لم استطع إخبارك.”
كيف يمكنني مشاركة ما أعرفه معه دون الحديث عن القصة الأصلية أو انتقالي إلى هذا العالم؟ كان عذرًا بسيطًا، لكنه كان كذلك وسيلة لتهدئة الكثير من الأسئلة.
“فقدان الذاكرة؟ ما المقصود بذلك…”
غاص آمون بجسده عميقًا في الأريكة.
بدا وكأن جسده المتشنج قد انهار فجأة، معبرًا عن يأسه.
شعرتُ بضميري يؤنبني دون إرادتي.
“إذن، ما الذي دفعكِ للبحث عني؟ إذا كنتِ تعانين من فقدان الذاكرة، فلماذا زعمتِ أن راسيل مات مسمومًا؟”
“سأشرح لك كل شيء من البداية خطوة بخطوة. ما حدث في ذلك اليوم.”
أشار آمون بذقنه كأنه يحثني على الاستمرار.
“عندما فتحتُ عيني، أعني في أول مشهد أتذكره الآن، كنتُ وحدي في غرفة مع جثة راسيل بوليف الميت. كان في يدي خنجر، وثوبي ملطخ بالدماء.”
تحدثتُ ببطء، بإيقاع ليس سريعًا جدًا، ممزجة الحقيقة بالكذب ببراعة وأنا أتابع.
“كنتُ مرتبكة. لا أعرف من أنا، وأمامي جثة… حتى أنا شككتُ في نفسي. كنتُ خائفة.”
“ثم ماذا؟”
“اكتشفتُ ممرًا سريًا بالصدفة.”
“ممر سري؟”
ارتفع حاجب آمون في دهشة.
“هل تعنين أن هناك ممرًا سريًا في غرفة راسيل بوليف؟”
“نعم. وبينما كنتُ أتفحص الغرفة في ذعر، وجدتُ جدارًا مثقوبًا خلف خزانة الزينة. يبدو أنه كان مخفيًا خلفها عادة.”
لم أستطع ذكر الصوت المجهول في رأسي، فكان هذا أفضل تفسير يمكنني تقديمه.
“إذا كان الممر السري لم يُغلق بعد، فهذا يعني أنكِ استخدمتِه للدخول، أليس كذلك؟”
“أعتقد أن هذا ما حدث على الأرجح.”
“وإلى أين كان يؤدي هذا الممر السري؟”
“إلى زقاق في منطقة التسوق. خرجتُ من هناك وتجولتُ قليلًا، ثم وجدتُ نزلًا وأقمتُ فيه.”
“ولكن لماذا أتيتِ إليّ بالذات؟ ما غرضكِ؟ ومن أين حصلتِ على معلومة أن راسيل مات مسمومًا؟”
“هذا…”
ترددتُ لحظة، ثم وضعتُ يدي على جبهتي بخفة، كمن يعاني من صداع مفاجئ.
“لا أعرف.”
“ماذا؟”
“كأنما… تذكرتُ فجأة. ذكرياتي تأتي كـ شظايا…”
تركتُ كلماتي تتلاشى ونظرتُ بعيدًا.
كنتُ أعلم أنها ستبدو غريبة، لكن كان عليّ أن أبدو صادقة حتى لو بدت القصة هشة.
“تقولين إن فكرة إخباري بسبب وفاة راسيل بوليف خطرت لكِ فجأة؟”
“قد يبدو غريبًا، لكن هذا صحيح. حتى اسمي تذكرته بهذه الطريقة.”
“هذا يعني أنكِ كنتِ تعرفين شيئًا عن السم أو القاتل الحقيقي قبل أن تفقدي ذاكرتكِ، فلا يمكن أن تتذكري ما لم تعرفيه أصلًا.”
طرح آمون سؤاله كمن يضرب الهدف بدقة.
واصلتُ تجعيد جبيني وفرك جبهتي.
“ربما يكون كذلك؟”
“ربما؟…”
تنهد آمون في حيرة واضحة، ثم فكر قليلًا قبل أن يتكلم.
“ألم يكن من الممكن أن تكوني قد شاهدتِ القاتل الحقيقي وهو يقتله؟ هذا قد يفسر معرفتكِ بكل شيء.”
“لا، لا أعتقد أن هذا ما حدث.”
“كيف تتأكدين؟ قد تستعيدين ذاكرتكِ يومًا ما.”
“لأن…”
ابتسمتُ بمرارة.
سؤاله بدا بديهيًا لدرجة لا تستحق الرد.
عندما علمتُ بماضي جوليا ريتس، اجتاحتني موجة غضب مخيفة.
إذا كانت هي أيضًا شعرت بهذا الغضب، فالإجابة واضحة، لا حاجة للتفكير أكثر.
“لو شاهدتُ ذلك، لما بقيتُ ساكنة.”
“ماذا؟”
“لأنني لم أكن لأسمح لأحد أن يسلبني فرصة قتل راسيل بيدي.”
التفتتْ عيناه الزرقاوان الهادئتان نحوي.
كان وجهي المنعكس فيهما باردًا بشكل مخيف.
سألني آمون عن ذلك اليوم بتفصيل دقيق.
اضطررتُ للشرح لمدة أطول مما قضيته فعلًا في غرفة راسيل بوليف.
كنتُ صادقة في معظم ما قلته، باستثناء ذكر الصوت في رأسي أو معرفتي بالقصة الأصلية.
“أنا…”
نظرتُ إلى آمون وهو يدون كلامي وينظمه، ثم أضفتُ.
“أريد أن أعتذر.”
“عن ماذا؟”
“عن تصرفي قبل أيام عندما سألتني عن ذلك اليوم، وتظاهرتُ بمعرفة تفاصيل الحادثة. خشيتُ أنك لن تصدقني لو قلتُ إنني أعاني من فقدان الذاكرة، وأنك لن تتعاون معي حينها… أنا آسفة.”
رد آمون دون أن يرفع عينيه عن الأوراق.
“لا بأس. سواء كنتِ مصابة بفقدان الذاكرة أم لا، فأنتِ تملكين معلوماتٍ مهمة، أليس كذلك؟ قلتِ إن الذكريات تظهر كشظايا، فليس هناك ما يمنعها من الظهور مجددًا.”
“إذا فكرتِ في الأمر، التوقيت مثالي جدًا. لماذا حدث فقدان الذاكرة في تلك اللحظة بالذات؟ قلتِ إن أول ذكرى لكِ كانت بعد طعن راسيل مباشرة، صحيح؟”
“نعم.”
لم يكن هناك فقدان ذاكرة أصلًا، لكن توقيت انتقالي كان غريبًا فعلًا.
لو كنتُ وصلتُ أبكر قليلًا، لأدركتُ أنني طعنتُ راسيل بعد موته، ولعلمتُ فورًا أن القاتل الحقيقي شخص آخر.
“ألا يبدو الأمر وكأنه خطة لتوريطكِ؟”
“هل تعتقد أنه ليس صدفة؟ أن شخصًا ما تلاعب بذاكرتي عمدًا؟”
“ماذا لو شاهد القاتل الحقيقي طعنكِ لـ راسيل؟ ورأى في ذلك فرصة لإلقاء اللوم عليكِ…”
“وحتى لا أصدق نفسي، محى ذاكرتي عمدًا؟ …هل هذا ممكن؟”
“لا أدري. أنا فقط أطرح احتمالًا.”
رفع آمون كتفيه.
في تلك اللحظة، خطرت ببالي فكرة بدت منطقية.
“ألا يمكن أن يكون هناك سم يمتلك هذه الخاصية؟ أعني، لقد زيّف القاتل النوبة القلبية بسمٍّ لا يمكن اكتشافه، أليس كذلك؟ ربما يكون شخصًا يعرف السموم جيدًا.”
“قد يكون ذلك واردًا.”
غرقتُ في التفكير بنبرة جادة تلائم اللحظة.
إذا لم يكن احتمال وجود سم يمحو الذاكرة مستحيلًا تمامًا، فلا يمكنني أن أجزم بعدم وجود سم يبدّل الأرواح أيضًا.
في الأحوال العادية، كنتُ سأعتبر هذا هراءً لا يُصدَّق، لكن بعد أن مررتُ بتجربة غير واقعية، بدا عقلي يتكيف وينفتح على احتمالات أوسع.
‘يستحق الأمر البحث بلا شك.’
إذا كان دخولي في هذا الجسد نتيجة فعل متعمد من شخص ما، ألا يعني ذلك أن العودة إلى جسدي الأصلي ممكنة أيضًا بقوة بشرية؟
بهذا المنطق، يصبح قول تلك الرؤية بأن عليّ إيجاد القاتل الحقيقي لتحقيق ما أريد متسقًا تمامًا.
“إذن، إن وجدنا القاتل الحقيقي، قد أستعيد ذاكرتي الأصلية؟”
“حتى لو لم نعثر على القاتل نفسه، فإن معرفة الطريقة التي استخدمها قد تمكننا من إصلاح الأمر.”
فجأة، شعرتُ بانبعاث الحماس في داخلي، فرفعتُ رأسي وتابعت.
“في الحقيقة، قضيتُ الثلاثة أيام الماضية أفكر مليًا، وهناك شخص أثيرت شكوكي حوله.”
“القاتل الحقيقي؟ من هو؟”
كان الشخص الذي شككتُ فيه منذ اللحظة التي علمتُ فيها بموت راسيل. شكٌّ قد يخطر ببال أي شخص يعرف القصة الأصلية.
“باميلا إليونورا.”
“باميلا إليونورا؟”
تلك التي كانت، أكثر من أي أحد آخر، تشتعل رغبةً بقتل راسيل.
“زوجة دوق بوليف.”
كانت بطلة الرواية الأصلية.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"